كم عدد ركعات صلاة الفجر والصبح
الصلاة
الصّلاة هي حبلُ الصّلةِ الدّائمِ بين المُسلم وربِّه سبحانه وتعالى، وهِي العَهدُ والميثاقُ الغليظ، يَرتبط فيها المُسلِم بربّه ويُناجيه خمسَ مرّاتٍ يوميّاً يبقى فيها مع الله عابداً خاضِعاً مُحبّاً طائعاً، يرجو رحمته ويَخشى عذابه، مُتمسّكاً بما فَرضَ الله فجراً، وظُهراً، وعَصراً، ومغرِباً، وعشاءً؛ فالصلاة هي عنوان الإيمان، وتَركها والتفريط فيها قد يوقع الإنسان في الكفر والعياذ بالله؛ فقد رُويَ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- أنه قال: (إنَّ العهدَ الَّذي بيْنَنا وبيْنَهم الصَّلاةُ فمَن ترَكها فقد كفَر)[1]
صلاة الفجر أو الصبح
صلاة الفجر والصبح هما تسميتان لصلاةٍ واحدةٍ، فلا فرق بين كلٍ من الفجر والصبح، وقد ورد في الأحاديث النبوية الشريفة إطلاقُ التسميتين على الصلاة نفسها، فقد رُوي عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (مَن صلَّى الصُّبحَ في جَماعةٍ فَهوَ في ذمَّةِ اللَّهِ تعالَى)[2] ورُويت أحاديث عنه -عليه الصلاة والسلام استخدم فيها لفظ صلاة الفجر، جاء في الحديث الشريف: (فضلُ صلاة الجميعِ صلاةَ أحدِكم وحدَه، بخمسةٍ وعشرين جزءًا، وتَجتمع ملائكةُ الليلِ وملائكةُ النهارِ في صلاةِ الفجرِ)[3]
عدد ركعات صلاة الفجر
فَرَضَ الله تبارك وتعالى على المُسلمين رِجالاً ونساءً أداء خمس صلواتٍ بشكلٍ يوميّ، وجَعَل الله تعالى الصلاة واجبةً في أوقاتٍ مُحدّدة، وتختلف الصلوات في عدد الركعات من وقت صلاةٍ لأخرى، وفرضُ صلاة الفجر أقلّ الصلوات عدداً ولكن هي أكثرها أهميّةً؛ فصلاة فرض الفجر ركعتان فقط، إلا أنّها تحتلّ الأهميّةَ والمَكانة الأكبر بين جميع الصّلوات لزيادة المشقّة فيها عن غيرها من الصلوات؛ حيث إنّ وقتَ صلاةِ الفجر هو الوقت الذي يكون فيه المسلمون نائمين، ولذلك فإنّ مَن يُصلّي الفجر يُجاهِد النفس جهاداً عظيماً لينتصر على لذّة النوم والراحة، فيضطرّ لقطع النوم والراحة وأداء ما فرض الله تبارك وتعالى عليه ابتغاءً لمَرضاته تعالى، وطلباً لمحبّته ومغفرته ورحمته وطمعاً بجنته، لذا كان أداء صلاة الفجرالحدّ الفاصل بين الإيمان والنفاق. تُعدّ سُنّة الفجر من أكثر السّنن تأكيداً، فقد كان النّبي -صلى الله عليه وسلم- يُداوم عليها في الحضر والسفر، ويُصلّيها ركعتين قبل ركعتي الفرض.
إنّ صلاةَ سنة الفجر هي عبارةٌ عن ركعتين خفيفتين يؤدّيهما المُسلم بعد أذان الفجر؛ بحيث يُصلّيهما قبل إقامة صلاة الفجر،[4] فعن أم المؤمنين حفصة -رضي الله عنها- (أنّ رسول الله -عليه الصلاة والسلام- كان إذا سكت المؤذن من الأذان لصلاة الصبح، وبدا الصبح، ركع ركعتين خفيفتين قبل أن تقام الصلاة).
