كيف يقسم الميراث
الميراث
الإرث في اللغة: الميراث، والأصل، والأمر القديم الذي توارثه الآخِرُ عن الأول،[1] أمَّا شرعاً: فهو حقٌ قابلٌ للتقسيم، يثبت لمستحقه بعد موت مالكه؛ لقرابةٍ بينهما،[2] وأسباب الإرث ثلاثة:[3]
- الرحم: أي القرابة، سواء كانت القرابة بعيدة أو قريبة، فقد قال الله تعالى: (وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّـهِ).[4]
- النكاح: وهو عقد الزواج الصحيح، حيث قال الله تعالى: (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ).[5]
- الولاء: أي ولاء العبد لمن أعتقه، عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: (الولاءُ لُحمةٌ كلُحمة النَّسب لا يُباع ولا يُوهب).[6]
وأجمع أهل العلم على أنّ الذين يرثون من الذكور عشرة، وهم: الابن، وابن الابن وإن نزل، والأب، وأبُ الأب أي الجد وإن علا، والأخ مطلقاً، وابن الأخ، واستثنوا من ذلك أبناء الأخ لأم، والعم، واستثنوا من ذلك العم لغير الأم، وابن العم، والزوج، وصاحب الولاء، أي المُعتِق، والمجمع على توريثهنَّ من النساء سبعة؛ البنت، وبنت الابن وإن نزل، والأم، والجدَّة، والأخت، والزوجة، وصاحبة الولاء أي المُعتِقة،[3] وموانع الإرث ثلاثة؛ القتل، بحيث إذا قتل الوارث مُورِّثه فإنه لا يرث منه، والرِّق، أي العبودية، فالعبد لايرث، واختلاف الدين، فالمسلم لا يرث الكافر، ولا يُورِّثه، ويشترط لثبوت الإرث التأكّد من موت المُورِّث، والتحقق من وجود الوارث، ومعرفة الجهة التي اقتضت الإرث، أما أركان الإرث فهي ثلاثة؛ الوارث، والمُورِّث، والمال الموروث.[7]
كيف يُقسم الميراث
أول ما يُخرج من مال الميّت الذي تركه، تكلفة كفنه، وحَنُوطِه، وما يُحتاج لتجهيزه من أجل الدفن، ثم يُقضى عن الميّت ما عليه من ديون لله تعالى؛ كالزكاة، وصدقة الفطر، والحجِّ الواجب، والكفارات، والنذور، ثم يُقضى ما عليه من ديونٍ للناس؛ كالقرض، والأجرة، وقيمة ما أتلف في حياته، ثم تُخرج وصاياه، ثم يُقسّم ما بقي بعد ذلك بين ورثته، والورثة ثلاثة أصناف، وهم كالآتي:[8]
أصحاب الفروض
الفروض المقدرة في كتاب الله تعالى ستة، وهي؛ النِّصف، والرُّبُعُ، والثُّمُنُ، والثُّلُثان، والثُّلُث، والسُّدُسُ، وأما أصحاب هذه الفروض هم؛الزوجان، والأبوان، والجَدُّ، والجَدَّة مطلقاً، والأخت مطلقاً، والبنت، وبنت الابن، والأخ من الأم، وأصحاب الفروض الذين نصيبهم النِّصف خمسة؛ الزوج يرث النصف من زوجته؛ إن لم يكن لزوجته ابنٌ أو بنت، سواءٌ منه أو من غيره، والبنت منفردة ترث النصف من أبيها؛ لقوله تعالى: (وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ)[9] وبنت الابن منفردةً، وإن نزل أبوها ترث النصف؛ بشرط انعدام الأولاد المباشرين للميّت، أي انعدام أولاد الميّت الذين من صلبه مباشرة، والأخت الشقيقة منفردة، وهي الأخت من نفس الأب والأم، ترث النصف من أخيها؛ بشرط عدم وجود أولادٍ للميّت، والأخت لأب منفردة ترث النصف من أبيها؛ لكن بشرط عدم وجود الأخوة الأشقاء، وأصحاب الفروض الذين نصيبهم الرُّبُعُ اثنان؛ فالزوج يرث الرُّبُع من زوجته إذا كان لزوجته أولاد، والزوجة فأكثر ترث الرُّبُع من زوجها إن لم يكن له أولاد.[8]
