كيف تحسب زكاة المال
الزّكاة
تعتبر الزّكاة من أهمّ العبادات الماليّة في الإسلام، فهي الرّكن الثّالث من أركانه، وقد أمرنا الله عزّ وجل بوجوب تأديتها ضمن وقت ونظام معيّن، فلا يجب أن نحيد عنه أو أن نبتدع فيه، وللأسف فإنّ كثيراً من النّاس اليوم لا يمنحون هذه الفريضة أهميّتها، ونجدهم يتساهلون في تأديتها، أو يجهلون الطريقة الصّحيحة لتأدية الزّكاة، وفي هذا المقال سنوضّح كيفيّة احتساب زكاة الأموال على اختلاف طبيعتها.
كيف تحسب زكاة المال
يعتبر نصاب الزّكاة مقدار المال الذي عند وجود تجب الزّكاة فيه ولا تجب فيما كان أقلّ منه، وهو مختلف حسب اختلاف أجناس الأموال التي تجب فيها الزّكاة، فمثلاً يكون نصاب الإبل خَمْسٌ منها، ونصاب البقر ثلاثون، ونصاب الغنم أربعون، ونصاب الذّهب عشرون مثقالاً، ونصاب الفضة مائتا درهم، ونصاب الزّروع والثّمار خمسة أوسق.
وأمّا نصاب عروض التّجارة فله شأن خاصّ، وهو مقدّر حسب نصاب الذّهب أو الفضّة، وهناك أيضاً اختلاف بين العلماء في ما تقدّم الحديث عنه من الأنصبة، وسيذكر في هذا المقال على وجه التّفصيل. وتعدّ الحكمة من اشتراط وجود النّصاب في الزّكاة أنّ الزّكاة أوجبها الله سبحانه وتعالى للمواساة، وبالتالي من كان فقيراً فإنّه لا تجب عليه هذه المواساة، بل تكون واجبةً على الأغنياء حتّى يواسوا بها الفقراء، وإنّ الزّكاة تؤخذ من الأغنياء وتمنح للفقراء، وقد جعل الله سبحانه وتعالى النّصاب أدنى حدّ للغنى، لأنّه على الأغلب أنّ من ملك النّصاب فهو غنيّ إلى حين تمام سنته. (1)
زكاة الحيوان
لقد أجمع الفقهاء على أنّ الإبل، والغنم، والبقر، كلها من الحيوانات التي تكون الزّكاة واجبةً فيها، وقد اختلفوا في حُكم الخيل، وأمّا الحمير والبغال فإنّه لا زكاة عليها إذا لم تكن بغرض التجارة. من شروط وجوب الزّكاة في الحيوانات أن يمرّ عليه الحول، وأن تكون قد وصلت إلى النّصاب الشّرعي المحدّد في الشّرع فأكثر، وأن تكون من الأنعام السّائمة، أي الأنعام التي ترعى في البرّ، فإنّها إن كانت من الأنعام المعلوفة فإنّه لا تجب فيها الزّكاة، وذلك حسب كلّ من المذهب الحنفيّ، والشافعيّ، والحنبليّ، وأمّا المالكيّة فيرون أنّ الزّكاة واجبة في الأنعام، سواءً أكانت أنعاماً سائمةً أم لا، وذلك حتّى إن كانت معلوفةً على الحول، ومن هذه الشّروط أيضاً أن لا تكون الأنعام معدّةً بغرض العمل، وهذا مذهب كلّ من الحنفيّة، والحنابلة، وهو قول الشّافعية في الأصحّ، وقد ذهب المالكيّة إلى أنّ عمل الأنعام لا يمنع وجوب الزّكاة فيها، وهو قول آخر للشافعيّة كذلك.
