كيف تزيد إيمانك
الإيمان وأركانه
يستلزم الإيمان من المسلم التصديق الكامل والاعتقاد الجازم بوجود الله تعالى، وبربوبيته، وبألوهيته، وبجميع أسمائه وصفاته، وبأنّه المستحقّ الوحيد للطاعة والعبادة، كما يشمل معنى الإيمان عند المسلمين التصديق بنبوّة محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم، وأنّه آخر الأنبياء، مع قبول كلّ ما جاء به وأخبر عنه حول دين الإسلام والأمور الغيبية، والأحكام الشرعية، وينبغي لهذا الاعتقاد في قلب المسلم أن يكون له أثرٌ في سلوكه، فيُعرض عمّا نهى عنه الله ورسوله، ويُقبل على أداء كلّ ما أمره به، فالإيمان بهذا المعنى يشمل ثلاثة جوانبٍ، لا يكون إلّا بها جميعاً: وهي القلب، واللسان والجوارح، ولذلك كان تعريف أهل السنة والجماعة للإيمان بأنّه تصديقٌ بالجنان، وقولٌ باللسان، وعملٌ بالجوارح والأركان، ويقوم الإيمان في الشريعة الإسلامية على ستة أركانٍ رئيسيةٍ، هي: الإيمان بالله، والإيمان بالملائكة، والإيمان بالكتب السماوية، والإيمان بالرسل جميعاً، والإيمان باليوم الآخر، والإيمان بالقدر خيره وشرّه.[1][2]
فأمّا الإيمان بالله -تعالى- فقد دلّ عليه العقل، والحسّ، والشرع، والفطرة، فالخلق لا بدّ لهم من خالق، إذ لا يُمكن لشيءٍ أن يخلق نفسه بنفسه، وأمّا الإيمان بالملائكة فيشمل الإقرار، والتصديق الجازم بوجودهم، والإيمان بمن عُرف منهم باسمه أو صفته على وجه الخصوص، والملائكة هم مخلوقاتٌ من مخلوقات الله، خلقهم من نورٍ ومنحهم الانقياد التام لأوامره، والقدرة على تنفيذها، وهم كُثر لا يعلم عددهم إلّا الله سبحانه، وأمّا الإيمان بالكتب؛ فيشمل الإيمان بجميع ما أنزله الله -تعالى- على رسله من كتبٍ، فيؤمن المسلم بما عرفه منها باسمه، وبما لم يعرفه باسمه مجملاً، كمّا يعمل بالكتاب الأخير الذي جاء ناسخاً لما قبله منها، وهو القرآن الكريم، وأمّا الإيمان بالأنبياء فيشمل التصديق بجميع الأنبياء الذين اصطفاهم الله تعالى برسالاته، وأيّدهم بالمعجزات، وأمرهم بتبليغ الدعوة، وفيما يتعلّق باليوم الآخر وهو يوم القيامة الذي يبعث الله الناس فيه للحساب، فيؤمن المسلم بجميع ما جاء فيه من أخبارٍ، وأمّا الإيمان بالقدر فهو الإيمان بإحاطة علم الله تعالى، وكتابته، ومشيئته، وخلقه لكلّ شيءٍ.[2]
كيفية زيادة الإيمان
على الإنسان المسلم أن يحرص دائماً على زيادة الإيمان في قلبه، ويمكنه ذلك من خلال بعض الأمور التي يؤدي فعلها إلى زيادة الإيمان في قلبه، ويؤدي تركها أو فعل ضدّها إلى نقصانه، وفيما يأتي بيان بعضها:[3]
- التعرّف على الله تعالى، بأسمائه الحسنى، وصفاته العلا، ويدلّ على ذلك قول الله تعالى في كتابه الكريم: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)،[4]فالعلماء حينما عرفوا الله عزّ وجلّ، وعرفوا أسماءه وصفاته استحضرها في دعائهم، وفي سائر حياتهم، ممّا جعلهم أخشى الناس له، وأكثرهم معرفةً بقدره، وهذه الخشية تؤدي إلى قوة الإيمان في قلوبهم، وقد قال ابن رجب رحمه الله: (إنّ العلم النافع هو الذي يدلّ العبد على ربه ويجعله موحّداً له مستحياً منه حتى يصل إلى عبادته كأنّه يراه)، وهذا هو الإحسان؛ أي أعلى مراتب الإيمان.
