-

كيف أغير شخصيتي إلى الأفضل

كيف أغير شخصيتي إلى الأفضل
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

تغيير الشخصية

يتمنّى الكثير من الناس أن يُحدِثوا التغيير في أمورٍ عديدةٍ من حياتهم، وفي شخصيّاتهم تحديداً؛ ذلك أنّ الحياة في تسارعٍ كبير، وتطوّرٍ عظيم، وينبغي للإنسان أن يواكب هذا التطوّر، ويحدث تغييراً شاملاً في شخصيتهِ نحو الأفضل؛ ليصل إلى مُبتغاهُ من النجاح والتقدّم الذي يتمنّاه، ويتمّ ذلك بتقييمه لذاته، وحُسن تنظيمه للوقت، وتحديده للهدف المُراد في حياته، مع النّظر بإيجابيّة للأمور، وتوفّر كلٍّ من الإرادة والمُثابرة، وهذا ما سيتمّ بيانه في هذا المقال.

كيفية تغيير الشخصية للأفضل

يحتاج الإنسان مجموعة من الوسائل التي تُساعده على تغيير شخصيته للأفضل، وأهم هذه الوسائل ما يأتي:

تقييم الذات

التغيير نحو الأفضل يحتاج إلى العديد من الخطوات المهمّة، وأولى هذه الخطوات، هي تقييم الذات، فعلى من أراد النّجاح في تغيير شخصيته إلى الأفضل أن يبدأ بتقييم ذاته، فيُبيّن نقاط الضعف، ونقاط القوّة فيها، فمن الأخطاء التي قد تتبادر إلى ذهن الكثيرين أنّ الذات الحقيقية ثابته، ولا يمكن تغييرها، ويتصرّفون بناءً على ذلك، والصحيح أنّ الإنسان يغيّر سلوكه، ليتناسب مع الموقف الذي وُضع فيه، وقبل البدء بتغيير الإنسان لذاته عليه أن يعرف مجموعةً من الحقائق، أهمّها أنّ هناك جوانب في شخصيته يمكن أن تُسيطر عليه وتؤثر عليه تأثيراً واضحاً، وحقيقةٌ أخرى أنّ ضعف الذّات إن وجد عند بعض الأشخاص؛ فسببه هو التأثير التراكميّ للمعاملة، والتربية منذ الصغر.

هذا الأمر يجب أن يُدرِكه الكثير من الناس، ويركّزون عليه أثناء تربيتهم لأولادهم، فهم بأيديهم من يصنعوا الذات الضعيفة، أو القويّة عند أبناءهم، وعليه فإنّ الإنسان لا يمكن أن يُغير ما حدث في ماضيه، إلا أنّه يستطيع أن يُغيّر في حاضره، ومستقبله، بإيجاد عوامل النّجاح، ومقدرته على التحكّم بمشاعره، وعواطفه في أيامِه القادمة.[1]

تحديد الهدف

إنّ من أهم الخطوات التي على الشخص القيام بها إذا أراد التغيير نحو الأفضل هو تحديد الهدف الذي يتمنّى تحقيقه، والذي يسعى لإنجازه، وإلا فإنّ الإنسان سيدور في حلقةٍ مفرغةٍ، يسير في تخبّطٍ بلا هدفٍ أو غايةٍ، ومن خصائص الأهداف التي يضعها الإنسان له لتكون نبراساً يُنيرُ طريقه، أن يكون الهدف محدداً وواضحاً، فوضوح الهدف يجعله أمراً سهل الاستحضار في الذّهن، والتطلّع باستمرار لتحقيقه، وأن يكون الهدف ممكن التحقيق، فيه شيءٌ من التحدّي وليس التعجيز؛ ذلك أنّ الهدف المعجِز يترك لدى صاحبه الإحباط، وبالتالي يتخلى بعد ذلك عنه ويتركه دون تحقيق، ومن سمات الهدف الجيّد، إمكانية تحديده بتوقيتٍ زمنيّ، فمن كمال التخطيط النّاجح أن تقصد الخطّة هدفاً معيّناً يمكن تحقيقه في زمنٍ محددٍ.[2]

تنظيم الوقت

الوقت في حياة الأشخاص الذين يسعون للتغيير والنجاح، ذو أهمية كبيرة، وقيمة عالية، فالشخص الناجح هو الذي يدير الوقت بحكمة، حتى يستطيع أن يستغل ويستثمر كلّ دقيقة من وقته، وبالتالي فهو يسيطر على أوقات حياته التي هي أثمن من أن تترك، ويضع جدولاً يُنظّم فيه الأعمال، بتوقيتٍ زمنيّ حتى لا يسمح للمعوّقات الخارجيّة أن تتدخّل في خطةِ نجاحهِ، أو أن تُعيق مسيرته الطموحة.[3]

