كيف تتخطى الفشل
الفشل
إنّ الشعور بالفشل من أصعب ما قد يشعر به الإنسان في حياته؛ وذلك لأنّه ينتج عن عجز الإنسان من تحقيق هدفٍ رسمه في حياته، لكنّ الفشل في تحقيق غاية معيّنة لا يعني نهاية الحياة، بل يجب أن يكون هذا الفشل تجربةً يستخلص منها الإنسان دروساً لتكون بدايةً لطريق النّجاح في حياته، وإضافةً إلى ما يكسبه من تجارب فإنّه يحصل كذلك على شرف المحاولة مرّةً ومرّتين وثلاثاً حتّى يُحقّق النجاح المنشود، فالإنسان الذي لا يحاول ويخوض التجارب ولا يفعل شيئاً هو الذي ليس له نصيب من الفشل.[1]
التسرّع في الحُكم على المواقف المختلفة وتوصيفها على أنّها فشل هي من مشاكل إدراك معنى الفشل لدى الناس، والشكل الأفضل أن يُنظَر إلى الفشل من زاوية أوسع؛ ففهم الموضوع مع الخروج من دوامة الأحكام الجزئية التي يتمّ تعميمها على الصورة الكليّة يؤدّي إلى فهمه، والعمل والمثابرة والاجتهاد لإنجازه، وتحقيق فرصٍ لنجاحات مستقبليّة،[2] فما تعريف الفشل، وما هي أسبابه، وكيف يُمكن تخطّيه وصولاً إلى النّجاح؟
تعريف الفشل
في التعريف القديم للفشل، كان يُعبَّرعن الإخفاق بوصفه نتيجةً للعجز أو الأهمال، وعدم القدرة على الوصول إلى الأهداف، إضافةً إلى كونه خطأً يستوجب العقاب والتأنيب، أمّا تعريفه الحديث فقد اتّخذ شكلاً آخر يجعل من الفشل نتيجةً ليست مُتوقَّعةً، لكنّها تقود إلى تحدٍّ مُستمرّ، وحافز لمزيد من التجربة، ومرحلة انتقاليّة لتحقيق الأهداف، وفرصة جديدة لاكتساب خبرات أوفر، فالإخفاقات في الوقت الحالي ضمن هذا التعريف مُؤذِنة بنجاحات كبيرة مستقبلاً.[1]
كيفيّة تخطّي الفشل
يمكن الاستفادة ممّا يأتي لتخطّي الفشل:[3]
- الإيمان بالله، وأنّ الفشل هو تمحيص واختبار منه؛ ليرى صبر الفرد والرّضا بقضاء الله الذي يحفّزه للعمل والبذل والمحاولة، والسعي لتخطّي مشاعر القلق وخيبة الأمل.
- التّعامل بإيجابيّة، والقدرة على التحكم بالانفعالات؛ فعند التعامل بإيجابيّة، وضبط النفس والانفعالات تجاه ما تتمّ مواجهته من تجارب ومصاعب؛ يمنع ذلك الاستسلام للظروف، ويقوّي المناعة تجاه الفشل، ويفيد في استخلاص التجربة منه.
- تفهّم الفشل دون جعله يستحوذ على التفكير المُسبّب للشعور باليأس، وتحويله إلى حافز للنجاحات، وملهم للتجارب الجديدة التي تكون نسبة الخطأ فيها قليلة.
- عدم تحميل الآخرين أسباب الفشل وجعلهم شمّاعةً للركون إليها، وعدم تعليق أسباب الفشل على الآخرين، فهذا ممّا يجعل من الفشل تجربةً غير مفيدةٍ ولا مُلهِمةٍ، بينما يجب أن تكون حافزاً لمزيد من التجارب التي تحمل فرصاً للنجاح.
- تحليل مُسبِّبات الفشل بشفافية، وتدارك هذه الأسباب في أيّ تجارب جديدة.
أسباب الفشل
هناك عدّة أسباب تؤدّي إلى الفشل، وهي كما يأتي:[2]
- عدم قدرة الفرد على فهم الآخرين، وعدم امتلاك المهارات المناسبة للتعامل والانسجام معهم.
- طريقة التفكير السلبيّة، وردود الفعل السلبيّة تجاه ما تتمّ مواجهته في الحياة.
- عدم مناسبة الظروف وطبيعة العمل لمستوى المهارات والقدرات.
- فقدان التركيز.
- اللامبالاة وعدم الالتزام.
- التعلّق بالماضي وعدم القدرة على التعامل مع الواقع الحاضر، وعدم الرّغبة في إحداث تغيّرات جديدة.
- عدم إعطاء الوقت الكافي لإنجاز الأهداف، وامتلاك عقليّة مختصرة تحاول اتّخاذ أقصر الطُّرق للإنجاز.
