-

كيف أقوي يقيني بالله

كيف أقوي يقيني بالله
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

اليقين

تعتبر علاقة العبد مع خالقه سبحانه وتعالى من أهم الأمور في هذه الحياة؛ فالهدف والغاية من هذه الحياة هو عبادة الله سبحانه وتعالى على الوجه الذي يرضى به عن عبده، ففي ظل ما تعيشه المجتمعات من تشكيك في وجود الخالق سبحانه وتعالى وانتشار للإلحاد كان لا بدّ للمسلم من أن يقوّي يقينه وإيمانه بالله سبحانه وتعالى، ويوثق الصلة به لحماية نفسه من الفتن وكسب رضا الله سبحانه، فكيف يستطيع المسلم تقوية يقينه بالله سبحانه وتعالى؟، وما هو فضل اليقين وفوائده؟، وما هي درجات اليقين وعلاماته؟

معنى اليقين بالله

اليقين في اللغة (اسم) مصدره يَقِنََ، يقال علم يقينٌ؛ أي ليس فيه شك، أو بمعنى ثابت يُقال أنا على يقين من أمري أي؛ متأكد منه، وعلى يقين من الأمر أي؛ عالم به حقّ العلم، وعين اليقين هي أعلى درجات العلم ، ويقينًا أي؛ بلا شكّ، بالتأكيد، وحتمًا.[1]

يُعرف اليقين في الاصطلاح بعدة معانٍ منها:[2]

  • اعتقاد الشيء (بأنّه كذا مع وجود اعتقاد بأنّه لا يمكن إلا كذا)، اعتقاداً مطابقًا للواقع غير ممكن الزوال.
  • طمأنينة القلب على حقيقة الشيء.
  • تحقيق التصديق بالغيب بإزالة كلّ شكّ وريب.
  • اليقين نقيض الشك.
  • رؤية العيان بنور الإيمان.
  • ارتفاع الريب في مشهد الغيب.

كيف أقوي يقيني بالله

لتقوية اليقين عند العبد وزيادته وثباته عليه أسباب ووسائل أهمها:[3]

  • تدبر القرآن الكريم، وبخاصة الآيات التي تناولت وتتحدث عن موضوع توحيد الله سبحانه وتعالى وعظمته؛ فمعرفة الله سبحانه وتعالى وتعظيمه من أهم الأسباب والوسائل التي تقوّي اليقين بالله سبحانه تعالى.
  • المداومة على قراءة سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، ومطالعة سنته، ومعرفة أخباره التي تدل على دعوته، وصبره على الدعوة، وجهاده وغزواته، ففيها من الفوائد والحكم العظيمة التي تقوّي اليقين بالله عند المسلم.
  • قراءة النصوص من القرآن الكريم والسنة النبوية التي تتناول وتتحدث عن وعد الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين ووعيده للكافرين، والتأمل في أوصاف الجنة وأهلها، وأوصاف النار وأهلها، وقراءة النصوص التي تتناول أهوال القبر وأهوال يوم القيامة وغيرها، فهذه الأمور تقوّي اليقين بالله عند المسلم.
  • قراءة الثابت من قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأخبارهم، والتي جاء ذكرها في نصوص القرآن الكريم والسننة النبوية، خصوصاً الآيات التي تتناول تأييد الله سبحانه وتعالى لهم بالمعجزات، والتي تتحدث أيضاً عن صبرهم وثباتهم.
  • معرفة أشراط الساعة وعلاماتها وآماراتها، ومعرفة ما وقع منها من أحداث وما لم يقع، وقراءة النصوص التي تدل عليها وعلى أهوالها من خروج الدآبة، ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام، وطلوع الشمس من مغربها، وخروج يأجوج ومأجوج.
  • اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى والإلحاح عليه بالدعاء بأنّ يقوي اليقين به، ويثبّت القلب على الطاعة والدين؛ فقد ورد النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (وسَلُوا اللهَ اليقينَ والمُعافاةَ ؛ فإنَّهُ لمْ يُؤْتَ أحدٌ بعدَ اليقينِ خيْرًا من المُعافاةِ)[4] وكان صلى الله عليه وسلم يدعو فيقول: (اللهمَّ اقسِمْ لنا مِنْ خشيَتِكَ ما تحولُ بِهِ بينَنَا وبينَ معاصيكَ، ومِنْ طاعَتِكَ ما تُبَلِّغُنَا بِهِ جنتَكَ، ومِنَ اليقينِ ما تُهَوِّنُ بِهِ علَيْنَا مصائِبَ الدُّنيا).[5]
  • النظر والتفكر والتدبر في آيات الله سبحانه وتعالى الكونية، ومخلوقاته العظيمة، والسماوات وما فيها من نجوم وكواكب، وفي الأرض وما فيها من جبال وأنهار وبحار وحيوانات، وأشجار، وتدبر عظيم قدرة الله سبحانه وتعالى في خلقه، قال الله سبحانه وتعالى: (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ۖ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۖ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ).[6]
  • مجالسة أهل العلم ومخالطتهم، وحضور مجالسهم ودروسهم، ومجالسة الصالحين وحضور مجالس الذكر ودروس العلم؛ فإنّ ذلك له أثر كبير في تقوية اليقين بالله سبحانه وتعالى وترسيخه في النفس البشرية، وصرف أسباب الشبهات عن النفس.

