كيف ازيد ايماني بالله
أركان الإيمان
تقوم العقيدة الإسلامية على ستة أُسس، وقد بيّنها القرآن الكريم والسنة النبوية، ففي القرآن الكريم قال الله تعالى: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِير)،[1] وهذه الآية تبيّن أنّ هذه الأسس هي: الإيمان بالله، والإيمان بالملائكة، والإيمان بالكتب السماوية، والإيمان بالرسل، والإيمان باليوم الآخر، أمّا الإيمان بالقدر فلم يأت ذكره صريحاً في هذه الآية وإنّما ضمنيّاً، وأمّا من السنة النبوية فقال النبي -صلّى الله عليه وسلّم- عندما سأله جبريل -عليه السلام- عن الإيمان، فقال: (لإِيمَان أَنْ تُؤْمِنَ بِالله وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ)،[2] وفي هذا المقال سيتم تناول أوّل أساس منها؛ وهو الإيمان بالله؛ من حيث معناه، وكيف يزيد العبد من إيمانه بالله، وما هو دور الإيمان بالله في تحقيق الأمن النفسي للعبد.
معنى الإيمان بالله
مصطلح الإيمان كغيره من المصطلحات؛ له معنى في اللغة، وآخر في الاصطلاح، وفيما يأتي بيان كليهما:
- الإيمان في اللغة: مصدر آمن، يؤمن، إيماناً، فهو مؤمن، ويُقصد به التصديق، قال الله تعالى: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا).[3][4]
- الإيمان بالله في الاصطلاح: التصديق الجازم، والإقرار الكامل، والاعتراف التام من العبد بوجود الله تعالى، وربوبيته، وألوهيته، وأسماؤه، وصفاته، وأنّه وحده المستحقّ للعبادة، مع اطمئنان القلب بذلك اطمئناناً تُرى آثاره في سلوك الإنسان، والتزامه بأوامر الله تعالى، واجتناب نواهيه.[5]
كيفية زيادة الإيمان بالله
ذكر العلماء عدّة أسباب تزيد في إيمان العبد بالله، منها:[6]
- معرفة العبد لله تعالى، وصفاته، وأسمائه؛ فعندما يعلم العبد أسماء الله وصفاته، تورث عنده الخشية التي لها الأثر القوي في إيمان العبد.
- طلب العلم الشرعي؛ حيث قال الله تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)،[7] وفي ذلك دلالة أكيدة أنّ من أسباب خشية الله وزيادة الإيمان به العلم النافع.
- التأمّل في الكون وما فيه من آيات تدلّ على الخالق سبحانه وتعالى، قال الله في القرآن الكريم: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ).[8]
- الإكثار من ذكر الله -تعالى- في جميع ظروف العبد وأحواله، قال الله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).[9]
- قراءة القرآن الكريم وتدبّر معانيه، قال الله تعالى: (وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا).[10]
- تقديم محبّة الله تعالى، ومحبّة نبيه -صلّى الله عليه وسلّم- على هوى النفس، حيث قال رسول لله صلّى الله عليه وسلّم: (ثلاث من كنَّ فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه ممّا سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار).[11]
- حضور مجالس الذكر، ومصاحبة الصالحين، وذلك لأنّ العبد عند حضوره لمجالس الصالحين تزداد طاعته لربه فيزداد إيمانه به.
- اجتناب الذنوب والمعاصي، والبعد عن كلّ ما نهى الله -تعالى- عباده عنه، لما في ارتكابها من نقصان في الإيمان ومعصية لله.
- التقرّب إلى الله -تعالى- بالنوافل والطاعات، والإكثار منها؛ لأنّها سبب في زيادة إيمان العبد، والفوز بمحبة الله ورضوانه.
- الدعاء والتوجّه إلى الله بزيادة الإيمان وتجديده.
أثر الإيمان بالله في تحقيق الأمن النفسي
إنّ للإيمان بالله دور هام في تحقيق الأمن للإنسان كلاً بحسب إيمانه وقوته، فكلّما زاد إيمان العبد بالله زادت الطمأنينة والراحة النفسية لديه، وفيما يأتي بيان دور الإيمان بالله في تحقيق الأمن النفسي للعبد:[12]
- تحقيق الأمن والهداية للإنسان، بحيث يُحمى من المنغصات، قال الله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ).[13]
- الإيمان بالله يورث للإنسان الحياة المطمئنة الخالية من الاضطرابات الروحية والمنغصات النفسية، فالله -تعالى- وعد عباده من يعمل منهم من الصالحات بالحياة الطيبة.
- الإيمان بالله -تعالى- وحده يزكّي النفس، ويطهّرها ممّا علق بها من الشرك الذي يُمرض الروح، ويُوهن النفس، ويجعلها عرضةً للاضطرابات النفسية.
- الإيمان بالله جالب لفتح أبواب الخير، لِما في السماء والأرض من بركاتٍ.
- الإيمان بالله يدخل العبد في حمى الله، وحفظه، ورعايته، وهذا الشعور يورث في نفس العبد السكينة والطمأنينة.
- الإيمان بالله سبب في صلاح البال، والقلب والعقل والنفس، قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ).[14]
- الإيمان بالله يُورث في النفس البشرية الهداية عند حلول المصائب.
صفات عباد الله المؤمنين
إنّ للمؤمنين صفات كريمة وصفهم الله بها، منها:[15]
- طاعة الله وطاعة رسوله صلّى الله عليه وسلّم.
- الخوف من الله تعالى، وخشيته.
- زيادة الإيمان عند سماعهم لآيات القرآن الكريم، وذلك لتدبّرهم لها، ولمعانيها.
- التوكّل على الله تعالى، والاعتماد عليه.
- إقامة الصلاة، والتقرّب إلى الله بأداء النوافل.
- الإنفاق الواجب، من تأدية الزكاة، وإخراج الكفّارات وغيرها.
- موالاة عباد الله المؤمنين، ومحبتهم في الله.
- الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر.
- الجهاد في سبيل الله، وبذل الوسع والطاقة في ذلك.
- التوبة إلى الله -تعالى- من جميع الذنوب.
- حمد الله في السرّاء والضرّاء، والاعتراف بنعم الله عليهم.
- تعلّم حدود ما أنزل الله على رسول صلّى الله عليه وسلّم.
- الخشوع في الصلاة.
المراجع
- ↑ سورة البقرة، آية: 285.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 8، صحيح.
- ↑ سورة الحجرات، آية: 14.
- ↑ "تعريف ومعنى الإيمان"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 10-5-2018. بتصرّف.
- ↑ "تعريف الإيمان شرعاً"، dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-5-2018. بتصرّف.
- ↑ "من أسباب زيادة الإيمان ونقصانه"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-5-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة فاطر، آية: 28.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 190.
- ↑ سورة الرعد، آية: 28.
- ↑ سورة الأنفال، آية: 2.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 16، صحيح.
- ↑ د. عبد الرحمن اللويحق (18-3-2016)، "أثر الإيمان بالله في الأمن النفسي"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-5-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنعام، آية: 82.
- ↑ سورة محمد، آية: 2.
- ↑ د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني، نور الإيمان وظلمات النفاق في ضوء الكتاب والسنة، السعودية: مطبعة سفير، صفحة 30-33. بتصرّف.