-

صفات الله الواجبة

صفات الله الواجبة
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الله

الله هو لفظ الجلالة واسم الخالق العظيم، والأوحد لهذا الكون بكلّ موجوداته؛ الظاهرة، والباطنة، والدقيقة، وهو العالم بالغيب وحده، وصاحب القدرة الكُلية واللامحدودة في إدارة الكون، وإبداعه، والتحكّم فيه، وهو البارئ للإنسان في أحسنِ تقويم، ومُسخرُ كُلَ شيءٍ حسب حكمته وإرادته، وهو الحق الذي يأخذ الخلق منه التزاماتهم الأخلاقية وسموّهم الروحي، ولله جَلَّ في علاه العديد من الصفات، وفي هذا المقال دعونا نتعرّف على صفات الله الواجبة.

صفات الله الواجبة

نقصد بالصفات الواجبة لله تعالى الصفات التي يكون وصف الله تعالى بها واجبٌ عقلاً، ولا يتصوّر الإنسان في عقله نفيّاً لتلك الصفات، وهي صفاتٌ ثابتةٌ في حقه، لازمةٌ ومستحقةٌ له، بكلّ ما يخص معاني الجلال و الكمال، وهي القاعدة التي تتأصّل على أساسها باقي الصفات، ونذكر لكم فيما يلي تلك الصفات الواجبة لله تعالى:

الوجود

يجب على الإنسان معرفة أنّ الله موجودٌ منذ الأزلِ؛ أي ليس هناك بدايةً لوجوده سبحانه، حيثُ يقول الله في كتابه الكريم: (هو الأوَّلُ) [الحديد:3]؛ ولولا وجود الله لما كان الكوّنُ موجوداً؛ وقد وضع الله الأدلّة العقليّة الكثيرة، في الإنسان على وجوده؛ يقول في مُحكم كتابه: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ).[الذاريات:21]

الأزل

فالله تعالى أزليُّ أبديٌّ بصفاتِهِ، أي أنّ صفاته هي أيضاً أزليّةٌ أبديةٌ، ولا يحملُ أحدٌ غيره هذه الصفة، وفي اللغة عندما نقولُ أزليّ نقصد قديم العهدِ والزمنِ، ولا ينطبق هذا التفسير على الله؛ أي أنّه قدَيمِ العهدِ؛ لأنَّ تلك الصفة تخصّ المخلوقات، والأشياء الساكنة؛ أمّا الله تعالى كانَ قبلَ الزمانِ، ولا يُحدّد وصفه بالزمان، أو يُربط بمعيارٍ زمني.

البقاءُ

تعني هذه الصفة أن لا نهاية لوجودِ الله تعالى؛ كونه ثبتَ له القِدَمُ؛ فوجبَ له بذلك البقاءُ، ويستحيلُ عليه العدمُ، يقولُ الله تعالى: (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ)[الرحمن:27]، والدليل العقليّ على تلك الصفة؛ أن الله لو لم يكنِ الله تعالى باقيًاً ومُستمراً؛ لفني الكون وانتهى، وما دام الكونُ موجوداً فالله باقٍ، وبقاءُ الله ذاتيُّ؛ أي ليس مُرتبطاً ببقاء شيءٍ، أو حتى زواله، لكن مظاهر البقاء في الكوّن؛ تُساعد الإنسان على الاستدلال على صفات خالقه.

الوحدانيةُ

معناه أنَّ الله تبارك وتعالى الخالق الوحيد؛ وليسَ له شبيهٍ أو ثانٍ، وليس مُكوّناً كالأجسامِ القابلة للانشطار، ولا يجتمع الله مع أيّ مخلوقاته بأيّ صفة أو تشابه، والدليل على ذلك أنّ الكون يسيرُ بانتظامٍ، وهذا الانتظام يقفُ وراءه خالقٌ واحد؛ ولو كان الله مُتعدداً؛ لما سار الكون على هذه الطريقة البديعة؛ ويبدأ الله تعالى سورة الإخلاص بقوله: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)[الصمد:1].

القيامُ بنفسه

فالله لا يحتاج لأيِ أحد؛ لأنَّ احتياجه إلى الغيرِ، إشارة على الحدوث، وهذا ما ينفي عنه صفة الأزل، لذا فقد نزّه الله نفسه عن ذلك؛ وخير قولٍ في ذلك أنّ الله لا تٌفيده عبادات الخلق، ولا تُسيئه أو تُنقصه جلّ جلاله معاصي وذنوب البشر، ويتفرّد الله بهذه الصفة كما كل الصفات؛ فكلّ ما هو دون الله مُحتاجٌ لغيره، يقول سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) [فاطر:15].

