كم سنة استغرق نزول القرآن
القرآن الكريم
يُعرّف القرآن الكريم على أنه كلام الله -تعالى- المعجز المنزل على نبيّه محمد -عليه الصلاة والسلام- بواسطة جيريل عليه السلام، والمنقول إلينا بالتواتر،[1] وقد اختلف أهل اللغة في سبب تسمية القرآن الكريم بهذا الاسم، حيث قال بعضهم بأن التسمية مأخوذة القرء وهو الجمع، إذ تقول العرب قرأت الماء بالحوض أي جمعته، وأن سبب التسمية يرجع إلى أن القرآن الكريم يجمع أنواع العلوم، ويجمع ثمرات الكتب السماوية السابقة، وقال بعض العلماء ومنهم الإمام الأشعريّ أن التسمية مشتقة من فعل قرن، بمعنى ضم شيءٍ إلى شيءٍ آخر، ويرجع السبب في التسمية إلى أن القرآن الكريم يحوي سوراً وآياتٍ يضمّ بعضها بعضاً، وذهب فريقٌ من أهل العلم إلى أن القرآن اسمٌ ليس بمهموزٍ ولا مشتقّ، وإنما اسمٌ للتنزيل العزيز، كما إن الإنجيل اسمٌ للتنزيل الذي نزل على عيسى عليه السلام، والتوراة كذلك اسم التنزيل الذي نزل على موسى عليه السلام.[2]
مدة نزول القرآن الكريم
نُقل عن أهل العلم العديد من الأقول في نزول القرآن الكريم، وأصحّها القول بأن القرآن الكريم نزل على مرحلتين، وقد دلّ على هذا القول العديد من الأحاديث، ومنها ما رُوي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: "فُصِلَ القرآنُ من الذِّكْرِ فوُضِعَ في بيتِ العِزَّةِ في السماءِ الدنيا، فجَعَلَ جبريلُ عليه السلامُ يتلوهُ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُرَتِّلُهُ تَرْتِيلًا"، وفيما يأتي بيان كل مرحلةٍ والفترة الزمنية التي استغرقتها:[3]
- المرحلة الأول: نزل القرآن الكريم جملةً واحدةً من الله -تعالى- إلى بيت العزّة في السماء الدنيا، أما المدّة الزمنيّة التي استغرقها النزول فهي ليلة واحدة، حيث نزل القرآن الكريم في ليلة القدر من شهر رمضان، مصداقاً لقول الله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)،[4] ولقوله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ)،[5] وقد رُوي عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنه قال في تفسير قول الله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)،[4] "نزِل القرآن جملةً واحدة في ليلة القدر إلى السماء الدنيا، وكان بمواقع النّجوم، وكان الله ينزّله على رسوله -صلى الله عليه وسلم- بعضه في إثر بعض"، ولم يرد ما يدلّ على العام الذي كان فيه ذلك النزول، ولا يُعلم هل كان قبل بعثة محمّد -صلى الله عليه وسلم- أم بعدها.
- المرحلة الثانية: في المرحلة الثانية نزل القرآن الكريم على رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- منجّماً، أي مُفرّقاً بحسب الأحداث والوقائع، مصداقاً لقول الله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا)،[6] ولقوله عز وجل: (وَقُرآنًا فَرَقناهُ لِتَقرَأَهُ عَلَى النّاسِ عَلى مُكثٍ وَنَزَّلناهُ تَنزيلً)،[7] أما المدّة الزمنية التي استغرقها هذا النزول فهي ثلاثة وعشرين عاماً، حيث بدأ نزول القرآن الكريم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالتزامن مع بعثته، وكان أوّل يومٍ نزل فيه القرآن عليه يوم الاثنين، فقد سُئل -عليه الصلاة والسلام- عن صوم يوم الاثنين فقال: (ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ، أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ)،[8] واستمرّ نزول القرآن الكريم في مكة المكرمة ثلاثة عشر سنة، وعشر سنواتٍ في المدينة المنورة.
