كيف تعالج عناد الطفل
تعريف العناد كظاهرة سلوكية
من المُمكن وصفُ العنادِ كمشكلةٍ تربويّةٍ عند الأطفال بأنّه حالةٌ من الامتناع والاحتجاجِ يُبديها الطّفل تجاهَ التعليماتِ والإرشاداتِ المُوجّهة إليه مع التشبّث والإصرارعلى الرفض، دون إبداء أيّ مُبرّرٍ أو مُسوّغٍ مقنع، وتَتّصف مظاهرُهُ بامتناعِ الطفل عن الاستجابة بشكلٍ مُستمر للأوامر والتّوجيهات التي يتلقّاها ومُقابَلتها بالمُقاومة والجدال المتواصل والثبات على موقف الرفض وعدم التنازل؛ كرفضِ الطفل تغيير ملابسه المتَّسخة، أو رفضه شرب الحليب أو تناول الأطعمة المفيدة على الرّغم من تَلقّيه الإرشاداتِ ممّن أكبر منه بكلّ رفقٍ وهُدوء.[1]
سلوك العناد عند الأطفال
يُعدّ العناد عند الأطفال ظاهرةً سلوكيّةً تَظهر في سنٍّ مُبكّرة من العمر؛ فالطّفل قبل العامين لا تَظهر عليه مؤشّرات أو سِمات العناد؛ فهو اعتماديٌّ بشكلٍ كبير على أمه، ويتّصف بالحيادية، والاتكاليّة، والانقياد النسبي للأوامر، ولا يخلو الأمر من بعضِ الممانعة الطبيعيّة والمُعارضة لبعض التعليمات، لكنها لا تصل إلى حدّ أنّها ظاهرة سلوكيّة تحتاج إلى علاج.
يَظهرُ العنادُ في مَراحله الأولى عند تَمكّن الطفلِ من المشي والكلام؛ أي نتيجةً لبداية شعور الطفل بالاستقلاليّة ويكون بصورةٍ معقولةٍ ومعتدلة، بالإضافة إلى نموّ خَياله وتصوّراته الذهنيّة؛ فالطّفل يتعلّم قول كلمة (لا) قبل تعلمه قول كلمة (نعم)؛ فهو يَستشعر فرديًّته ويُقاوم كل ما قد يمسّ بها، من دون الوعي بالأبعاد المُترتّبة على مدخلات الموقف؛ لذا فالواجبُ على الأهل التمتّع بقدرة عالية من التحكّم بالغضب والصبر، والابتعاد قدر الإمكان عن القمع والقسوة. [2]
مظاهر العناد عند الأطفال
يظهر عناد الطّفل بأكثرِ من شكلٍ على النحو الآتي:[3]
- رفض الأوامر وعِصيانها.
- عدم أداء المهمّات بشكلٍ مُباشر، والتأخّر في الاستجابة بالإضافة إلى التسويف.
- الإصرار على مُمارسة السلوكيّات المَنبوذة وغير اللائقة.
- الاستجابات المُبالغ فيها، والغضب لأتفه الأسباب.
- الإصرار على سلوك الاستبداد والاستيلاء في سبيلِ الحصول على أهدافه.
- يرى الطفل نفسه دائماً في موضع المُصيب وصاحب الحق، ويرفض الانصياع والتنازل عن آرائه.
أنواع العناد عند الأطفال
تنقسم أنواع إلى ثلاثة أشكال كالآتي:[1]
- العناد العرضي: يكون هذا العناد آنيّاً ولحظيّاً، ويحدثُ بشكلٍ طبيعيّ نتيجةً للتقلّباتِ النفسيّة وتغيّرات المزاج، وهو عارضٌ يَزول بزوال مُسبّبه.
- العناد المُتكرّر: هو العناد المَذموم والمَرفوض اجتماعيّاً وتربويّاً، وهو مُقاومة ورفض وتجاهل التعليمات والأوامر بشكلٍ مُستمر مع إبداء المبرّرات غير المنطقيّة وغير المُقنعة.
- العناد المرضي: هذا النّوع من العناد نادرٌ جداً يُرافق الأمراض النفسية والعُصابية، وهو يَحتاج عادةً للاختصاصيين النفسيين لعِلاجه.
أسباب العناد عند الأطفال
تختلف أسباب العِناد ما بين الأسبابِ البيئيّة المُكتسبة، أو الدوافع النفسيّة لإشباع حاجاتٍ مُعيّنة، وعليه قُسِّمت أسباب العناد كالآتي:[3]
- القيود التي تُفرض على مهارات الطفل الحركيّة والمعنوية؛ ففرض المحدوديّة على حركة الطفل سواءً بسبب ضيق المكان أو كثرة التحف والأشياء التي قد تُؤذيه، بالإضافة إلى إهمال حاجاته للحركة واللعب والنشاط البدني مع ضعف محاورته والتواصل معه، كلّ هذا يَدفعه للعناد لمُحاولة استعادة ذاته التي أُهملت.
