كيفية التغلب على نوبات الغضب والتعامل معها
الغضب
يعتبرُ الغضبُ حالةً عاطفيّة تتراوحُ في شدّتها من تهيّجٍ خفيف إلى الحنق الشديد والهيجان التامّ، ويشابهُ الغضبُ العواطفَ البشريّة الأخرى؛ حيث إنّه يكون مصحوباً بالتغيرات الفسيولوجيّة والبيولوجيّة، فعند الغضب، تزدادُ معدل ضربات القلب ويرتفع مستوى ضغط الدم، وكذلك الحال بالنسبة لمستويات هرمونات الطاقة والأدرينالين، والنورادرينالين وغيرها.
يمكنُ أن يكونَ سببُ الغضب داخليّاً أو خارجيّاً. حيث يمكنُ أن يتمحورَ الغضبُ حولَ شخصٍ معيّن أو حدثٍ معيّن، مثل: أزمة مروريّة أو إلغاء سفر أو ما شابه، أو يمكنُ أن يتمحورَ الغضب حول ذكريات لأحداثٍ معيّنة مؤلمة، أو أفكار معيّنة مرتبطة بالقلق أو عدم الثقة بالنفس وغير ذلك.
أنواع الغضب
الغضب الطبيعي
يعدّ الغضب استجابة تكيفيّة طبيعيّة للتهديدات، وهو غريزة فطريّة تلهم وتستوجبُ استجابةً قويّة وعدوانية في كثيرٍ من الأحيان، وعادة ما تشملُ عدداً من المشاعر والسلوكيّات التي تساعدُ على القتال والدفاع عن النفس عند التعرّض للهجوم. لذلك تكونُ كميّة معينة من الغضب ضروريّة للبقاء وللمحافظة على الحقوق من السلب وحماية الممتلكات وغير ذلك. وعادة ما تكونُ شدّة الغضب مرتبطة بشكل وثيق بأهميّة مسبّب الغضب، سواء الداخليّ أو الخارجيّ.
الغضب المرضي
- الغضب المتفجّر: يعاني الكثير من الأشخاص من هذا النوع من الغضب، فهم يمتلكون عتبة غضب متدنية، فأقل المشاكل الروتينة اليومية تتسبّب لهم بنوبة غضب أكبر وأشدّ في وقعها من المشكلة نفسها، وعادةً لا يجدُ الشخص لا يعرفُ طريقة أخرى للتعبير عن أيّة مشاعر إنسانيّة كما يجبُ، فتظهر المحبّة والاهتمام والخوف على الآخرين بشكل عصبيّة وغضب، ويظهرُ القلق والخوف من موقف أو من شخص أيضاً على شكل غضب، كما يظهر الحزن والاكتئاب على شكل ِغضب والتحدّث بطريقة عصبية وعدوانيّة. وكثيراً ما يتسبب هؤلاء الأشخاص لمن حولهم بالضيق والتوتر وربما الخوف، لذلك يتعاملون معهم بحذر خوفاً من نوبة الغضب التالية.
- الغضب المكبوت: يشبهُ النوع الأول، حيثُ يعاني بعض الأشخاص من عتبة غضب متدنية، ولكنهم لا يعبرون عنه بأيّ سلوك كان بل يكبتونه، وهم يكبتونَه بشكلٍ جيّد جيداً بحيث لا يلاحظُ مَن حولهم -حتى أقرب الناس إليهم-، أي نوع من العصبية أو التوتر في طريقة الكلام أو التصرفات، وقد يعتقدون أن الشخص ودود وهادئٌ بطبيعته، ولكن المشكلة في هذا النوع من الغضب أنه يتراكم داخلَ الشخص، ثمّ يظهر فجأة بغض النظر عن وجود سبب واضح لِظهوره، وتكون شدة هذا الغضب عالية جداً وعنيفة، فينتقل الشخص من الهدوء إلى الصراخ غير المفهوم، أو إلى ضرب الآخرين بشكل عشوائيّ أو حتى إيذاء نفسه. لذلك يجب الانتباه إلى كون الغضب مشاعر داخليّة، وليس شرطاً أن تظهر عوارضه البيولوجيّة على الشخص.
