كم عدد أخوة يوسف
يوسف عليه السلام
يوسف عليه الصلاة والسلام هو أحد الأنبياء، أرسله الله تعالى لهداية الناس لعبادته تبارك وتعالى وحده، وهو ابن سيّدنا يعقوب عليه السلام، الذي تزوج من ليا بنت ليان وبعد أن توفاها الله تزوج سيدنا يعقوب من أختها راحيل؛ حيث أنجبت سيدنا يوسف، وقد أعطى الله تعالى نبيه يوسف القدرة على تفسير الأحلام، وقد كرمه الله تعالى في سورةٍ شريفةٍ تحمل اسمه، وجاءت هذه السورة لبيان قصة النبي يوسف كاملة.
أسماء أخوة سيدنا يوسف عليه السلام وعددهم
كان لسيّدنا يوسف عليه السلام عشرة أخوة وهو الحادي عشر، وبعد ذلك ولد أخاه بنيامين ليكونوا اثني عشر ولداً من ذرية يعقوب عليه السلام، وأسماء أخوته روبيل، وشمعون، ولاوى، ويهوذا، وزيالون، ويشجر، وهم أبناء ليا بنت ليان، أما أخوته من السريتين فهم: دان، ونفتالي، وجاد، وأشر، وأخوه بنيامين من أمه راحيل.
قصة سيدنا يوسف عليه السلام وهو غلام
كان سيدنا يعقوب والد يوسف عليهما السلام يحبّه حباً كبيراً، وكانت الغيرة تعتصر قلب أخوته عندما لاحظوا محبة أبيهم ليوسف، وبدأت قصته عندما رأى في المنام سجود الشمس والقمر وأحد عشر كوكباً له، حيث قصّ رؤياه على والده، وطلب أبوه منه بعدم قص الرؤية على إخوته، حتى لا تزداد غيرتهم منه، وحقدهم عليه، وحسدهم له، فوصل الخبر لأخوته، واختلوا ببعضهم ليروا ماذا سيفعلون، واجتمعوا على أمرٍ ليتخلصوا منه.
كانت خطتهم بأن يأخذوا يوسف عليه السلام ويلقوه في بئر ماء، وذهبوا لإخبار والدهم بأنهم يريدون منه أن يرسل معهم ابنه يوسف ليتنزه ويلهو ويلعب، ولكنه كان قلقاً عليه منهم ولم يرضَ في بداية الأمر، ولكنهم أصروا على أخذه وعاهدوه بأن يعيدوه سالماً إليه إلى أن وافق والدهم على ذلك، ثم أخذوه وألقوه في البئر بلا رحمة ولا شفقة، وأخذوا قميصه ولوّثوه بالدم؛ لإخفاء الحقيقة عن أبيهم، وليخبروه بأنهم غفلوا عنه وهاجمه الذئب وأكله، وقصوا الرواية على والدهم ولكنّه لم يصدقهم، وبقلبٍ مؤمن بالله تعالى طلب الصبر وسلّم أمره لله.
بقي سيدنا يوسف في البئر إلى أن وصلت قافلةٌ للتجّار، وأراد التجار أن يتزوّدوا بالماء والطعام والاستراحة لبعض الوقت، وألقى رجلٌ من التجار الحبل ليخرج الماء؛ ليتبين له بأنّ هناك غلامٌ داخل البئر، ففرح بذلك وأخرجه من البئر، ثم عرضه للبيع وقد اشتراه رجل صاحب مكانةٍ مرموقةٍ وجاهٍ ومنصبٍ عالٍ، وكان يُدعى العزيز، وقد رأى هذا الرجل الخير والبركة بعد أيام من شرائه لسيدنا يوسف.
نشأة سيدنا يوسف عليه السلام في بيت العزيز
أقام سيدنا يوسف في بيت العزيز في مصر، وكان شاباً بالغاً يتصف بشدة جماله وحكمته وذكائه، حيث إنّ زوجة العزيز راودته عن نفسه وطلبت منه أن يعاشرها ولكنه رفض الأمر وقال لها: إني أخاف الله، وطلب من الله عز وجل أن يُخلصه من فتنتها، ثم عاودت بطلب الأمر ذاته مرةً أخرى ولكن سيدنا يوسف حاول الجري حتى يصل إلى الباب ويخرج ولكن في هذه الأثناء فتح العزيز الباب، وأخبرهما بأن يحدثاه ماذا جرى بينهما، ثم أخبرته زوجته بقصةٍ كاذبة، حيث اتهمت فيها سيدنا يوسف بمحاولته تدنيس القصر وفعل الفاحشة، وطلبت بأن يُسجن ويعاقب بأشد العقوبات، وحتى يتقصّى العزيز من الحقيقة طلب من الأعوان أن يحددوا جهة التمزق في قميص يوسف، ثم أكّدوا بأن القميص كان ممزقاً من الخلف، وبالتالي كانت دليلاً على براءته من هذه التهمة.
