تعريف بحوث العمليات
تعريف بحوث العمليات
بحوث العمليات: هو علم يستخدم أساليباً وطرقاً علمية لدراسة مشكلات واقعية، ثم توفير أكثر من حل لها، واختيار الحل الأمثل ضمن الإمكانات المتاحة. وهذا العلم ينتمي للرياضيات التطبيقية، وله أسماء أخرى مثل البرمجة الرياضية، وعلم القرار، وتحليل النظم، والهندسة المالية، وهندسة التسويق، لكن أفضلها هو بحوث العمليات لأنه يشمل كل المجالات السابقة بالإضافة إلى غيرها من المجالات الأخرى. وهذا العلم يهتم بتحسين أو اختيار عمليات وطرق معينة بهدف الوصول إلى الحل الأمثل للمشكلة بأقل وقت وجهد وتكلفة ممكنة وبأقصى ربح ممكن، وامتدت تطبيقات بحوض العمليات لعدة مجالات مثل الهندسة، والصناعة، والإدارة، والنقل، والمواصلات، والتسويق، والمجال العسكري، والكثير من المجالات الأخرى، وهناك أساليب كثيرة تعتمد عليها بحوث العمليات مثل تصميم النماذج الرياضية، والبرمجة الخطية، والبرمجة الشبكية، والتحليل الإحصائي، لاتخاذ القرار والوصول للحل الأمثل، وتتطلب بحوث العمليات الإلمام بالعديد من العلوم الرياضية مثل معركة الحساب باستخدام المصفوفات وعلم الاحتمال وغيرها.
تاريخ بحوث العمليات
من الصعب تحديد البداية الفعلية لبحوث العمليات، كون أن الكثير من القادة الأوائل في شتى المجالات قد استخدموا بحوث العمليات تطبيقياً على أرض الواقع، مثلما استخدم القائد المسلم خالد بن الوليد هذا العلم تطبيقياً في معاركه أثناء الفتوحات الإسلامية لبلاد الشام؛ لسلوك الطريق الأمثل، ومفاجأة جيش الروم في أقصر وقت ممكن بدلاً من سلوك الطريق المعتاد المتوقع، وقد استخدم بحوث العمليات عملياً في الكثير من المجالات حتى وصل إلى المرحلة التي تحول فيها إلى علم قائم بذاته.
ولو أمعنا النظر إلى كلمة "عمليات" نستدل أن لهذا المصطلح علاقة وثيقة بالميدان العسكري، وهو علم حديث من الناحية النظرية، وقد استخدم هذا العلم في الحرب العالمية الثانية وكان سبباً في الانتصار الذي حققه الجيش البريطاني. وكما أن بحوث العمليات استخدمت في الحرب فإنها أيضاً استخدمت في إعادة بناء أوروبا المدمرة بعد انتهاء الحرب. وهناك عاملان مهمان قد أسهما في تطور هذا العلم وسرعة انتشاره، والأول هو التقدم التكنولوجي الكبير المتسارع منذ الخمسينات من هذا القرن، والثاني هو ثورة الحاسبات والتي أسهمت في حل المسائل المعقدة التي يصعب أو يستحيل حلها بالطرق اليدوية مما نقل بحوث العمليات نقلةً نوعية إلى الأمام.
تطبيقات بحوث العمليات
تستخدم بحوث العمليات كما أسلفنا في الكثير من المجالات المدنية والعسكرية، وهنا في هذه الفقرة سنذكر بعض تطبيقاتها:
- تحديد المكان الأمثل من كافة الجوانب لإقامة مشروع معين، مثل إنشاء سد على نهر، أو إقامة جسر أو مصنع أو مستشفى .. فعلى سبيل المثال لو أن هناك ثلاثة اختيارات لإقامة طريق ليمر من جبل، فيمكن لبحوث العمليات أن تدلك على الاختيار الأمثل، هل يلتف الطريق حول الجبل، هل نقوم بحفر نفق من داخل الجبل، أم نقوم بإنشاء جسور تمر من جانب الجبل.
- جدولة الأنشطة بالشكل الأمثل، مثل جدولة حركة الطائرات ونشاطات الطواقم في المطارات.
- تقليص فترات الانتظار في الطوابير، مثل طوابير الانتظار في المراكز الحكومية أو في المؤسسات الخاصة.
- تصميم خطوط الانتاج والتجميع في المصانع بهدف تقليص التكلفة وتسريع الانتاج مثل خطوط انتاج السفن أو السيارات أو الطائرات.
- اختيار الطريق الأمثل من حيث السرعة أو الأمان أو التكلفة أو من كل هذه الجوانب مجتمعة لتوصيل البضائع من المصانع إلى نقاط التوزيع أو إلى الزبائن.
- استخدام المحاكاة في إدارة الأنظمة المرورية لتقليص الازدحام وتحسين المرور وتقليل الحوادث.
- تستخدم بحوث العمليات لزيادة الأرباح وتقليص التكلفة وتحسين الجودة وكفاءة الإنتاج.
- تنظيم استخدامات الهاتف بحيث يكون هناك أكبر عدد من المكالمات في حدود إمكانية شبكة الهاتف وطاقتها.
