حلم البكاء
قول ابن غنام في رؤيا البكاء
البكاء في المنام فرح إذا لم يكن معه رنة أو صراخ عالٍ، وإن كان معه ذلك فإنّه همّ وحزن، والبكاء من خشية الله تدل على النجاة من عذاب النار، والبكاء يدل على زوال الهم لقول الشاعر: (لا يمي في البكاء غير مصيب ... إن في الدمع راحة للقلوب)، والميت إذا بكى فهو نادم على ما سلف من ذنوبه، وربما كان عتاباً بين محبين يشكوان حزناً وهجراً.[1]
رؤية البكاء في المنام عند ابن شاهين
من رأى أنّه يبكي ولم يخرج من عينه دمع فليس بمحمود، وإن جرى مكان الدمع دم فإنّه يدل على الندم على أمر قد فات منه ويتوب، وقال أبو سعيد الواعظ: البكاء وقرة عين، فمن رأى أنّه يبكي على إنسان يعرفه وقد مات ومع البكاء نوح، فإنّه يقع كما يراد في عقبه مصيبة من موت أو هم أو تشنيع، فإن رأى كأنّ الناس ينوحون على والٍ قد مات وتمزق ثيابهم وينفضون التراب على رؤوسهم فإن ذلك الوالي يجور في سلطان، وإن رأى كأنّه مات وهم يبكون خلف جنازته من غير نوح فإنّهم يرون من ذلك الوالي سروراً، وقال الكرماني: من رأى كأنّه يبكي فإنّه يفرح فرحاً شديداً، وإن كان البكاء بصراخ فإنّه يدل على مصيبة تصيبه لقوله تعالى: (وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا)،[2] ومن رأى أنّ عينه مملوءة بالدمع ولم يخرج فإنّه يحصل له مال حلال، وأمّا الدمع البارد فهو فرج من غمّ، والحار ضده، وقال بعض المعبرين: أحبّ البكاء في النوم ما لم يكن فيه صراخ، وقد جربت ذلك نيفاً عن ألف مرة فلم أرَ منه إلّا خيراً، وفرحاً، وسروراً.[3]
قول النابلسي في رؤيا البكاء
البكاء هو في المنام للمعهود من سكن أو آدمي يدل على بقاء ما هو عليه، وعلى طول العمر، وربما دلّ على الزيادة في التوحيد، إن ذكر الله تعالى أو سبح أو هلّل؛ لأنّ ذلك أكثر ما يقال عند رؤية المعالم والآثار، وإن لطم وجهه أو بكى بكاءً شديداً دلّ على الأنكاد والهموم ممن دلّ ذلك الأثر عليه.[4]
وإذا كان في المنام بصراخ أو لطم أو لباس أسود أو شق جيب، فيدل على الحزن، وإن كان البكاء من خشية الله تعالى أو لسماع قرآن أو من ندم على ذنب سابق فإنّه يدل على الفرح والسرور وزوال الهموم والأنكاد، وهو دال على الخشية، أو على نزول المطر لمن احتبس عنه، وهو محتاج إليه، وقد يدل على طول العمر، وربما دّل على الزيادة في التوحيد إن ذكر الله تعالى أو سبح أو هلل.[5]
رؤية الدمع في المنام
يقول النابلسي: الدمع في المنام إن كان بارداً فهو فرح وإن كان حاراً فهو هم وحزن، ومن رأى الدمع على وجه من خير باء فإنّه يطعن في نسبه وينفذ فيه القول، فإن رأى الدمع يدور في عينيه فإنّه يدخر مالاً حلالاً في أمر الدين لا يريد إظهاره فيظهره عدوه، ويبقى ذلك له فإن سال على وجهه طاب قلبه بإنفاقه، والدمع الخارج عند التثاؤب غرامة يسيرة من غير سبب، والدمع عند رؤية الضوء أو الشمس أو النار دليل على الخسارة من جهة من دلّ الضوء أو الشمس أو النار عليه، وقد يدل الدمع على وحدة وغربة وشدة وشوق إلى الأحبة.[6]
