-

ما أهمية القدس

ما أهمية القدس
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

القدس

تُعتبر مدينة القدس مدينة عربيّة من أقدم مدن العالم، وهي عاصمة دولة فلسطين المحتلة، وأول من سكنها هم اليبوسيون الكنعانيون وأسموها يبوس أو أورسالم، وقد دخلت القدس عبر التاريخ في حكم عدد من الإمبراطوريات ما أدى إلى تغير اسمها أكثر من مرة تاريخياً، ففي العهد الروماني صار اسمها إيليا وحصلت على اسمها القدس منذ العهد العباسي، إذ كانت في ذلك وقت مشمولة بالحكم الإسلامي الذي عم المنطقة، كما وتغيرت حدود القدس أكثر من مرة وصولاً إلى حدودها الحالية، كما شغلت على مر التاريخ مكانة خاصة في نفوس أتباع مختلف الديانات السماوية وتكثفت هذه المكانة مؤخراً بسبب الاحتلال الذي تتعرض له هذه المدينة.[1] ومن الجدير بالذكر أنّه لم يثبت في تاريخ القدس شيء يُشكِّك في عروبتها، حيث إنّها ما زالت مدينة عربية بلغتها، وسُكّانها، وحضورها في وجدان العرب كلّهم.[2]

أهمية القدس

الأهمية الدينية

للقدس أهمية خاصة لدى اتباع مختلف الديانات السماوية، وتتمثل بالآتي:

للقدس مكانة دينيّة مهمّة تتمثّل بكونها مكاناً مُقدَّساً للمسلمين؛ نظراً للعوامل الآتية:[3]

  • فيها المسجد الأقصى المبارك: ويعتبر المسجد الأقصى أولى القبلتين وثاني مسجد بني في الأرض، وثالث المساجد التي تشد إليها الرحال، وهو منتهى الإسراء ومبتدأ المعراج، والصلاة فيه بخمسمئة صلاة عما سواه من المساجد.
  • أرض مباركة: فمدينة القدس مباركة بنص القرآن الكريم في قوله تعالى: (ونجيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين)، وقال ابن كثير في الأرض التي باركنا فيها أنها بلاد الشام. وفي قوله تعالى: (وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة)، وقال ابن عباس في وصف القرى التي باركنا فيها أنها بيت المقدس.
  • أرض مقدسة: إذ قال الله تعالى على لسان نبيه موسى: (يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم)، وقال الزجاج المقدسة أي الطاهرة، وقد سميت مقدسة لأن الله جعلها مسكناً للأنبياء وطهرها من الشرك.
  • أرض الأنبياء: فقد عاش على أرض القدس النبي إبراهيم -عليه السلام- ومن بعده ولده إسحاق -عليه السلام- وابن اسحاق يعقوب -عليه السلام- كما قامت دعوة موسى -عليه السلام- على أن يأخذ بني اسرائيل إليها وكانت دعوته قبل وفاته أن يدنيه الله من الأرض المقدسة رمية حجر، وقام داوود -عليه السلام- بفتحها، وعاش أيضاً من بعده سليمان -عليه السلام- ملكاً ونبياً على أرض القدس، كما احتضنت القدس آل عمران الذين بعث منهم زكريا ويحيى وعيسى أنبياء في أرض القدس، كما عاشت على أرض القدس مريم ابنة عمران أم النبي عيسى عليه السلام.
  • أرض المحشر والمنشر: فعن ميمونة رضي الله عنها قالت: يا نبي الله، أفتنا في بيت المقدس فقال: (أرض المحشر والمنشر)، وقد ورد ذلك في سند الإمام أحمد.
  • عقر دار الإسلام: إذ قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (عقر دار الإسلام بالشام)، وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني رأيت عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي، فنظرت فإذا نور ساطع عمد به إلى الشام، ألا إن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام).
  • فيها الطائفة المنصورة: فعن أبي أمامة مرفوعاً إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لعدوهم قاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك، قيل يا رسول الله أين هم؟ قال: بيت المقدس وأكناف بيت المقدس).
  • الإقامة فيها رباط: فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أهل الشام وأزواجهم وذرياتهم وعبيدهم وإماؤهم إلى منتهى الجزيرة مرابطون في سبيل الله فمن احتل مدينة من المدائن فهو في رباط، ومن احتل منها ثغراً من الثغور فهو في جهاد).

