تعريف سورة لقمان وسبب نزولها
القرآن الكريم
يُعرّف القرآن الكريم على أنه كلام الله -تعالى- الموحى به إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن طريق جبريل عليه السلام، المحفوظ في الصدور، والمكتوب في المصاحف، المُقسّم إلى ثلاثين جزءاً، ويبلغ عدد سوره 114 سورة، وهو أوّل مصدرٍ من مصادر التشريع الإسلامي،[1] ومن الجدير بالذكر أن القرآن الكريم نزل على مرحلتين، حيث أنزله الله -تعالى- جملةً واحدةً إلى بيت العزّة في السماء الدنيا في ليلة القدر، مصداقاً لقوله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ)،[2] ثم نزل على محمد -صلى الله عليه وسلم- منجّماً، أي مفرّقاً بحسب الأسباب والأحداث خلال ثلاثةٍ وعشرين عاماً، مصداقاً لقول الله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا).[3][4]
التعريف بسورة لقمان وأسباب نزولها
سورة لقمان سورةٌ مكيةٌ كلّها إلا الآية رقم 27، والآية رقم 28، والآية رقم 29، فإنها مدنية، ويبلغ عدد آياتها أربعة وثلاثون آية، وترتيبها الواحد والثلاثين في سور المصحف، ونزلت بعد سورة الصافات، وقد سُمّيت السورة بهذا الاسم بسبب ورود قصة لقمان الحكيم فيها، حيث سأل كفّار قريش رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن لقمان وابنه وبرّه بوالديه، فأنزل الله -تعالى- الآيات الكريمة، وبيّن فيها قصة لقمان رحمه الله، وتجدر الإشارة إلى أن أهل العلم اختلفوا في نبوّة لقمان، حيث قال بعضهم إنه كان نبياً مرسلاً، وقال بعضهم الآخر إنه كان رجلاً حكيماً، والراجح أنه كان عبداً صالحاً استفاد من علم النبوّة والشريعة حتى صار من حكماء الناس.[5][6]
وقد رُوي عن لقمان الحكيم العديد من الروايات، ومن أوصافه أنه كان عبداً حبشيّاً، أفطس الأنف، أسود اللون، أقدامه مشقّقة من كثرة العمل، وقيل إنه من سودان مصر، وقيل من منطقة النوبة، وقد عاش لقمان الحكيم في عهد سيدنا داود عليه السلام، أي في أيام بني إسرائيل، واشتهر بحكمته وعلمه إلى أن وصلت أخباره إلى كفار قريش في مكة وسألوا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم،[5][6] وقد رُويت العديد من أسباب النزول لبعض آيات سورة لقمان، ويمكن بيانها فيما يأتي:[7]
- الآية السادسة: قول الله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ)،[8] اختلف أهل العلم في سبب نزول الآية الكريمة، فقد بيّن الكلبي ومقاتل أنها نزلت في النضر بن الحارث، حيث كان يسافر إلى بلاد فارسٍ ليشتري أخبار الأعاجم، ثم يقصّها على قريش، ويدّعي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحدّثهم بحديث عادٍ وثمودٍ، أما هو فيحدّثهم بحديث رستم واسفنديار، فكانوا يعجبون بكلامه ويستمعون إليه، ويتركون الاستماع للقرآن الكريم، فنزلت الآية الكريمة، بينما قال مجاهد أنها نزلت في شراء المغنّيات والقيان.
