وصف مدينة من مدن الجزائر
مدينة القُسنطينة
مدينة القُسنطينة هي مدينة عربيّة تقع في الجمهوريّة الجزائريّة، وتُعتبَر مدينةً ذات جمال، وروعة، وسحر، وجِبال شاهقة، وأشجار باسِلة، وقد أطلق عليها القُدماء اسم (قُسنطينة الهواء)؛ لشدَّة جمالها، وقد كان للمدينة مُنذ بداية نشأتها أهمّية كبيرة من الجانب العسكريّ، وجانب الفلاحة، والزراعة؛ فقد احتوت على العديد من الحُصون المنيعة، والموارد المائيّة، والتُربة والمناخ المُناسبَين للزراعة، كما لعبت المدينة دوراً مُهمّاً فيما وصلت إليه الجزائر من نهضة عِلميّة، وأدبيّة؛ حيث احتضنَت العديد من المساجد، والمدارس، والمكتبات، واحتفظت بعُلمائها، ومُثقَّفيها، وظهرت فيها العديد من الأُسَر العِلميّة، والثقافيّة، مثل: أُسرة ابن الفكون، وأُسرة ابن باديس، وأُسرة ابن الخطيب، وغيرها من الأُسَر العريقة، وقد سُميِّت القُسنطينة قديماً باسم (سيرتا)؛ أي القرية الكبيرة، أو المدينة.[1]
الموقع الجغرافيّ والمساحة
تقع مدينة القُسنطينة في وسط إقليم شرق الجمهوريّة الجزائريّة، وهي تَبعُد عن مدينة الجزائر (العاصمة) مسافة 431كم نحو الشمال، وعن مدينة بسكرة نحو 235كم باتّجاه الجنوب، وعن مدينة سكيكدة ما يُقارب 89كم، كما تَبعُد عن الحدود الشرقيّة الجزائريّة التونسيّة مسافة 245كم، علماً بأنّه تَحدُّ المدينة من الجانب الشماليّ بلدة حامة بوزيان، وديدوش مراد، ومن الشرق يَحدُّها ابن باديس، وعين عبيد، ويَحدُّها من الجانب الغربيّ كلٌّ من ابن زياد، وعين السمارة، ومن الجهة الجنوبيّة يَحدُّها الخروب، وبالنظر إلى الموقع فلكيّاً، فإنَّ المدينة تقع على دائرة عرض 36.23 درجة نحو الشمال، و 7.35 درجة نحو الشرق، ومن الجدير بالذكر أنَّ الأرض الحاليّة لمدينة القُسنطينة تُمثِّل صخرة عتيقة على جانبي وادي الرِّمال، وتُحيط بها الانحدارات، والعوائق الشديدة من مُختلف الاتّجاهات.[2]
السكّان
تطوَّر عدد سُكّان مدينة القُسنطينة تطوُّراً كبيراً مُنذ بداية نشأتها إلى الوقت الحاليّ؛ فوِفق إحصائيّات عام 1966م، وصل عدد سُكّان المدينة إلى نحو 245.621 نسمة، ومع زيادة التركيز الصناعيّ في المدينة، وتعدُّد الوظائف، والخدمات بكافّة المجالات، بدأت أعداد كبيرة من سُكّان المناطق الريفيّة بالهجرة إلى المدينة؛ للإقامة، والعمل، وزاد عدد الوافدين إلى المدينة بشكلٍ لافت، وبحلول عام 1977م، وصل عدد سُكّان المدينة إلى نحو 357.500 نسمة، بمُعدَّل نُموّ بلغ ما يُقارب 3.47% مُقارنة بعام 1966م، واستمرَّ عدد السكّان بالارتفاع إلى أن وصل بحلول عام 1987م إلى نحو 450.738 نسمة، بمُعدَّل نُموّ بلغ ما يُقارب 2.34% مُقارنة بعام 1977م، إلّا أنَّه بعد ذلك أظهرت نسبة نُموّ السكّان انخفاضاً ملحوظاً؛ حيث بلغ عدد السكّان في عام 1998م نحو 481.947 نسمة، بنسبة نُموّ 0.61%، واستمرَّ نُموّ السكّان بالانخفاض، وأصبح بحلول عام 2008م يُقارب 448.374 نسمة، بمُعدَّل نُموّ وصل إلى -0.72%؛ ويعود السبب في انخفاض مُعدَّل النُّموّ إلى زيادة ترحيل سُكّان المدينة إلى المدينة الجديدة في (علي منجلي)؛ وذلك في سبيل التحسين الحضريّ، والقضاء على الأحياء الفوضويَّة.[3]
المَعالِم والمواضع التاريخيّة
ضمَّت مدينة القُسنطينة عبر تاريخها الطويل العديد من المَعالِم الأثريّة البارزة، والتي ما زال بعضها ظاهراً إلى الوقت الحاليّ، ومن أهمّ هذه المَعالِم:[2]
- مدينة تيديس: وهي قلعة قديمة بُنِيت؛ لحماية مدينة القُسنطينة من الهجمات، والغزوات الخارجيّة، وهي تقع على قِمَّة جبل شامخ، حيث مرَّت القلعة عبر تاريخها بالعديد من الحضارات، بَدءاً بعُصور ما قَبل التاريخ، والحضارة الفينيقيّة، ثمّ الرومانيّة، والمسيحيّة، والإسلاميّة.
