-

كيف أتغلب على مشاكلي الزوجية

كيف أتغلب على مشاكلي الزوجية
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

تحقيق السعادة الزوجيّة

حرص الدين الإسلاميّ على تحقيق السعادة الزوجيّة، واستقرار الأسرة المسلمة حرصاً بالغاً، وأولى الزوجين والعائلة اهتماماً عظيماً؛ حتى تبقى مُحقّقةً للهدف الذي بُنيت لأجله؛ وهو تحقيق السكينة والودّ والراحة بين الزوجين، قال الله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)،[1] فالزواج من أعظم النِعم التي أنعم الله بها على عباده؛ تعفّهم عن الحرام، وتجلب لهم الذريّة التي تُبنى به الأمّة، وإنّ من حرص النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ورغبته في تحقيق السعادة الزوجيّة والرضا ما أمكن إلى ذلك سبيلاً، فقد أوصى المسلمين أن يحرصوا على الإيفاء بشروط الزواج؛ فذلك أدعى للهناء والاستقرار والسعادة بين الزوجين، فقال الرسول عليه السّلام: (أحقُّ ما أَوفَيتُم مِن الشُّروطِ أن تُوفُوا به، ما استحلَلتُمْ به الفُروجَ)،[2] ويكمن أن تنجح العلاقات في الأسر إذا التزم الزوجان بأوامر الله تعالى، وسنّة نبيّه الكريم، وإذا حمل كلٌّ منهما مسؤوليّاته تجاه شريكه والعائلة، وأظهر كلّ تعاونٍ وحبٍّ، فحينئذٍ تنعم الأسرة بالاستقرار والسعادة الزوجيّة.[3]

كيفيّة التغلّب على المشاكل الزوجيّة

يجب أن يُدرك الزوجان أنّ الخلافات الزوجيّة أمرٌ طبيعيٌّ تحصل في كلّ الأسر والمجتمعات، فدائماً ما يحصل اختلافٌ في وجهات النظر، أو الآراء حول موضوعٍ معيّنٍ، لكنّ الأزواج عند نشوب خلافٍ بينهما ينقسمون إلى حالتين؛ فإمّا أن يجدا حلّاً لخلافهما يسوده الحبّ والتفاهم والاحترام المتبادل، أو قد يصدر تصرّفٌ سيّ ٌمن أحدهما أو كليهما، يعصف بهدوء الأسرة وسكينتها، بل قد يصل الأمر إلى الطلاق أيضاً، فعلى الزوجين أن ينظرا بعين التأمّل والرويّة لمشاكلهما، ويُحسنا التعامل معها؛ حتى لا يدعا مجالاً للشيطان أن يزيد الأمر سوءاً واضطراباً، وقد وضع العلماء عدداً من الإرشاداتٍ ليأخذ بها الزوجين، والتي قد تكون سبباً في تخفيف المشاكل، أو استقبالها استقبالاً مناسباً يُعين على حلّها، وفيما يأتي بعض هذه الإرشادات والنصائح للأزواج.[4]

نصائح وإرشاداتٌ للأزواج

من النصائح التي تُقدّم للرجال لتساعدهم على تلافي المشكلات في حياتهم الزوجيّة ما يأتي:[4]

  • إدراك حقيقة أنّه ما من امرأةٍ كاملةٍ بلا عيوبٍ، أو أنّ هناك زوجةً لا تقع في الخطأ بتاتاً؛ فالنساء لم يكمل منهنّ إلّا قليل كما أخبر النبيّ عليه السّلام، ولا يُمكن أن تكمل الزوجة في بيتها وحُسنها وخلُقها ومالها وغير ذلك، فعلى الرجل أن يوطّن نفسه أنّه سيجد من زوجته ما لا يحبّ في بعض الأحيان، والنبيّ -عليه السّلام- يؤكّد ذلك بقوله: (لا يفرَكْ مؤمنٌ مؤمنةً، إن كرِهَ منْها خُلقاً رضِيَ منْها آخرَ أو قال: غيرَهُ)،[5] والمقصود لا يكره رجلٌ زوجته، فلعلّه إن ساءه خُلقٌ منها فسيعجبه غيره فيها.
  • استذكار حقيقة أنّ الرجل نشأ في ثقافةٍ وبيئةٍ، وأنّ المرأة نشأت في ثقافةٍ وبيئةٍ مختلفةٍ، وليس على الرجل أن يغيّر كلّ ما جاءت به من ثقافةٍ وآراءٍ من بيت أهلها، بل عليه أن يتقبّلها كما هي ما أمكنه ذلك، وفي ذلك قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- موضّحاً أنّه قد يبرز مشاكل لا حلّ لها، وعلى الزوج أن يصبر عليها، ويستوصي في زوجته خيراً، فقال: (إن المرأةَ خُلِقت من ضِلَعٍ لن تستقيمَ لَكَ على طريقةٍ، فإنِ استمتعتَ بِها استمتعتَ بِها وبِها عوجٌ، وإن ذَهبتَ تقيمُها، كسرتَها وَكسرُها طلاقُها).[6]
  • تفهّم بعض الظروف التي تمرّ بها المرأة كحالةٍ استثنائيّةٍ، مثل: الحيض، وأوّل الحمل، والصبر على تربية الأبناء ومشاكلهم، وتحمّل أعباء وضغط المنزل، أو إن كان هناك مشاكل في بيت أهلها، أو تمرّ بمشاكل صحيّةٍ، ففي كلّ هذه الظروف قد يبدر من المرأة تصرّفاتٌ لا تُعجب الرجل، فإن هي خرجت من حالها الطارئ، عادت إلى طبيعتها التي يرضاها الزوج، فعليه أن يقدّر هذه الظروف، ولا يتّخذ إجراءً أو موقفاً أو يحدّث زوجته بحديثٍ يندم عليه لاحقاً.
  • تفهّم أنّ الزواج شراكةٌ تذوب فيها كثيرٌ من الخصوصيات وخبايا النفوس، فهناك الكثير من الأسرار التي لا تخرج خارج المنزل يحدّث بها الرجل زوجته، أو تحدّث بها المرأة زوجها، فهما شريكان ليس بينهما سرٌّ، وهذا لا يعني أنّه لا يوجد خصوصيّاتٌ دقيقةٌ جداً لا يحبّ الرجل أن يُطلع عليها زوجته أو العكس، بل هناك أمور خاصّةٌ تبقى مكتومةٌ بين الرجل ونفسه أو المرأة ونفسها، وهذا لا يعني وجود شكٍّ أو ريبةٍ لهذا الامر المُخبّأ، بل إنّه من الطبيعي.

