-

كيف يكون صيام عاشوراء

كيف يكون صيام عاشوراء
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

يوم عاشوراء

يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر محرّم، ولذلك أطلق عليه اسم عاشوراء، كما أطلق على التاسع من محرّم اسم تاسوعاء، وتجدر الإشارة إلى أن بعض العلماء قالوا بأنّ عاشوراء هو اليوم التاسع من محرّم، إلّا أنّ الراجح وما ذهب إليه الجمهور من العلماء أنّ عاشوراء هو العاشر من محرّمٍ، وفي ذلك قال الإمام النووي رحمه الله: (عاشوراء وتاسوعاء اسمان ممدودان، هذا هو المشهور في كتب اللغة قال أصحابنا: عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرم، وتاسوعاء هو التاسع منه هذا مذهبنا، وبه قال جمهور العلماء، وهو ظاهر الأحاديث ومقتضى إطلاق اللفظ، وهو المعروف عند أهل اللغة)، وعاشوراء صامه موسى عليه السلام، كما صامه أهل الكتاب، كما صامته قريش أيام الجاهلية، وذلك للفضل العظيم المترتّب على صيامه، ومن الأحاديث التي تبيّن فضل صيام يوم عاشوراء ما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن الصحابي عبد الله بن عباس رضي الله عنه، حيث قال: (ما رأيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يتحرَّى صيامَ يومٍ فضَّلَه على غيرِه إلا هذا اليومَ، يومَ عاشوراءَ، وهذا الشهرَ، يعني شهرَ رمضانَ)،[1] والتحرّي الوارد في الحديث يُقصد به ترقّب يوم عاشوراء، والتهيئة لصيامه.[2]

صيام يوم عاشوراء

اختلف أهل العلم في بيان مراتب صيام عاشوراء، وذهبوا في ذلك إلى عدّة أقوالٍ، ومن العلماء الذين بيّنوها وفصّلوا فيها ابن القيم في كتاب زاد المعاد، فالمرتبة الأولى تكون بصيام التاسع والعاشر والحادي عشر من محرّم، وهي أكمل المراتب، والمرتبة الثانية تكون بصيام تاسوعاء وعاشوراء فقط، وذلك ما نصّت عليه أكثر الأحاديث النبوية، والمرتبة الثالثة تكون بصيام عاشوراء فقط، وذلك ما بيّنه الإمام ابن تيمية -رحمه الله- عن الإمام أحمد بن حنبل في كتاب اقتضاء الصراط المستقيم: (من أراد أن يصوم عاشوراء صام التاسع والعاشر إلّا أن تشكل الشهور فيصوم ثلاثة أيام، وابن سيرين يقول ذلك)، وبيّن الشربيني ذلك، فقال: (حكمة صوم يوم تاسوعاء مع عاشوراء الاحتياط له لاحتماء الغلط في أول الشهر، ولمخالفة اليهود فإنّهم يصومون العاشر، والاحتراز من إفراده بالصوم، كما في يوم الجمعة، فان لم يُصم معه تاسوعاء سُنّ أني صوم معه الحادي عشر، بل نصّ الشافعي في الأم والإملاء على استحباب صوم الثلاثة)،[3] وكان صيام يوم عاشوراء فرضاً على المسلمين في بداية الهجرة النبوية إلى المدينة المنورة، ورأى الرسول -عليه الصلاة والسلام- اليهود يصومونه فرحاً بنجاة موسى عليه السلام، وقال بأنّ المسلمين أحقّ بموسى من اليهود، إلّا أنّ صيام عاشوراء أصبح تطوعاً بعد فرض صيام رمضان على المسلمين في السنة الثانية من الهجرة النبوية، فصيام عاشوراء لم يكن فرضاً إلّا لعامٍ واحدٍ.[4]

أحكامٌ تتعلّق بيوم عاشوراء

بيّن العلماء العديد من الأحكام والمسائل المتعلّقة بيوم عاشوراء وصيامه، وفيما يأتي بيان البعض منها بشكلٍ مفصّلٍ:[5]