- الاكتفاء بالموهبة والاعتماد الكليّ عليها، دون البحث عمّا يُعزّز هذه الموهبة ويُطوّرها.
- الاعتماد على معلومات منقوصة أو غير كافية، واستخدامها لاتّخاذ القرارات.
- غياب الأهداف، وعدم معرفة الشّخص ما يُريد، وإلامَ يسعى.
أمثلة على تجاوز الفشل
هناك العديد من القصص التي تتحدّث عن نجاحات كبيرة، تحقّقت نتيجةً لتجاوز الفشل، منها:[1]
- كتب هانس أندرسن قصّته الشهيرة البطّة القبيحة، وفي أحداث القصّة تمّت معاملة هذه البطه على أنّها فاشلة وأصبحت هي نفسها ترى نفسها كذلك، وكان سبب هذا كلّه عدم القدرة على فهم الاختلاف، والتعامل مع الأمور من منطلقات آنيّة ومُحدَّدة في وقت وسياق واحد، كذلك عدم قدرة هذه البطة على إظهار مهاراتها إلا بعد أن نظرت لانعكاسها في البحيرة صدفةً، ووجدت أنّها جميلة، واختلافها لا يجب أن يكون مدعاةً للركون للفشل.
- مُدرِّس بيتهوفن الذي كان يعلّمه الموسيقى، أخبره يوماً أنّه ليست لديه موهبة وليس كُفئاً ليكون مؤلّفاً موسيقيّاً، لكنّه ثابر وعمل حتّى أصبح اسمه خالداً في التأليف الموسيقيّ.
- يتحدّث بيل جيتس أحد أثرى أثرياء العالم عن العديد من التجارب الفاشلة والإخفاقات التي تحوّلت لاحقاً إلى إنجازات كبيرة في عالم الكمبيوتر؛ حيث ذهبت سنوات عديدة في محاولة إنشاء قاعدة للبيانات تُسمّى أوميغا باءت بالفشل؛ ولكن نتج عنها إنشاء أشهر قاعدة بيانات لاحقاً، كما تمّ استثمار الملايين وقضاء ساعات طويلة في مشروع لتشغيل مُشترَك مع شركة أخرى لم يتمّ استكماله، لكن نتج عنه لاحقاً أشهر نظام تشغيل، ويذكر أيضاً أنّ محاولة فاشلةً لإنشاء جدول إلكترونيّ لم تُحقق إلا تقدماً بسيطاً أسهمت في إنجاز برنامج رسوميّ إلكترونيّ مُتقدّم .
- يتحدّث سويشيرو هوندا مؤسّس شركة هوندا موتور عن فشله، ونشأته في كنف عائلة فقيرة، وفاجعةٍ أصابته وهي موت عدد من أقاربه بسبب المجاعة، إضافةً إلى مواجهته العديد من العثرات، مثل: انفجار مصنعه، ثمّ دماره مجدداً بسبب زلزال، لكنّه صنع من الفشل والمصاعب منحةً أوصلته؛ ليُحقّق نجاحاتٍ كبيرةً.
- في عام 2000م ظهر سبّاح من دولة غينيا يُدعى إريك موسامباني، وقد دخل إيريك عالم تدريبات رياضة السباحة قبل بداية الألعاب الأولمبية بتسعة شهور، وكان يُجري تدريباته في حوض للسباحة في فندق متواضع، وكان قد صرّح لأحد التلفزيونات أنّ كلّ ما يأمله هو الوصول إلى نهاية السباق الذي يُعدّ أطول مسافة سيقطعها إيريك في حياته، وفي أثناء السباق التمهيديّ الذي يُجرى لتحديد المؤهّلين سبَحَ إيرك وحده طيلة السباق، في حين لم يتأهّل السباحون الآخرون، وعلى الرغم من أنّ إريك قد استغرق ضعف الوقت الذي احتاجه صاحب أقصر رقم حينها، وهذا يُعدّ فشلاً كبيراً، إلا أنّه نجح في محاولته، حيث واصل السباق حتّى وصل إلى نهايته؛ ليكون حينها قد أنهى أطول سباق يخوضه في حياته، فهتف له الجمهور بصوت عالٍ لبلوغه نهاية السّباق.
المراجع
- ^ أ ب ت شارلز مانز (2009)، قوة الفشل، الجيزة-مصر: دار الفاروق، صفحة: 13،18،27،32،65. بتصرّف.
- ^ أ ب جون ماكسويل (2011)، الفشل البنّاء، السعودية: مكتبة جرير، صفحة: 12، 153-162. بتصرّف.
- ↑ نهي قاطرجي، "صناعة النجاح وتجاوز الفشل"، saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 1-4-2018. بتصرّف.