- الآية الخامسة عشر: قول الله تعالى: (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)،[9] نزلت الآية الكريمة في سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، فبعد أن علمت أمّه بأمر إسلامه قالت له: "لا آكل طعاماً، ولا أشرب شراباً حتى تكفر بمحمد"، وامتنعت عن الطعام والشراب حتى شارفت على الهلاك، فأنزل الله -تعالى- الآية الكريمة،[10] وأما قوله تعالى: (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)،[9] فقد نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فبعد إسلامه أتاه سعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم جميعاً، فقالوا له: "آمنت؟ وصدقت محمداً"؟ فقال أبو بكر: "نعم"، فذهبوا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وأسلموا.[11]
- الآية الرابعة والثلاثون: قول الله تعالى: (إِنَّ اللَّـهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)،[12] وسبب نزول الآية الكريمة أن رجلاً من أهل البادية يُدعى الحارث بن عمرو بن حارثة أتى إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسأله عن الساعة ووقتها، وعن وقت نزول الغيث، وعن نوع المولود الذي ستلده زوجته، وعن الأرض التي سيموت فيها، فأنزل الله -تعالى- الآية الكريمة.[13]
مقاصد سورة لقمان
اشتملت سورة لقمان على عددٍ من المقاصد، ويمكن بيان بعضها فيما يأتي:[14]
- ذكر لقمان الحكيم: حيث أشارت السورة إلى قصة لقمان الحكيم وما آتاه الله -تعالى- من العلم والحكمه، وورد ذكر وصاياه واشتملت السورة على التحذير من الشرك، والحث على بر الوالدين، والمحافظة على إقامة الصلاة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصبر على الأذى في سبيل الله، والتحذير من الكبر والعجب، وبيان صفات المتواضعين في الكلام والمشي.
- تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم: حيث تضمّنت السورة مواساة النبي -عليه الصلاة والسلام- بتمسّك المسلمين بالعروة الوثقى، وأن لا يحزن من كفر الكفار.
- علاج قضية العقيدة: حيث تطرّقت السورة الكريمة إلى علاج عقيدة المشركين، وبيان حقيقة التوحيد، وإفراد الله -تعالى- بالعبادة، والإيمان بالآخرة والحساب، واتباع ما أنزل الله تعالى، وترك ما يخالف الشرع من العادات والمعتقدات.
مفهوم السورة
اختلف أهل العلم في تعريف السورة لغةً، حيث قال فريق منهم أن معناها الإبانة لها من سورة أخرى، وانفصالها عنها، وأن سبب تسميتها بهذ الاسم الارتفاع فيها من منزلة إلى منزلة، وقيل إن التسمية مأخوذة من التمام والكمال، حيث يقول العرب للناقة التامة سورة، وقيل إنها مأخوذة من الارتفاع والشرف، حيث يُقال لكل ما يرتفع من الأرض سور، أما اصطلاحاً فتُعرّف السورة على أنها مجموعة من آيات القرآن الكريم، منفصلة عن غيرها من الآيات، ومحفوظة من التحريف، والتبديل، والزيادة، النقصان،[15]
المراجع
- ↑ "تعريف و معنى القرآن في قاموس المعجم الوسيط"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 18-4-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة القدر، آية: 1-3.
- ↑ سورة الفرقان، آية: 32.
- ↑ بروج الغامدي، "نزول القرآن"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-4-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "سورة لُقْمَان 31/114"، www.e-quran.com، اطّلع عليه بتاريخ 18-4-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب أحمد الجوهري عبد الجواد (18-5-2018)، "مقاصد سورة لقمان"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-4-2019. بتصرّف.
- ↑ "أسباب النزول للواحدي"، www.altafsir.com، اطّلع عليه بتاريخ 18-4-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة لقمان، آية: 6.
- ^ أ ب سورة لقمان، آية: 15.
- ↑ "سبب نزول (وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا)"، www.library.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-4-2019. بتصرّف.
- ↑ "أسباب النزول للواحدي"، www.altafsir.com، اطّلع عليه بتاريخ 18-4-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة لقمان، آية: 34.
- ↑ "أسباب النزول للواحدي"، www.altafsir.com، اطّلع عليه بتاريخ 18-4-2019. بتصرّف.
- ↑ "مقاصد سورة لقمان"، www.islamweb.net، 2015-1-11، اطّلع عليه بتاريخ 18-4-2019. بتصرّف.
- ↑ "لماذا سميت المجموعة من الآيات القرآنية باسم "السورة"؟"، www.islamqa.info، 2013-06-8، اطّلع عليه بتاريخ 18-4-2019. بتصرّف.