كيف تؤدي مناسك العمرة
فضل العمرة
تعتبر العمرة من الأعمال العظيمة في الإسلام، فقد دلّت الأحاديث النبوية على فضلها، ومنها ما رواه البخاري ومسلم في صحيحهما عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (العمرةُ إلى العمرةِ كفَّارَةٌ لمَا بينَهمَا، والحجُّ المبرورُ ليسَ لهُ جزاءٌ إلا الجنَّةُ)،[1] بالإضافة إلى الحديث الذي رواه النسائي في صحيحه عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (تابِعوا بينَ الحجِّ والعمرةِ، فإنَّهما ينفِيانِ الفقرَ والذُّنوبَ، كما ينفي الْكيرُ خبثَ الحديدِ والذَّهبِ والفضَّةِ وليسَ للحجِّ المبرورِ ثوابٌ دونَ الجنَّةِ).[2][3]
أداء مناسك العمرة
ثمّة خطوات لأداء مناسك العمرة، وفيما يأتي بيان كلّ خطوةٍ منها:[4]
- الإحرام: يُستحبّ الاغتسال والتطيب قبل الإحرام، حيث تُخلع الملابس كلّها، ثمّ يتم الاغتسال كغسل الجنابة، والتطيب بأفضل ما يوجد من الطيب في الرأس واللحية، ولا بأس إن بقي أثر الطيب عند الإحرام، مصداقاً لما رُوي عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إذا أراد أن يُحرِمَ، يتطيَّبُ بأطيبِ ما يَجِدُ، ثم أرى وبيصَ الدُّهنِ في رأسِه ولِحيتِه، بعد ذلك)،[5] وفي الحقيقة إنّ الاغتسال عند الإحرام مُستحبٌّ للرجل والمرأة حتى النفساء والحائض، فقد أمر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أسماء بنت عُميس بأن تغتسل عندما أحرمت وهي نفساء، وبعد الاغتسال والتطيب يتم ارتداء ملابس الإحرام، ثمّ تُؤدى صلاة الفريضة إن كان الإحرام في وقتها، أو صلاة ركعتين سنة الوضوء إن كان الإحرام في غير وقت صلاة الفريضة، وبعد الانتهاء من الصلاة يبدأ الإحرام، فيقول المعتمر: (لبيك عمرة)، ومن ثمّ يرفع الرجال صوتهم في التلبية، بقول: (لبيكَ اللهمَّ لبيكَ، لبيكَ لا شريكَ لك لبيكَ، إنَّ الحمدَ والنعمةَ لك والمُلْكُ، لا شريكَ لك)، بينما تخفض المرأة صوتها بقدر إسماع مَن في جوارها، وفي حال الخوف من عدم إكمال النسك بسبب أي عائقٍ يجوز الاشتراط بقول: (إن حبسني حابس فمحلّي حيث حبستني)، وأما في حال انتفاء الخوف، والتأكد من إتمام النسك لا يجوز الاشتراط؛ إذ إنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لم يأمر كلّ الناس بالاشتراط، إنّما خصّ به ضباعة بنت الزبير؛ لأنّها أحرمت وهي مريضة، ويستحبّ الإكثار من التلبية عند تغيير الأحوال والأوقات: كالليل والنهار، وصعود الجبل، ونزول الوادي، وتنتهي التلبية بمجرّد الشروع بالطواف، و قبل الدخول إلى مكة يُسنّ الاغتسال؛ لأنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- اغتسل قبل أن يدخلها.
