كيف تدخل الإسلام
الدخول في الإسلام
لما جاء الإسلام وختم به الله الشرائع والرسالات بيّن الله تعالى أنّ الدّين عند الله هو الإسلام، ولا يُقبل عند الله غيره من الأديان بعده، قال تعالى: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)،[1] فقد نسخ الإسلام بمجيئه جميع الأديان التي كانت قبله، وختم النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- برسالته جميع الرّسالات السابقة، فإذا أراد المرء الدخول في الإسلام فإن عليه أن يقوم ببعض الأمور العملية المُعاينة، وبعض الأمور القلبية التي تُثبت صدق توجهه إلى الله، وإقباله عليه، وأنه أزال جميع ما كان قبل إسلامه في قلبه من الشرك بالله والإيمان بغيره رباً، ومن أوجب ما يجب على المرء القيام به إذا ما أراد الإسلام بالله أن يكون إيمانه بالله ناتجاً عن قناعةٍ تامةٍ بصدق تلك الدعوة وأهليتها لأن تكون أمَّ الشرائع والأديان، وأن يُزيل ما في قلبه مما يكون فيه من اعتقاد وجود الولد أو الزوجة لله أو النِّدِّ له، وأن الله سبحانه وتعالى يسمو على جميع تلك المعتقدات الباطلة، وأنه الوحيد المستحق للعبادة والحمد على النعم التي وهبها لجميع البشر.
الإيمان بالله
الإيمان بالله يعني: التّصديق الجازم الذي لا يُخالطه شكٌ بأنّ الله سبحانه وتعالى موجود، وأن وجوده لا يحدّه حدود، وأنّه هو الخالق المُدبّر، ويجب على من أراد الدخول في الإسلام أن يؤمن بذلك كله وأن يؤمن بأن الله هو الربَّ الذي لا شريك له، وأنَّ الله سبحانه وتعالى يتَّصف بصفات الكمال جميعها، وأنّه مُنَزَّهٌ عن كلِّ ما يرد لغيره من النقص والخلل، وينبغي على من يريد الإسلام أن يُعلن بقلبه وعقله ولسانه توحيد الله وتقديسه وتمجيده وتنزيهه.
الخطوات العملية لدخول الإسلام
للإسلام عددٌ من الأركان التي لا يكتمل إسلام المرء إلا بها، وهي أمورٌ عملية مُعاينة فإذا أراد المرء الدخول في الإسلام فيجب أن يقوم بها فعلاً أو قولاً أو اعتقاداً، ويمكن للجميع الناس أن يروا بعض هذه الأعمال أو أن يسمعوا بها ممن يريد الإسلام بالله ويتوجه إليه بقلبه وعقله وعبادته، وبعض الأعمال يمكن ألا تكون مُعاينةً ومشاهدة إنما يدلُّ عليها حال المرء وإقباله على الله، وهذه الأركان والخطوات هي كما يلي:
الشّهادتان
يجب أن يبدأ المرء إذا ما أراد الدخول في الإسلام بالتلفظ بالشّهادتَين وصفة الشهادتين تكون بأن يقول الذي يريد الدخول في الإسلام: (أشْهَدُ أنْ لا إِلهَ إلّا اللهُ وأشْهَدُ أنّ محمّداً رسولُ اللهِ)، فينفي وجود آلهة غير الله، كما يُثبت رسالة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وأنه خاتم الأنبياء، ورسالته خاتمة الرسالات، أمّا صفة الشّهادة فهي مأخوذة من قوله تعالى في السورة الثانية من القرآن الكريم وهي آل عمران: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).[2] ودليل الجزء الثاني من الشهادة المحتوي على إثبات النبوة لسيدنا محمد: (وأنّ محمداً رسولُ اللهِ)؛ فهو قول الله سبحانه وتعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ).[3] فمعنى الشّهادتَين: أن يشهد من يريد الإسلام أو المسلم أنّه لا يوجد في الكون معبودٌ بحقٍّ غير الله سبحانه وتعالى، وأنّ خاتم الأنبياء والمُرسَلين هو نبي الله محمد -صلى الله عليه وسلم- به ختم الله الرسالات، وجاءت رسالته عامةً للناس جميعاً.[4]
الاغتسال لدخول الإسلام
ينبغي على من أراد الدخول في الإسلام أن يُبادر في الاغتسال، حيث إنّ الإسلام يجبُّ ما قبله من الأعمال لكن من أراد الدخول في الإسلام يجب عليه الاغتسال لإزالة ما علق به من دَرَن المعاصي والذنوب والآثام التي كان يقوم بها قبل إعلانه الإسلام، وقد اختلف العلماء في وقت الغسل لمن أراد الدخول في الإسلام، فذهب جمهور العلماء إلى أن الاغتسال إنما يكون بعد نطق من يريد الدخول في الإسلام بالشهادتين وإعلانه لإسلامه، وأن البدء بالنُّطق بالشَّهادتين أولى من تقديم الاغتسال، حيث إن المرء قبل النطق بالشهادتين لا يكون من أهل التكليف فلا يُقبل اغتساله، بينما رجَّح الإمام الغزالي تقديم الاغتسال على النطق بالشهادتين، فيغتسل أولاً ثم يُعلن دخوله الإسلام، وأن ذلك أحرى بقبول الإسلام منه.[5]
إقامة الصّلاة
الركن العملي الثاني من أركان الإسلام هو إقامة الصلاة بأن يقوم المسلم بعد أداء الشهادتين بتطبيق ما أمر الله به من أداء الصلوات الخمس التي فرضها على المسلمين جميعاً، فالمقصود بإقامة الصلاة أن يعتقد الذي يريد الدخول بالإسلام أنّ الله قد أوجب عليه خمس صلواتٍ لكلٍ منها وقتها وهيئتها، ويعدُّ ركن إقامة الصلاة من أهم أركان الإسلام العملية التي دعا الله سبحانه وتعالى عباده للالتزام بها والقيام بها بحقها.[6]
