-

صعوبات القراءة والكتابة والعلاج

صعوبات القراءة والكتابة والعلاج
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

عسر القراءة

يعتبر عسر القراءة أو(Dyslexia) أحد الحالات الشائعة بين الأطفال الذين يعانون من صعوبةٍ في تعلّم القراءة والكتابة، حيث لا تكون المشكلة قلّة التدريب، أو انخفاضاً في مستوى الذكاء بالضرورة، لذلك لا يلزم انضمام الطفل إلى صفوفٍ خاصّةٍ بذوي الاحتياجات الخاصّة أو إلى مدارس خاصّة بذلك، فهي حالةٌ يمكن معالجتها بسهولةٍ عن طريق مساعدة شخصٍ مختصٍ، أو معلمٍ متمرّسٍ بهذه الحالة، بحيث يتمكن الطفل من متابعة أقرانه دون التأخر عنهم دراسياً.

الطفل لا يُلام على الإصابة بعسر القراءة، فهو غير مسؤولٍ عنه، ولا يمكنه شفاء نفسه بنفسه مهما حاول أن يدرس ويجتهد، بل على العكس فإنّ عسر القراءة إذا تُرك مدّةً أطول دون معالجة يمكن أن يتسبّب في تأخر الطفل دراسياً وتخلفه عن أقرانه أكثر فأكثر.

مفهوم عسر القراءة

يجب أن يفهم الأهل جيداً أنّ عسر القراءة لدى طفلهم ليس علامةً على الذكاء المنخفض أو الكسل، وكذلك لا يرجع إلى ضعف البصر لدى الطفل، بل هو حالةٌ شائعةٌ تؤثر على العمليات والتيارات العصبية في الدماغ، وتجعله يحلّل اللغة المكتوبة واللغة المنطوقة بطريقةٍ مختلفةٍ عن بقيّة الأطفال الآخرين غير المصابين بعسر القراءة.

يرتبط عسر القراءة في المقام الأول مع مشكلة القراءة؛ حيث يشير بعض الأطباء، والمتخصّصين، والتربويين إلى هذه الحالة بأنّها (اضطراب القراءة) أو (عجز القراءة)، ولكنها في الحقيقة يمكن أن تؤثر أيضاً على الكتابة، والهجاء، وحتّى على الحديث وطريقة التعبير، حيث يعاني الأشخاص الذين يعانون من عسر القراءة من صعوبةٍ في فهم الأفكار المعقدة أو التعبير عنها، وفي بعض الأحيان يحتاجون إلى وقتٍ أطول من غيرهم لفهمها وتحليلها والتعبير عنها كتابياً، أو شفهياً، كما يميلون إلى استخدام وسائل وطرقٍ مختلفةٍ في تحصيل المعلومة، مثل الاستماع إلى الكتب الصوتية المسجلة "Audio Books" بدلاً من قراءتها.

تعدّ حالة عسر القراءة حالةً دائمة تستمر مدى الحياة، وهي لا تعني عدم قدرة الشخص على القيام بأمورٍ معينة، ولكنها تعني حاجته إلى القيام بتلك الأمور بشكلٍ مختلفٍ وبوسائل مخلتفةٍ، وفي واقع الأمرالكثير ممن يعانون من عسر القراءة يكون لهم مستقبلٌ مهنيٌ ناجحٌ في مجال الأعمال التجارية، والعلوم، والفنون وغيرها، مثل الأشخاص الذين لا يعانون منها. وغالباً ما يكون الأشخاص الذين يعانون من عسر القراءة خلاقين، ومبتكرين من الدرجة الأولى، ومن غير الواضح ما إذا كان هذا الإبداع يأتي من التفكير خارج الصندوق أو من وجود تياراتٍ عصبيةٍ مختلفةٍ للدماغ لديهم، فهم مبدعون في مجالات الفنون المخلتفة، مثل: الرسم، والنحت، والموسيقى، والإتيان بأفكارٍ مميزةٍ وفريدةٍ لا يفكر بها الفرد العادي.