وقد ورد عن النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - حديث مفصّل، يبيّن فيه بالتفصيل ما هو مقدار الزّكاة الواجبة في كلّ صنف، فعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ لَمَّا وَجَّهَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَالَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ، فَمَنْ سُئِلَهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا، وَمَنْ سُئِل فَوْقَهَا فَلاَ يُعْطِ: فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الإِْبِل فَمَا دُونَهَا مِنَ الْغَنَمِ مِنْ كُل خَمْسٍ شَاةٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ إِلَى خَمْسٍ وَثَلاَثِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ أُنْثَى، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَثَلاَثِينَ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ أُنْثَى، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ إِلَى سِتِّينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْجَمَل، فَإِذَا بَلَغَتْ وَاحِدَةً وَسِتِّينَ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَفِيهَا جَذَعَةٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ - يَعْنِي سِتًّا وَسَبْعِينَ - إِلَى تِسْعِينَ فَفِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ، فَإِذَا بَلَغَتْ إِحْدَى وَتِسْعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْجَمَل. فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِي كُل أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي كُل خَمْسِينَ حِقَّةٌ. وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِلاَّ أَرْبَعٌ مِنَ الإِْبِل فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا مِنَ الإِْبِل فَفِيهَا شَاةٌ. وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ. فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ إِلَى مِائَتَيْنِ شَاتَانِ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مِائَتَيْنِ إِلَى ثَلاَثِمِائَةٍ فَفِيهَا ثَلاَثٌ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى ثَلاَثِمِائَةٍ فَفِي كُل مِائَةٍ شَاةٌ، فَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُل نَاقِصَةً مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً وَاحِدَةً فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا. وَفِي الرِّقَّةِ رُبُعُ الْعُشْرِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ إِلاَّ تِسْعِينَ وَمِائَةً فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ إلاَّ أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا) رواه البخاري .
وأمّا زكاة الأنعام فإنّها تفصّل على الوجه الآتي:
- زكاة الإبل: أنّ زكاة الإبل تؤخذ على الوجه الآتي:
- إذا كان عدد الإبل من 1 - إِلَى 4 فإنّه لا تجب الزّكاة فيها.
- إذا كان عدد الإبل من 5 - 9 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها شاة واحدة.
- إذا كان عدد الإبل من 10 - 14 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها شاتان.
- إذا كان عدد الإبل من 15 - 19 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 3 شياه.
- إذا كان عدد الإبل من 20 - 24 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 4 شياه.
- إذا كان عدد الإبل من 25 - 35 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها بنت مخاض، فإن لم يوجد فيجزئ ابن لبون ذكر.
- إذا كان عدد الإبل من 36 - 45 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها بنت لبون.
- إذا كان عدد الإبل من 46 - 60 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها حِقّة.
- إذا كان عدد الإبل من 61 - 75 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها جَذَعَةٌ.
- إذا كان عدد الإبل من 76 - 90 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها بِنْتَا لَبُونٍ.
- إذا كان عدد الإبل من 91 - 120 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها حِقَّتَانِ.
- إذا كان عدد الإبل من 121 - 129 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 3 بَنَاتِ لَبُونٍ.
- إذا كان عدد الإبل من 130 - 139 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها حِقَّةٌ وَبِنْتَا لَبُونٍ.
- إذا كان عدد الإبل من 140 - 149 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها حقَّتَانِ وَبِنْتُ لَبُونٍ.
- إذا كان عدد الإبل من 150 - 159 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 3 حِقَاقٍ.
- إذا كان عدد الإبل من 160 - 169 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 4 بَنَاتِ لَبُونٍ.
- وهكذا في كلّ ما زاد، في كلّ 40 بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي كلّ 50 حِقَّةٌ.
وهذا هو التّقسيم الذي يجري حسب المذهب الشّافعي، وهو رواية في مذهب الحنابلة كذلك، وأوّله إلى 120 فهو مجمع عليه، وذلك لحديث أنس وعدم الاختلاف في تفسيره، وقد كان اختلاف العلماء في ما بين 121-129، فهنا قال الإمام مالك:" يَتَخَيَّرُ السَّاعِي بَيْنَ حِقَّتَيْنِ وَثَلاَثِ بَنَاتِ لَبُونٍ "، أمّا أبو عبيد وهو الرّواية الأخرى عن أحمد فقد ذهب إلى أنّ فيها حِقَّتَيْنِ، وذلك لأنّ الفرض لا يتغيّر إلا بمئة وثلاثين.