يقول ابن غنام: فمن رأى الدمع يدور في عينه فإنّه قد أدخر مالاً يريد إظهاره، ويظهر على يد عدوه، وإن سال الدمع فهو نفقة عن طيب نفس، والدمع البارد فرح وسرور والدمع الحار فراق وحزن، ومن رأى دمعته على خده من غير بكاء فإنّه يطعن في نسبه وينفد فيه القول.[7]
ويفسر ابن سيرين رؤية الدمع بقوله: أمّا الدمع؛ فالبارد منه فرح والحار هم، ومن رأى الدمع على وجهه من غير بكاء، فإنه يطعن في نسبه وينفذ فيه القول من طاعته، وإن رأى الدموع تمور في عينيه، فإنّه يدخر مالاً حلالاً في أمر الدين لا يريد إظهاره، فإن سال على وجهه، فإنّه يطيب قلباً بإنفاقه.[8]
رؤية العين في المنام
يقول ابن سيرين: أمّا العين فدين الرجل وبصيرته التي يبصر بها الهدى والضلالة، وإن رأى في جسده عيوناً كثيرة دل على زيادة صلاحه ودينه، وإن رأى كأنّ بطنه انشق فرأى في باطنه عيوناً، فإنّه زنديق لقوله تعالى: (مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ)،[9] وإن رأى كأن عينيه عين إنسان آخر غريب مجهول دلت رؤياه على ذهاب بصره، ويكون غيره يهديه الطريق، فإن كان الرجل معروفاً، فإنّ صاحب الرؤيا يتزوج ابنته وتصيب منه خيراً، وإن رأى كأن عينيه ذهبتا مات أولاده، ومن رأى أنّه أعمى العينين وهو في غربة دل على امتداد غربته إلى أن يموت، وإن رأى كأن عينيه من حديد ناله هم شديد يؤدي إلى هتك ستره، وإن رأى أنّه فتح عينيه على رجل، فإنّه ينظر في أمره ويعينه، ومن رأى كأنّه يسمع بالعين وينظر بالأذن، فإن يحمل أهله وابنته على ارتكاب المعاصي، ومن رأى على كفه عين رجل أو عين بهيمة نال مالاً عيناً، ومن رأى كأنّه نظر إلى عين فأعجبته فاستحسنها، فإنّه يعمل شيئاً يضر بدينه، والعين السوداء الدين، والزرقاء البدعة والشهلاء مخالفة الدين، والخضراء دين يخالف الأديان.[10]
المراجع
- ↑ إبراهيم بن يحيى بن غنام، تعبير الرؤيا (مخطوط)، الأردن: صورة مخطوطة - مكتبة الجامعة الأردنية، صفحة 39.
- ↑ سورة فاطر، آية: 37.
- ↑ خليل بن شاهين الظاهري، الإشارات في علم العبارات، بيروت: دار الفكر، صفحة 672- 673.
- ↑ عبد الغني بن إسماعيل بن عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تعبير المنام، بيروت: دار الفكر، صفحة 42.
- ↑ عبد الغني بن إسماعيل بن عبد الغني النابلسي ، "حرف الباء - البكاء"، قاموس تفسير الأحلام للنابلسي.
- ↑ عبد الغني بن إسماعيل بن عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تعبير المنام ، بيروت: دار الفكر، صفحة 121.
- ↑ إبراهيم بن يحيى بن غنام، تعبير الرؤيا (مخطوط) ، الأردن: صورة مخطوطة - مكتبة الجامعة الأردنية، صفحة 98- 99.
- ↑ محمد بن سيرين، "الأشياء الخارجة من الإنسان والحيوان"، تفسير الأحلام لابن سيرين.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 4.
- ↑ محمد بن سيرين، "اختلاف الإنسان وأعضائه"، تفسير الأحلام لابن سيرين.