أسباب عسر القراءة

  • الجينات والوراثة: تلعب الوراثة دوراً كبيراً في الإصابة بعسر القراءة، فإذا كان طفل في العائلة يعاني من عسر القراءة فهناك فرصةٌ أو احتماليةٌ بأن يكون هناك أطفالاً آخرين في العائلة الممتدّة يعاني منه أيضاً، كما ويكون هناك احتماليةً بنحو 40 في المئة كون أشقاء الأطفال الذين يعانون من عسر القراءة يعانون انفسهم منها أيضاً، وهناك ما يصل الى 49 في المئة من آباء الأطفال الذين يعانون من عسر القراءة يعانون منها أيضاً.
  • تركيب الدماغ: على الرغم من أنّ الأطفال الذين يعانون من عسر القراءة لا ينقصهم الذكاء، بل إنّ كثيراً منهم يكون ذكاؤه فوق المتوسط الشائع للأطفال في عمره، فإنّ دماغه يعمل بشكلٍ مختلفٍ عنهم، فالمنطقة المسؤولة في الدماغ عن فهم اللغة، تعمل بشكلٍ مختلفٍ، وكثيراً ما يصعب عليهم متابعة كرةٍ أو أيّ شيءٍ آخر في الهواء والتقاطه في حال رماه أحدهم له.
  • نشاط الدماغ: القراءة هي قدرة الإنسان على ترجمة الرموز التي يراها على الصفحة إلى أصوات، ثمّ ترجمة تلك الأصوات بشكلٍ مجتمعٍ إلى كلماتٍ ذات معنى، وهنا يتمّ عادة استخدام مهاراتٍ لغويةٍ تعتمد على نشاطٍ دماغيٍ معين، وهذا النشاط لا يعمل بنفس الطريقة وبنفس الفعالية عند الأطفال الذين يعانون من عسر القراءة، لذلك يستخدمون مناطق أخرى من الدماغ تقوم بنشاطات أخرى يترجمون بها الرموز ويقرؤونها.

أعراض الإصابة بعسر القراءة

  • لا يتعرّف على شكل الحرف الأبجديّ حتى لو رآه مرات عديدة.
  • يواجه صعوبةً في ربط صوت الحرف مع اسم الحرف.
  • يواجه صعوبةً في مزج أصوات الحروف وتحويلها إلى كلمات، مثل: ربط ك - ت - ا - ب لكلمة (كتاب).
  • يناضل من أجل نطق الكلمات المتشابه بشكلٍ صحيحٍ، مثل: عَلَم، وعالِم، وعالَم، فهي تتشابه وتتشابك جميعهاً في عقله.
  • يواجه صعوبةً في تعلّم كلماتٍ جديدةٍ، فتكون كلماته للتعبير عن نفسه محدودةً ومكرّرةً.
  • لديه مفرداتٌ أصغر من الأطفال الآخرين من نفس العمر.
  • لديه صعوبةً في العدّ أي تعداد الأرقام، أو في تعداد أيام الأسبوع وغيرها من متواليات كلمات شائعة.
  • لديه مشكلةٌ في التنظيم، فقد يضع كلمةً قبل أخرى عند وصف شيءٍ أو أحدٍ ما.

