كيفية سجود السهو بعد السلام
سجود السَّهو
سجود السَّهو هو عبارة عن سجدتين يؤدِّيهما المصلِّي في نهاية الصَّلاة؛ لجبر الخلل الذي حصل معه، وذلك بسبب سهوٍ حصل له أثناء الصَّلاة، ممَّا أدَّى إلى نقصانٍ بها أو زيادة [1].
يسهو المسلم أثناء تأديةِ صلاته مما يؤدِّي إلى نسيانٍ أو زيادةِ ركنٍ، أو واجبٍ، أو سُنَّةٍ من الصلاة، حيث إنذ بعض المُصلِّين يتحيَّرون ما الواجب فعله في هذه الحالات، ولذلك سنبيِّن في هذا المقال كيفيّة تأدية سجود السَّهو، وحكمه، والحالات التي يجب بها، والحالات التي لا يجب، كما أننا سنبيِّن في موضعه المُحدَّد أموراً أخرى، معتمدين في ذلك على الأدلَّة الصَّحيحة من الكتاب والسُّنَّة وأقوال العلماء.
حكم سجود السَّهو
أوجبتْ جملة العلماء سجودَ السَّهو، كالحنفيَّة [2]، والحنابلة [3]، وقولٌ للمالكية [4]، كما أنَّ مجموعةً من الأمَّة كالإمام الثَّوري [5]، وابن المنذر [6]، وابن تيميّة [7]، وابن باز [8]، وابن عثيمين [9]، وكذلك أفتت اللَّجنة الدائمة بهذا القول في المجموعة الأولى (126/7).
أمّا الدليل من السُّنَّة النَّبوية، فهناك عدَّةُ أحاديث تخبرنا عن حكم سجود السَّهو، ومنها أنَّ ابن مسعودٍ -رضي الله عنه- قال: (صلَّى بنا رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- صلاةً زاد فيها، أو نقص منها، فلمَّا أتمَّ قُلنا: يا رسول الله، أحدث في الصَّلاة شيء؟ قال: فثنى رجله فيجد سجدتين، ثمَّ قال: "لو حدث في الصَّلاةِ شيءٌ لأخبرتكم به، ولكن إنَّما أنا بشر، أنسى كما تنسوْن، فإذا نسيت فذكِّروني، وإذا أحدكم شكَّ في صلاته فليتحرَّ الصَّواب ولْيبْنِ عليه، ثمَّ لْيسجد سجدتين) [10]. كما أن سجود السَّهو يجب على الإمام والمنفرد في صلاته، وهذا ما نقله الإجماع، كإسحاق بن راهويه، وابن رشدٍ في بداية المجتهد، وابن قدامة في المُغْني، والإمام النَّوويِّ في المجموع.
حكم سجود السَّهو لمن يعاني من الوسواس:
أجمع العلماء والمذاهبُ الأربعة على أنَّ من يعاني من الوسواس، أو الوسواس القهري،ّ لا يسجد سجود السَّهو، أما إذا شكَّ في عدد صلاته فهنا يسجد سجود السَّهو [11]، وقد ذكر البهوتي في كشف القناع السَّبب، وذلك لأن من يعاني من الوسواس يؤدي إلى الزِّيادة في الصلاة مع تيقُّنه من أنَّها تامَّة.
سجود السَّهو بعد السَّلام
يسجد المصلِّي سجدتين مطابقتين للَّتين في الصلاة في الهيئة والذِّكر بعد السَّلام إن كان هناك زيادةٌ في أركان، أو واجبات الصَّلاة، وقد نقل المناوي في فيض القدير، والحطَّاب في مواهب الجليل إجماع العلماء على أنّهما سجدتين بالعدد، وأما الذِّكر والهيئة فقد نقل كلٌّ من الشَّافعية، والحنابلة، والشيخ ابن باز في الفتاوى، والشيخ ابن عثيمين في موقعه الرَّسمي، على أن هاتين السجدتين مطابقتين للَّـتَـيْن في الصَّلاة. وقد ذكرت السُّنَّة النَّبوية ذلك، فعن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، عنِ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، (أنَّه صلَّى الظهرَ خمساً، فقيل: زِيدَ في الصلاةِ شيءٌ؟ فقال النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: وما ذاك؟ قالوا: إنَّكَ صليتَ خمسًا، فسجَدَ سجدتينِ بعدَما سَلَّمَ) [12].
المراجع
- مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (94/14).
- حاشية ابن عابدين.
- الإنصاف للمرداوي.
- مواهب الجليل للحطاب.
- فتح الباري لابن رجب.
- الإقناع لابن المنذر.
- مجموع الفتاوى لابن تيمية.
- فتاوى نورٌ على الدَّرب لابن باز.
- الشَّرح الممتع لابن عثيمين.
- البخاري ومسلم.
- ذكر ذلك الإجماع ابن رجب في فتح الباري، وذكر الأحناف ذلك كالطحطاويّ في حاشيته، والمالكية كابن عبد البر في مواهب الجليل، والشافعية كالنَّووي في روضة الطَّالبين، والحنابلة كالمرداوي في كتاب الإنصاف.
- البخاري ومسلم.