-

كيفية طواف الوداع

كيفية طواف الوداع
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

مقدّمة

إنّ لكل بيتٍ قواعد وأركان، وكذلك الإسلام له أركان خمسة، وهي: شهادة ألّا إله إلّا الله، وأنّ محمّداً رسول الله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، والحجّ لمن استطاع إليه سبيلاً.

فهي أركان لا يصحّ إسلام المرء بدونها، وحديثنا اليوم عن خامس ركن من أركان الإسلام العظيم، ألا وهو الحجّ لمن استطاع إليه سبيلاً، والحجّ أيضاً له أركانٌ لا يصحّ بدونها، وله واجبات، وفيه محظورات، وسنتناول ذلك بشكلٍ موجز، وسنتحدّث بتفصيلٍ أكثر عن طواف الوداع، أهو واجب أم سنّة، وعن كيفيّة طواف الوداع.

ما هو الحجّ

الحجّ هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو أن يقصد الحاجّ البيتَ الحرامِ، وعرفةَ، في أشهرِ الحجّ المعلومات، محرماً بنيّة الحجّ، وقد فُرض الحجّ في أواخر السنة التاسعة من الهجرة.

ما هي شروط الحجّ

إنّ للحجّ شروطاً، شأنه في ذلك شأن الكثير من العبادات، وشروط الحجّ هي:

  1. الإسلام، فيشترط لمن أراد الحجّ إلى بيت الله الحرام، أن يدين بدين الله الحق، فالمشركين نجسٌ فلا يجوز لهم أن يقربوا بيت الله الحرام.
  2. العقل، فلا يجب الحجّ على المجنون، فهو ممّن رفع عنهم القلم، إلّا إن عقل من جنونه فحينئذٍ يجب عليه الحجّ.
  3. البلوغ، فإن من دون سن البلوغ غير مكلّف بالحجّ، فإن حجّ فحجّه صحيح، ولكن لا تسقط عنه فريضة الحجّ بعد البلوغ.
  4. الحرية، فلا يجب الحجّ على العبيد والرقيق، فهو معذور إلى أن يعتق وينال حريّته، وهذا الشرط في زماننا هذا قد انتهى، حيث أنّ ظاهرة الرِّق قد انتهت.
  5. المحْرِم، وهذا شرطٌ للنساء، فلا يصح أن تخرج المرأة للحجّ دون محرم.
  6. ألّا تكون المرأة في عدّة طلاق أو وفاة.

ما هي أركان الحج

إن للحجّ أركان لا يصح بدونها، وهي:

  • الإحرام، وهو نيّة الحاجّ الدخول في شعائر الحجّ.
  • الوقوف بعرفة، وهو أصل الحجّ، فقد وصفه الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلم بأنّه الحج، وهو يمتدّ من فجر التاسع من ذي الحجّة، إلى فجر يوم العاشر من ذي الحجّة وهو يوم العيد.
  • طواف الإفاضة.
  • السعي بين الصفا والمروة.

ما هي الأعمال الواجبة في الحجّ

كما أنّ هناك أركانٌ لا يصحّ الحجّ بدونها، فهناك أمورٌ لابدّ للحاجّ من فعلها، فهي واجبة عليه، وهذه الأعمال هي:

  1. التلبية، وهي أن يقول الحاجّ: (لبيك اللهم لبيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك).
  2. طواف القدوم، وهو أمر مختلف على وجوبه، عند جمهور العلماء هو سنّة، وعند المذهب المالكي هو واجب.
  3. طواف الوداع, وهو واجب عند جمهور العلماء عدا مالك، وسنتحدّث عنه بشيء من التفصيل في السطور القادمة.
  4. المبيت بمزدلفة، وهو واجب، لكن فيه رُخص، للعجزة وغيرهم.
  5. رمي الجمرات.
  6. ركعتي الطواف في الحرم.
  7. الحلق والتقصير.

وللعلم فالأعمال الواجبة لا يصحّ تركها، ومن ترك عملاً واجباً بالكامل كترك رمي الجمرات، فعليه أن ينحر، فلا يأكل منها، ولا يهدي، بل عليه التصدّق بالذبيحة.

ما هي محظورات الحجّ

هناك أعمال محظورة لا يصحّ أن يفعلها الحاجّ، وهذه الأفعال هي:

  1. لبس المخيط، كالقميص، والعمائم، وغيرها.
  2. لا يجوز أن يغطّي الرجل رأسه أو جزءٌ منه.
  3. لا يجوز للمرأة أن تغطي وجهها أو جزء منه، ولا يجوز لها لبس القفّازين.
  4. لا يجوز حلق الشعر، أو تقليم الأظافر.
  5. لا يجوز للحاجّ سواء الرجل أو المرأة أن يستعمل الطِيب والعطور.
  6. قتل الصيد.
  7. عقد الزواج، والوطء، ومقبّلاته.

