كيف أستطيع القيام لصلاة الفجر
الحرص والمداومة على الطاعات
الأصل في العبد أن يحرص دائماً على طاعة الله تعالى وعبادته، وأن يجتهد في ذلك على مدار العام، وقد يظن بعض الناس أن ذلك لا يكون إلّا في مواسم معينة، كشهر رمضان المبارك مثلاً، والحقيقة أنّ هذه المواسم هي محطة للتزوّد بوقود الإيمان، لينطلق العبد المسلم بعدها إلى سائر عامه، فالكون كلّه بالنسبة إلى المسلم محراب لعبادة الله عزّ وجلّ، ثمّ إنّ المداومة والحرص على طاعة الله وعبادته له آثارٌ ثمينةٌ هامةٌ على الإنسان، فهي من صفات المؤمنين المخلصين الصادقين، والذين قال الله -تعالى- فيهم: (الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ)،[1] كما أنّ الحرص على العبادة وصية الله تعالى لأنبيائه الكرام عليهم الصلاة والسلام، فقد أوصى الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- بذلك حين قال: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)،[2] والمُراد من اليقين في الآية الكريمة الموت، واستدل العلماء بها للقول بأنّ العبادة كالصلاة مثلاً لا تسقط عن الإنسان أبداً طالما كان عقله ثابتاً، كما أنّ المداومة على العمل الصالح من أحبّ الإعمال إلى الله سبحانه وتعالى.[3]
إذا داوم العبد على فعل الطاعات والحرص على الإتيان بالعبادات فإنّه سيحصد بذلك ثماراً عظيمةً، منها: زيادة الإيمان في قلبه؛ وذلك لأنّ كلّ عملٍ صالحٍ يقوم به الإنسان سواءً أكان صغيراً أم كبيراً، قليلاً أم كثيراً فإنّه يزيد من إيمانه، كما أنّ كلّ طاعةٍ وكلّ حسنةٍ يقوم بها الإنسان توصل إلى طاعةٍ أخرى مثلها، والمداومة على الطاعة ترفع عن الإنسان الغفلة، وتُبعده عنها، والغفلة مذمومة في القرآن الكريم؛ لأنّها تؤدي بالإنسان إلى الهلاك والخسران، وهي سبب في حصول محبة الله -عزّ وجلّ- للعبد، وللنجاة في الصعاب والشدائد، وإذا كان العبد حريصاً مداوماً على أداء عبادةٍ ما، ثمّ عجز عنها لسببٍ أو ظرفٍ حصل معه ثبت له أجرها كأنّه فعلها، وهي سبب في تكفير الذنوب ومحوها، وسبب في تحصيل حسن الخاتمة للإنسان، والخاتمة الحسنة نعمةٌ عظيمةٌ يتمناها جميع الناس، فإنّ من شبّ على شيء واعتاده شاب عليه، وإذا شاب عليه كان موته عليه أيضاً، وأخيراً فإنّ المداومة على الطاعة تقود الإنسان إلى دخول الجنة يوم القيامة.[3]
كيفية المداومة على القيام لصلاة الفجر
يجدر بالمسلم أن يسعى سعياً مكثّفاً للقيام إلى صلاة الفجر، ويكون ذلك بأخذه بكلّ الأسباب التي تُعينه على ذلك قبل أن ينام، فإذا أخذ بكلّ الأسباب المتاحة ثمّ لم يستيقظ وفاتته الصلاة فهو معذورٌ لعدم تفريطه، وفيما يأتي بيان جملةٍ من الأسباب المعينة على القيام لصلاة الفجر:[4]
- عزم النية وصدقها في القيام إلى صلاة الفجر.
- ضبط المسلم للمنبه أو توكيل أحدٍ بإيقاظه في موعد صلاة الفجر.
- الاجتهاد بالدعاء والإلحاح على الله -تعالى- أن يعين الإنسان على أداء صلاة الفجر، فإنّ الدعاء سلاح للمؤمن، متى ما دعا الله بصدقٍ أن يُعينه على خيرٍ، فإنّه سيعينه بلا شكّ.