فضائل وفوائد اليقين

لليقين فضائل وفوائد عظيمة وكثيرة منها:[7]

  • يزيد اليقين المسلم قرباً من الله سبحانه وتعالى، فينال المسلم رضى الله سبحانه وتعالى ومحبته.
  • يزيد خضوع العبد وخشوعه لربه سبحانه وتعالى.
  • يُكسب المسلم العزة والرفعة، ويُبعده عن مواطن الذل والضعف.
  • يورث العبد التوكل على الله سبحانه وتعالى، والزهد فيما في الدنيا من المتع الزائلة.
  • تحصل النجاة باليقين من المهالك والمخاطر التي يمر بها المسلم في حياته.
  • يعد من أسباب إجابة الدعاء.
  • يعد من أسباب دخول الجنة، والفوز في الدنيا والآخرة، والبعد عن النار.
  • يسبب الشعور بالاستقرار وطمأنينة لقلب.

درجات اليقين وعلاماته

لليقين ثلاث درجات ذكرها ابن القيم في كتابه مدارج السالكين وهي:[8]

  • علم اليقين؛ ويقصد به قبول ما ظهر من (أوامر الله سبحانه وتعالى ونواهيه) وقبول ما غاب (أي الإيمان بالغيب الذي أخبر به الله سبحانه وتعالى على لسان رسله عليهم الصلاة والسلام)، والوقوف على ما قام بالحق سبحانه وأسمائه وصفاته.
  • عين اليقين؛ ويُقصد بها المغني بالاستدلال عن الاستدلال، أي الاستغناء بالادراك والشهود عن طلب الدليل.
  • حق اليقين، وهذه خاصة بأنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام.

علامات اليقين هي:[7]

  • قلة مخالطة الناس ومعاشرتهم.
  • ترك مدح الناس وخاصة عندما يتعلق الأمر بالهدايا والعطايا.
  • عدم ذم الناس والتنزه عن ذلك عند حصول المنع من قِبَلِهم.
  • الرجوع إلى الله سبحانه وتعالى في كل حال، والإستعانة به في جميع الظروف والأحوال.

المراجع

  1. ↑ "تعريف ومعنى يقين"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 22-7-2017. بتصرّف.
  2. ↑ الجرجاني (1983)، النعريفات (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية ، صفحة 259. بتصرّف.
  3. ↑ "وسائل تقوية اليقين"، الكلم الطيب، اطّلع عليه بتاريخ 14-7-2017. بتصرّف.
  4. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبو بكر الصديق، الصفحة أو الرقم: 4072، صحيح.
  5. ↑ رواه الألباني، في الكلم الطيب، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 226، حسن.
  6. ↑ سورة الرعد، آية: 2.
  7. ^ أ ب خالد حسن البعداني (28-12-2012)، "اليقين"، جامعة الإيمان ، اطّلع عليه بتاريخ 22-7-2017. بتصرّف.
  8. ↑ ابن قيم الجوزية (1996)، مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (الطبعة الثالثة)، بيروت: دار الكتاب العربي، صفحة 378-379، جزء 2. بتصرّف.