-

كيف تجعل ابنك يحبك

كيف تجعل ابنك يحبك
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الصبر على تربية الأبناء

يجبُ أن يدرك الوالدان أنّهما بتربيتهما لأبنائهم يقومان بأصعب المهامّ وأكثرها دقّةً وحساسيّةً؛ ولذلك فإنّهما يحتاجان لصبرٍ كبيرٍ، وبذل الوسع في ذلك، مستعينين بالله سبحانه، طالبين منه التوفيق والعون، راجين من ذلك الأجر العظيم الذي رتّبه على تربية الأبناء والصبر عليهم، وحتّى يؤكّد الله تعالى لعباده حاجتهم للصبر على تربية أبنائهم، فقد أنزل الله تعالى في ذلك قوله عزّ من قائلٍ: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى)،[1] فعلى المسلم أن يدرك أنّ التربية لا تأتي باليسر والسهولة، فالنبيّ -صلى الله عليه وسلم- أمر بالصبر على دعوة ابنته وزوجها للصلاة، ولقد كان يقف على باب خيمتها يناديهما في كلّ صلاةٍ، ولْيعلم المسلمُ أنّ الخطأ قد يقع من الكبير، فلا يعاتب الصغير على ما بدر منه من أخطاء، فإنّه حريٌّ به الوقوع في الزلّات.[2]

وعلى الوالد أن يوطّن نفسه على الحذر من الدعاء على ولده في لحظة غضبٍ منه؛ فلعله يصيب وقت إجابةٍ، ثمّ يندم على ما صدر منه تجاه ولده، ولقد أورد الغزاليّ أنّ رجلاً جاء إلى عبد الله بن المبارك يشكو له عقوق ولده، (فقال له هل دعوت له؟ هل دعوت عليه؟ فقال: بلى فقال عبدالله بن المبارك: أنت أفسدته)، فهذا تحذيرٌ للوالدين من الدعاء على ولدهما حتى لا يكونا سبباً في شقائه وإفساده من حيث لا يحتسبان، بل عليهما أن يصبرا ويحتسبا ذلك، مقتديان بنبيّ الله يعقوب الذي صبر على عقوق أبنائه طويلاً، حتى قال لهم خِتاماً: (قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).[3][2]

كيفيّة لجعل الابن يحبّ والديه

إنّ أوّل ما يبدأ به الوالدان لغرس البرّ والحبّ في قلوب أبنائهم تجاههم؛ هو أن يبرّوهم هم أوّلاً؛ فيربّوهم التربية الصحيحة السليمة، ويعلّموهم شرائع الدين، ويحبّبوهم فيها، ويهتمّوا بتنشئتهم التنشئة السليمة للبدن والعقل والروح، ويكونوا قدوةً لأبنائهم حتّى يصلُح أبنائهم، فيتقرّبون إليهم، ويحبونهم، ويبحثون عن سبيل برّهم وردّ الفضل لهم،[4] والأساليب الصحيحة في التربية كثيرةٌ متعدّدةٌ، يستطيع الوالدان أن يأتيا منها ما يناسب ظرفهما وطبيعتهما وأبنائهما، فيما يأتي ذكرٌ لنقاطٍ أساسيّةٍ يُفضّل أن يراعيها الوالدان في تنشئة أبنائهما، فيحصدان نتيجة جيّدةً تُقرّب بين الأب وابنه:[5]