وأمّا أصحاب الفروض الذين نصيبهم الثُّمُن، الزوجة حيث ترث الثُّمُن من زوجها إن كان له أولاد، وأصحاب الفروض الذين نصيبهم الثُّلُثان أربعة؛ البنتين فأكثر ترثان الثُّلُثان من الأب، لقوله تعالى: (فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ)،[10] وبنتي الابن فأكثر ترثان الثُّلُثان، والأختين الشقيقتين فأكثر ترثان الثُّلُثان من أخيهما؛ لقوله تعالى: (فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ)،[11] والأختين لأبٍ فأكثر ترثان الثُّلُثان من أخيهما، أمّا أصحاب الفروض الذين نصيبهم الثُّلُث فهم؛ الأخوين لأم فأكثر يرثان الثُّلُث من أخيهما؛ لقوله تعالى: (وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوا أَكْثَرَ مِن ذَٰلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ)،[12] والأم ترث الثُّلُث من ابنها، سواء كان ذكراً أم أنثى، إن لم يكن للميّـت أبناء، ولم يكن له جمع من الإخوة والأخوات؛ لقوله تعالى: (فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ)،[13] لكن لو وُجد للميّت أبٌ، وأم، وزوجٌ أو زوجة، فإن الأم ترث الثُّلُث الباقي.[8]
وأصحاب الفروض الذين نصيبهم السُّدُس سبعة، وهم؛ الأم ترث السُّدُس من ابنها إذا كان له ولدٌ أو ولد ابنٍ، أو مع وجود اثنين فأكثر من الإخوة والأخوات، لقوله تعالى: (فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ)،[14] والجدَّة فأكثر ترث السُّدُس إن تساوين في الدرجة، بحيث لا تكون واحدةٌ منهن أعلى من الأخرى، ولا أنزل منها في الدرجة؛ كأمِّ أمِّ أمٍّ، أو كأمِّ أمِّ أبٍ، أو كأمِّ أبي أبٍ، ويُشترط عدم وجود الأم؛ لأن الأم تحجب كل جدَّة، ومن أصحاب الفروض الذين يرثون السدس ولد الأم الواحد، وبنت الابن فأكثر مع وجود بنت الصُّلب، أي بنت الميّت مباشرةً، والأخت لأب ترث السُّدُس مع وجود الأخت الشقيقة، والأب يرث السُّدُس من ابنه مع وجود أبناءٍ للميّت، سواءً كانوا ذكوراً أو إناثاً، ومع وجود ابن الابن أو بنت الابن، ولا ينزل الأب عن السُّدُس، والجدّ يرث السُّدُس من حفيده مع وجود أبناءٍ للميّت، سواءٌ كانوا ذكوراً أو إناثاً، ومع وجود ابن الابن أو بنت الابن، ولا ينزل الجدّ عن السُّدُس.[8]
أصحاب العَصبات
التعصيب: هو الإرث من غير تقدير، والعَصبة في المواريث: هم الورثة الذين يرثون من غير نسبة مقدرة، فلا يرثون نِسباً مقدَّرة مثل أصحاب الفروض، وأصحاب العصبات ثلاثة أقسام، وهم كالآتي:[15]
- العصبات بأنفسهم: أصحاب العصبة بأنفسهم هم الذكور فقط، إلا المُعتِقة فإنّها عصبة بنفسها، ومن انفرد منهم فإنّه يرث جميع المال، وإن كان معه أصحاب فروض؛ فإنّه يرث ما بقي بعدهم، وهم؛ الابن الذكر، وابن الابن الذَكر وإن نزل، والأب، والجد لأب وإن علا، والأخ الشقيق، والأخ لأب، وابن الأخ الشقيق، والأخ لأب، والعمّ الشقيق، والعمّ لأب، وابن العمّ الشقيق أو لأب، والمُعتِق، والمُعتِقة، وهي الوحيدة من النساء التي تُعصِب بنفسها.
- العصبات بالغير: يقتسم العصبات بالغير ما بقي من الميراث، ويكون للذكر فيها مثل حظ الأنثيين، والعصبات بالغير هم؛ البنت مع وجود أخيها، وبنت الابن مع وجود أخيها، والأخت الشقيقة مع وجود أخيها الشقيق، والأخت لأب مع وجود الأخ لأب.