وأمّا في المذهب الحنفيّ فإنّها تُقسم على الوجه الآتي:
- إذا كان عدد الإبل من 121 - 124 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها حِقَّتَانِ.
- إذا كان عدد الإبل من 125 - 129 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها حِقَّتَانِ وَشَاةٌ.
- إذا كان عدد الإبل من 130 - 134 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها حِقَّتَانِ وَشَاتَانِ.
- إذا كان عدد الإبل من 135 - 139 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها حِقَّتَانِ وَ 3 شِيَاهٍ.
- إذا كان عدد الإبل من 140 - 144 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها حِقَّتَانِ وَ 4 شِيَاهٍ.
- إذا كان عدد الإبل من 145 - 149 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها حِقَّتَانِ وَبِنْتُ مَخَاضٍ.
- إذا كان عدد الإبل من 150 - 154 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 3 حِقَاقٍ.
- إذا كان عدد الإبل من 155 - 159 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 3 حِقَاقٍ وَشَاةٌ.
- إذا كان عدد الإبل من 160 - 164 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 3 حِقَاقٍ وَشَاتَانِ.
- إذا كان عدد الإبل من 165 - 169 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 3 حِقَاقٍ وَ 3 شِيَاهٍ.
- إذا كان عدد الإبل من 170 - 174 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 3 حِقَاقٍ وَ 4 شِيَاهٍ.
- إذا كان عدد الإبل من 175 - 185 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 3 حِقَاقٍ وَبِنْتُ مَخَاضٍ.
- إذا كان عدد الإبل من 186 - 195 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 3 حِقَاقٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ.
- إذا كان عدد الإبل من 196 - 199 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 4 حِقَاقٍ.
- إذا كان عدد الإبل من 200 - 204 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 4 حِقَاقٍ أَوْ 5 بَنَاتِ لَبُونٍ.
- إذا كان عدد الإبل من 205 - 209 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 4 حِقَاقٍ أَوْ بَنَاتِ لَبُونٍ وَشَاةٌ.
- زكاة البقر: تؤخذ زكاة البقر على النّحو الآتي بناءً على حديث الرّسول - صلّى الله عليه وسلّم - المذكور سابقاً:
- إذا كان عدد البقر من 1 - 29 فإنّه لا زكاة فيها.
- إذا كان عدد البقر من 30 - 39 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها تَبِيعٌ أَوْ تَبِيعَةٌ.
- إذا كان عدد البقر من 40 - 59 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها مُسِنَّةٌ.
- إذا كان عدد البقر من 60 - 69 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها تَبِيعَانِ.
- إذا كان عدد البقر من 70 - 79 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها تَبِيعٌ وَمُسِنَّةٌ.
- إذا كان عدد البقر من 80 - 89 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها تَبِيعَانِ.
- إذا كان عدد البقر من 90 - 99 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 3 أَتْبِعَةٍ.
- إذا كان عدد البقر من 100 - 109 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها تَبِيعَانِ وَمُسِنَّةٌ.
- إذا كان عدد البقر من 110 - 119 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها تَبِيعٌ وَمُسِنَّتَانِ.
- إذا كان عدد البقر من 120 - 129 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 4 أَتْبِعَةٍ أَوْ 3 مُسِنَّاتٍ.
وهكذا أيضاً في كلّ أربعين مسنّة، وفي كلّ ثلاثين تَبِيعٌ أَوْ تَبِيعَةٌ، وعلى هذا تجري مذاهب جماهير العلماء.
- زكاة الغنم: تؤخذ زكاة الغنم بناءً على ما يأتي:
- إذا كان عدد الغنم من 1 - 39 فإنّه لا زكاة فيها.
- إذا كان عدد الغنم من 40 - 120 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها شَاةٌ.
- إذا كان عدد الغنم من 121 - 200 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها شَاتَانِ.
- إذا كان عدد الغنم من 201 - 399 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 3 شِيَاهٍ.