- الشعور بالظلم والقهر من قبل الأشخاص من حوله، وتلقّي الأوامر المثاليّة والطلبات التعجيزية من قبل الوالدين؛ ممّا يرفع مستوى التوتر للطفل، فيُنفّس عمّا بداخله بالسلوك العنادي الشديد.
- عدم تلبية وإشباع حاجات الطفل الرئيسيّة؛ كشعوره بالجوع الشديد، أو النعاس، أو التعب، مما يُؤثّر على التوازن النفسي لديه وارتفاع مستوى التوتر فيجعله ذلك يحوم بشكلٍ غير مستقر ومُعاند، فيجب أن يكون هذا العناد مؤشّراً لمن حول الطفل بأنّه يحتاج لتلبية حاجةٍ ما أو الحصول على شيءٍ مُعيّن.
- تقليد الطفل لمن حوله من الكبار؛ فالنمذجة هي أكثر الأساليبِ التعليميّة فعاليةً مع الأطفال،؛ كأن يَرى الطفل أخاه الكبير وهو يَرفض طَلبات والديه ويتجاهلها، فهو يظنّ بأنّ هذا السلوك لائق.
- يُعدّ العِناد أحياناً مؤشّراً على الأزمات النفسيّة التي يمرّ بها الطفل؛ كشعوره بالغيرة من الأخ الأصغر، أو تعرّضه للمُنافسة الشديدة، أو الشعور بالعجز والملل، فتظهر ردّات فعله بشكلٍ سلبيٍّ ومُعارض.
علاج العناد عند الأطفال
توجد الكثيرُ من الطّرق العلاجيّة الفعّالة التي تُعالج عناد الطفل وتحُدّ منه، منها:[3][4]
- أثر البيئة المُحيطة بالطفل؛ فالبيئة التربويّة البنَّاءة والتنشئة الأسريّة السليمة تخلق طِفلاً سويّاً متصالحاً مع من حوله ومع ذاته، خالياً من المشاكل النفسية والاضطرابات السلوكية، فيجب إحاطة الطفل بجوٍّ من الحبّ، والعطف، واللين، والكلام اللطيف، والنقاش الدافئ المبني على التواصل الودّي، والإقناع وشرح الأسباب، بالإضافة إلى تلبية حاجاته وإشباعها، والاستجابة لطَلباته العادلة والمنطقيّة.
- تجاهل الطفل في حال سلوكه نهج العناد وحرمانه من استثماره؛ ففي حال رفضه القيام ببعض الأعمال ومُقابلة سلوكه بالتجاهل فهو يفقد قيمة هذا العناد وما سيجنيه عليه، وبالتالي سيتراجع عن عناده لعدم تحقيقه غرضه.
- مكافئة الطفل وتعزيزه في حال استجابته للتوجيهات والأوامر بشكل سليم وهادئ؛ فالمُعزّزات الماديّة واللفظية وغيرها تترك لديه انطباعاً عن فوائد الطاعة والانصياع للأوامر والاستجابة لها، كما يجب التركيز على الاستجابات الإيجابيّة للطفل وتعزيزها، والثناء عليه ووعده بالمزيد من المكافآت عند استمراره بالسلوكيّات الإيجابية التكيفية.
- عقابُ الطّفل بشكلٍ مباشرٍ عند مُمارسته للعناد؛ فكما ذُكر فإنّ الطاعة تجلبُ التعزيزَ والمكافآت؛ فالعناد يجلب العقاب، كحرمان الطفل من مصروفه في اليوم التالي إذا لم يذهب إلى النوم في الموعد المُحدد.
- عدم وصف الطفل بأنه طفل عنيد على مسمع منه، أو مُقارنته بمن حوله من الأطفال المُطيعين؛ فإنّ هذا يُؤصّل العنادَ بشكلٍ أكثر في نفسية الطفل وطريقة استجاباته، بالإضافة إلى عدم إلقاء الأوامر بصيغة النفي والرفض فهذا يوحي له بالعناد ويفتح له الباب للمُعارضة.
المراجع
- ^ أ ب بدر ملك، ولطيفة الكندي، سلسلة تربية الأبناء والبنات - التغلب على العناد عند الأطفال، صفحة 2.
- ↑ صبحة بغورة، "مشكلة العناد عند الأطفال"، الأمن والحياة، العدد 382، صفحة 44.
- ^ أ ب ت عبد الكريم بكار، مشكلات الأطفال - تشخيص وعلاج لأهم عشر مشكلات، صفحة 93-103.
- ↑ "7 أساليب للتعامل مع طفلك العنيد"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 25-2-2017.