انتشرت القصة وتداولت بين النساء، وسمعت امرأة العزيز عن حديث النساء عنها، وما فعلته بيوسف، الأمر الذي أغاظها، وكانت حيلتها بأن دعتهنَّ لحفلة وقدمت لهنَّ الطعام والشراب، ثم قدمت لهنَّ أطباق الفاكهة التي تحتوي على سكاكين لتقطيع الفاكهة، وأثناء تقطيعهن للفاكهة دعت زوجة العزيز سيدنا يوسف بالدخول على النساء، وما إن نظرنَ إليه حتى أبهرهن جماله، فأصبحنَ يقطعنَ أصابعهنَّ دون أن يشعرن بذلك، ثم باحت زوجة العزيز بما يلوج به قلبها وهددته بالسجن والتعذيب إن امتنع عن فعل الفاحشة معها، ولكنه رفض وبشدة، وفوض أمره للذي خلقه بأن يُخلّصه من هذه التهمة، واستجاب الله لدعائه، فصرف عنه سوء زوجة العزيز وكيدها، ليدخل إلى السجن بطلبه حين قال عليه السلام: "رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ".
قصة سيدنا يوسف مع رفاقه في السجن
أقام سيدنا يوسف في السجن مع رفاق له، وقد كسب محبتهم له وثقتهم به، وكان أيّ شخص منهم يرى رؤيا يقصها على سيدنا يوسف فيفسّرها له، فرأى أحداً من رفاقه رؤيا بأنه يعصر العنب ليصنع الخمر، ورأى آخر في رؤيا بأنه يحمل الخبز فوق رأسه وتأكل منه الطيور، فأوّل سيدنا يوسف رؤياهما، فقال للأول بأنه سوف يقدم الخمر لسيّده ويسقيه، أما الآخر يصلب وتأكل الطيور رأسه، وعندما لاحظ بأن هذين الرجلان يحسنان الظن به بدأ دعوته لهما لعبادة الله تعالى دون سواه، وبيّن لهما وحدانيته سبحانه، وأن الله تعالى أحق بعبادته من الآلهة الأخرى لأنه هو خالق الكون، وبيده الخير، وأنّ آلهتهم التي يؤمنون بها لا تضر ولا تنفع.
أوصى سيدنا يوسف الرجل الذي فسر له رؤياه بأنه سيقدم الخمر لسيده وبعد خروجه من السجن بأن يطلب من العزيز فك أسره، ثم خرج الرجل وانشغل بأموره ونسي ما أوصاه به سيدنا يوسف، وبعد ذلك رأى ملك مصر رؤيا لم يجد من يؤوّلها له، وإذ بالرجل الذي كان مع سيدنا يوسف بالسجن تذكّره، فانطلق إلى الملك وأخبره عن تأويل سيدنا يوسف للرؤيا، وطلب الملك بإحضاره لتأويل رؤياه.
استجاب يوسف لطلب الملك، وأراد يوسف بذلك أن يُعيد الملك اعتباره وأن يُظهر الحق وأن يُعرف من هو صاحب الحق، وإذ بالنسوة تواجدنَ في مجلس الملك ليخبرنه بحقيقة ما جرى بين زوجته ويوسف، وما كان ردّ زوجته إلا أنها اعترفت بذنبها، ثم صدرت براءة يوسف وتمّ إعلانها على الملأ، وأصبح بعدها يدير الشؤون التجارية والاقتصادية في مصر، لما وجده ملك مصر في سيدنا يوسف من صدقه وسداد رأيه وحسن تدبيره.