- الإخلاص لله -تعالى- في كلّ الأعمال، فكلّما قوي إخلاص الإنسان لله تعالى، كلّما كان أقوى على القيام بالعبادات والطاعات، حيث قال الإمام ابن القيم -رحمه الله- في ذلك: (إنّ توفيق الله -تعالى- ومعونته للعبد يكون على قدر نيته وعمله ورغبته).
- حرص العبد على النوم على الجانب الأيمن، فقد كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يفعل ذلك، ويرشد المسلمين إلى فعله، فقد قال: (إذا أتيتَ مضجعكَ، فتوضأ وضوءَكَ للصلاةِ، ثمّ اضطَجِعْ على شِقِّكَ الأيمنِ).[5]
- الاجتهاد في النوم طاهراً، وذلك لما ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من توجيهه لذلك، حين قال: (ما من مسلمٍ يبيتُ على ذِكرٍ، طاهراً، فيتعارَّ من الليلِ، فيسألُ اللهَ -تعالى- خيراً من أمرِ الدنيا والآخرةِ ، إلّا أعطاه إياه).[6]
- الذهاب إلى النوم باكراً، فالنوم بعد العشاء وصية عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وهي خصلةٌ حميدةٌ، وعادةٌ صحيّةٌ.
- اختيار فراش مناسب للنوم؛ بألّا يكون شديد النعومة واللين، فلا يبالغ الإنسان في حشوه وتجهيزه وتليينه؛ لأنّ ذلك ممّا يرغّب في النوم والغفلة ويجلب الكسل والخمول.
- المحافظة على قراءة الأذكار الشرعيّة المسنونة قبل النوم، فإنّها تصرف الشيطان عن الإنسان، وتكون له حصناً حصيناً من وساوسه، وتُعينه على القيام إلى صلاة الفجر.
- اجتناب الذنوب والمعاصي والآثام، فإنّ ذلك من المُعينات على القيام لصلاة الفجر.
فضل صلاة الفجر
إنّ لصلاة الفجر فضائل عظيمة في الإسلام، فمن صلّاها يحصل على عددٍ كبيرٍ من الفوائد، وفيما يأتي بيان البعض منها:[7]
- صلاة الفجر تُدخل الإنسان في ذمّة الله سبحانه وتعالى، كما أخبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فإنّ من صلّاها في جماعةٍ كان في ضمانة الله وعهده، ولا يمكن أن يعترضه بسوءٍ، ومن نقض عهد الله -تعالى- ولم يقوم بما أمر به فإنّه محاسب على ذلك.
- صلاة الفجر تمنح الإنسان أجر قيام الليل، كما ورد في حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حين قال: (من صلى الصبحَ في جماعةٍ فكأنما صلى الليلَ كلَّهُ).[8]
- نيل النور التامّ يوم القيامة.
- شهادة الملائكة لمن صلّى الفجر، وثنائهم عليه عند الله تبارك وتعالى.
- صلاة الفجر تُنجي صاحبها من نار جهنم، وتكون بشرى له بدخول الجنة.
- نيل أجر حجّة وعمرة تامّة إذا جلس المصلّي بعد صلاة الفجر ليذكر الله -تعالى- إلى طلوع الشمس.
المراجع
- ↑ سورة المعارج، آية: 23.
- ↑ سورة الحجر، آية: 99.
- ^ أ ب عادل عبد الوهاب عبد الماجد (2015-7-13)، "المداومة على الطاعات: فضائلها - ثمراتها - أسبابها "، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-8. بتصرّف.
- ↑ "الأسباب المعينة للقيام لصلاة الفجر"، www.fatwa.islamweb.net، 2009-7-6، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-8. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم: 247، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 5754، صحيح.
- ↑ حسن رمضان البوطي (2009-5-18)، "الفوائد العشر لصلاة الفجر في جماعة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-8. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم: 656، صحيح.