كيفية صرف زكاة المال
الزكاة
تُعرّف الزكاة لغةً بأنّها الصلاح، والمدح، والطهارة، والنماء، والبركة، وأمّا شرعاً فتُعرّف بأنّها قدرٌ معينٌ من المال، أوجب الله -تعالى- صرفه لمستحقيه الذين ذكرهم في القرآن الكريم، فالله -تعالى- فرض الزكاة على كلّ مسلمٍ في حال توفّرت فيه شروطاً معينةً، ورتّب على تركها الإثم العظيم، حيث روى البخاري عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (مَن آتاه اللهُ مالاً، فلم يَؤَدِّ زكاتَه، مُثِّلَ له يومَ القيامةِ شُجَاعٌ أَقْرَعُ، له زَبِيبَتان، يٌطَوَّقُه يومَ القيامةِ، ثم يَأْخُذُ بلِهْزِمَتَيْه؛ يعني: شَدْقَيْه، ثم يقولُ: أنا مالُك، أنا كَنْزُك، ثم تلا: وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُم بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).[1][2][3]
كيفيّة صرف أموال الزّكاة
تُصرف أموال الزكاة لأصنافٍ معينةٍ من الناس، يُطلق عليهم مصارف الزكاة، وهم ثمانية أصنافٍ ورد ذكرهم في قول الله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلفُقَراءِ وَالمَساكينِ وَالعامِلينَ عَلَيها وَالمُؤَلَّفَةِ قُلوبُهُم وَفِي الرِّقابِ وَالغارِمينَ وَفي سَبيلِ اللَّـهِ وَابنِ السَّبيلِ فَريضَةً مِنَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ عَليمٌ حَكيمٌ )،[4] حيث لا يجوز إعطاء الزكاة إلّا للأصناف الذين نصّ القرآن الكريم عليهم، فقد قال ابن قدامة: (ولا نعلم خلافاً بين أهل العلم في أنّه لا يجوز دفع هذه الزكاة إلى غير هذه الأصناف، إلّا ما رُوي عن أنس والحسن)، وفيما يأتي بيانٌ لمصارف الزكاة:[5]
- الفقراء: يُعرّف الفقير لغةً بالمحتاج، أو قليل المال، وعكسه الغني، وأمّا اصطلاحاً فالفقير هو من لا يملك نصاباً نامياً فائضاً عن حاجته، أو الذي لا يجد الكفاية مطلقاً، أو يجد أقلّ من نصف الكفاية، والفقراء أشدّ حاجةً من المساكين، فيُصرف للفقير من أموال الزكاة ما يكفيه ويكفي من يعولهم عاماً كاملاً من الأكل، والشرب، والمسكن، والكسوة، والإعفاف بالزواج إن لم يستطع الزواج، فيُدفع له من أموال الزكاة ما يكفيه للمهر، من غير إسرافٍ ولا تقتييرٍ.
- المساكين: يُعرّف المسكين لغةً بأنّه الذليل المقهور، وقد سُمي بالمسكين لسكونه إلى الناس، وأمّا إصطلاحاً فيُعرّف المسكين بأنّه الذي يجد نصف الكفاية أو أكثرها، ولكنّها لا تكفيه ولا تكفي من يعولهم من غير إسرافٍ ولا تقتييرٍ، ومن الجدير بالذكر أنّ المساكين أفضل حالاً من الفقراء، والدليل على ذلك قول الله تعالى: (أَمَّا السَّفينَةُ فَكانَت لِمَساكينَ يَعمَلونَ فِي البَحرِ)،[6] فأخبر الله -عزّ وجلّ- أنّ هؤلاء المساكين لهم سفينةٌ بالرغم من مسكنتهم، بينما الفقراء في حالٍ أسوء من المساكين، حيث إنّ نصيب المساكين من الزكاة ما يُكمل لهم الكفاية، ولمن يعولونهم من النفقة عاماً كاملاً، ليغطي حاجتهم من الأكل والشرب، والمسكن، والكسوة، والزواج، وقد حثّ الله تعالى على الإحسان إلى المساكين في الكثير من آيات القرآن الكريم، منها قوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّـهَ بِهِ عَلِيمٌ)،[7] وقال أيضاً: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا).[8]
- العاملون عليها: يُعرّف العاملون على الزكاة بأنّهم الساعين الذين يستخدمهم الإمام لجمع الزكاة ممّن تجب عليهم، وهم: الكتّاب، والجُباة، والحفّاظ، والذين يتولّون أمر توزيعها على مستحقيها، ويُشترط فيهم: الإسلام، والأمانة، والقدرة، والعلم بفرائض الصدقة، حيث جعل الله -تعالى- للعاملين على الزكاة نصيبٌ منها، فيُعطون كلٌّ بحسب أجرته، حتى وإن كانوا أغنياء، إلّا إذا كان لهم مرتبٌ من بيت المال، فلا يُعطون من الزكاة.