- المدينة القديمة: وهي مدينة ذات نَمَط عمرانيّ رائع يعكس عبقريّة الإنسان عبر الحضارات؛ حيث بُنِيت بأسلوب مُشابه للتخطيط العربيّ الإسلاميّ؛ فالبيوت مُتشابهة، ومُلتصِقة ببعضها، وتُوجَد فيها حاليّاً العديد من المحلّات التجاريّة، والأسواق، عِلماً بأنَّها لا تزال تحتفظ بالعديد من المَعالِم، والآثار إلى الوقت الحاليّ، ومن الجدير بالذكر أنّه يقصدها الآلاف من الزوَّار، والسيَّاح كلَّ يوم.
- الجسور: تَضمُّ مدينة القُسنطينة سبعة جسور رئيسيّة تَربطُ بين شِقيّ صخرها العتيق، وهذه الجسور هي:
- الكهوف: تحتوي مدينة القُسنطينة على العديد من المغارات، والكهوف القديمة، ومنها: كهف الدببة الذي يُوجَد في الصخرة الشماليّة لقُسنطينة، وكهف الأروي، ويُوجَد بالقُرب من كهف الدببة، ومغارة الحمام التي تقع مُقابل الكهفَين السابقَين.
- درب السيَّاح: وهو ممرٌّ طويل يتبع مسار وادي الرِّمال، وقد تمّ بناؤه في عام 1895م على يَد المُهندس الفرنسيّ (ريميس)، واستُخدِمت في بنائه صفائح إسمنتيّة مُثبَّتة بواسطة أعمدة حديديّة، ويُعتبَر هذا الممرُّ تُحفة فنيّة يقصدها السيَّاح من كلِّ مكان.
- المَعالِم الأثريّة: تَضمُّ مدينة القُسنطينة العديد من المَعالِم الأثريّة البارزة، ومن أهمّها: ضريح ماسينيسا في بلدة الخروب، والذي بُنِي في القرن الثاني قبل الميلاد على قِمَّة جبل شاهق، والأقواس |الرومانيّة التي تُوجَد عند التقاء وادي الرِّمال مع وادي بومرزوق، وقصر الباي الذي بُنِي في عام 1835م، وهو يحتلُّ مساحة 5600م²، وضريح لوليوس الذي يقع في بلديّة بني حميدان، وقد تمَّ بناؤه من الحجارة المنحوتة على يَد (لوليوس إبريكيس)، كما تحتوي المدينة على تمثال الإمبراطور الرومانيّ (قسطنطين)، ونُصُب الأموات الفرنسيّين، وتمثال سيِّدة السلام، وحمّامات القيصر، أو حمّامات سيزار، وإقامة صالح باي، وغيرها من الآثار الأخرى.
- جسر القنطرة: وهو جسر يربط بين المدينة القديمة، والمدينة الاستعماريّة العسكريّة، ويُمثِّل أقدم جسور المدينة؛ حيث أُنشِئ في عام 1792م، إلّا أنَّه هُدِم، وأعيد بناؤه على يَد الفرنسيّين في عام 1860م.
- جسر سيدي راشد: وهو جسر يربط بين الأحياء الجديدة، ووسط المدينة، ويُعتبَر الجسر الحجريّ الأعلى في العالَم، وقد تمّ بناؤه في عام 1912م.
- جسر سيدي مسيد: ويُعرَف ب(الجسر المُعلَّق)، أو (جسر الهواء)، ويُعتبَر من أجمل الجسور في العالَم، وقد بُنِي في اليوم نفسه الذي بُنِي فيه جسر سيدي راشد.
- جسر الشيطان: وهو جسر يربط بين ضِفَّتي وادي الرِّمال.
- جسر ملاح سليمان: وهو جسر يربط بين أحياء محطَّة القطار، ومركز المدينة، وقد أُنشئ ما بين عام 1917-1925م، وهو مُخصَّص للمُشاة فقط.
- جسر الشلّالات: وهو جسر يقع أسفل جسر سيدي مسيد، وتمّ بناؤه في عام 1928م.
- جسر مجاز الغنم: ويُعتبَر امتداداً لشارع رحماني عاشور.
المراجع
- ↑ د.عباس ياسر حسين، مدينة العلم والآثار قسنطينة، صفحة 5،6. بتصرّف.
- ^ أ ب رابح بحشاشي، مقومات تنمية الصناعة السياحية الداخلية ، صفحة7 ،10-14. بتصرّف.
- ↑ توفيق خنشول، المدينة والتأطير الأمني بالوسط الحضري، صفحة 13. بتصرّف.