ما هو عدد الخلفاء الراشدين
الخلافة
بعد وفاة الرسول -عليه الصّلاة والسّلام- كانت مسألة الخلافة أوّل مسألةٍ تَشكُل على الصحابة، فقد كان الصحابة في مواجهة الموقف الجلل والذي شكّل صدمةً لهم جميعاً، ثمّ أدركوا أنّه لا بُدّ من تعيين خليفةٍ لرسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- يجمع كلمة المسلمين، ويُشرِف على شؤونهم، ويَسوسُهم ويرعى مصالحهم وفق ما جاء في القرآن الكريم والسنّة النبويّة، ووفق ما عايشوه من فعل الرسول -عليه الصّلاة والسّلام- وقضائه في المسائل، وبالفعل تمّ الأمر واختار الصحابة خليفةً لرسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- ليبدأ مع هذا الاختيار عهد الخلافة وعهد الخلفاء الراشدين المهديّين.
عدد الخلفاء الرّاشدين
إنّ الخلفاء الرّاشدين الذين أجمع المسلمون على تولّيهم الخلافة بعد وفاة الرسول الكريم -عليه الصّلاة والسّلام- أربعة خُلَفاء، وأوّل من تولّى الخلافة بعد رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- هو الصحابيّ الجليل أبو بكرٍ الصدّيق، وبعد وفاة أبي بكرٍ تولّى الخلافةَ الفاروقُ عُمر بن الخطاب، ثمّ عثمان بن عفّان، وكان آخر الخلفاء الأربعة عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنهم وأرضاهم جميعاً، والتّرتيب الذي تمّ إيراده للخلفاء هو ترتيبهم في الخلافة وترتيبهم في الفضل كذلك.
يُقرّر الإمام أبو جعفر الطحاويّ -رحمه الله- في عقيدته المعروفة في كتابه العقيدة الطحاويّة عقيدة المسلمين من أهل السنّة والجماعة، وموقفهم من الصّحابة والخلفاء الراشدين؛ إذ يقول: (ونحبّ أصحاب رسول الله -صلّى الله عليه وسلم، ولا نُفرِّط في حبّ أحدٍ منهم، ولا نتبرّأ من أحدٍ منهم، ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بخير، وحبُّهم دين وإيمان وإحسان، وبُغضهم كفر ونِفاق وطُغيان، ونُثبت الخلافة بعد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أولّاً لأبي بكرٍ الصدّيق رضي الله عنه؛ تفضيلاً له وتقديماً على جميع الأمة، ثمّ لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثمّ لعثمان رضي الله عنه، ثمّ لعليٍّ بن أبي طالب رضي الله عنه، وهم الخلفاء الراشدون والأئمة المهديّون).[1]
الخلفاء الرّاشدون
أبو بكر الصديق
بعد وفاة الرسول -عليه الصّلاة والسلّام- كان لأبي بكرٍ الصدّيق موقفان يُحسَبان له ويدلّان على عظيم فضل هذا الصحابيّ العظيم؛ أمّا الموقف الأول فهو موقفه حين تكلّم بالمسلمين، وهدَّأ من روعهم، وخاطبهم بكلام الدّين والإيمان ليعودوا إلى رُشدهم، ويستوعبوا هذا الموقف الجلَل، والموقف الثاني: حين احتدم الخلاف بين الصّحابة في سقيفة بني ساعدة حول أنّ الخلافة في قريش، ثمّ خيّر المسلمين وطلب منهم أن يختاروا بين عمر بن الخطاب وأبي عبيدة عامر بن الجرّاح، فاعتذر الصحابيّان وطلبا من أبي بكرٍ الصدّيق أن يبسط يده ليبايعاه، ثمّ قام قيس بن سعد وبايع أبا بكرٍ الصدّيق، والصحابيّ قيس بن سعد من الأنصار، فقَبِل الأنصار بأبي بكرٍ خليفةً لرسول الله عليه الصلاة والسلام، وشذَّ من الأنصار سعد بن عبادة الذي رفض أن يُبايع أبا بكر؛ لأنّه كان يطلب الخلافة لنفسه.[2]
عمر بن الخطّاب
لمّا أحسّ أبو بكرٍ الصدّيق باقتراب أجله جمع الصّحابة وتكلّم معهم في موضوع الخلافة من بعده؛ ذلك أنّه أراد أن يحسِم الأمر في حياته كي لا يتكرّر ما حصل في سقيفة بني ساعدة بعد وفاة الرسول الكريم عليه الصّلاة والسّلام، ومن مُنطلَق الخشية على المسلمين بعده بأن يتركهم دون خليفةٍ له، فقد جمع أبو بكرٍ الصدّيق -رضي الله عنه- الصّحابة؛ بهدف تعيين خليفةٍ، أو مُشاورتهم في الأمر، واتّفق الصّحابة في اجتماعهم على اختيار عُمر بن الخطاب خليفةً للمسلمين بعد أبي بكر؛ وذلك لفضله ومنزلته.[3]