- الاجتهاد في طلب وتحصيل العلم الشرعي، وهو الذي يؤدّي بالإنسان إلى زيادة معرفته بالله تعالى، وبالتالي زيادة إيمانه به.
- التأمّل في خلق الله تعالى، وفي سننه الكونية، فالإنسان الذي يتأمّل بمخلوقات الله، وسننه يعرف عظمة الله تعالى، فيزداد إيمانه به، وتسليمه له، حيث قال الله تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ).[5]
- الحرص على قراءة القرآن الكريم، وتدبّر آياته ومعانيه، فإذا تدبّر الإنسان ما أنزله الله تعالى في القرآن الكريم من آياتٍ فيها وعدٌ ووعيدٌ لأهل الجنة والنار، وتعريفٌ بالأعمال المُوصلة إلى كلٍّ منهما زاد إيمانه ويقينه بالله تعالى، حيث قال الله سبحانه في وصف الذين آمنوا: (وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا).[6]
- الإكثار من ذكر الله تعالى، فذكر الله يحيي قلب الإنسان، ويجعله متيقظاً بشكلٍ دائمٍ، مُستحضراً معاني الإيمان، على عكس القلب الذي لا يذكر الله فإنّه ينقص إيمانه.
- إيثار طاعة الله ومرضاته على أهواء النفس وشهواتها، وكذلك الحبّ والبغض في الله، وأن يكره الإنسان أن يخرج من الإسلام إلى الكفر أشد الكراهية، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (ثلاثٌ مَن كُنَّ فيهِ وجَد حلاوَةَ الإيمانِ: أن يكونَ اللهُ ورسولُه أحبَّ إليه مما سِواهما، وأن يُحِبَّ المرءَ لا يُحِبُّه إلا للهِ، وأن يَكرهَ أن يَعودَ في الكُفرِ كما يَكرهُ أن يُقْذَفَ في النارِ).[7]
- الإقبال على حضور مجالس الذكر، فمجالس الذكر تُوقظ قلب الإنسان، وتنهاه عن المعاصي، وتذكّره بالله تعالى، وتحثّه على طاعته، كما أنّه يجد فيها الصحبة الصالحة التي تزيد إيمانه، وتقوّي صلته بربّه عزّ وجلّ.
- ترك المعاصي وهجر الذنوب، فعقيدة أهل السنة والجماعة على أنّ الإيمان يزيد بفعل الطاعات والحسنات، وينقص بفعل المعاصي والسيئات.
- الإكثار من فعل النوافل والطاعات، وذلك من أكثر ما يقوّي ويزيد إيمان العبد بالله تعالى.
- الدعاء لله تعالى، والابتهال إليه بأن يُحيي الإيمان في قلب الإنسان، ويجدّده ويقوّيه، فقد كان السلف يحرصون على سؤال الله -تعالى- ذلك.
ثمرات أركان الإيمان
إن لتمكّن الإيمان بأركانه جميعها من قلب الإنسان أثراً وثمرات عظيمة، وفيما يأتي ذكر بعضٍ منها:[8]
- محبّة الله عزّ وجلّ، وتعظيمه، وطاعته، وامتثال أوامره الناتجة عن الإيمان بالله تعالى .
- محبّة الملائكة، والحياء منهم، والتمثّل بطاعتهم لله تعالى.
- إنّ الإيمان بكتب الله تعالى ورسله يُثمر محبة رسل الله عليهم السلام، والاقتداء بهم، كما يُثمر الإيمان بكتبه معرفته ومعرفة شرائعه وأوامره.
- الرغبة في فعل الطاعات، والابتعاد عن المعاصي والذنوب الناتج عن الإيمان باليوم الآخر.
- إنّ الإيمان بالقدر خيره وشرّه يُثمر في قلب الإنسان الطمأنينة، والرضى الدائم بقضاء الله تعالى.
المراجع
- ↑ " تعريف الإيمان شرعاً"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-21. بتصرّف.
- ^ أ ب د. محمد بن إبراهيم الحمد (2017-4-11)، "أركان الإيمان"، www.main.islammessage.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-21. بتصرّف.
- ↑ عبد الله بن حمود الفريح، "من أسباب زيادة الإيمان ونقصانه"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-21. بتصرّف.
- ↑ سورة فاطر، آية: 28.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 190.
- ↑ سورة الأنفال ، آية: 2.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 16، صحيح.
- ↑ "ثمرات الإيمان"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-21. بتصرّف.