-

كيف أكون قريبة من ربي

كيف أكون قريبة من ربي
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

اسم الله القريب

الله -عزّ وجلّ- قريبٌ من عباده، يعلم سرّهم وجهرهم، تجري أقدارهم بين علمه ولطفه، وهو القريب من المؤمنين خاصةً، قُرباً يليق بجلاله، فهو الذي يسمع من دعاه، ويجيب من ناداه، يثبّت القلوب، ويُجيب المكروب، فقد قال الله عزّ وجلّ: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)،[1] ويجيب الله -عزّ وجلّ- لمن يستجيب لأمره، ويصدق في إيمانه، ويُعجّل الله تعالى بالإجابة، أو يؤجل لحكمةٍ تخفى عن خلقه، ويعلمها هو وحده، فعلى الداعي أن يُحسن الظّن بالله تعالى، لعلمه أنّ جميع أموره تجري بلطفٍ من الله القريب، وأنّ لإجابة الدعاء عدّة وجوهٍ، منها: التعجيل بالإجابة، أو الإجابة بدفع السوء، أو أنّ يؤجّل الله تعالى الإجابة إلى الآخرة، ومن استشعر قرب الله -عزّ وجلّ- هان عليه كلّ عسيرٍ، وأيقن أنّ ما عند الله تعالى هو الخير، كما أنّ الله قريبٌ من الذين يُقابلون البلاء بالصبر، واحتساب الأجر من الله وحده، والتائبين الذين إذا ما أذنبوا شعروا بالنّدم، واستشعروا قرب الله منهم، وقدرته عليهم، فاقتربوا منه ليعوّضهم نوراً في دروبهم، وحلاوةً في قلوبهم، وبذلك يكون القرب معراج الروح إلى اليقين بالله تعالى، والأُنس به، وأكرم من عاش معيّة الله تعالى وقربه هو النبي صلّى الله عليه وسلّم، ويظهر ذلك جليّاً في مواقف الهجرة، عندما هاجر النبي -صلّى الله عليه وسلّم- مع صاحبه أبي بكرٍ حين دخلا الغار، فقال أبو بكر: (كنت مع النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في الغار، وعندما رأيت اقتراب المشركين، قلت: لو أنّ أحدهم رفع قدمه لَرَآنا، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (ما ظنُّك باثنَينِ اللهُ ثالثُهما).[2][3]

كيفية تحقيق القرب من الله

يكون قُرب الله تعالى من العباد بسبب قربهم منه، فكلّما اقترب العبد من الله تعالى اقترب الله منه، ويكون القرب من الله سبحانه بالتزام الفرائض، واعتبارها من الأولويات في الحياة، ويكون الحب بإضافة النوافل إلى الفرائض، ومعنى أن يُحبّ الله تعالى عبده؛ أيّ أن يُنعمَ عليه بتحقيق مراده، ويصرف عنه الأذى والسوء، والقرب من الله نوعان: قربٌ من الداعي بالإجابة، وقربٌ من العابد بالثواب على عبادته،[4] ومن العبادات التي يصل بها العبد إلى مقام القرب من الله:[3]

