ما مقدار كفارة رمضان
صيام رمضان
يعدّ شهر رمضان من أعظم نعم الله تعالى على عباده، حيث خصّه الله تعالى من بين جميع العبادت بأن جعله له سبحانه وتعالى؛ أيّ أنّ صيام شهر رمضان لا أحد يعلم بّه إلا العبد وربّه، كما أنّه لا يمكن أن يحصل رياءٌ في الصيام، وفي تفسيرٍ آخر لمعنى أنّ الصيام لله تعالى؛ أي أنّ الله تعالى هو الذي يعلم حقيقة الصيام، وقدره ومكانته يوم القيامة، وقيل أيضاً أنّ جميع المعبودات من دون الله قد يُتقرّب إليها بالسجود أو بالنفقة أو بالحجّ وغير ذلك، أمّا الصيام فلا يُتقرّب به إلّا لله تعالى، كما أنّ أجر وثواب الصائمين يتكفّل به الله وحده، حيث لا يعلم أيّ مَلَكٍ أو نبيٍّ أجر الصائمين وعظمته، ومن الجدير بالعبد المسلم أن يغتنم ويستغل شهر رمضان بالعبادات والأعمال الصالحة التي تقرّبه من الله تعالى، وبالتوبة والإنابة من الذنوب والمعاصي، والرجوع إلى الله، وبصيام أيامه؛ طاعةً لله ونيلاً للأجر والثواب والحسنات، والمداومة على أداء الصلوات الخمس في أوقاتها وجماعةً في المسجد، ومن الأعمال التي تقرّب من الله تعالى: برّ الوالدين، وصلة الأرحام، والإحسان في معاملة الناس، والسعي في قضاء حاجات الأرامل والأيتام والفقراء والمساكين، والإكثار من ذكر الله تعالى، ومن تلاوة القرآن الكريم؛ ليكون شفيعاً له يوم القيامة، والإكثار من أداء النوافل.[1]
مفسدات صيام رمضان
تتنوع المفطّرات التي تتسبّب في إفساد الصيام، فمنها ما يكون من نوع الاستفراغ، مثل: الجِماع والقيء والحيض والاحتجام، فجعلها الله تعالى من مفسدات الصيام؛ لأنّها تضعف الجسد وتتعب الإنسان تعباً وضعفاً غير التعب والضعف المتعلّق بذات الصيام، فكانت من مفسدات الصيام؛ حتى لا يجتمع ضعفان يُلحقان ضرراً كبيراً بالصائم، ومن المفطّرات ما يتعلّق بالامتلاء، مثل: الأكل والشرب، فكان الأكل والشرب ممّا يفسد الصيام؛ لأنّه ألغى الحكمة من مقصود الصيام، وفيما يأتي بيان مفسدات الصيام:[2]
- الجماع: وهو من أعظم المفطّرات وأكثرها إثماً، ويشترط في المُجامِع أن يكون عامداً مختاراً للجِماع، فمن جامع في نهار رمضان؛ فعليه أن يتمّ صيام اليوم مع قضائه والكفارة المغلّظة التي أوجبها الشرع، ومن الجدير بالذكر أنّ الكفارة لا تجب إلّا على الجِماع من بين جميع المفطّرات.
- الاستمناء: ويشترط فيه حتى يعدّ من المفطّرات الإنزال، فإن حصل الإنزال؛ فالواجب إتمام صيام اليوم ثمّ القضاء بعد ذلك، وإن لم يحصل الإنزال؛ فصيام اليوم صحيحٌ ويجب إتمامه ولا يجب عليه القضاء بعد رمضان، ومن الجدير بالمسلم الابتعاد عن كلّ ما يثير الشهوات.
- الأكل والشرب: ويقصد به؛ ما وصل المعدة عن طريق الفم، وكذلك ما وصل المعدة عن طريق الأنف، مثل: الماء.