الوقت هو فقط الذي يُمكّن الإنسان من إنجاز مهامه، وكافّة أعماله؛ فالأعمال لا تُنجز بعصاً سحريّة، أو بمعجزاتٍ فوريّة، وإنّما تُنجز بما لديه من وقتٍ مخصّصٍ لخطّة أعمالهِ، وأهدافهِ التي وضعها من أجل نجاحه؛ فالوقت سلاحٌ ذو حدين، إمّا أن يُحسن تنظيمه، واستغلاله، ويترتب على ذلك النجاح، والتغيير للأفضل، أو يُساء تنظيمه، ويُدار بشكلٍ ضعيف، وبالتالي يترتب عليه خسارة الإنجازات، والفرص التي كانت ستُنجز لو أحسن الإنسان استغلاله.[4]

النظرة الإيجابية

الإيجابيّة شرطٌ عقلي، ونفسيّ ذو قيمة، وأهمية للتطور والنّجاح، والتي تعني أن ينظر الإنسان إلى كلّ ما يُحيط به من أشياء، وأحداثٍ، بعقلٍ وقلبٍ مفتوحين، وبطاقةٍ روحيةٍ عاليةٍ، ونفسيّةٍ مرحةٍ، وعقلٍ يتقبّل الأشياء بحكمةٍ بالغةٍ، وأن يكون الشخص مستعدّاً للاستماع لوجهات النّظر المخالفة له في الرأيّ، وتقبّلها بصدرٍ رحب، والتحاور، وأخذ آراء واقتراحات الآخرين بروحٍ إيجابيةٍ، ومن سمات الشخص الإيجابيّ أنّه يطرد الأفكار والوساوس السلبيّة التي ترِد إلى مخيلته، وكل ما يُوحِي بالفشل، والهزيمة، والخذلان، ويتوكّل على الله الرازق، الذي يُبشّر بالمغفرة، والرضوان، وتيسير الأمور، والشخص الإيجابيّ هو الذي لديه دائماً أفكار مرحة، وسّارة، ينظر إلى المستقبل بنظرة الأمل القريب، الذي يحمل في طيّاته السّعادة والنّجاح، ومن صفات الشخصيّة الإيجابيّة التي تسعى للتغيير، والحرص على إحراز التّقدم على الصعيد الشخصي، الاحتفاظ بالأفكار، والمقترحات الإيجابيّة التي تزيد من نشاطهِ، وعزيمتهِ، وقوّة إرادتهِ في التغيير.[5]

علاقة الإرادة بالتغيير

كثر الحديث بين المفكّرين، وأصحاب الشعارات البرّاقة، حول تمجيد الإرادة، وتعظيم الدور الذي تلعبه في نجاح الفرد، وتميّزه فقد نسبوا ضعف الإرادة، وقلّة السعي، لكل من أخفق، وأصابه الفشل في تغيير حياته نحو الأفضل، وردّدوا أنّ من أراد النجاح فعليه بالجد، والاجتهاد، وقوّة الإرادة. هذا القول سليمٌ إلى حدٍ ما، إلا أنّه يمكن مناقشته، ودراسة أبعاده من وجهة نظرٍ أخرى، قد تكون أكثر عوناً للإنسان على النجاح والتغيير، ولعلّ من أكثر الأخطاء انتشاراً السماع، والإنصات لأصحاب النفوذ، والمال، والشهرة، والنجاح، لأخذ الدروس، والعبر حول نجاحهم، وطرق وصولهم إلى القمم، وقد تناسى الجميع الظروف التي تُحيط بالإنسان، والتي تكون هي السبب الرئيسيّ وراءِ نجاحهِ وتقدّمهِ.[6]

النجاح والتغيير نحو الأفضل يحتاج إلى العديد من العوامل مجتمعة معاً حتى تحقّق الهدف المطلوب، فلا يكفي العزيمة والإرادة، والصبر والمثابرة، فكلّ هذه أمورٌ جميلة من الجيّدِ الحرص عليها، والعمل على وجودها إلا أنّ صاحبها قد يُصاب بالفشل في طريقهِ، واليأس من محاولاته، إن لم يحقّق ما يصبو إليه، وما يسعى لتحقيقه، والصحيح أنّ من يريد النجاح، والوصول إلى المنزلة الرفيعة التي يتمنّاها، وهو غير ممتلك للصفات التي تؤهّله لها، فإنّه سيؤذي نفسه، ويضرّها أكثر ممّا ينفعها، ذلك أنّ إرادة الإنسان، وحبّه للنجاح لا تكفي وحدها لتكون سبباً لنيل الإنسان مراده؛ فقد تكون هذه الإرادة هي العقبة، والسبب في فشل بعض من سعى للنجاح؛ ذلك أنّهم اعتمدوا على العزيمة التي تنبع من قلوبهم وتشع من داخلهم.[6]