  • الحرص على الإيمان والعمل الصالح؛ فمعيار القرب من الله تعالى يتمثّل بالإيمان والعمل الصالح، وليس بكثرة الأولاد والأموال، ويُعدّ الانشغال بالمال والولد من المُلهيات الدنيوية التي تُوصل الإنسان إلى الغفلة، والبعد عن الله تعالى، وللأعمال الصالحة أبوابٌ كثيرةٌ؛ كتقديم المساعدة للمحتاج، والإكثار من قراءة القرآن الكريم، وصلة الأرحام، وصوم رمضان، والابتعاد عن الغيبة والنميمة، وعن أيّ عملٍ من شأنّه أن يسبّب الضرر والأذى للغير.
  • المحافظة على الصلاة؛ فالصلاة من أعظم وسائل القُرب من الله تعالى؛ لأنّها الصلة بين العبد وربه، فإن قام بها وهو يُدرك عظمتها، وأقبل بها على الله تعالى بقلبٍ خالصٍ، واستشعر قيمتها، كالتكبير الذي يُشعر العبد أنّ الله تعالى أكبر من همومه وأحزانه، وأنّه القادر على تبديل حاله إلى أحسن وأفضل حالٍ، وأنّ السجود هو مقام القرب الأكبر من الله تعالى، حيث يقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (أقرَبُ ما يكونُ العبدُ من ربِّه وهو ساجِدٌ؛ فأكثِروا الدُّعاءَ).[5]
  • الإكثار من الدعاء، ومن ذكر الله عزّ وجلّ، فالذكر من أيسر العبادات التي ينال بها العبد مقام القرب من الله عزّ وجلّ، حيث قال النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث القدسي: (أنا عندَ ظنِّ عبدي بي، وأنا معه إذا ذكَرَنِي، فإن ذَكَرَنِي في نفسِه ذكرتُه في نفسي، وإن ذكَرَنِي في ملأٍ ذكرتُه في ملأٍ خيرٌ منهم، وإن تقرَّبَ إليَّ شبراً تقرَّبتُ إليه ذراعاً، وإن تقرَّبَ إليَّ ذراعاً تقرَّبتُ إليه باعاً، وإن أتاني يمشي أتيتُه هرْولةً)،[6] كما أنّ الدعاء من العبادات التي تزكّي النفس، وتُعلمها أنّ العطاء والمنع بيد الله تعالى.
  • الحجّ إلى بيت الله الحرام، والوقوف بعرفة؛ فيوم عرفة هو يوم العتق من النيران، حيث يطّلع الله تعالى على عباده فيه، ويباهي بهم الملائكة؛ لأنّهم جاءوا يريدون القرب والمغفرة منه.

أفضل الأوقات للعبادة

تتميّز عبادة الليل على عبادة النهار؛ بكونها أدعى إلى القبول والإخلاص؛ لما فيها من البعد عن عيون البشر، والبعد عن طلب المدح والثناء منهم، كما أنّها تتطلب منه المزيد من الجهد والمشقة مقابل عبادة النهار، ويكون فيها صفاء الذهن المعين على تدبّر آيات الله عزّ وجلّ، والتفكّر في ملكوته وآلائه، ويفضّل الليل على النهار بنزول الله تعالى إلى السماء الدنيا، أمَّا عن قيام الليل ففيه صحّةٌ للجسد، ونقاءٌ للروح، ونورٌ في الوجه، فقد قيل للحسن البصري رحمه الله: (لِم كان المتهجدونُ أحسنَ الناس وجوها؟ قال: لأنّهم خلَوْا بربهم فأعطاهم من نورِه)، وقد يلجأ إلى الله تعالى العبد المؤمن بعد ضجيج ومشقة النهار؛ ابتغاء الرضا والقبول من الله تعالى، وقد أثنى الله تعالى على أهل القيام بقوله: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ*آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ*كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ*وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)،[7] وكم من الفتوحات الربانية، والتوفيقات الإلهية، والإلهامات الجلّية تتمّ بفضل قيام الليل.[8]

المراجع

  1. ↑ سورة البقرة، آية: 186.
  2. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي بكر الصديق، الصفحة أو الرقم: 4663، صحيح.
  3. ^ أ ب ماجد الصغير، "فإني قريب"، saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-12-2018. بتصرّف.
  4. ↑ خالد الرفاعي (23-2-2014)، "كيف أحقق منزلة القرب من الله؟"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-12-2018. بتصرّف.
  5. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 482، صحيح.
  6. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7405، صحيح.
  7. ↑ سورة الذاريات، آية: 15-18.
  8. ↑ وحيد بالي (28-10-2014)، "فضل عبادة الليل على عبادة النهار"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-12-2018. بتصرّف.