مخالفتهُ للحوادِثِ

فهو لا يُشبه المخلوقاتِ أو ذوات الأرواح أبداً، ولو كان ذلك؛ لانطبق عليه ما انطبق على الحوادث؛ الفناء، والموت، والمرض، والتقدّم بالعمر كما المخلوقات، وجاء في القُرآن الكريم قوله تعالى:(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى:11] ، والله يترفع بنفسه عن مقاربته، أو مشابهته بالأجرامِ، والأجسامِ، والأعراضِ أيضاً.

الحياة

إنّ الله حيٌ لا يموت؛ وحياته غير مُرتبطة بجسدٍ أو روح كما البشر وسائر الكائنات؛ ولولا حياته لما ظلّ في هذا الكون أثر فراشة، ومن إثبات ذلك قوله في آية الكرسي؛ قوله تعالى: (اللَّهُ لاَ إِلَٰهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ) [البقرة: 255]؛ أي أنّ حياته أيضاً لا تشبهُ حياة الناس بطريقة الانقضاء كالنوم والاستيقاظ، كما أنّ حياة الله غير مُرتبطة بفترةٍ تزول، أو حتى تنقضي.

القُدرة

تتمثل قُدرة الله بالإيجاد والإعدامُ؛ أي يجد الله بها المعدومَ؛ غيّر الموجود، من اللاشيء؛ وفي المُقابِل يُعدمُ بها الموجود، والاستدلال على ذلك بديهيّ؛ فالقدرة يقابلها العجز؛ ولو كان الله عاجزًا لما وُجدت، المخلوقات والظواهر الطبيعيّة، ولما تناسقت عناصر الطبيعة مع بعضها البعض، يقولِ الله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [الملـك:1].

الإرادة

فالله يمتلك المشيئة، والقرار الخالص من ذاته، وحكمته؛ فالله أراد خلق الإنسان على هذه الهيئة الخارجية، ولو شاء لجعلها على غير هيئة، وإذا ما أراد شيء لا يمنع حصول أو تحقّقه أحد، وإذا لم يُرد ذاك الأمر، لا يملك أحد أن يغيّر قراره، يقول جلّ جلاله: (فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ) [البروج: 16].

العلمُ

العلم صفةٌ أبديةٌ ثابتةٌ تخصّ الله تعالى؛ وغير موضوعة في أيٍّ مِن خلقه؛ ويحمل الذنوب والآثام؛ من ظنّ أنّ الله لا يملك علماً بل جهالةً؛ ما كانت له وتنَزَه عنها، والجهل نقصٌ، والله لا يَنقُصه شيء، يقول الله تعالى: (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [الحديد:3] وفي موضعٍ آخر قوله: (‏‏أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)‏‏ ‏[‏الملك‏:‏ 14‏]‏.

السمعُ

إنّ سمعهُ تعالى ليس حادثاً كسمع خلقِهِ، ينتهي أو يتعلّق بظروفٍ، أو أزمنةٍ، أو عوامل، أو عناصر كالأُذن؛ فسمعُ الله تعالى أزليٌّ، ومسموعاتُهُ من قبيلِ الصوتِ (حادثة)؛ فهو تعالى يسمعُ هذه الأصواتَ بسمعِهِ الأبديّ؛ الذي ليس لوجودِهِ ابتداءٌ ولا انتهاءٌ؛ لكنه دائمٌ كباقي الصفاتِ، وأما عن دلائلُهُ النقليةُ فذُكرت بمواضع كثيرةٍ منها؛ قولُه تعالى: (وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) [فاطر:11]، وقولُه تعالى: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) [المجادلة:1].

البصر

إنّ البصر صفةٌ أبديةٌ متعلّقةُ بالمبصراتِ؛ فالله يرى ذاته الأزليَّة، ويرى الحادثاتِ برؤيةٍ أزليّة، وليسَ بصرهُ كخلقِهِ؛ يتمُ بواسطة عنصر العيّن، ويتأثر بزوالها مثلاً أو إصابتها، وإن عدم وجود البصر لدى الله، يعني العمى وذلك نقص، والله يتصف بالكمال، يقول عز وجل: (وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) [فاطر:11].

الكلامُ

كلامُ الله ليس مثل كلام البشر؛ وأوصل الله كلامه للخلق وهو القرآن، وغيره من الكُتب السماوية التي أنزلها الله على عباده، مع ضرورة الإشارة إلى أنّ البشر عندما يصفون الكُتب المُنزلة؛ يقولون عنها كلام الله؛ لكنها ما هي إلا تعبيراتٌ عن كلام الله، وليست الكلام بعينه، يقول تعالى: (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً)[النساء:164]؛ أي أسمعَهُ كلامَهُ الأبديَّ؛ فيما سماع موسى، وفهمه من ذاك الكلام حادثٌ، وليس أزليّ.