نصائح وإرشاداتٌ للزوجات

من النصائح التي تُقدّم للمرأة التي تسعى لتجنيب أسرتها الخلافات الزوجيّة، مجموعة من التوجيهات التي يقدّمها بعض الخبراء في مجال العلاقات الزوجيّة والأسريّة، ومن تلك التوجيهات التي تعين المرأة على تحقيق السعادة الزوجيّة في حياتها ما يأتي:[7]

  • ألّا تُقارن الزوجة نفسها بزوجها؛ فالرجل مختلفٌ في طبيعته عن الأنثى؛ في خصائصه، وبُنيته، واهتماماته، وغير ذلك.
  • ألّا تتوقّع الزوجة أن يؤدي الرجل كلّ ما عليه من مهامٍّ في بيته، فالزوجة قد تطلب منه عدّة أمورٍ تحتاج تنفيذاً في المنزل، وقد لا يرغب هو بذلك، فإنّه لا يفكر بذات الأسلوب والطريقة التي تفكّر الزوجة بها.
  • ألّا تفرض الزوجة آرائها أو أسلوب تفكيرها على زوجها؛ فالزوج لا يحبّ أن يشعر أنّه محكومٌ لزوجته وآرائها.
  • ألّا تبادر الزوجة دائماً بتحميل مسؤوليّة ما يقع من أخطاءٍ على زوجها؛ فإنّه لا يحبّ أن يشعر أنّه تسبّب في خطبٍ ما يخصّ العائلة، بل سيحاول التنصّل من هذه المسؤوليّة.
  • ألّا تُكثر الزوجة على زوجها الإلحاح في عدم الخروج، أو إبداء رغبتها في معرفة تفاصيل خروجه، فالرجل يحبّ الشعور بالحرية، ويبادر إلى تحقيق ذلك ما استطاع.
  • ألّا تقلّل الزوجة من قيمة ما يؤدّيه الرجل في حياته لأجل زوجته وبيته، بل يجب عليها أن تعزّز ذلك، وتشكره.

نصائح أخرى للزوجين

إنّ من أعظم الأمور التي تجلب المودّة والحب وتثمر الخير بين الزوجين: الحوارات والنقاشات الهادفة، ومن أسباب نجاح النقاش بين الزوجين؛ أن يستغلّا الوقت المناسب لطرح المشكلة والتباحث في حلّها، فعليهما أن يختارا وقت سكينةٍ وهدوءٍ، بعد زوال مؤثّرات هذا الخلاف، فيطرحانه بموضوعيّةٍ ورويّةٍ تُعين على حلّه، وإنّ من أسباب نجاح النقاش أيضاً أن يركّز الزوجان على فكرةٍ واحدةٍ يريدان حلّها، فلا يتشعّبا في المشكلة، حتى تظهر مشاكل أخرى لم تكن واردةً في النقاش أصلاً، فالأفضل لهما أن يحدّدا ما يريدان إيجاد حلٍّ له، ويتحدّثان فيه، وممّا يُعين على نجاح هذه الجلسة أيضاً استعداد كلٍّ من الزوجين للتنازل لبعضهما البعض، وذلك يكون إذا علما فعلاً أن زواجهما شراكةٌ حقيقيّةٌ، لا ينفع فيه أن يخرج بينهما منتصرٌ ومنهزمٌ؛ فإمّا أن يكون الجميع رابحين، أو الجميع خاسرين.[4]

المراجع

  1. ↑ سورة الروم، آية: 21.
  2. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم: 5151، صحيح.
  3. ↑ "طرق السعادة الزوجية وكيفية الوصول إليها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-11-12. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت "حل الخلافات الزوجية"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-11-12. بتصرّف.
  5. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1469، صحيح.
  6. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1468، صحيح.
  7. ↑ "اللاءات التي تحقق السعادة الزوجية"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-11-12. بتصرّف.