عثمان بن عفّان
ورد عن بعض أهل السنّة أنّ علياً بن أبي طالب يُفضُل على عثمان بن عفان رضي الله عنهما، أمّا جمهور أهل السنّة فقد قدّموا عثمان بن عفان وجعلوه مُقدَّماً في الفضل على عليّ، واحتجّوا بأنّ تقديم الصّحابة لعثمان على عليّ في الخلافة دليل فضل عثمان، وأنّه يتقدّم على عليّ في الفضل كما تقدّم عليه بالخلافة.[1] أمّا بالنسبة لخلافة عثمان وكيف انتقلت الخلافة إليه، فالخلاصة في هذا الموضوع أنّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حينما أُصيب لم يعهد بالخلافة إلى شخصٍ بعينه، بل اختار ستّةً من أصحاب الرسول عليه الصّلاة والسّلام، وجعل موضوع اختيار الخليفة شورى بينهم، وهم: عبد الرّحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، والزُّبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وعليّ بن أبي طالب، وعثمان بن عفّان.[4]
وبعد مداولاتٍ في هذا الموضوع انتهى الصّحابة إلى أن يستقرِئ الصحابيّ الجليل عبد الرّحمن بن عوف آراء الناس من عامّة المسلمين في اختيار واحدٍ من الصحابيّين عليّ بن أبي طالب أو عثمان بن عفّان، وبعد وفاة عُمر بن الخطاب وفي اليوم الرابع من وفاته نُودِي للصّلاة عامّةً، فاجتمع المسلمون في المسجد، فصعد عبد الرحمن بن عوف المِنبر وخطب في الناس، ثمّ نادى عليّاً بن أبي طالب وسأله: تُعاهِدني على كتاب الله وسُنّة نبيه وعلى ما كان عليه أبو بكرٍ وعمر؟ فأجابه علي بن أبي طالب: بأنّه لا يلتزم إلا بما كان باستطاعته من ذلك وبقدر ما يقدر، فترك عبد الرحمن بن عوفٍ يد عليّ بن أبي طالب، ثمّ نادى عثمان بن عفّان وسأله نفس السؤال، فأجاب عثمان: أنّه يوافق على ذلك، فقام عبد الرحمن بن عوفٍ وبايع عثمان بن عفان، ثمّ اجتمع المسلمون على عثمان وتهافتوا على مُبايعته، وبهذا أُسند أمر الخلافة إلى عثمان بن عفان، ليكون عثمان ثالث الخلفاء الرّاشدين.[4]
عليّ بن أبي طالب
انتهى عهد خلافة عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بقتله، فاتّفق المسلمون على تولية عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- الخلافة، وبهذا انتقلت الخلافة إلى الخليفة الرّاشد الرابع عليّ بن أبي طالب، وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه- هو ابن عمّ الرسول صلّى الله عليه وسلم، وأوّل من آمن به من الصّبيان، وهو أيضاً أخوه بالمُؤاخاة، وزوج ابنته فاطمة رضي الله عنها، كما أنّه أحد العشرة المُبشَّرين بالجنّة، وأحد رواة الحديث؛ فقد روى خمسمئة وستّةً وثمانين حديثاً عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم.[5]
المراجع
- ^ أ ب الشيخ ابن باز (بدون)، "جواب عن أربع مسائل مهمة عن أهل الكتاب والخلفاء الراشدين"، موقع الإمام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 18-7-2017م. بتصرّف.
- ↑ مصطفى حلمي (14-4-2012م)، "خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه 13هـ"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 22-7-2017م، بتصرّف.
- ↑ مصطفى حلمي (19-4-2012م)، "خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه 24هـ "، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 22-7-2017م، بتصرّف.
- ^ أ ب مجموعة من طلاب العلم (1-11-2003م)، "كيف صارت الخلافة إلى عثمان رضي الله عنه"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 23-7-2017م، بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) (2004م)، تاريخ الخلفاء (الطبعة الأولى)، مصر: مكتبة نزار مصطفى الباز، صفحة: 130-135، جزء: 1، بتصرّف.