كيف تقوم الليل
قيام الليل
يعرّف قيام الليل على أنّه عبادة الله تعالى في فترة الليل أو في جزء منه، ويمكن القول أنّ قيام الليل هو من علامات صلاح المؤمن؛ ذلك أنّ قيام الليل وعبادة الله تعالى في جوفه يعتبران من أشقّ الأعمال على نفس الإنسان، ففي الليل يكون التعب قد حلّ بالإنسان، وأنهكه، كما أنّ النعاس بلغ منه مبلغاً عظيماً، وفي الليالي الباردة تزداد المشقة ببرودة الجو، وعدم القدرة على ترك الفراش لأيّ غرض، ومع ذلك يجاهد المؤمن رغباته، وشهواته خاصة شهوة التلذّذ بالنوم، ويتغلب عليها فيقوم الليل، ومن هنا فقد كان أجر القيام عظيماً جداً عن الله تعالى.
من يقوم الليل من المؤمنين ترتاح نفوسهم، وتطمئن قلوبهم بذكر الله تعالى، ويعوّضهم الله تعالى كل خير لقاء ما بذلوه من جهد ومشقة فقط للتقرب إليه، ونيل رضوانه وبركاته، من هنا فإنّ أهل قيام الليل من المفترض أن يكونوا الأكثر رحمانية بين الناس، والأكثر تسامحاً، وإشراقاً للوجوه والأرواح العظيمة.
قيام الرسول ليلاً
حث رسول الله محمد ـ صلى الله عليه وسلم- على قيام الليل، وقد وردت هذه الطاعة في العديد من المواضع سواء في كتاب الله، أم في السنة النبوية المطهرة، وقد كان رسول الله يقوم الليل حتى تتفطّر قدماه من صلاته الطويلة، وهي صلاة قد تبدو شاقة على غيره من الناس، وقد وردت صلاة الرسول الكريم في العديد من الأحاديث النبوية، ففي واحد من هذه الأحاديث أنّه قرأ في الركعة الواحدة ثلاث سور طوال، فهو ـ صلى الله عليه وسلم- لم يشعر بالوقت، أو بالتعب وهو بين يدي الله تعالى، يصلي له، ويتقرّب منه، وينهل من نبع رحمته الذي لا ينضب.
طرق قيام الليل
مما ورد عن الرسول أنّه كان يقوم الليل إحدى عشرة ركعة، حيث يصلي أربع ركعات، ثم أربع ركعات أخرى، ثمّ يختم صلاته بثلاث ركعات، ولكن لا يشترط أن يصل المسلم الذي نوى قيام الليل إلى هذا العدد فمن الممكن أن يصلي أكثر من ذلك أو أقلّ حسب طاقته، وتبدأ فترة صلاة قيام الليل من بعد صلاة العشاء، وتنتهي بأذان الفجر، وللمسلم أن يقسم وفته كيفما شاء بين القيام والنوم، فللجسم على الإنسان حقّ، خاصّة إن كان يعمل في أعمال شاقّة وحساسة، بحيث ترتبط براحته حياة أنفس إنسانية عديدة، وبهذا الصدد، فقد ورد في الحديث النبوي أن صلاة نبي الله داود ـ عليه السلام- كانت في ثلث من الليل، حيث كان ينام النصف، ثمّ يقوم ثلثاً، ثمّ يعاود النوم في سدسه، وقد وصفت هذه الصلاة بأنّها من أحبّ الصلوات إلى رب العالمين.
في الختام فإن طريقة صلاة القيام متروكة للمسلم، فهو يصلي ما شاء من الكعات مثنى مثنى، وله أن يعبد الله تعالى بأي عبادة أراد، فكله له الأجر والثواب عنده سبحانه وتعالى.