كيف نتعامل مع المراهق العنيد
مفهوم المراهقة
تُعتبر فترة المراهقة من أهم وأخطر الفترات في حياة الإنسان الطبيعية، فهي فترةٌ حرجةٌ تتطلب الكثير من الرعاية والاهتمام؛ لأنها الفترةٌ الانتقالية في حياته، ففيها ينتقل من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرجولة والرشد الذي يُبنى عليه التكليف، وقد تكون المراهقة عند البعض مرحلة توترٍ وقلقٍ واضطرابٍ، بينما يجدها آخرون مرحلةً زمنيةً عاديةً، يمكن اجتيازها بمزيدٍ من الحرص والحذر، فما هي المراهقة، وما هي مخاطرها، وكيف يتم التعامل معها لتخطيها بنجاح.
تعريف المراهقة
يمكن توضيح مفهوم المراهقة من خلال التعريفات التالية:[1][2][3]
- المراهقة في اللغة: مأخوذ من مادة رهق، بمعنى قارب، ويُقال فلانٌ مراهقٌ: أي مقاربٌ للحلم والبلوغ، وراهق الحلم أي قاربه، والمعنى المأخوذ من اللفظ هو المقاربة من النضج والرشد.
- المراهقة في الاصطلاح: هي المرحلة العمرية التي تبدأ بالبلوغ وتنتهي بالنضج الكامل والرشد، ويتخلّلها تغيرات بيولوجية ونفسية تظهر على المراهق، ويختلف المدى الزمني في بدء المراهقة وانتهائها من شخص لآخر، كما تختلف مظاهرها تبعاً للشخص أو البيئة المحيطة به.
- المراهقة في علم النفس: يُعرّف علماء النفس المراهقة بأنّها مرحلة الاقتراب من النضج وليس النضج نفسه؛ لأنّه في هذه المرحلة يحدث النضج الجسمي والعقلي والنفسي للفرد دون الاكتمال الفعلي، فالنضج الكامل قد يحتاج زمناً طويلاً يمتد إلى العشر سنوات من عمره.
- المراهقة في الشرع: بين الشرع أنَّ الإنسان يمر بمرحلتين من حياته:
- المرحلة الأولى: مرحلة ما قبل البلوغ، وفي هذه المرحلة فإنّ الفرد غير مطالب بالتكاليف الشرعية، ولا يترتّب على أفعاله العقاب في الآخرة.
- المرحلة الثانية: وتبدأ من البلوغ، وفي هذه المرحلة يتحمّل فيها الفرد المسؤولية كاملةً عن أفعاله، ويترتّب على ذلك الثواب والعقاب.
مخاطر النمو السريع للمراهق
يحدث في مرحلة المراهقة كثير من التغيرات الجسمية السريعة التي تطرأ على المراهق، فسرعة النمو الجسمي أو ما يُعرف بالتدفُّق النمائي يترتب عليه العديد من المخاطر التي قد تؤذي المراهق أو من يحيطون به، ومن هذه المخاطر:[4]
- فقدان التآزر الحركي لدى المراهق، فتصدر عنه حركات عشوائية غير متّزنة؛ نتيجة النمو غير الاعتيادي لأطراف جسمه، فيصعب عليه إصابة الأهداف التي يريدها، فكأنّ ذراعيه ليست ذراعيه التي اعتاد عليها.
- عدم القدرة على ضبط الصوت؛ نتيجة عدم قدرته على التحكم بالأحبال الصوتية، فيُصبح صوته خليط من صوت الأطفال من جهة وصوت الرجال من جهة أخرى، ونبرة صوته تجمع بين الرفيع والغليظ، وهذا قد يُعرّضه لسخرية الآخرين منه، فيزيد ذلك من ارتباكه وصعوبة اجتياز المرحلة لديه.
- فقدان الانسجام الوجداني ونشوء أحاسيس مُتضاربةً غير منسجمةً، فمرّةً تظهر السعادة تغمره وابتسامته تملىء المكان، ومرّة تجد التشاؤم والحزن يُخيّم عليه فاقداً الأمل في الحياة يحتاج المعين والمنقذ الذي يقف إلى جانبه، وكلّ ذلك نتيجة التدفق الهرموني لجسمه، وازدياد إفراز الغدد الصماء في الدم.