- إذا كان عدد الغنم من 400 - 499 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 4 شِيَاهٍ.
- إذا كان عدد الغنم من 500 - 599 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 5 شِيَاهٍ.
وهكذا فإنّ كل ما زاد عن هذا فإنّ في كلّ مِائَةِ شَاةٍ شَاةٌ، وذلك مهما كان مقدار الزّائد، وعلى هذا تجري مذاهب جمهور الفقهاء.
زكاة الأموال
إنّ الأموال هي ما صنع من النّقود من معدن غير الذّهب والفضّة، وقد ذهب الحنفيّة إلى أنّ الأموال إن كانت أثماناً رائجةً، أو سلعاً للتجارة، فإنّه تجب الزّكاة في قيمتها، وأمّا عند المالكيّة فإنّ حكم الأموال نفس حكم العروض، نقل البناني عن المدوّنة: (مَنْ حَال الْحَوْل عَلَى فُلُوسٍ عِنْدَهُ قِيمَتُهَا مِائَتَا دِرْهَمٍ فَلاَ زَكَاةَ فِيهَا إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مُدِيرًا فَيُقَوِّمَهَا كَالْعُرُوضِ). وقالوا: (وَيُجْزِئُ إِخْرَاجُ زَكَاتِهَا مِنْهَا (أَيْ فُلُوسًا) عَلَى الْمَشْهُورِ، وَفِي قَوْلٍ: لاَ يَجُوزُ؛ لأَِنَّهَا مِنَ الْعُرُوضِ، وَالْعُرُوضُ يَجِبُ إِخْرَاجُ زَكَاتِهَا بِالْقِيمَةِ دَنَانِيرَ مِنَ الذَّهَبِ، أَوْ دَرَاهِمَ مِنَ الْفِضَّةِ). وأمّا عند الحنابلة فإنّ الأموال إن كانت للنفقة فإنّه لا زكاة فيها، وإن كانت للتجارة فإنّها تزكّى زكاة القيمة، مثل عروض التّجارة. (1)
ونصاب الزّكاة بالعملات النّقدية حسب المفتى به في المجامع الفقهيّة، وفتاوى العلماء المعاصرين، هو تقدير قيمة نصاب العملة بالذّهب والفضّة، فقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء ما نصّه: (مقدار نصاب الزّكاة في الدولار وغيره من العملات الورقيّة هو ما يعادل قيمته عشرين مثقالاً من الذّهب، أو مائة وأربعين مثقالاً من الفضّة، ويكون ذلك بالأحظّ للفقراء من أحد النّصابين، وذلك نظراً إلى اختلاف سعرها باختلاف الأوقات والبلاد). (4)
زكاة الذهب والفضّة
إنّ زكاة الذّهب والفضّة واجبة، وذلك بإجماع الفقهاء، قال الله تعالى: (وَاَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيل اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَِنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) سورة التّوبة، 34-35 .
ويجب أن تتمّ الذّهب والفضّة الشّروط مثل وصولها إلى الحول، والنّصاب، وغيرها، حتى تجب فيها الزّكاة، ويستثنى من ذلك الحلي من ذهب أو فضّة التي يستعملها مالكها استعمالاً مباحاً في التحلي، وقال المالكيّة: (وَلَوْ لإِِعَارَةٍ أَوْ إِجَارَةٍ، فَلاَ يَكُونُ فِيهِ زَكَاةٌ)، وذلك عند الجمهور، وأمّا الحنفيّة فقد ذهبوا إلى وجوب الزّكاة في الحلي، مثل غيرها من أنواع الذّهب والفضة.