أسباب الغضب المرضيّ:
لا يعرف بشكل واضح ما الذي يجعل البعض يغضبون بشكل عادي ومقبول، في حين أن البعض الآخر قد ينفجرون غضباً على أمور بسيطة، فتدخل الكثير من العوامل النفسيّة والجينية الوراثيّة في جعْل الشخص معرّضاًً للغضب بدرجة أعلى، كما يمكنُ أن تدخل طريقة التربية في الصغر وطريقة وأسلوب حياة الشخص في تركيبِه.
كيفيّة التغلب على الغضب
سواء كان الغضب طبيعيّاً أم مرضياً فيجب التعامل معه بشكل عقلانيّ وواعٍ، فلا يفقد الشخص أعصابه ويضرّ نفسه أو بالآخرين دون أن يعي ذلك، فيجب أن يكون الغضب قوة داخلية محسوبة وموجهة بشكل إيجابي وبنّاء، فيساعد على إصلاح الموقف الذي تسبب بالغضب ولا يصعّده، فلا يمكن التخلص من الغضب ولكن يمكن التحكم في حدّته، وذلك بالطرق التالية:
- تمارين التأمّل والاسترخاء، مثل التركيز على التنفس ببطء وبعمق لمدة عشر دقائق كلّ يوم.
- تمارين اليوجا أو أيّة تمارين بطيئة حتّى تساعد على إبطاء ردود الفعل السريعة العنيفة، وتزيد القدرة على التركيز على حركة جسديّة واحدة بطيئة، بدلاً من شدّ كلّ العضلات وزيادة نبضات القلب وسرعة التنفّس كما يحدث في حالات الغضب.
- ممارسة هوايات هادئة تحتاجُ للتركيز ولا ترفعُ مستويات الحماسة بشكل فجائيّ، مثل قراءة الكتب الكلاسيكيّة أو تعلّم الرسم أو تعلّم آلة موسيقيّة أو لعب الشطرنج وغير ذلك، وتجنّب الهوايات مثل لعب كرة القدم، وقراءة ومشاهدة قصص أفلام الرعب، ومشاهدة الأخبار باستمرار.
- أخذ استراحة خلال اليوم العاديّ أو حتى خلال الأحداث المهمّة، حتّى لا يتصاعد مستوى التوتر كثيراً وينتج عنه نوبة غضب.
- التفكير بشكل منطقيّ، حيث إنّ المنطق يغلب الغضب، فالغضب حالة عاطفية بحته بعيدة عن المنطق فالرجوع إلى المنطق والعقل يبتعد بالشخص عن الغضب.
- حلّ المشكلات -التي يمكن حلُّها- والتي تتسبّب بالتوتر وبنوبات الغضب، والابتعاد عن أي أشخاص معينين يتسببون بعدد أكبر من نوبات الغضب من غيرهم.
- التعبير عن الغضب بالكلمات بأوضح طريقة ممكنة دون رفع الصوت أو التعبير بشكل جسديّ عن الغضب وعدم القبول، فقول: "أنا غاضب بسبب كذا وكذا"، ثمّ محاولة شرح ما تريده أفضل من الدخول بحالة عدوانيّة تبعد الآخرين وتفاقم المشكلة.
- الضحك من الأمور التي تسبّبُ الغضب، وتغيير النظرة إليها إلى الطرافة بدلاً من الغضب، وهذا أمر يحتاج إلى تدريب في البداية ولكنه يصبح فطرياً وجزءاً من الشخص بعد فترة.
- التقليل من تناول القهوة، والشاي، والمياه الغازيّة "الصودا"، وغيرها من المشروبات الغنيّة بالكافيين، والتعوّد على تناول الشاي الأخضر، أو البابونج، أو اليانسون وغيرها من المهدئات الطبيعيّة.