- إحساس المراهق بالغرور، فشعوره بالقوة التي يمتلكها دفعته للشعور بأنّه أقوى ممن يحيطون به؛ أقوى من الأم والأب والمدرس، وهذا الأمر له مخاطره؛ فهو يدفعه للدخول في مشاجراتٍ ومُصادماتٍ يظن أنَّه الأقوى فيها وأنّه الغالب وبدون منازع، فلا يلبث أن يكتشف عكس ذلك، وأنّه بالغ في تقديره للأمور.
- ظهور الانحرافات الأخلاقية والسلوكية المُتطرّفة مع أفراد أسرته؛ كالغضب، والعناد، وسوء في الطبع، والمشاجرة المستمرّة مع الأخوة.
كيفية التعامل مع المراهق العنيد
يواجه المراهق في فترة المراهقة أصعب فترةٍ زمنيةٍ تعترضه، فيها التغيرات الجسمية والنفسية والسلوكية وغيرها الكثير من التغيرات، فإذا أحسن الوالدان التعامل مع الأبناء في هذه المرحلة، فستنتهي بأفضل النتائج، وهي الشخصية المستقلّة الخالية من الأمراض النفسية، وإن تعامل الوالدان مع المرحلة بجهلٍ؛ كوّنت فيما بعد مراهقاً يتصف بالعدوانية والعناد، وعدم التصالح مع الذات، ومن النصائح التي تُعين الوالدين على تخطي هذه المرحلة بنجاح ما يلي:[5][6]
- تفهُّم احتياجات المراهق بصورة علميّة، والإحاطة الكاملة بظروف هذه المرحلة وما يعتريها من تغيُّرات، وينعكس ذلك على مساندة المراهق والوقوف إلى جانبه، وليس ضده فيما يصدر عنه من تصرُّفاتٍ قد تبدو غريبة لغيره.
- استخدام الحزم في التعامل، والبعد عن القسوة التي قد تظهر في كلام الوالدين أو على ملامح وجوههم.
- اعتماد اسلوب الحوار بين الوالدين والمراهق العنيد، وتجنب إصدار الأوامر والنواهي؛ فهي تُشعرهُ بعدم تقدير ذاته، وإهانتهِ والاستخفاف بقدراتهِ العقلية.
- البعد عن مناقشة المراهق وقت الغضب؛ فالانفعالات الشديدة تجعل الإنسان يفقد القدرة على إصدار الأحكام المناسبة، أو التفكير بحياديةٍ واتزانٍ، وتجعله غير قابل لاستقبال النصائح من الآخرين.
- مصاحبة المراهق والإنصات إليه، وبيان أهميته لدى الوالدين وأنَّ شؤونه واهتماماته هي في المقام الأول لديهم، وأنَّ هدفهم سعادته وراحته.
- تهيئة ذات المراهق؛ وذلك من خلال إخضاعه لتجربةٍ تكون الفارقة في حياته، وتُساعده على تكوين شخصيتهِ وصقلها؛ كإرسالهِ مع مجموعة من الشباب في رحلةٍ بريةٍ يواجهون قسوة العيش، ويبتعدون عن التنعّم المعتاد، ويتّخذون قراراتهم بأنفسهم.
- منح المراهق شيئاً من الخصوصية في هذه المرحلة، وإشعاره بالاستقلالية؛ من خلال إعطائه مصروفه بشكلٍ أسبوعي أو شهري، أو الاعتماد عليه في بعض الأعمال؛ كتكليفه بشراء حاجات ومتطلّبات البيت.