كيفية نزول القرآن الكريم
كان القرآن الكريم ينزل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بحسب الوقائع والأحداث، وكان مقدار الآيات يختلف في كل مرة، ففي بعض الأحيان كان ينزل خمس آيات، وأحيان أخرى ينزل عشر آيات، ويتنزّل بأكثر من ذلك أو أقل، وقد بيّن أهل العلم أن الوحي كان يأتي للنبي -عليه الصلاة والسلام- على صورٍ عديدة، حيث كان يأتيه في بعض الأحيان مثل صلصلة الجرس، وأحياناً أخرى على هيئة رجلٍ يلقي إليه كلام الله تعالى، مصداقاً لما روته أم المؤمين عائشة -رضي الله عنها- أن الحارث بن هشام -رضي الله عنه- قال: "يا رَسولَ اللَّهِ، كيفَ يَأْتِيكَ الوَحْيُ"؟ فقال عليه الصلاة والسلام: (أحْيانًا يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الجَرَسِ، وهو أشَدُّهُ عَلَيَّ، فيُفْصَمُ عَنِّي وقدْ وعَيْتُ عنْه ما قالَ، وأَحْيانًا يَتَمَثَّلُ لِيَ المَلَكُ رَجُلًا فيُكَلِّمُنِي فأعِي ما يقولُ)،[9] وأحياناً أخرى يأتيه على هيئة كلام الله في اليقظة، كما في حديث الإسراء والمعراج الذي جاء فيه: (فَلَمَّا جَاوَزْتُ نَادَى مُنَادٍ: أمْضَيْتُ فَرِيضَتِي، وخَفَّفْتُ عن عِبَادِي).[10][11]
جمع القرآن الكريم
كان جمع القرآن الكريم في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتم بطريقتين، أولهما: الحفظ في الصدور، حيث كان النبي -عليه الصلاة والسلام- و الصحابة -رضي الله عنهم- يحفظون القرآن الكريم في صدورهم، والطريقة الثانية هي الكتابة في السطور، حيث كان -عليه الصلاة والسلام- يأمر كتاب الوحي من الصحابة، كأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وزيد بن ثابت ومعاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهم جميعاً- بكتابة ما نزل من القرآن الكريم، ويرشدهم إلى موضعه، مصداقاً لما روي عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أنه قال: (إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كان إذا نزلَ عليهِ الوحيُّ يَدْعُو ببعضِ مَنْ يكتبُ عنهُ ، فيقولُ : ضَعُوا هذا في السورةِ التي يُذْكَر فيها كذا وكذا).[12][13]
أسباب نزول القرآن
بيّن أهل العلم أنّ آيات القرآن الكريم تنقسم إلى نوعين من حيث النزول، فقسمٌ نزل ابتداءً، وقسمٌ نزل بسبب حادثة أو سؤال، وقد اعتنى العلماء بدراسة الأحداث والوقائع التي نزل بسببها آيات من القرآن الكريم، وأطلقوا على هذا العلم اسم علم أسباب النزول، واعتمدوا في معرفة أسباب النزول على صحة الرواية عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو عن أصحابه -رضي الله عنهم- الذين شهدوا نزول الوحي وعرفوا أسبابه، وثمة العديد من الكتب والمؤلفات في هذا المجال، وأشهرها: كتاب أسباب النزول للواحدي، وكتاب لباب النقول في أسباب النزول للسيوطي.[14]
المراجع
- ↑ "تعريف و معنى القرآن في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 7-5-2019. بتصرّف.
- ↑ "سبب تسمية القرآن الكريم"، www.fatwa.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-5-2019. بتصرّف.
- ↑ بروج الغامدي، "نزول القرآن"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-5-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب سورة القدر، آية: 1.
- ↑ سورة البقرة، آية: 185.
- ↑ سورة الفرقان، آية: 32.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 106.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي قتادة الأنصاري، الصفحة أو الرقم: 1162، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن مالك بن صعصعة الأنصاري، الصفحة أو الرقم: 3887 ، صحيح.
- ↑ "كيفية نزول القرآن الكريم"، www.islamweb.net، 2016-9-26، اطّلع عليه بتاريخ 7-5-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن العربي، في أحكام القرآن، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم: 2/445، ثابت.
- ↑ "جمع القرآن بمعنى كتابته في عهد النبي صلى الله عليه وسلم"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 7-5-2019. بتصرّف.
- ↑ "علم أسباب النزول"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-5-2019. بتصرّف.