تعتبر القدس مدينة مقدسة في الديانة المسيحية ففيها عاش المسيح -عليه السلام- ويرى اتباع الديانة المسيحية أن المسيح صلب في القدس وقام منها إلى السماء، وفيها كنيسة القيامة وطريق الآلام الذي يرى أتباع الديانة المسيحية أن المسيح سار عبره إلى مرقع صلبه، كما تشكل القدس وجهة حج للمسيحيين، وفيها عدد كبير من الكنائس التي حافظت على وجودها في ظل الحكم الإسلامي لمدينة القدس بسبب العهدة العمرية.[4]

يقدس اليهود مدينة القدس ويعتبرون أنها وردت باسمها صراحة بشكل متكرر في الكتاب المقدس، ويزعمون أن الملك سليمان بنى فيها معبداً لليهود وأن الرب وعدهم بأن تكون هذه الأرض لهم ولنسلهم كما يورد العهد القديم بأنه سيعطي هذه الأرض لإبراهيم ولنسله من بعده، ومن ذلك قوله: (وأعطي لك ولنسلك من بعدك أرض غربتك، كل أرض كنعان ملكاً أبدياً). (سفر التكوين: الإصحاح : 17 : 8).[5]

الأهمية الجغرافية

تعتبر القدس البوابة الإستراتيجية لفلسطين وتعود أهميتها الجغرافية لمناعتها الحربية فهي مدينة تقع على التلال المرتفعة وتحيطها الأسوار العالية، كما أن موقعها الديني يجعلها ذات أهمية اقتصادية متفردة، فهي قبلة الحجاج من كافة الأديان السماوية، وهي تقع في فلسطين التي تجمع بلاد الشام و مصر ببعضهما جغرافياً.[2]

الأهمية السياسية

اكتسبت القدس حديثاً أهمية خاصة بسبب الوضع الخاص المتمثل في الصراع العربي الصهيوني عليها، فمنذ القرن التاسع عشر كانت القدس محط استهداف صهيوني ظهر في أقوال زعماء الصهيونية وعلى رأسهم ثيودر هرتزل إذ قال: (إذا حصلنا يوماً على القدس وكنت لا أزال حياً وقادراً على القيام بأي شيء، فسوف أزيل كل شيء ليس مقدساً لدى اليهود فيها، وسوف أدمر الآثار التي مرت عليها القرون)، وقال بنغوريون: (لا معنى لفلسطين بدون القدس ولا معنى للقدس بدون الهيكل)، وبحلول عام 2017 خضعت فلسطين للاحتلال البريطاني فيما تم تدويل القدس واستمرت الهجرات اليهودية إليها في محاولة لتغيير الواقع الديموغرافي فيها، وفي عام 1948 تم احتلال الجزء الغربي من القدس وتهجير عدد كبير من سكانها من خلال المذابح التي قامت بها العصابات الصهيونية مثل مذبحة دير ياسين، أما في عام 1967 فقد تمت السيطرة على الجزء الشرقي من مدينة القدس، وقرر الاحتلال ضم القدس لتصبح بشقيها الشرقي والغربي عاصمة للاحتلال،[2] غير أن قرار ترامب الأخير بنقل السفارة الأمريكية للقدس واعترافه بالقدس عاصمة للاحتلال كان خطوة علنية تسهم في زيادة التفرد الصهيوني بالقدس وسكانها وهويتها، وخطوة إضافية خطيرة في طريق تهويدها، الأمر الذي يجعل للقدس أهمية كبيرة تنبثق من خطورة الاعتداءات التي تتلقاها يوماً بعد يوم.[6]

المراجع

  1. ↑ محسن صالح (2012)، الطريق إلى القدس (الطبعة الخامسة)، بيروت - لبنان: مركز الزيتونة للدراسات والإستشارات، صفحة 18 - 19، جزء . بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت "قضية القدس"، http://alquds-online.org/، 13-11-2008. بتصرّف.
  3. ↑ محسن صالح (2012)، الطريق إلى القدس (الطبعة الخامسة)، بيروت - لبنان: مركز الزيتونة للدراسات والإستشارات، صفحة 49 - 51، جزء . بتصرّف.
  4. ↑ "المسيحيون والمقدسات المسيحية في القدس"، www.aljazeera.net. بتصرّف.
  5. ↑ "الجانب العقائدي في نظرة اليهود إلى مدينة بيت المقدس"، www.diwanalarab.com. بتصرّف.
  6. ↑ "ما بعد قرار ترامب بشأن القدس: مستقبل عملية السلام في الشرق الأوسط"، http://studies.aljazeera.net/ar/. بتصرّف.