- المؤلفة قلوبهم: وتأليف القلوب على الإسلام يعني جمع القلوب، وإعطاؤها ومقاربتها حتى ترغب بالإسلام، ويعرّف المؤلف قلبه اصطلاحاً بأنّه السيد المُطاع في قومه، الذي يُرجى كفّ شرّه، أو يُرجى إسلامه، أو يُرجى زيادة إيمانه من خلال إعطائه، حيث إنّ المؤلفة قلوبهم قسمان مختلفان، القسم الأول من الكفار الذين يُخشى أذاهم، ويُرجى كفّ شرّهم، وشرّ من على شاكلتهم من خلال إعطائهم المال، أو يُطمع إسلامهم فيُعطون لتشجيعهم وتقوية نيتهم على الإٍسلام، كما فعل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مع صفوان بن أميّة، حيث أعطاه الكثير من الأنعام بعد فتح مكّة، حتى قال صفون: (والله لقد أعطاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أعطاني، وإنّه لأبغض الناس إليّ، فما برح يعطيني حتى إنّه لأحبّ الناس إليَّ)، وأمّا القسم الثاني فهم المسلمين، ويشمل سادات وزعماء القبائل الذين يُطمع في زيادة إيمانهم، ومناصحتهم في الجهاد فيُعطون من أموال الزكاة، أو قومٌ في أطراف بلاد المسلمين إذا أعطوا دفعوا عمّن يليهم من المسلمين، أو إذا أعطوا جمعوا الزكاة من مانعيها، وهؤلاء يُصرف لهم من أموال الزكاة ما يكفي لترغيبهم بالإسلام، أو زيادة إيمانهم، أو كفّ شرّهم.
- في الرقاب: والمقصود بالرقاب اصطلاحاً المكاتبون من المسلمين، الذين اشتروا أنفسهم من سادتهم بمبلغٍ مؤجّلٍ من المال، وهم يسعون لتحصيله حتى يفكّوا رقابهم، وتشمل الرقاب الأسير المسلم عند الكفار، فيدفع لهم من أموال الزكاة حتى تُفكّ رقابهم.
- الغارمون: الغرم هو الدَين، والغارمون هم الذين لزمهم الدين من غير معصيةٍ، والغارمين اصطلاحاً هم الذين اقترضوا أموالاً وعجزوا عن سدادها، فيُصرف لهم من أموال الزكاة بالقدر الذي يكفيهم لسداد ديونهم.
- في سبيل الله: يُطلق لفظ سبيل الله على كل عملٍ خالصٍ قُصد به التقرّب إلى الله تعالى، وأمّا اصطلاحاً فيقصد بالإنفاق في سبيل الله، الإنفاق لنصرة الدين، ورفع شريعة الله التي ارتضاها لعباده، من خلال قتال أعدائه، حيث يُصرف للمجاهدين في سبيل الله من أموال الزكاة ما يحتاجون إليه لشراء السلاح، والدواب، والنفقة على العيال، حتى وإن كانوا أغنياءً.
- ابن السبيل: يُعرّف ابن السبيل لغةً بأنّه المسافر كثير السفر، أو المسافر بعيداً عن بلده، وأمّا اصطلاحاً فيُعرّف بأنّه المسافر الغريب المنقطع عن أهله وماله، ولا يملك من المال ما يكفيه ليرجع إلى بلده، فيُصرف له من أموال الزكاة ما يكفيه ليرجع إلى أهله، حتى وإن كان غنياً في بلده.
فوائد الزكاة
يترتّب على أداء الزكاة فوائد خُلقيةً، واجتماعيةً، ودينيةً عظيمةً، وفيما يأتي بيانٌ لبعضها:[9]
- تحقيق السعادة في الدنيا والآخرة، حيث إنّ أدائها قيامٌ بركنٍ من أركان الإسلام.
- زيادة الإيمان في قلب العبد، وتقريبه من ربه عزّ وجلّ.
- نيل الأجر العظيم، فقد قال الله تعالى: (يَمْحَقُ اللَّـهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ).[10]
- تطهير النفس من رذائل الأخلاق؛ كالبخل، والشح، وتربيتها على فضائل الأخلاق؛ كالكرم، والرحمة، والعطف على المحتاجين.
- إزالة الحقد، والبغضاء من صدور الفقراء المحتاجين، ونشر روح المحبة، والأخوّة بين الفقراء والأغنياء.
- اتّصاف المزكّي بالرحمة، والعطف ببذله مال زكاته على إخوانه المستضعفين.
المراجع
- ↑ سورة آل عمران، آية: 180.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1403، صحيح.
- ↑ "تبسيط أحكام زكاة المال من الفقه الإسلامي"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-11-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة التوبة، آية: 60.
- ↑ الزكاة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة (1431 هـ - 2010 م)، سعيد بن وهف القحطاني (الطبعة الثالثة)، القصب: مركز الدعوة والإرشاد، صفحة 235-276. بتصرّف.
- ↑ سورة الكهف، آية: 79.
- ↑ سورة البقرة، آية: 215.
- ↑ سورة الإنسان، آية: 8.
- ↑ "الزكاة وفوائدها"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-11-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 276.