مضت الأيام وكان يوسف يتدبر شؤون البلاد، وأصبحت الأرض قحطاً ولا ينبت فيها الزرع، ووقتها وقعت المجاعة في أرض كنعان وهي مكان عيش سيدنا يعقوب عليه السلام، ولكن بفضل حكمة وذكاء سيدنا يوسف في تدبر الأمر والإعداد لهذا اليوم؛ حيث ادخر الكثير من الزرع والحصاد ازداد الوافدون لمصر لطلب الغذاء والزاد.
في هذا الوقت اجتمع يوسف بإخوته حين جاؤوا لمصر بقصد التزود بالطعام، ولم يعرفوه وأخبروه بأنهم أبناء يعقوب، فدبر مكيدةً لهم ليعاقبهم على الذنب الذي اقترفوه فيه وفي أبيه، فرفض أن يعطيهم الطعام، ليتأكد من أنهم صادقين بقولهم بأنهم أبناء يعقوب، وطلب منهم أن يأتوا بأخٍ آخر لهم من أبيهم لإثبات صحة كلامهم.
عادوا إلى أبيهم وأخبروه بالقصة، وبأنهم ليتزودوا بالطعام يجب عليهم أخذ أخيهم إلى يوسف، وبقلبٍ مؤمن بقضاء الله وافق يعقوب بإرسال ابنه مع أخوته بعد أن عاهدوه بأن يعيدوه إليه سالماً، ثم نصحهم أباهم بأن يدخلوا مصر من عدة أبواب وأن لا يدخلوها من بابٍ واحد، خوفاً من حسد الناس، لأنهم كانوا شديدي الجمال.
وصل الأخوة إلى مصر ولاقوا أخاهم يوسف، وخلى يوسف بأخيه وضمه إليه وأخبره بأنه أخاه، وأخبره بأنها كانت هذه حيلة منه لإبقائه لديه، ثم أمر الأعوان بأن يكيلوا الطعام لأخوته ضمن أمتعة أخاهم ودون أن يشعر أحد بهم، وقبل أن تسير بهم القافلة وإذا بمنادٍ ينادي بسرقة مكيال، وقرر عدم السماح للقافلة بالمسير إلا بعد تفتيشها، وبعد التفتيش تبين بأن المكيال المسروق في الأمتعة، وبعد ذلك طلبوا من سيدنا يوسف أن يعيد لهم أخاهم وأن يأخذ واحداً آخر، وذلك لأن أباهم هرم ولم يطيق تحمّل فقدانه، ثم أجابهم يوسف عليه السلام بالرفض.
عاد أخوة يوسف بالطعام تاركين أخاهم، وكانوا محتارون في أمرهم، وما هي الحجة التي سيقدمونها لأبيهم، ثم علم سيدنا يعقوب بالأمر وصبر لأمر الله عز وجل، وطلب من الله الإحسان والرحمة به، لفقدانه ليوسف ثم ابنه الثاني، ولم ييأس يعقوب عليه السلام من ربه، وتوجه بطلبٍ لأبنائه بالبحث عن يوسف وأخاه، ولم يسعهم إلا أن استجابوا لطلب أبيهم، وتوجهوا لمصر، وطلبوا من سيدنا يوسف إطلاق سراح أخاهم، فرق يوسف عليه السلام لحال أخوته وأهله، ثم قال لهم: هل علمتم ما فعلتم بـيوسف عندما كان صغيراً؟ فتعجبوا منه وسألوه إن كان هو نفسه يوسف، فأجابهم بأنه يوسف، ثم شعروا بالندم على مكائدهم.
طلب يوسف من أخوته أن يأخذوا قميصه ويلقونه في وجه يعقوب عليه السلام كي يستعيد بصره، وانطلقوا سعيدين بالأخبار التي حملوها لأبيهم، وما إن وصلوا حتى أخبرهم يعقوب عليه السلام بأنه يجد ريح يوسف عليه السلام، ثم ألقوا القميص كما أمرهم يوسف أن يفعلوا، وإذ ببصر أبيهم قد عاد، ثم أخبروه بما جرى في مصر، وطلبوا منه الذهاب معهم إليها. ووصلوا مصر ودخلوا على يوسف وما إن رأى يوسف والده حتى أخذ يقبله، ورفعه عن المكان الذي كان يجلس فيه، ثم شكر ربه وحمده على نعمه، وطلب من الله أن يتوفّاه على الدين الإسلامي ويلحقه بالصالحين ممن سبقوه.