كيف أسلم حسان بن ثابت
صحابة رسول الله
قيّض الله سبحانه وتعالى لهذا الدّين رجالًا حملوا همّ الدّعوة الإسلاميّة وانبروا لمهمّة الدّفاع عن الإسلام بكلّ ما أوتوا من قوّة، فكان منهم من بذل دماءه رخيصةً في سبيل الدّين فجاهد بنفسه وماله، ومنهم من سخّر لسانه لنصرة الإسلام والذّب عن عرض النّبي عليه الصّلاة والسّلام والمسلمين، ومن هؤلاء الرّجال العظام الذين أخذوا على عاتقهم مهمّة الدّفاع عن الإسلام باللّسان الصّحابي الجليل حسّان بن ثابت، فما هي سيرة هذا الصّحابي الجليل؟ وما هي قصّة إسلامة؟
نشأة حسّان بن ثابت
ينتمي حسّان بن ثابت إلى قبيلة الخزرج التي هاجرت من بلاد اليمن واستوطنت في المدينة المنوّرة التي كانت تُسمّى يثرب في الجاهليّة، وقد وجدت قبيلة الخزرج قبيلة الأوس؛ حيث تعايشت القبيلتان وتشاركا مع بعضهما زعامة يثرب، وكحال جميع القبائل العربيّة في الجاهليّة حيث سادت الأعراف القبليّة والتّفاخر بالأنساب والأحساب فقد حصلت بين الأوس والخزرج خلافاتٌ في الجاهليّة فكان لكلّ منهم شاعر انبرى لمهمّة الدّفاع عن قبيلته التي ينتمي إليها، فكان قيس بن الخطيم شاعر الأوس، وكان حسّان بن ثابت شاعر الخزرج، وقد كان كلّ فريقٍ يوكل مهمّة الدّفاع عن قبيلته والذّب عنها للشّاعر الذي يُمثّله، وقد كان جلّ القصائد التي تقال على ألسنة هؤلاء الشّعراء التّفاخر بنسب كلّ قبيلة وذكر الحروب التي كانت في الزّمان الغابر والمدح والهجاء وغير ذلك .
حسّان بن ثابت في الجاهليّة
كان حسّان بن ثابت ذا حظوةٍ في قومه وذا نسب، وقد أقام علاقات مميّزة خارج يثرب حينئذ؛ حيث سافر إلى الشّام والتقى بملوك الغساسنة؛ حيث كانت له حظوةٌ عندهم، وقد أجزل له ملوك الغساسنة العطايا والهبات حينما سخّر لسانه لمدحهم وهجاء أعدائهم، وقد انتقل بعد خلاف مع أحد ملوكهم إلى بلاط الحيرة حيث التقى النّعمان بن المنذر فمدحه وهجى أعداءه كذلك.
حسّان بن ثابت في الإسلام
حينما هاجر النّبي عليه الصّلاة والسّلام إلى المدينة المنوّرة دفع كفار قريش إلى حسّان بن ثابت مالًا حتّى يقوم بهجاء النّبي محمّد عليه الصّلاة والسّلام، فقام حسان بالصّعود إلى ربوة حتّى يرى من النّبي عليه الصّلاة والسّلام ما يدعوه إلى هجاءه فلم ير إلا فلقةً من القمر، وهيبة في نفوس من يراه، فرجع إلى قريش ليردّ لهم مالهم ويعلن إسلامه وينطق الشّهادتين .
وفي الإسلام سخّر حسّان بن ثابت رضي الله عنه لسانه للدّفاع عن النّبي عليه الصّلاة والسّلام والإسلام، وقد كان النّبي الكريم يحثّه على ذلك بقوله اهجهم، ودعائه اللهم أيّده بروح القدس، فظلّ كذلك منافحًا مجاهدًا بلسانه حتّى توفاه الله رضي الله عنه وأرضاه .