- الطواف: عند الوصول إلى المسجد الحرام يُستحبّ الدخول بالقدم اليمنى، وترديد دعاء دخول المسجد، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إذا دخل أحدُكمُ المسجدَ، فليقل: اللهمَّ افتحْ لي أبوابَ رحمتِك)،[6] ثمّ التوجّه إلى الكعبة المشرفة واستلام الحجر الأسود باليد اليمنى وتقبيله، وفي حال ترتّب على تقبيله مشقّة فلا بأس باستلامه باليد اليمنى، وإن كان في استلامه صعوبةٌ فيكفي استقبال الحجر الأسود والإشارة إليه من بعيد؛ تجنباً لإيذاء المسلمين، وفي حال استقبال الحجر الأسود يقول المعتمر: (بسم الله، والله أكبر، اللهم إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتباعاً لسنة نبيك محمّد صلّى الله عليه وسلّم)، وبعدها يبدأ الطواف بالبيت، ويقرأ قول الله تعالى: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)،[7] بين الحجر الأسود والركن اليماني، وعند الوصول إلى الركن اليماني يستلمه من دون تقبيلٍ، ومن سنن الطواف الاضطباع في جميع أشواط الطواف، والمقصود به كشف الكتف الأيسر، وتغطية الإبط الأيمن، وذلك للرجال فقط، ويسنّ الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى للرجال دون النساء، وأمّا الرمل فهو المشي السريع مع مقاربة الخطوات، وبعد الانتهاء من الطواف سبعة أشواطٍ، يتقدّم المعتمر إلى مقام إبراهيم، ويقرأ قول الله تعالى: (وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى)،[8] ثمّ صلاة ركعتين خلف المقام، يُقرأ فيهما سورة الكافرون والإخلاص بعد قراءة سورة الفاتحة في كلتا الركعتين، ثمّ استلام الحجر الأسود إن أمكن.
- السعي بين الصفا والمروة:بعد الانتهاء من الطواف يجب السعي بين الصفا والمروة، فيذهب المعتمر إلى الصفا ويقرأ هناك قول الله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّـهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّـهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ)،[9] ثمّ يصعد على الصفا إلى أن يرى الكعبة المشرفة، فيستقبلها ويدعو ما شاء أن يدعو، ويردّد دعاء النبي عليه الصلاة والسلام، حيث كان يقول: (لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له، له الملكُ وله الحمد وهو على كل شيءٍ قديرٌ، لا إله إلا اللهُ وحده، أنجز وعدَه، ونصر عبدَه، وهزم الأحزابَ وحدَه)،[10] ويكرّر الدعاء ثلاثة مرّاتٍ، ثمّ المشي نحو المروة والركض عند العلم الأخضر الأول والعودة إلى المشي عند تجاوز العلم الأخضر الثاني، وعند وصول المروة يُعاد الدعاء والذكر الذي كان على الصفا، ويكون قد تحقّق شوطاً في السعي، والعودة إلى الصفا شوطاً آخراً، وهكذا حتى يتم السعي بسبعة أشواطٍ.
- الحلق والتقصير: وهو آخر خطوةٍ من مناسك العمرة، يتم فيها حلق شعر جميع الرأس أو تقصيره للرجال، بينما تقصّر النساء قدر أنملة، ومن الجدير بالذكر أنّ الحلق أفضل من التقصير؛ لأنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- فضّل المحلقين بالدعاء لهم ثلاث مرّاتٍ، بينما دعا للمقصّرين مرّةً واحدةً، وبعد الحلق أو التقصير تكون مناسك العمرة قد تمت، وحلّ الإحرام حلاً كاملاً.
محظورات الإحرام
ثمّة أمورٍ يجب اجتنابها عند الإحرام، ويترتب على فعلها الفدية، وتعرّف الفدية بأنّها ما يجب لفعل محظورٍ أو ترك واجبٍ، كما في قول الله تعالى: (فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ)،[11] ومن الجدير بالذكر أنّ الفدية تختلف بحسب المحظور الذي تم ارتكابه، وفي ما يأتي بيان محظورات الإحرام:[12]
- حلق الشعر، وتقليم الأظافر، واستعمال الطيب، والمباشرة.
- الجماع، وفديته مغلظة.
- الصيد، وفديته الجزاء بمثله.
- عقد النكاح، ولا يترتّب عليه الفدية.
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1773، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 2630، حسن صحيح.
- ↑ "شارك وانشر فضل العمرة وصفتها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-9-2018. بتصرّف.
- ↑ "صفة العمرة"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-9-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1190، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي حميد أو أبي أسيد الساعدي، الصفحة أو الرقم: 713، صحيح.
- ↑ سورة البقرة، آية: 201.
- ↑ سورة البقرة، آية: 125.
- ↑ سورة البقرة، آية: 158.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 1218، صحيح.
- ↑ سورة البقرة، آية: 196.
- ↑ "تمهيدٌ: في تعريفِ المحظوراتِ، والفِدْيةِ، وأنواعِهما"، dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-9-2018. بتصرّف.