أمّا نصاب الذّهب فإنّه عند جمهور الفقهاء عشرون مثقالاً، فلا تجب الزّكاة فيما كان أقلّ من ذلك، إلا إن كان لمالكها فضّة أو عروض تجارة فيكتمل بها النّصاب. وفيما روي عن عطاء، وطاووس، والزّهري، وسليمان بن حرب، وأيوب السّختياني، أنّ نصاب الذّهب معتبر بالفضّة. (1) ونصاب الذّهب في الوقت الحالي يقدّر بخمسة وثمانين غراماً تقريباً، وفيه ربع العشر، وطريقة حساب النّصاب في ذلك أن يعرف كم مقدار الذّهب أولاً، ثمّ يضرب مقدار الذّهب في سعر الجرام، وأمّا نصاب الفضّة فهو خمسمائة وخمسة وتسعين جراماً من الفضّة قياساً بالوزن الحالي، وفيه ربع العشر. (2) (3)
حكم الزكاة
حكم الزّكاة الوجوب من الكتاب، والسّنة، والإجماع، وذلك على كلّ مسلم حرّ، ويمتلك نصاب المال، وماله مستقرٍّ، وقد مضى عليه الحول في غير المعشر (5). فأمّا الدّليل من الكتاب فقوله سبحانه وتعالى: (وَآَتُوا الزَّكَاةَ) سورة البقرة، 43 ، وقد بيّن الله سبحانه وتعالى فرض الزّكاة في آيات كثيرة، وأمّا الدّليل من السّنة النّبوية، فحديث ابن عباس رضي الله عنهما، أنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - بعث معاذاً إلى اليمن فقال: (إنّك تأتي قوماً من أهل الكتاب: فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأنّي رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أنّ الله افترض عليهم خمس صلوات في كلّ يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أنّ الله افترض عليهم صدقةً تؤخذ من أغنيائهم فتردُّ في فقرائهم، فإن هم أطاعوا لذلك فإيّاك وكرائم أموالهم، واتّق دعوة المظلوم، فإنّه ليس بينها وبين الله حجاب) متفق عليه .
شروط الزكاة
إنّ لوجوب الزّكاة على المسلم شروطاً، وهي: (5)
- الإسلام: وضدّ الإسلام الكفر، وبالتالي فإنّ الزّكاة لا تؤخذ من الكافر ولا تقبل منه أيضاً، سواءً أكان الكافر كافراً أصليّاً أم كان مرتدّاً عن الإسلام، وذلك لأنّ الزّكاة فرع من فروع الإسلام وجزء لا يتجزّأ منه، قال الله سبحانه وتعالى: (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِالله وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ) سورة التوبة،54 .
- الحريّة: وبالتالي فإنّ الزّكاة لا تجب على من كان رقّاً أو عبداً مملوكاً، لأنّه لا يملك شيئاً يزكّي عنه، وكلّ المال الذي بيده هو في النّهاية ملك لسيّده، وذلك لحديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يقول: (من ابتاع نخلاً بعد أن تؤبَّر فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع، ومن ابتاع عبداً وله مال فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع) متفق عليه .
- امتلاك النّصاب: ذلك لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال: (ليس فيما دون خمسة أوسقٍ صدقة، ولا فيما دون خمس ذودٍ صدقة، ولا فيما دون خمس أواقٍ صدقة) متفق عليه .
- استقرار الملك: وذلك بأن يكون الشّيء الذي يملكه المالك مستقرّاً، وله ألفاظ متعدّدة مثل: تمام الملك أو الملك التّام، ومعناه:أن لا يتعلق به حقّ غيره، بحيث يكون له التصرّف فيه.
- مرور الحول في غير المعشر: وذلك لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يقول: (لا زكاة في مال حتّى يحول عليه الحول) رواه ابن ماجه وصحّحه الألباني .
المراجع
(1) بتصرّف عن الموسوعة الفقهيّة الكويتيّة/ وزراة الأوقاف والشؤون الإسلامية- الكويت.
(2) بتصرّف عن فتوى رقم 265/ طريقة إخراج زكاة الذهب/ 18-2-2001/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net
(3) بتصرّف عن فتوى رقم 2055/ نصاب الذهب والفضة/20-11-1999/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net
(4) بتصرّف عن كتاب فصول في الصيام والتراويح والزكاة/ محمد بن صالح العثيمين/ الجزء الأول.
(5) بتصرّف عن كتاب منزلة الزكاة في الإسلام/ د. سعيد بن وهف القحطاني/ مطبعة سفير- الرياض/ الجزء الأول.