- تستخدم في تصميم وتخطيط وتنفيذ وإدارة شبكات المياه والطرق والسكة الحديد وأنابيب الغاز وغيرها.
- تستخدم بحوث العمليات في تنظيم طاقات الموارد البشرية والاستخدام الأمثل للقوى العاملة.
- تستخدم بحوث العمليات في المجال العسكري مثل رسم الإستراتيجيات وتنظيم برامج التدريب بالمحاكاة وخطط الانسحاب والاستخدام الأمثل للمؤن والذخائر العسكرية.
السمات العامة لبحوث العمليات
- تقريب المشكلة للواقع وطرحها بشكل دقيق.
- صياغة المشكلة بشكل علمي بكل تفاصيلها.
- صياغة المشكلة على شكل نموذج رياضي مناسب يعرضها على شكل علاقات رياضية.
- إيجاد العديد من البدائل من خلال النموذج للاختيار منها وتجريبها من خلال المحاكاة إن تعذر تجريبها على أرض الواقع لاتخاذ القرار المناسب.
- تطبيق هذه النماذج مرةً أخرى إذا ما واجهتنا مشكلة مماثلة.
- الاستعانة بالخبراء المختصين في المجالات الأخرى.
أمثلة على بعض أساليب بحوث العمليات
- المحاكاة: وتكون من خلال تقليد المشاكل أو المشاريع الواقعية وتمثيل عناصرها الرئيسية، ونستفيد منها حينما يتعذر إجراء التجارب على النظام في أرض الواقع ويكون صعباً ومكلفاً للغاية أو قد يكون فيه مخاطرة كبيرة، وخاصةً في المشاريع الكبيرة أو المعقدة. وبواسطة المحاكاة يمكن دراسة المشكلة وتحليلها والوصول إلى القرار الأمثل لتطبيقه على أرض الواقع.
- الجدولة الزمنية: ونستخدمها في المشاريع الكبيرة حيث تقسم خطوات العمل واستخدام الموارد البشرية والمادية والمالية زمنياً بالاعتماد على جداول زمنية مفصلة، وهي تستخدم أسلوب المسار الحرج، والجدولة الزمنية مفيدةً جداً لتقليص المدة الإجمالية للمشروع ولإدارة المشروع بكفاءةٍ عالية.
- نظم التخزين: وهو فرع من فروع بحوث العمليات والذي يهتم بتصميم نظم التخزين لتقليص التكاليف للتخزين وكذلك للتأكد من وصول المنتج للزبون في الوقت المناسب، وهذا الفرع من بحوث العمليات يرتبط بالهندسة الصناعية.
- نماذج صفوف الانتظار: وتسمى أيضاً نظرية الطوابير، وهدفها التقليل من مدة الانتظار في الطابور، وذلك من خلال زيادة كفاءة الخدمة وخصوصاً في لحظات الذروة وتستخدم في مختلف الأماكن كمحطات الوقود والمطاعم وإشارات المرور والبنوك وغيرها. ويستخدم في هذه النماذج أسلوب المحاكاة وبتطبيق هذه النظرية يمكن الحصول على خدمات مرضية للزبون بشكل أفضل بوقت أقل وتكلفة أقل.
- نماذج الشبكات: ويتم من خلال هذه النماذج تحليل المشروع بتحويله إلى عقد ترتبط فيما بينها بخطوط فيصبح المشروع عبارة عن شبكة ليتم من خلالها الوصول إلى الحل الأمثل باتخاذ الطريق الأقصر. مثل استخدام هذه الطريقة للوصول لأقصر طريق بين مدينتين عبر شبكة من الطرق.
- وهناك بالطبع أنواع أخرى من نماذج بحوث العمليات، كنموذج النقل والتخصيص وغيرها.
بحوث العمليات علم وفن
عزيزي القارئ إن بحوث العمليات هي علم وفن، هي علم لأنها توفر الأساليب الرياضية وتستخدم الحسابات والتحليلات الإحصائية لحل المشكلة بالشكل الأمثل، وهي فن لأنها تعتمد على القدرة على اكتشاف المشكلة وتحويلها لنموذج رياضي وكذلك على القدرة على تحليل هذا النموذج واتخاذ القرار الملائم من بين خيارات عدة. انظر لمشكلة الملل الذي يصيب الناس في المصاعد الكهربائية والذي تم حله بفكرة إبداعية بسيطة، حيث تم استخدام مرآة كبيرة وأصبحت في كل المصاعد حول العالم حتى ينشغل مستخدمو المصعد برؤية أنفسهم فيها، حتى أنا عزيزي القارئ حينما جئت لأكتب لك هذا المقال فقد استخدمت بحوث العمليات فعلياً، وذلك حينما خططت مسبقاً لكتابة المقال، واستعرضت عدة خيارات واتخذت القرار الأمثل، حتى تعريف بحوث العمليات الذي كتبته في بداية المقال، قد تم اختياره من بين الكثير من التعاريف المختلفة كي تصلك الفكرة بأفضل ما يمكن، في أقل وقت وجهد ممكن، منِّي ومنك في نفس الوقتْ!