إنَّ من المهم إبعاد المراهق في هذه المرحلة عن القلق والتوتر، فقد أُجريت دراسة على مجموعة من المراهقين، كان الهدف منها بيان العلاقة بين الذكريات السلبية لدى المراهق وشعوره بالقلق تجاه أحداثٍ معينةٍ، وبين الاكتئاب لديهم، وكانت نتائج الدراسة وجود علاقة ارتباطية قوية بين القلق والاكتئاب لدى المراهقين، فالمراهقون الذين كانت لديهم درجاتٍ عاليةٍ في القلق، حصلوا أيضاً على الدرجات العالية في الاكتئاب.[7]
إنَّ إشغال وقت الفراغ لدى المراهق يُعدّ مشكلةً كبيرةً على الوالدين مراعاتها والاهتمام بها؛ فتنظيم وقت الفراغ لإشباع رغبات المراهق وانفعالاتهِ، واستغلال طاقاتهِ المختلفة هو أسلوبٌ ناجحٌ في التعامل مع هذه المرحلة، وبالتالي يُصبح استغلال الوقت وسيلةً للتقدُّم بدلاً من أن يكون الفراغ مشكلة يعاني منها المراهق.[8]
أنماط المراهقة
للمراهقة أربعة أنماط يمكن بيانها كالآتي:[9]
- المراهقة المتكيّفة أو المعتدلة: وهي المراهقة التي تميل إلى الهدوء العاطفي، والاستقرار النفسي، وتكون علاقة المراهق مع المجتمع فيها شيء من الهدوء والاتزان، وتربطه بمن يحيطون به علاقاتٌ طيبة، ويخلو هذا النمط من التوترات والانفعالات العصبية الحادة.
- المراهقة الإنسحابية أو المنطوية: حيث يظهر على المراهق الاكتئاب والعزلة، وتظهر السلبية في تصرفاته، والخجل وعدم الثقة بالنفس، وتكثر لديه أحلام اليقظة، حتى تصل في بعض الحالات إلى الأوهام والخيالات المرضية.
- المراهقة العدوانية أو المتمردة: التي يكون المراهق فيها ثائراً ومتمرّداً؛ يرفض الخضوع والانقياد لأي سلطةٍ تحيطُ به، سواءً كانت سلطة الوالدين أم سلطة المدرسة أم أي سلطةٍ أخرى، ويميل أصحاب هذا النمط إلى العدوان ومحاولة توكيد الذات، والإيذاء المباشر أو غير المباشر المتمثّل بصورة العناد.
- المراهقة المنحرفة: وهي الصورة المتطرفة للمراهقة الانسحابية والمراهقة العدوانية، فيظهر الانحلال الخُلقي والانهيار النفسي لدى هذا النمط والذي قد يُروّع المحيطين به، وقد يزداد الأمر ليصل بالمراهق إلى ارتكاب الجريمة.
المراجع
- ↑ يوسف وهيب (1999م)، الممارسات القهرية والتمييزية في التنشئة الاجتماعية للفتيات المراهقات المصريات بالأسرة والمدرسة (الطبعة الأولى)، صفحة 5 -7، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ مولاي المصطفى البرجاوي (21-3-2015م)، "تعريف المراهقة"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 6-6-2017م. بتصرّف.
- ↑ ناصر الشافعي (2009م)، فن التعامل مع المراهقين مشكلات وحلول (الطبعة الأولى )، الساحل: البيان، صفحة 13، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ كلير فهيم (1987م)، المشاكل النفسية للمراهق (الطبعة الثانية)، القاهرة: نوبان، صفحة 15 - 18، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ فيليب ماكجرو (2010م)، اهتم بذاتك (الطبعة الثانية)، الرياض - السعودية: جرير، صفحة 126 - 127، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ عبد العزيز الخضراء (23 - 10 - 2015م)، "نصائح للتعامل مع المراهق العنيد"، الغد، اطّلع عليه بتاريخ 7-6-2017م. بتصرّف.
- ↑ دانيا الشبؤون (2011م )، القلق وعلاقته بالإكتئاب عند المراهقين (الطبعة الأولى)، دمشق: جامعة دمشق، صفحة 18، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ بدر إبراهيم الشيباني (2000م)، سيكلوجية النمو (الطبعة الأولى)، الكويت: الوراقين، صفحة 226، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ يوسف وهيب (1999م)، الممارسات القهرية والتمييزية في التنشئة الاجتماعية للفتيات المراهقات المصريات بالأسرة والمدرسة (الطبعة الأولى)، صفحة 8 - 9 ، جزء 1. بتصرّف.