في الصفوف الأساسية والابتدائية

  • يواجه الطفل مشاكل في القراءة والتهجئة.
  • يخلط بين ترتيب الحروف، مثل: أن يكتب (كاتب) بدلاً من (كتاب) بخلط الألف والتاء.
  • لديه صعوبةٌ في تذكر الحقائق والأرقام.
  • لديه صعوبةٌ في إمساك قلم رصاصٍ بشكلٍ سليمٍ.
  • لا يستخدم قواعد اللغة بشكلٍ صحيحٍ، سواءً في كتاباته، أو مع الناس في حياته اليومية.
  • يعاني من متاعب في تعلّم مهاراتٍ جديدةٍ، وهي غالباً ما تكون معتمدة بشكلٍ كبيرٍ على التلقين.
  • يتعثّر في الرياضيات بشكلٍ خاصّ.
  • يواجه وقتاً صعباً في تعلّم مفرداتٍ جديدةٍ، كما يواجه صعوبةً في التعامل مع كلماتٍ غير مألوفةٍ.
  • لديه مشكلةٌ في تتبّع سلسلةٍ من الأوامر أو الإرشادات، فهو يفضّل أن يركّز على أمرٍ واحدٍ فقط في كلّ مرة.
  • يصعب على الطالب القراءة بصوتٍ عالٍ.
  • لا يقرأ بنفس مستوى أفراد الصف الآخرين، فهو أبطأ منهم أو يُخطئ بقراءة بعض الكلمات.
  • لديه مشكلةٌ في فهم النكات أو التعابير والتشبيهات المختلفة.
  • يواجه صعوبةً في تنظيم وإدارة الوقت.
  • يناضل من أجل تلخيص قصةٍ، أو استخراج الفكرة الرئيسية من الدرس.
  • يواجه صعوبةً في تعلّم لغةٍ أجنبيةٍ.

علاج عسر القراءة

للحصول على أفضل النتائج عند علاج عسر القراءة يجب ملاحظة المشكلة وحلها قبل الصف الثالث، ويجب أن يشرف على الطالب شخصٌ مختصٌ ومؤهّل لمعالجة المشكلة، ولكن هناك أمور يمكن أن يقوم بها الأهل في البيت لمساعدة عملية العلاج وزيادة فعاليتها، منها:

  • جعل الطفل يقٌرأ بصوتٍ عالٍ كلّ يومٍ، ولا يشترط قراءة الدروس من الكتب المدرسية، بل يمكن قراءة أي شيء آخر يريده الطفل، مثل، كتبٍ مصورةٍ، أو مجلاتٍ للأطفال أو غير ذلك، ولكن على شرط أن يقرأ بصوتٍ عالٍ حتّى يسمع نفسه ويربط صوت الكلمة وصوت الحرف مع شكله المكتوب على الورق.
  • استخدام الكتب المسجلة (Audio Books) في جعل الطفل يتبع الكلمات التي يسمعها في الكتاب الورقيّ أمامه، وهذا أيضاً يساعده في ربط صوت الكلمة وصوت الحرف مع شكله المكتوب على الورق.
  • هناك الكثير من التطبيقات والألعاب عبر الإنترنت سواءً على الهاتف الذكيّ أو على الحاسوب الشخصيّ، والتي يمكن أن تبني مهارات الطفل على القراءة، ومهارات التهجئة والإملاء بشكل لعبةٍ مسليةٍ.
  • مراقبة وتدوين الملاحظات، حيث إنّ مشاهدة الطفل عن كثب وتدوين الملاحظات على سلوكه قد تكشف عن أنماطٍ معينةٍ يتبعها الطفل أثناء محاولة القراءة والفهم، وستساعد هذه الملاحظات المدرسين والأطباء أو أيّ شخصٍ آخر يعمل على مساعدة الطفل بشكلٍ محترف.
  • التركيز على الجهد المبذول وليس النتيجة، فيجب مكافئة الطفل على جهده والساعات التي بذلها في محاولة التعلّم، ويجب مدحه وتشجيعه بغضّ النظر عن النتيجة النهائيّة؛ لأنّ النتيجة المرغوبة قد تأخذ بعض الوقت حتّى تظهر، وهنا قد يشعر الطفل بخيبة الأمل من عدم ظهورها ممّا يجعله يرغب بترك التدريب والتعلم، وخاصّة إذا لاحظ نفاد صبر الأهل من انتظار النتيجة.
  • تفهّم أنّ هذا الطفل مختلفٌ عن الأطفال الآخرين، ويجب أن يعلم هو ذلك أيضاً لأنّه إن لم يعلم فقد يتساءل عن سبب قيام جميع الطلاب بالأمر بسهولةٍ بينما يأخذ منه الوقت الكثير، وبالتالي تقلّ ثقته بنفسه وتقلّ دافعيته للاستمرار والتعلم.
  • تعزيز ثقة الطفل بنفسه باستخدام الهوايات والأنشطة المختلفة بعد المدرسة بتسجيله بأحد الأندية الرياضية أو الفنيّة التي ستزيد احترام الذات للطفل وتزيد المرونة لديه، ويجب ألا تكون النشاطات تشمل دورس التقوية وغير ذلك؛ لأنّها على العكس ستزيد الضغط النفسيّ على الطفل وتؤثر سلباً على تعليمه.