تُعدّ سنّة الفجر من أكثر السنن الرواتب تأكيداً وأفضلها؛ حيث رَوت السيّدة عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- (أنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِل أَشَدَّ مِنْهُ تَعَاهُدًا عَلَى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ)،[5] وكذلك ورد في الحديثِ الشّريف عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ تَدَعُوا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَإِنْ طَرَدَتْكُمُ الْخَيْلُ)[6] وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يتركهما ولا يدعهما لا في الحضر ولا في السفر، وقد تميّزت ركعتا سنة الفجر أيضاً بالثواب والأجر، فهما خير من الدنيا وخيرٌ ممّا فيها، قال النبي -عليه الصلاة والسلام- : (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها)[7]
فضل صلاة الفجر
لصلاة الفجر عدة فضائل؛ فالمُحافظة عليها فيها مَرضاةٌ لله سبحانه وتعالى، ومن فضائلها:
- حضور الملائكة لصلاة الفجر؛ فقد وَرد عن رسول الله عليه الصلاة والسلام: (تجتمِعُ ملائكةُ اللَّيلِ وملائكةُ النَّهارِ في صلاةِ الفَجرِ، وصلاةِ العَصرِ، فيجتَمِعونَ في صَلاةِ الفجرِ، فتصعَدُ ملائكةُ اللَّيلِ، وتَثبتُ مَلائكةُ النَّهارِ، ويجتمِعونَ في صلاةِ العَصرِ، فتصعَدُ ملائكةُ النَّهارِ، وتثبُتُ ملائكةُ اللَّيلِ، فيَسألهُم ربُّهم: كيفَ تَركتُم عِبادِي؟ فيقولونَ: أتَينَاهم وهُم يُصلُّونَ، وتركنَاهُم وهم يُصلُّونَ، فاغفِرْ لهم يومَ الدِّينِ)[8]
- صلاة الفجر والجلوس للذكر إلى طلوع الشمس أجرُها كأجر حِجة وعُمرة، ورد عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام: (من صلّى الفجرَ في جماعةٍ ثم قعدَ يذكُرُ اللهَ حتى تطلُعُ الشمسُ ثم صلّى ركعتين كانت له كأجرِ حَجَّةٍ وعمرةٍ. قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: تامَّةٍ، تامَّةٍ، تامَّةٍ)[9]
الصَّلواتُ المفروضةُ في اليومِ واللّيلةِ
فُرِض على جميع المسلمين أداء الصلوات الخمس، وهي:[10]
- صلاةُ الفجرِ: حيث يبدأُ وقتُها ابتداءً من طلوعِ الفجرِ الصَّادقِ حتى ظهورِ الشَّمسِ، ومعنى الفجرُ الصَّادقُ: أي البياضُ حينما ينتشرُ ضوؤهُ ظاهراً في الأفقِ.
- صلاةُ الظُّهرِ: يبدأُ وقت صلاة الظهر حينما تتوسّطُ الشَّمسُ وسط السَّماءَ، حيث يصبحُ ظلُّ كل شَّيءِ مثلَهُ، أو تميل الشَّمسُ قليلاً نحو جهةَ الغربِ، وينتهي وقت صلاة الظهر عندَ جمهورِ العلماءِ حينما يُصبِحُ ظلُّ الشَّيءِ مثلَيْهِ.
- صلاةُ العصرِ: يبدأُ وقتُها ابتداءً مِن خروجِ وانتهاء وقتِ صلاةِ الظُّهرِ؛ أي يبدأُ مِن حينِ زِيادةِ الظل على مثلي ظلِّ الشَّيءِ، وينتهي إذا غربت الشَّمسِ.
- صلاةُ المغربِ: يبدأُ وقت صلاة المغرب مِن غُروبِ الشَّمسِ واختِفاءِ قُرصِ الشمس بالكاملِ، ويمتدّ وقتُ صلاة المغرب إلى مغيبِ الشَّفقِ الأحمرِ.
