-

التربية في القرآن الكريم

التربية في القرآن الكريم
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

التربية في القرآن الكريم

من المسؤوليات الأساسية على المسلمين أن يعملوا على استعادة دور القرآن الكريم ومكانته في الحياة على المستوى الفردي والجماعي، وخاصةً في غرس قيمه التي تُعنى في الجانب التربوي عبر المؤسسات المختلفة التي تُلقى على عاتقها مسؤولية التربية، مثل: الأسرة، والمدرسة، ووسائل الإعلام، والجامعات، والعمل ضمن هذه الرؤية يجنّب المسلمين الوقوع في عواقب شكوى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من هجر القرآن، فقال الله عزّ وجلّ: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَـذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا).[1][2]

خصائص التربية في القرآن

خصائص وسمات التربية في القرآن الكريم كثيرةٌ، ولعلّ أهمّها ما يأتي:[3]

  • ربانية المصدر والغاية: وهذا يعني أنّ المنهج التربوي القرآني منهجٌ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو منهجٌ يحثّ على دفع جهود البشر وطاقاتهم العقلية في الاجتهاد والتفكير في هذا الكون، والمعرفة بأسراره.
  • الشمولية: فتشمل التربية القرآنية الفرد في حياته الدنيوية والأُخروية، وتشمل حياته الخاصة والعامة، وهو منهجٌ معنيٌّ بتنظيم حياة أفراد المجتمع من جهةٍ، وعلاقتهم بالمجتمعات الأخرى من جهةٍ أخرى؛ فاشتمل القرآن على كلّ ما من شأنه صلاح البشرية وهدايتها.
  • التكامل: فهو يرعى مناحي حياة الفرد والمجتمعات في كلّ مناحي الحياة؛ الأخلاقية والاقتصادية والسياسية والتعبدية، وغير ذلك.
  • الوسطية: وهي شعارٌ من شعارات منهج القرآن في التربية؛ فأساليبه وأحكامه إنّما هي اعتدالٌ وقسطٌ، والوسطية المرادة هنا؛ هي التي لا إفراط فيها ولا تفريطٌ، فقد وازن الإسلام بين متطلبات الجسد وأشواق الروح وتطلّعات العقل، فقال تعالى: (وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا)،[4] وقال سبحانه: (يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ).[5].
  • الواقعية: فالقرآن يتعامل مع التربية بناءً على التنوع والاختلاف في طبيعتها، ومن هنا كان المنهج التربوي في القرآن يتعامل مع الناس على أساس احتمال الخطأ، بعيداً عن المثالية والكمال، فقال تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)،[6] ولذا فإنّ التشريعات الربانية تساير فطرة الإنسان في واقعها، دون أن تفرض عليه من التكاليف ما يعجز عنه، بل يلزمه في حدود الممكن، كما يتّسم منهج التربية القرآنية.
  • الوضوح: بعيدةٌ عن الغموض والإبهام.
  • اليسر والسهولة: فقد تميّزت بسهولةٍ في مبادئها وتعاليمها.
  • الإيجابية العملية: ويظهر ذلك عندما ربطت العلم والمعرفة بالعمل، فقال سبحانه: (كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ).[7]
  • التدرّج: إذ إنّ التحوّل في السلوك عمليةٌ تحتاج إلى تدرجٍ في التغيّر حتى تؤتي هذه العملية ثمارها المرجوّة، وقد راعت التربية القرآنية التدرّج، ويظهر ذلك في أنواع ودلالات الخطاب في السور المكية التي تخلو من التكاليف والتشريعات، وبعد أنْ استقرّت العقيدة في القلوب أصبحت النفوس مهيأةً لتنزّل التشريعات الناظمة لحياتهم، وليس أدلّ على ذلك من التدرّج في تحريم الخمر، إذ كان الناس قبل بعثة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يشربون الخمر ويحبونها، فمرّ أمر تحريمها في مراحل عدّةٍ هيّأت لتقبّلها والاستسلام لأمر الله -تعالى- فيها.

أساليب التربية في الإسلام

يمكن استنباط كثير من الأساليب التربوية في القرآن الكريم، منها: التربية بالقدوة والأسوة الحسنة، وتقويم السلوك بالعبرة والموعظة، كما يمكن استثمار القصص والحكم والأمثال في تعديل السلوك، ولا يخفى أثر الترغيب والترهيب كسلاحين من أهمّ أسلحة التربية، وذلك عن طريق ترسيخ فكرة الثواب والعقاب، ويعدّ التدرج في تكوين العادات الحسنة بالممارسة العملية من وسائل التربية في الإسلام، والمربي كذلك يُحسن استغلال الأحداث وتوظيفها لصالح التربية، وغير ذلك من الأساليب.[8]

المراجع

  1. ↑ سورة الفرقان، آية: 30.
  2. ↑ حسان عبد الله (3-6-2018)، "حق القرآن العظيم"، www.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-2-2019. بتصرّف.
  3. ↑ عبد الله محمد جبر (27-12-2013)، "خصائص التربية في القرآن الكريم"، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-2-2019. بتصرّف.
  4. ↑ سورة القصص، آية: 77.
  5. ↑ سورة الأعراف، آية: 31.
  6. ↑ سورة البقرة، آية: 286.
  7. ↑ سورة الصف، آية: 3.
  8. ↑ عاطف السيد، التربية الإسلامية أصولها ومنهجها ومعلمها، صفحة 53. بتصرّف.