خلل الكتابة

يعتبر خلل الكتابة أو (Dysgraphia) خللاً وظيفياً بسيطاً في الدماغ، وهي ترتبط إلى حدٍ ما مع عسر القراءة حيث إنّ الأطفال الذين يعانون من صعوبةٍ في تمييز أشكال الحروف والكلمات، يعانون من صعوبةٍ في إعادة إنتاجها أو نسخها بشكلٍ صحيحٍ، وتختلف صعوبة الكتابة والقراءة التي تكون لأسباب خللٍ وظيفيّ في الدماغ، عن تلك التي تكون بسبب صعوبةٍ في حركة اليد والعضلات، وصعوبةٍ في رؤية الكلمات لوجود مشاكل في النظر، ولا يمكن معرفة ذلك بشكل مؤكد دون استشارة خبيرٍ أو شخصٍ مؤهلٍ.

أسباب خلل الكتابة

يتشابه خلل الكتابة وعسر القراءة في كونهما أحد صعوبات التعلم الناتجة بسبب خللٍ عصبيّ في الدماغ، وفي حين أنّ كلاً منهما يؤثر على منطقةٍ مختلفة في الدماغ، فإنّ التأثير يكون واحداً، حيث يؤثر على وظيفة ذاك الجزء من الدماغ وعلى نشاطة وطريقة عمله.

أعراض الإصابة بخلل الكتابة

لا يمكن للشخص العاديّ وغير المؤهل أن يفرّق بين عسر القراءة وخلل الكتابة من خلال الأعراض، لأنّ الأعراض تتشابه بشكلٍ كبيرٍ، ولكن يمكن القول أن خلل الكتابة يظهر بشكلٍ أكبر في صعوبةٍ بالكتابة، ويمكن ملاحظة أعراضٍ خاصّةٍ لخلل الكتابة بالإضافة إلى أعراض عسر القراءة:

  • صعوبة الإمساك بالقلم بشكلٍ سليم.
  • الكتابة ببطءٍ شديدٍ.
  • ترك فراغاتٍ أكبر ممّا يجب بين كلمةٍ وأخرى، أو بين مقطعٍ وآخر.
  • ترك فراغات أقلّ ممّا يجب بين كلّ كلمة وأخرى.
  • خطٌّ غريبٌ وغيرُ واضح.
  • استخدام الممحاة بشكلٍ مبالغٍ فيه.

علاج خلل الكتابة

كما في عسر القراءة يجب الاستعانة بمختصٍّ للمساعدة في العلاج لأنّ هناك تشابه في طرق العلاج، ولكن يمكن القيام بأمورٍ مساعدةٍ في المنزل:

  • عمل تمارين لحركة اليد والأصابع باستخدام معجون اللعب.
  • أخذ فترات استراحة قصيرة بين كتابة كلّ فقرةٍ وأخرى، أو بين كتابة كلّ جملةٍ وأخرى إن دعت الحاجة، لأنّ الكتابة عمل يستنزف تركيز الطفل المصاب بخلل الكتابة.
  • تدريب الطفل على مراجعة كلّ فقرة أو جملة بعد إنهائها، حتّى يعود ويصلح الأخطاء الواردة فيها.