- العصبات مع الغير: هؤلاء يرِثن ما بقي بعد أصحاب الفروض، وهنَّ؛ الأخت الشقيقة ترث بالتعصيب من أخيها الشقيق مع وجود بنتٍ له، والأخت لأب ترث بالتعصيب من الأخ لأب مع وجود بنتٍ له.
ذوي الأرحام
ذوي الأرحام لغةً: هم أهل القرابة، أمَّا اصطلاحاً: هم كل قريبٍ ليس من أصحاب الفروض، ولا من أصحاب العَصبات، ويرث أصحاب الأرحام بشرطين، أولاً: عدم وجود العَصبة للميّت، وثانياً: عدم وجود أحد من أهل الرد، وأصحاب الأرحام إحدى عشر صنف، وهم؛ أولاد البنات وأولاد بنات الأبناء الذكور وإن نزلوا، وأولاد الأخوات مطلقاً، وبنات الإخوة مطلقاً، أي سواءٌ كانوا إخوةً لأبوين أو إخوةً لأب أو إخوةً لأم، وأبناء الإخوة لأم، والعمّ لأم: وهو أخو والد الميّت من أمه، أو عمُّ أبيه أو جدّه، والعمَّات مطلقاً، أي سواءٌ كنَّ عمَّات الميّت أو عمَّات أبيه أو عمَّات جدِّه، وبنات الأعمام، وبنات أبناء الأعمام الذكور والأخوال والخالات مطلقاً، وأبو الأم، أي الجدُّ من قِبل الأم وإن علا، وكل جدَّة أدلت بأبٍ بين أُمّين، أي الجدَّة المُدلية بأبِ الأم، وكل جدَّة أدلت بأبٍ أعلى من الجدّ، وكل من أدلى من الأصناف العشرة السابقة بوارث؛ كابن العمَّة، وابن الخال، وخالة الخال.[16]
ميراث القاتل
القاتل الذي قتل مُورِّثه له حالتان، وهما على النحو الآتي:[17]
- القتل بغير وجه حق: وهو القتل الذي يضمن فيه القاتل، إمَّا بالقصاص منه أو بدفع الدية أو الكفارة، وهذا في قتل العمد، وشبه العمد، و القتل الخطأ، كالقتل بالتسبّب، وقتل الصبيِّ، والنائم، والمجنون، فالقاتل عمداً لايرث؛ لأنّه استعجل الميراث بقتل مُورِّثه، ومن استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه، وأمَّا القتل بغير عمدٍ فإنّه يمنع من الميراث؛ سداً للذريعة، وحفظاً للدماء، فلا يكون الطمع سبباً لسفك الدماء.
- القتل بحق: وهو القتل الذي يكون دفاعاً عن النّفس، أو ما كان قِصاصاً أو حداً، فهذا لا يمنع الإرث.
المراجع
- ↑ الفيروزآبادي (2005)، القاموس المحيط (الطبعة الثامنة)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 164.
- ↑ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (1983)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 17، جزء 3. بتصرّف.
- ^ أ ب منصور بن يونس البهوتي، الروض المربع شرح زاد المستقنع، بيروت: دار المؤيد- مؤسسة الرسالة، صفحة 479-480. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 6.
- ↑ سورة النساء، آية: 12.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 4950، أخرجه في صحيحه.
- ↑ محمد بن بدرالدين ابن بلبان (1416)، أخصر المختصرات (الطبعة الأولى)، بيروت: دار البشائر الإسلامية، صفحة 206. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث عبدالقادر بن عمر التغلبي (1983)، نيل المارب بشرح دليل الطالب (الطبعة الأولى)، الكويت: مكتبة الفلاح، صفحة 54-62، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 11.
- ↑ سورة النساء، آية: 11.
- ↑ سورة النساء، آية: 176.
- ↑ سورة النساء، آية: 12.
- ↑ سورة النساء، آية: 11.
- ↑ سورة النساء، آية: 11.
- ↑ "العصبة في المواريث"، www.fatwa.islamweb.net، 18-3-2010، اطّلع عليه بتاريخ 1-4-2019. بتصرّف.
- ↑ مصطفى مسلم (27-3-2017)، "ميراث ذوي الأرحام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 1-4-2019. بتصرّف.
- ↑ "حكم ميراث القاتل"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 1-4-2019. بتصرّف.