تاريخ الرسل والملوك
أهمّ العُلوم التي عُنيَت بالإنسان هيَ علم التاريخ البشريّ والوقوف على أبرز الأحداث التي مرّت طيلة فترة معيشة الإنسان على وجه الأرض، وكتبَ في هذا المجال وأبحرَ فيه العديد من العًلماء والمؤرّخين سواء من العالم العربيّ أو الغربيّ، ومن أبرز المؤرّخين العرب الذين كتبوا في هذا المجال هوَ العلاّمة ابن جرير الطبريّ، حيث وضعَ واحداً من أبرز المُصنّفات التاريخيّة على الإطلاق وهو ما يُعرف بتاريخ الطبريّ أو تاريخ الرسل والمُلوك أو تاريخ الأمم والمُلوك.
ابن جرير الطبري
هوَ العلاّمة والمفسّر والمؤرّخ الكبير مُحمّد بن جرير بن يزيد بن كثير أبو جعفر الطبريّ، حيث ولِدَ في عام 224 للهجرة، وهو في الأصل من منطقة آمل في طبرستان، وإليها يُنسب بالطبريّ، وقد عاشَ أخر عُمرهِ في بغداد.
قد اشتهرَ رحمهُ الله تعالى بورعه وغزارة علِمه، وكانَ حافظاً لكتاب الله، فوضعَ تفسيراً جامعاً للقُرآن، كما أنّهُ كانَ عالماً بالتاريخ، حيث صنّفَ كتاب تاريخ الرسل والملوك، وتوفيّ رحمهُ الله تعالى في سنة 310 للهجرة.
تاريخ الرُسُل والملوك
ويُعرف هذا الكتاب أيضاً بتاريخ الأُمم والمُلوك وتاريخ الطبريّ، حيث حوى فيه ابن جرير الطبريّ رحمهُ الله تعالى ما وقَعَ تحتَ يديه من عُلوم التاريخ، وذلك عن طريق الرواية التاريخيّة واتبّاع أسلوب الإسناد في الرواية إلى الرواة الذين قصّوا التاريخ، ولا يخلو الكتاب من بعض الروايات التي أوردها الطبريّ على الرغم من ضعفها أو خلل في رواتها ولكنّهُ رحمهُ الله أوردَ الرواية بسندها فحمّلها على من رواها مُستنداً إلى مبدأ "من أسندَ فقد أحال".
كتاب تاريخ الرُسُل والمُلوك يبدأ فيه الطبريّ رحمهُ الله تعالى بالحديث عن تعريف الزمان وبدء الخليقة، وذلك من مصادر الشريعة الإسلاميّة التي بيّنت بدءَ الخلق بنصوصها الواضحة الصحيحة، وتحدّثَ في الكتب عن أوّل ما خلَقَ اللهُ تعالى، وكذلك عن خلق السماوات والأرض، والأخبار التي سبقت خلق أوّل البشر سيّدنا آدم عليهِ السلام، وكيف هيَ قصة إبليس قبل آدم عليهِ السلام، وتحدّث أيضاً الكتاب عن خلق آدم عليهِ السلام وقصّة نزوله إلى الأرض، لتبدأ بعدَ ذلك قصّة تاريخ البشر على الأرض.
بدأ الطبري في كتابه تاريخ الرُسُل والملوك بالحديث عن الرُسُل عليهِم السلام والقصص التي مرّوا بها والتي رواها القُرآن الكريم، وبيّنتها سُنّةُ النبيّ صلّى الله عليهِ وسلّم، وكذلك بعض الروايات التي جاءَت من أخبار بني إسرائيل.
كما تحدّث الطبريّ في كتابه عن سيرةِ النبيّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم، من تاريخ ما بعدَ الهجرة وبدء التاريخ الإسلاميّ حتّى اللحظة التي ألّفَ فيها كتابه، وأضاف في هذا الكتاب عن سيَر المُلوك الذين حكموا رِقابَ الخلق كما تحدّثَ عن الرُسُل الذينَ حكموا قُلوبَ الناس بالحِكمةِ والوحي.