- صلاةُ العِشاءِ: يبدأُ وقتها مِن غِيابِ الشَّفقِ الأحمرِ وحتى الفجر؛ أي قبل طلوع الفجر وقبل بدايةِ وقتِ الفجرِ، وذلكَ لما روى أبي قتادة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ليس في النّومِ تفريطٌ، إنّما التفريطُ على من لم يُصَلِّ الصّلاةَ حتّى يجيءَ وقتُ الصّلاةِ الأخرى).[11]
عددُ ركعاتِ السُّنَّةِ والفرضِ في الصّلوات
إنّ أوَّلَ ما يُسأَلُ عنهُ العبدُ المسلم وأوَّلَ ما يحاسبُ عليهِ الصَّلاةُ، وعددُ ركعاتِ الصلوات المفروضة كما يأتي: عدد ركعات صلاة الصُّبحُ ركعتانِ، وعدد ركعات صلاة الظُّهرُ أربعُ ركعاتٍ، وعدد ركعات صلاة العصرِ أربعُ ركعاتٍ، وصلاة المغرِبُ ثلاثُ ركعاتٍ، أمّا صلاة العِشاءِ فأربعُ ركعاتٍ.[12]
توجد للصَّلواتِ الخمس المفروضةِ سننٌ راتبةٌ مُرتبطة بالصلوات الخمس المفروضة دلَّت عليها السُّنَّةُ النبوية الشَّريفةُ الوارِدةُ عنِ الرَّسولِ -صلى الله عليه وسلم-، وهذه ذاتُ أهمية وفوائدَ عظيمةٍ، ومن هذه الفوائد: أنها زيادة للحسناتِ، وفيها رفع للدَّرجاتِ، وتكفير للذَّنوبِ، ولذلكِ يجبُ الاهتمام والاعتناءُ بها، والحرص والمحافظةُ عليها، والعزم على عدم تركِها، فالرَّسولُ الكريم -عليه الصّلاة والسّلام- لم يترك هذه السُّننَ الرَّاتبة إلّا في الظروف الاستثنائية كالسَّفرِ، باستثناءِ ركعتيْ الفجر، فإنّ الرسول الكريم لم يكن يتركُها لا في حضر ولا في سَفرِ، ولصلاة الظُّهرِ أربعُ ركعاتٍ سنة راتبة؛ ركعتانِ قبلَ الفرض وركعتانِ بعدَه، وأمّا صلاة الجمعةِ فالسنّة أن يصلي المسلم ركعتينِ بعدَها، ولصلاة المغربِ ركعتانِ فقط تُصلّيان بعدَها، وأما صلاةُ العشاءِ؛ فالسنة الراتبة لها ركعتانِ تصلى بعدَها، وبهذا يَتضحُ أنَّ بعضَ السُّنَنِ الرَّاتبة تُصلى قبلَ صلاةِ الفريضةِ؛ وذلك لِتهيئةِ المُصلّي لِلعِبادةِ قبلَ الدخول في الفرض، وبعضُ السنن الرَّواتبِ تُصلى بعدَها؛ لتكون بمثابة الجبر والتُعويض عما حصل من النقص في الصلاة.[13]
المراجع
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن بريدة، الصفحة أو الرقم: 1454، صحيح.
- ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب ، عن سمرة بن جندب، الصفحة أو الرقم: 1/206، إسناده صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هُريرة، الصفحة أو الرقم: 648، صحيح.
- ↑ محمد التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، بيروت: بيت الأفكار الدولية، صفحة 597، جزء 2.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة، الصفحة أو الرقم: 1163.
- ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1258.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 725، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 463، صحيح أو حسن أو ما قاربهما.
- ↑ رواه الترمذي، في صحيح الترمذي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 586، حسن.
- ↑ وَهْبَة بن مصطفى الزُّحَيْلِيّ (1996م)، الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الطبعة الرَّابعة)، سوريَّة - دمشق: دار الفكر ، صفحة 664، جزء 1.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي قتادة الأنصاري، الصفحة أو الرقم: 681.
- ↑ أبو عبد الرحمن عبد الله بن عبد الغني بن محمد خياط (1413هـ)، ما يجب أن يعرفه المسلم عن دينه (الطبعة الثالثة)، صفحة 35، جزء 1.
- ↑ أبو عبد الرحمن عبد الله بن عبد الرحمن بن صالح بن حمد بن محمد بن حمد البسام ( 1426 هـ - 2006 م)، تيسير العلام شرح عمدة الأحكام (الطبعة العاشرة)، الإمارات: مكتبة الصحابة، صفحة 112، جزء 1.