  • تنشئة الطفل تنشئةً متدرّجةً طويلة الأمد، فيتعاهده الوالدان منذ طفولته وحتى شبابه، يُعلّمانه السلوكات الجيدة، والابتعاد عن الخطأ شيئاً فشيئاً.
  • منح الطفل حقوقه وحتى قبل ولادته، وذلك باختيار الأمّ المناسبة لحمل هذا المسؤولية، ومن ثمّ اختيار اسمٍ جيّد يرتضيه لنفسه بعد ذلك.
  • الاجتهاد في تحفيظ الطفل القرآن الكريم، وتعليمه إياه، فإنّه يهذّب النفس، ويقوّم السلوك، ويُحيي القلب، وكلّما زاد حفظ الطفل للقرآن، ازدادت فرصة تحلّيه بآدابه وأوامره.
  • تعليم الطفل قبل توجيهه أو توبيخه، فالطفل يمرّ بمراحل كثيرةٍ في حياته قد يدرك بعض الأوامر في عمره أو لا يستطيع إدراكها؛ لصِغره، فعلى المربّي أن يتفهّم كلّ مرحلةٍ بخصائصها ومداركها، ويعلّمه كلّ فعل في المرحلة المناسبة له، ويجب على المربي أن يكون قدوةً لابنه في ذلك، وأن يحرص كلّ الحرص على وجود أصدقاءٍ يدعمون السلوكات التي يرغب بإكسابها له، ويصرف عنه رفاق السوء؛ لما لهم من تأثيرٍ عظيمٍ عليه.
  • الاقتراب الجسديّ والملامسة للطفل عند توجيهه لأمر ما، فإنّ ذلك له تأثيرٌ كبيرٌ على نفس الطفل، والنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قد استخدم هذا الأسلوب مع بعض أصحابه، فورد عنه حين وجّه أحدهم: (وأحلَّه بين يديه ثمَّ مسح على صدرِه).[6]
  • تقوية العلاقة بالولد، فإنّ ذلك له أثرٌ على إنجازاته وفتح المجال لتبادل الخبرات معه بشكلٍ أوسع، وفي ذلك الأثر الجيّد على علاقة الأب بابنه.
  • مقابلة الولد بالابتسامة وطلاقة الوجه؛ فطلاقة الوجه لها تأثيرٌ كبيرٌ على النفس؛ إذْ تبعث في النفس النشاط والهمّة، وتصرف القلق والتوتر، وتذيب سلوكاتٍ غير مرغوبةٍ؛ كالكبر والحسد، وتملأ الجوّ ودّاً ودعابةً، وقد تكون سبباً في كسب بعض النقاشات الحادّة.
  • منح الابن المحبة الحقيقيّة وإعلامه بذلك، وإظهار التقدير والاحترام له، وإشعاره بالثقة، ومنحه الإحساس بأهميّة كونه فرداً من العائلة، فإنّ كلّ ذلك يعزّز من علاقة الوالد بابنه، ويجلب له حبّه، وبالتالي برّه.

الأجر المترتّب على تربية الأبناء

إذا سعى الإنسان في حياته مجتهداً ليُنشأ أولاده النشأة الصالحة التي تُرضي ربّه، فقد نال الخير والفضل من الله تعالى، وفيما يأتي ذكرٌ لشيءٍ من الأجر المترتّب على التربية التي ورد فيها نصوصٌ عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم:[2]

  • رفع الدرجات يوم القيامة؛ فالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يقول: (إنَّ اللهَ لَيرفعُ الدَّرجةَ للعَبدِ الصَّالِحِ في الجنَّةِ فيقولُ: يا ربِّ أنَّى لي هذهِ؟ فيقولُ: باستِغفارِ ولدِك لكَ).[7]
  • زيادة العمل الصالح ونماؤه يوم القيامة؛ فالنبي -عليه السّلام- يقول: (إذا مات ابنُ آدمَ انقطع عملُه إلا من ثلاثة: من صدقةٍ جاريةٍ، وعلمٍ ينتفعُ به، وولدٍ صالحٍ يدعو له).[8]
  • المسابقة والمبادرة على فتح باب الجنّة مع النبيّ عليه السّلام، وتلك خصوصيّة لامرأةٍ ربّت أيتاماً وصبرت على ذلك بعد وفاة زوجها عنها، قال النبيّ عليه السّلام: (أنا أوَّلُ من يَفتحُ بابَ الجنَّةِ إلَّا أنِّي أرَى امرأةً تُبادرُني فأقولُ لها ما لك ومن أنت فتقولَ أنا امرأةٌ قعدت على أيتامٍ لي).[9]

المراجع

  1. ↑ سورة طه، آية: 132.
  2. ^ أ ب ت "أمانة الأولاد"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-11-12. بتصرّف.
  3. ↑ سورة يوسف، آية: 98.
  4. ↑ "بر الوالدين أم بر الأبناء؟"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-11-12. بتصرّف.
  5. ↑ "كيف تجعل ابنك مطيعاً"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-11-12. بتصرّف.
  6. ↑ رواه ابن حجر العسقلاني، في الإصابة، عن أسماء بنت أبي بكر، الصفحة أو الرقم: 2/461، إسناده صحيح.
  7. ↑ رواه ابن كثير، في تفسير القرآن، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7/409، إسناده صحيح.
  8. ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3653، صحيح.
  9. ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3/315، إسناده حسن.