كيفية صلاة الحاجة ودعائها
حكم صلاة الحاجة وعدد ركعاتها
شرع الله -سبحانه- لعباده صلوات النوافل، والنَّفْل في اللغة: يعني الزيادة، وبالشرع: فعل ما ليس بواجبٍ ولا فرض، ولكنه سنة، وقد شُرعت هذه السنن والنوافل لحكم عظيمة، كجبر الخلل والنقص الذي يمكن أن يحدث في الفرائض، ولتكون سداً منيعاً أمام طمع الشيطان في أن يفرّط الإنسان بالفرائض، وهي بلا شك من أفضل الطرق للتقرب إلى الله تعالى،[1] فالإنسان المسلم عموماً يستعين بالصلاة على قضاء الأمور التي يحتاجها، امتثالاً لأمر الله تعالى في قوله: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ)،[2] واقتداءً بسنة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي كان يفزع إلى الصلاة إذا حزبه أمر، ويَحُث أمّته على ذلك، ومن صلوات النوافل صلاة الحاجة، وفيما يأتي بيان حكمها، وعدد ركعاتها:[3]
- حكم صلاة الحاجة: صلاة الحاجة مستحبّة باتّفاق الفقهاء.[4]
- عدد ركعات صلاة الحاجة: اختلف الفقهاء في عدد ركعات صلاة الحاجة، بسبب اختلاف الرّوايات الواردة فيها، على ثلاثة أقوال:[4]
- القول الأول: أن عدد ركعات صلاة الحاجة ركعتان، وهو قول عند الحنفية، وهو المشهور عند الشافعية، وذهب إلى هذا القول المالكيّة والحنابلة.
- القول الثاني: أن عدد ركعات صلاة الحاجة أربع ركعات، وهو المذهب عند الحنفيّة.
- القول الثالث: أن عدد ركعات صلاة الحاجة اثنتا عشرة ركعة، وهو قول عند الحنفية، وهو قول الغزاليّ.
كيفية صلاة الحاجة
وردت كيفية صلاة الحاجة في الحديث النبوي الشريف الآتي، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كانت له إلى الله حاجة أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ فليحسن الوضوء، ثم يصل ركعتين، ثم ليثن على الله، وليصل على النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثم ليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، لا تدع لي ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها، يا أرحم الراحمين)،[5] وزاد ابن ماجه في روايته "ثم يسأل الله من أمر الدنيا والآخرة ما شاء فإنه يقدر"، فسمَّى العلماء هذه الصلاة بهذه الصورة بصلاة الحاجة.[6]
وقد اختلف العلماء بالعمل بالحديث السابق بسبب اختلافهم في ثبوت الحديث على رأيين هما:[6]
- الرأي الأول: يرى أصحاب هذا الرأي عدم جواز العمل بالحديث، لعدم ثبوته عندهم، والسبب أن في سند الحديث راوٍ متروك الحديث عندهم، وهو فائد بن عبد الرحمن الكوفي الذي روى الحديث عن عبد الله بن أبي أوفى.
- الرأي الثاني: يرى أصحابه جواز العمل بالحديث، لسببين:
- أن الحديث له طرقاً وشواهد تقوّيه، وأن الراوي فائد بن عبد الرحمن ليس متروك الحديث عندهم، وإنما يُكْتَب حديثه.
- أن الحديث في فضائل الأعمال، وأن فضائل الأعمال يُؤخذ بها بالحديث الضعيف بشرطين هما:
- الشرط الأول: إذا اندرج الحديث الضعيف تحت أصل ثابت.
- الشرط الثاني: إذا لم يعارض الحديث الضعيف بما هو أصح منه، وقد تحقق هذان الشرطان في هذه المسألة، فكان هذا الرأي الثاني هو الرأي الأصوب وعليه جماعة من العلماء.