- ما يدخل في معنى الأكل والشرب: وهو ما يتعلّق بحقن الدم، فالدم يفطر؛ لأنّه أصل الغذاء، وأيضاً ما يتعلّق بالإبر المغذّية التي تقوم مقام الأكل والشرب، أمّا الإبر التي لا تغذّي ولا تقوم مقام الأكل والشرب؛ فإنّها لا تفطر، وكذلك إبر تنشيط الجسم وإبر التطعيم، ويستوي في ذلك إن كانت عن طريق الوريد أو عن طريق العضلات، ومن الجدير بالذكر أنّ غسيل الكلى الذي يخرج به الدم؛ لتنقيته، وتضاف إليه المواد الكيماوية والسكريّات، يُفطّر ويفسد الصيام.
- الحجامة: والمقصود منها إخراج الدم، ويندرج في ذات المعنى؛ التبرع بالدم، إذ إنّ تأثيره على الجسم كتأثير الحجامة، فإن تبرّع الصائم بالدم للضرورة؛ فإنّه يعدّ مفطراً وعليه القضاء.
- القيء عمداً: من أفطر بسبب القيء العمد، وجب عليه القضاء.
- الحيض والنفاس: إنّ الحيض والنفاس يفسد صيام الأنثى، ولو كان ذلك قبل انتهاء وقت الصيام بلحظةٍ.
مقدار كفارة رمضان
إن أفطر المسلم في نهار رمضان بسبب الجماع؛ فيجب عليه قضاء كلّ يومٍ أفطره بسبب الجماع، وتجب عليه أيضاً الكفارة الكبرى عن كلّ يومٍ، والكفارة تكون بصيام شهرين متتابعين عن كلّ يومٍ أفطره المسلم بسبب الجماع في نهار رمضان، وصيام الشهرين يكون في حال عدم إمكان عتق رقبةٍ، وإن لم يستطع المسلم صيام شهرين متتابعين؛ فعليه أن يقوم بإطعام ستين مسكيناً، والكفارة تجب فوراً ويأثم من أخّرها،[3] وأمّا من جامع زوجته أكثر من مرةٍ في ذات اليوم، فالكفارة كفارةٌ واحدةٌ؛ لأنّ جماعه في المرّات الأخرى لم يكن أثناء صومه صياماً صحيحاً حتى يفسده، وأمّا من جامع زوجته أكثر من مرةٍ في رمضان في أكثر من يومٍ واحدٍ دون أن يكفّر عن اليوم الأول؛ فذهب بعض العلماء إلى أنّ الواجب عليه كفارةٌ واحدةٌ فقط، بينما ذهب الجمهور إلى القول بأنّ عليه كفارةً عن كلّ يومٍ أفسد صيامه بسبب الجماع؛ لأنّ صيام كلّ يومٍ من أيام رمضان يعدّ عبادةً منفردةً ومستقلّةً،[4] وقد اختلف العلماء في وجوب الكفارة على الزوجة؛ فذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد إلى القول بوجوب الكفارة عليها، بينما قال الإمام الشافعيّ في أحد أقواله؛ أنّه لا كفارة عليها، والرأي الأكثر بياناً؛ عدم وجوب الكفارة عليها، مع وجوب قضاء الأيام التي أفطرت فيها بسبب الجماع، ودليل ذلك ما ورد عن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه أمر رجلاً جامع زوجته في نهار رمضان بإخراج الكفارة، ولكنّه لم يأمر الزوجة بذلك،[5] ومن الجدير بالذكر أنّ من استطاع التكفير عن الجماع في نهار رمضان بالصيام، فلا يجوز له تأخير ذلك، وكذلك من أراد التكفير بالإطعام؛ حيث لا يجوز له تأخير الإطعام.[6]
المراجع
- ↑ "نعمة بلوغ شهر رمضان المبارك"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-5-2018. بتصرّف.
- ↑ "مفسدات الصيام"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 26-5-2018. بتصرّف.
- ↑ "كفارة الإفطار في رمضان بغير عذر بالطعام أو الجماع"، fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-5-2018. بتصرّف.
- ↑ "حكم من جامع زوجته نهار رمضان عدة مرات لا يعلم عددها"، fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-5-2018. بتصرّف.
- ↑ "الأظهر أن كفارة الجماع على الرجل فقط"، fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-5-2018. بتصرّف.
- ↑ "حكم تأخير كفارة الجماع في نهار رمضان"، fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-5-2018. بتصرّف.