أُجريت بعضاً من الأبحاث النفسية في مدرسة نانسي في فرنسا، وقد كانت نتائج هذه الدراسة الكشفت عن حقيقة يجهلها الكثيرون؛ وهي أنّ الإرادة إذا استعملت في غير مكانها المناسب تكون سبباً في الفشل وليس النجاح؛[6] فالنجاح والتغيير نحو الأفضل يحتاج إلى العديد من العوامل حتى يتحقّق، فالإرادة، والمثابرة وحدها لا تكفي، وكذلك المال بمفرده لا يكفي، ولا البيئة الجيدة، أو التعليم والثقافة المتقدّمة، أو حتى العلاقات الاجتماعية، فجميع هذه الأمور إن جاءت بشكلٍ منفردٍ لم تحقّق الهدف المطلوب، وإنّما يتحقق النجاح، والتميّز، والارتقاء بالذات نحو الأفضل إذا اجتمعت هذه العوامل معاً.[7]

أسباب الرغبة في تغيير الشخصية إلى الأفضل

يسعى الكثير من الأشخاص نحو التغيير، ويبحثون بكامل قواهم، وطاقاتهم عن الوسائل، والأساليب التي تُعينهم على التغيير نحو الأفضل، وهذا التغيير له أسبابٌ عديدة تدفع الإنسان إليه منها:[8]

  • استجابة العبد لأمر الله سبحانه وتعالى، فالله يأمره بالعمل، والجد والاجتهاد، قال تعالى: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).[9]
  • المسلم القوي المؤثّر أفضل عند الله من المسلم الضعيف، الذي يحتاج المساعدة، ويطلبها من الآخرين، أو الذي يكتفي بالانشغال بالعبادة، تاركاً العمل، فلا هو عمل لنفسه وأفادها، ولا أفاد المجتمع الذي يعيش فيه.
  • بناء الدنيا وعمارتها بما ينفع الناس في دنياهم وآخرتهم، وذلك بالقيام بإصلاحها وتوفير سبل الراحة، والفائدة للغير، بدلاً من الانغماس بالشهوات والملذات، وترك الأعمال والتقاعس والخمول.
  • لتحقيق الذات والنجاح والتميّز في الدنيا، وهذا من طبائع البشر، فالإنسان يُحب أن يكون ذا قيمة بين معارفه، وأصدقائه، ويُعرف بأنّه إنسانٌ ناجحٌ متميّزٌ، يُقتدى به في أعماله ونجاحه، ومثلاً يُضرب لكل إنسانٍ مُكافحٍ. ولا بأس بأن يجمع الإنسان بين خير الدنيا والآخرة، فينال تقدير وثناء الأشخاص في الدنيا، والأجر والثواب في الآخرة.

المراجع

  1. ↑ إبراهيم الفقي (2007م)، الثقة والاعتزاز بالنفس (الطبعة الأولى)، صفحة: 5-6، جزء: 1. بتصرّف.
  2. ↑ عبد الكريم بكار (2010م)، من أجل النجاح (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار السلام، صفحة: 44-46، جزء: 1. بتصرّف.
  3. ↑ دونا واتسون (2007م)، 101 طريقة بسيطة لتكون ناجحا مع نفسك (الطبعة الأولى)، الرياض: العبيكان، صفحة: 85-86، جزء: 1. بتصرّف.
  4. ↑ ليستر آر بيتل (1999م)، إدارة الوقت (الطبعة الأولى)، عمان: الأهلية، صفحة:15-16، جزء: 1. بتصرّف.
  5. ↑ عبد الكريم بكار (2010م)، من أجل النجاح (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار السلام، صفحة: 67-69، جزء: 1. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت علي الوردي (1996م)، خوارق اللاشعور أو أسرار الشخصية الناجحة (الطبعة الثانية)، لندن: دار الوراق، صفحة 109 - 116، جزء 1. بتصرّف.
  7. ↑ عبد الكريم بكار (2010)، من أجل الجاح (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار السلام، صفحة 24_25، جزء 1. بتصرّف.
  8. ↑ وليد فتحي (2011م)، قررت أن أغير حياتي (الطبعة الثالثة)، صفحة:61-66، جزء: 1. بتصرّف.
  9. ↑ سورة التوبة، آية: 105.