وقد رُوِيَت أحاديث في كيفيّة صلاة الحاجة تتناقض مع الأحاديث الصحيحة، منها حديث ابن مسعود الذي جاء فيه أن يصلي المسلم اثنتا عشرة ركعة، فيقرأ في سجوده سورة الفاتحة وآية الكرسي سبع مرات، مع الذكْر والدعاء، وواضح أن هذه الكيفية للصلاة تتناقض مع النهي الوارد عن قراءة القرآن الكريم أثناء الركوع والسجود في قوله عليه الصلاة والسلام: (ألَا وإنِّي نُهِيتُ أنْ أقْرَأَ القُرْآنَ رَاكِعًا، أوْ سَاجِدًا، فأمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فيه الرَّبَّ عزَّ وجلَّ، وأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا في الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ)،[7] وبما أن هذا الحديث صحيح فهو مُقدَّم على حديث صلاة الحاجة الذي جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه، ولا بد للمسلم أن يحرص على عبادة الله -تعالى- بما شرع وثبت وصحّ في القرآن الكريم، والسنة النبوية، ولا يجري وراء ما يحقق رغباته فقط.[8]
دعاء صلاة الحاجة
تنوَّعت صيغ دعاء صلاة الحاجة بسبب تعدّد روايات الحديث، ومن هذه الصيغ قول الداعي: "لا إله إلاّ اللّه الحليم الكريم، سبحان اللّه ربّ العرش العظيم، الحمد للّه ربّ العالمين، أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك والغنيمة من كلّ برّ، والسّلامة من كلّ إثم، لا تدع لي ذنباً إلا غفرته، ولا همّاً إلاّ فرّجته، ولا حاجةً هي لك رضاً إلاّ قضيتها يا أرحم الرّاحمين".[4]
أمور تعين على قضاء الحاجة
- الوسيلة الأولى: طاعة الله -تعالى- بفعل أوامره، وترك نواهيه، وهناك الكثير من الأدلة على أن هذه الأعمال بحدِّ ذاتها إذا قبلها الله -تعالى- قضى بها ما يتمنّاه المسلم من الخير، ومن هذه الأدلة قوله تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ).[9]
- الوسيلة الثانية: الدعاء مع مراعاة آدابه وشروطه، ومنها: الإخلاص في الدعاء، والخشوع فيه، والابتعاد عن الحرام، ودليل ذلك قوله تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)،[10] وفي الحديث القدسي: (يا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ، إلَّا مَن أَطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ، إلَّا مَن كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ).[11]
- الوسيلة الثالثة: قضاء حوائج الناس، فهي سبب حتى يكون الله -تعالى- في عون المسلم، وقضاء حوائجه، كما كان هو في عون أخيه المسلم وقضاء حوائجه، وقد حرص الصحابة -رضوان الله عليهم- على قضاء حوائج الناس، واقتدوا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك، بل وكانوا يكتبون إلى ولاتهم بأن يكرموا وجوه الناس التي تُرفَع إليهم الحوائج.[12]
المراجع
- ↑ نجاح الحلبي، فقه العبادات على المذهب الحنفي، صفحة 106. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 45.
- ↑ "حكم صلاة الحاجة"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 28-3-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت "صَلاَةُ الْحاجَة "، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 28-3-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه أحمد شاكر، في سنن الترمذي، عن عبد الله بن أبي أوفى، الصفحة أو الرقم: 2-344، فائد بن عبد الرحمن ضعيف جدا.
- ^ أ ب "صلاة الحاجة ركعتان غير الفريضة مع الدعاء"، www.fatwa.islamweb.net، 15-8-2001، اطّلع عليه بتاريخ 29-3-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 479، صحيح.
- ^ أ ب "الصحيح في صلاة الحاجة"، www.fatwa.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-3-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الطلاق، آية: 2-3.
- ↑ سورة غافر، آية: 60.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 2577، صحيح.
- ↑ بدر هميسة، "فضل السعي في قضاء حوائج الناس"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-4-2019. بتصرّف.