  • بيّن العلماء الأفضل بين يومي عاشوراء وعرفة، فبيّن ابن حجر في كتاب فتح الباري المقصود من قول الرسول -عليه الصلاة والسلام- الذي جاء فيه: (صيامُ يومِ عرفةَ، أَحتسبُ على اللهِ أن يُكفِّرَ السنةَ التي قبلَه، والسنةَ التي بعده، وصيامُ يومِ عاشوراءَ، أَحتسبُ على اللهِ أن يُكفِّرَ السنةَ التي قبلَه)،[6] فقال ابن حجر أنّ الظاهر من الحديث السابق أنّ صيام عرفة أفضل من صيام عاشوراء، والعلّة في ذلك أنّ يوم عاشوراء متعلّقٌ بموسى عليه السلام، أمّا يوم عاشوراء فمرتبطٌ بالنبي محمد صلّى الله عليه وسلّم، وقال ابن القيم أنّ ذلك يفسّر باتجاهين، الأول منهما أنّ يوم عرفة يكفّر سنتين؛ لأنّه يأتي بعد شهر محرّمٍ، ويقع في شهرٍ محرّمٍ، ويلحقه شهرٌ محرّمٌ، وذلك لا يكون في عاشوراء، والاتجاه الثاني الذي بيّنه ابن القيم قال فيه أنّ يوم عرفة من الخصائص المتعلّقة بالدين الإسلامي، أمّا عاشوراء فليس كذلك.
  • بيّن ابن حجر -رحمه الله- الحكمة من صيام تاسوعاء مع يوم عاشوراء، فقال: (لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع، ما همَّ به من صوم التاسع يحتمل معناه أن لا يقتصر عليه، بل يضيفه إلى اليوم العاشر، إمّا احتياطاً له، وإمَّا مخالفة لليهود والنصارى، وهو الأرجح).
  • لا يجوز صيام يومي تاسوعاء وعاشوراء بنية قضاء شيءٍ من رمضان، فصيام رمضان فرض، بينما صيام تاسوعاء أو عاشوراء سنةٌ، ولا يجوز تقديم السنة على الفرض، فيجب على المسلم أولاً قضاء ما عليه من الصيام، ثمّ الشروع في صيام السنن والنوافل.
  • يغترّ بعض المسلمين بصيام يوم عاشوراء بتكفير ذنوب عامٍ كاملٍ، وقال ابن القيم في حال مثل أولئك المغترّين: (لم يدر هذا المغتر أنّ صوم رمضان والصلوات الخمس أعظم وأجلّ من صيام يوم عرفة ويوم عاشوراء، وهي إنّما تكفّر ما بينهما إذا اجتنبت الكبائر، فرمضان إلى رمضان، والجمعة إلى الجمعة، لا يقويان على تكفير الكبائر).
  • جعل الله تعالى شهر محرّم من أفضل الشهور للصيام بعد شهر رمضان، ودليل ذلك ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن الصحابي أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (أفضلُ الصيامِ، بعد شهرِ رمضانَ، صيامُ شهرِ اللهِ المُحرَّمِ)،[7] فالحديث السابق يبيّن أفضلية الصيام في شهر محرّمٍ، كما أنّ إضافة الشهر إلى الله تعالى تدلّ على تحريم الشهر إلى الله عزّ وجلّ، فلا يجوز تبديله أو تغييره كما كان يُفعل في الجاهلية.

المراجع

  1. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2006، صحيح.
  2. ↑ "فضل صيام عاشوراء وتعريفه"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-12-2018. بتصرّف.
  3. ↑ "مراتب صيام عاشوراء وحكم إفراده بالصيام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-12-2018. بتصرّف.
  4. ↑ "عاشوراء فضائل وأحكام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-12-2018. بتصرّف.
  5. ↑ "عاشوراء...فضائل وأحكام"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-12-2018. بتصرّف.
  6. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي قتادة الأنصاري، الصفحة أو الرقم: 1162، صحيح.
  7. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1163، صحيح.