والجماع في الحج، يبطل الحجّ، قال الله تعالى: "فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحجّ"، والرّفث هو الجماع.

ما حكم من مات ولم يحجّ لعدم استطاعته وما حكم من أنكر فريضة الحجّ

من مات ولم يحجّ وكان باستطاعته ذلك، فهو آثم عاصي، وفي ذلك أحاديث كثيرة جلّها تهديد ووعيد لمن مات ولم يحجّ وهو مستطيع لذلك، أمّا من مات ولم يكن باستطاعته أن يحجّ فلا إثم عليه، ولا يجب على أحدٍ أن يحجّ عنه، فإن فعل فيصل أجر الحجّ للميّت.

أمّا من ينكر فريضة الحجّ، فقد كفر، فلا يُصلّى عليه، ولا يّدفن في مقابر المسلمين، ذلك لأنه أنكر شيئاً من الدين، فالحجّ فريضة على من استطاع إليه سبيلاً.

كيف أطوف طواف الوداع

بعد أن عرفنا ما هو الحجّ وأركانه وشروطه وواجباته، نأتي للجزء الأهم بالنسبة لمقالنا، ألا وهو طواف الوداع، فمتى يكون طواف الوداع؟ وهل هو واجب أم سنّة؟ وكيف أقوم به؟

طواف الوداع

طواف الوداع هو واحد من الأطوفة الثلاثة في الحجّ (طواف القدوم، وطواف الإفاضة، وطواف الوداع)، حكمه مختلف عليه بين العلماء، فهو واجب عند الجمهور عدا مالك اعتبرها سنّة، انطلاقاً من أنّه لم يثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنّه أمر من تركه بذبح، أو صيام.

والأرجح أنّ من تركه لعذر شرعي فلا حرج عليه، أمّا من تركه دون عذر شرعي، فعليه دمٌ كفّارة.

متى يكون طواف الوداع

يكون طواف الوداع بعد الانتهاء من شعائر الحج، فإن تعجّل السفر وأراد الرحيل يوم الثاني عشر، فيطوف طواف الوداع في نفس اليوم، فإن بقي في مكّة يوماً آخر، يطوف طواف الوداع في اليوم الذي يرحل فيه.

كيفية طواف الوداع

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "لا ينفرنّ أحدٌ حتى يكون آخر عهده بالبيت"، ويعني ذلك طواف الوداع، وطواف الوداع يكون سبعة أشواطٍ بدون سعي، ثم يصلّي ركعتين، ويشرب من زمزم، ثم ينصرف إلى أهله. وإن لم يغادر في يومه الذي طاف فيه طواف الوداع، لزمه إعادة الطواف.

أما المعتمر، فقد اختلف العلماء في وجوب طواف الوداع له، والراجح أنّه لا يجب عليه، ولكن إن طاف طواف الوداع فذلك أفضل.وباختصار، فطواف الوداع هو واجب من واجبات الحجّ، تركه يلزم كفارة، إلّا من رخّص لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهو آخر ما يقوم به الحاجّ مودّعاً بيت الله الحرام، فالحكمة من طواف الوداع، هو أنّ من شرّفه الله بزيارة بيت الله الحرام، لابدّ له من أن يستأذن بالخروج منه، وشكر الله على ما منّ عليه من نعمةِ الحجّ.

وأخيراً وليس بآخر نختم مقالنا هذا بالدعاء المأثور الذي يقال في طواف الوداع: "اللهم إنّي عبدك وابن عبدك وابن أمتك، حملتني على ما سخرت لي من خلقك، وسيّرتني في بلادك، حتى بلغتني بنعمتك إلى بيتك، وأعنتني على أداء نسكي، فإن كنت رضيت عني فازدَدْ عني رضا، وإلّا فمِن الآن فارضَ عني قبل أن تنأى عن بيتك داري، فهذا أوانُ انصرافي إن أذنت لي، غير مستبدل بك ولا ببيتك، ولا راغباً عنك ولا عن بيتك، اللهم فاصحبني العافية في بدني، والصحة في جسمي، والعصمة في ديني، وأحسن منقلبي، وارزقني طاعتك ما أبقيتني، واجمع لي خيري الدنيا والآخرة، إنك على كل شيء قدير".وللحاجّ أن يدعو بما شاء، ولكنّ هذا الدعاء هو المأثور عن السلف رضوان الله عليهم.