ولا يكون إقامة الصّلاة التي هي ركنٌ من أركان الإسلام بمجرّد أدائها، بل يجب التّحلي بالأخلاق التي تدعو لها الصّلاة، فالصلاة تدعو للنظام والالتزام بالأخلاق الحميدة من خلال الوقوف في صفوفٍ متماسكة متراصّة، كما تدعو للنظافة والتطهر من الأدناس والأوساخ، حيث يُشرع قبل البدء بالصلاة التجمُّل بالثياب الحسنة، والوضوء لكل صلاةٍ بأن يغسل من يريد الصلاة أعضاءه الرئيسية البارزة، وهي الوجه والكفين واليدين والقدمين ويمسح برأسه، ناهيك عن سنن الوضوء كالمضمضة والاستنشاق وغسل الأذن، فإذا أقام المسلم الصلاة ثم تنصَّل من أخلاقياتها التي دعت لها فإن صلاته لن تكون تامّةً كاملة،[6] وقد قال تعالى في كتابه العزيز: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ).[7]
إيتاء الزّكاة
الزّكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام، وينبغي على من أراد الدخول في الإسلام أن يُسلِّم بثبوت فرضيتها، وأنها حقّ ثابتٌ يجب إخراجه من مال الأغنياء وإعطاؤه إلى مستحقيه، وقد عرَّف الفقهاء الزكاة بأنها: حقٌ واجبٌ في المال بأحوالٍ خاصّةٍ في وقتٍ مُحدَّدٍ، والزّكاة لفظٌ يُطلق على الحصّة التي تُستخرَج من المال الذي يُخرجه المزكي فيسمى ما يُخرجه المزكي زكاةً،[8] ومما يجب معرفته على من أراد الدخول في الإسلام أن الزكاة فريضةٌ أوجبها الله في المال الذي يُستغل وينمو، ومثال تلك الأموال: الأنعام بأنواعها من البقر والغنم والإبل وغير ذلك، والنّقدان؛ وخاصةً الذّهب والفضّة وما يحلُّ مكانهما ويصح تسميته مالاً كالأوراق المعدنية في هذا العصر، والمزروعات بأنواعها من الثّمار والزّروع، والتجارة بأشكالها وأنواعها وهيئاتها. أما مستحقو الزكاة فهم ثمانية أصناف؛[6] وقد ذكرهم الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز بقوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).[9]
الصّيام
الصّوم يعني: الإمساك عن جميع المُفطرات؛ بقصد التقرب إلى الله سبحانه وتعالى. ويجب الصوم على كل من دخل في الإسلام، كما يجب على من أراد الدخول في الإسلام أن يُسلِّم بشرعية الصيام ومشروعيته، وأنه شيءٌ لازمٌ على جميع المسلمين المكلّفين، ومما تجد الإشارة إليه أن العبد لا يُعتبر صائماً إلّا إذا أمسك عن المفطرات الحسيّة؛ التي هي الأكل والشّرب، كما يجب عليه أن يصوم عن المفطرات المعنوية كالذّنوب؛ والمعاصي، والمُنكَرات، والآثام، وأكل الربا، والوقوع في كل ما نهى عنه الله من المحرمات.[6]
الحجّ
الحجّ ركن من أركان الإسلام يسقط بأدائه مرّةً في العمر، كما أنه لا يجب إلا على قادرٍ عليه ماديّاً وجسديّاً؛ شريطَة أن يعتقد المسلم ومن يريد الدخول في الإسلام بأن الحج واجبٌ عليه ويسعى إلى تأديته، فإن عجز عن أدائه لسببٍ مشروعٍ سقط عنه، أما من لم يعتقد بوجوب الحجّ عليه، أو على المسلمين عامةً فهو كافرٌ خارجٌ من الإسلام لكفره بركنٍ أمر الله بالإيمان به، لقول الله سبحانه وتعالى: (وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)،[10] أمّا تعريف الحجّ فهو: قصد بيت الله تعالى بصفةٍ وهيئةٍ مخصوصةٍ، في أوقات مخصوصٍة، بشروط وأركانٍ وتفاصيل مخصوصةٍ.[11]
المراجع
- ↑ سورة آل عمران، آية: 85.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 18.
- ↑ سورة الفتح، آية: 29.
- ↑ أبو المعالي محمود شكري بن عبد الله بن محمد بن أبي الثناء الألوسي (2001)، غاية الأماني في الرد على النبهاني (الطبعة الأولى)، الرياض - المملكة العربية السعودية: دار الرشد، صفحة: 88، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ "الدخول في الإسلام مقدم على الغسل"، إسلام ويب، 9-4-2006، اطّلع عليه بتاريخ 5-4-2017. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث خالد بن سعود البليهد، "شرح حديث (بني الإسلام على خمس)"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 29/1/2017. بتصرّف.
- ↑ سورة العنكبوت، آية: 45.
- ↑ صالح بن غانم بن عبد الله بن سليمان بن علي السدلان (1425)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة: 59. بتصرّف.
- ↑ سورة التوبة، آية: 60.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 97.
- ↑ د.سعيد بن علي بن وهف القحطاني، مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة: 8، جزء 1. بتصرّف.