-

كيف نقوي إيماننا بالله

كيف نقوي إيماننا بالله
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الإيمان بالله

كان أوّل ما نزل من القرآن الكريم: كلمة اقرأ، الواردة في سورة العلق، قال تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)،[1] وإنّ هذه الآيات الكريمة تشير في محتواها وتدلّ كلماتها على أهميّة العلم، وإنّ أهمّ علمٍ ينبغي على المسلم تعلّمه والحرص عليه هو علم العقيدة؛ لأنّ العقيدة هي أصل العلوم كلّها، ومنبعها، وهي العلم الذي أمر به الله تعالى رسوله -صلّى الله عليه وسلّم- أن يتعلّمه، وعلم العقيدة علمٌ كبيرٌ، على المسلم اتّباع خطوةٍ تلو خطوةٍ لتعلّمه، وأولى هذه الخطوات أن يتعلّم المسلم ويكون على معرفةٍ بأركان الإيمان، وقد كان الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- دائم الحرص على تعليم أصحابه هذه الأركان، وأوّل هذه الأركان؛ هو أن يؤمن المسلم بالله تعالى، ويكون ذلك من خلال قيام المسلم بتوحيد الله تعالى.[2]

ويكون التوحيد على ثلاثة أوجه، وهي:[2]

  • الوجه الأوّل: وهو أن يقوم المسلم بإلإيمان التامّ بأنّ الله تعالى هو الخالق والمدبّر لأمور العباد، فيكون المسلم على يقينٍ واعتقادٍ جازمٍ بأنّ الله تعالى هو الخالق، والرازق، والمدبّر، والمالك، لا أحد سواه، وهذا التوحيد يعرف بتوحيد الربوبيّة، وقد ذكر هذا التوحيد في كثيرٍ من المواضع في القرآن الكريم، فإنّ هنالك عدداً كبيراً من الآيات الكريمة تشير إلى قدرة الله تعالى، وتدبيره في الكون، قال تعالى: (أَلا لَهُ الخَلقُ وَالأَمرُ).[3]
  • الوجه الثاني: وهو أن يقوم المسلم بإفراد الله تعالى بالعبادة، وإخلاصها له وحده، وهذا يشمل العبادات كلّها، وهذا التوحيد هو المسمّى بتوحيد الألوهيّة.
  • الوجه الثالث: وهو أن يعتقد المسلم اعتقاداً تامّاً أنّ لله تعالى صفاتاً كاملةً في منتهى الكمال، لا يعتريها نقصٌ، وهذا التوحيد هو المسمّى بتوحيد الأسماء والصفات، قال تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ).[4]

كيفيّة تقوية الإيمان بالله

على المسلم أن يقوم على تقوية إيمانه بالله تعالى وتجديده؛ لأنّ القلب يمكن أن تسوده حالةٌ من القسوة والغفلة، وبالتالي ابتعاد المسلم عن عبادة الله تعالى، والإكثار من الذّنوب والمعاصي، والنفس يمكن أن تنسى الهدف الأساسيّ من وجودها على هذه الأرض؛ لذلك وُجدت بعض الوسائل التي تعين المسلم على تقوية إيمانه بالله تعالى، وتجديده في النفس، ومن هذه الوسائل:[5]

  • تقوى الله: وقد أوصى الله تعالى الجميع بتقواه، ويتّقي المسلم الله تعالى بالالتزام بما أمره به من العبادات، وبالابتعاد عمّا نهاه عنه من المعاصي، واستحضار المسلم أنّ الله تعالى يعلم كلّ ما يفعل، وارتباط التقوى بتجديد الإيمان وتقويته، من حيث أنّ إيمان المسلم يكون في علوٍّ وازدهار، بإكثار المسلم من فعل الطاعات، وعلى العكس فإنّ الإيمان يقلّ بارتكاب الذنوب والمعاصي.
  • معرفة الله: ويكون ذلك باستحضار المسلم قدرة الله تعالى في هذا الكون، فهو الذي يرزق، ويدّبر، ويرحم، وييسّر الأمور، وهو الذي يلجأ إليه الإنسان في كلّ أحواله، فإن كان مريضاً شافاه، وإن كان محتاجاً أعطاه، وإن كان مهموماً فرّج عنه، وإن كان عاصياً وتاب غفر له، فالله تعالى هو أعلم بالنفس، وعلى المسلم أيضاً استحضار نعم الله تعالى عليه، من خلقه في أحسن صورة، وإكرامه بنعمة الإسلام.
  • أداء الصلاة: ويكون ذلك بأداء المسلم لهذا الركن العظيم بالطّريقة الصّحيحة، والحرص على أداء الصّلوات في أوقاتها، لما للصّلاة في حياة المسلم أهميّة كبرى، فهي ركنٌ من أركان الإسلام، وهي ما يتقرّب به المسلم إلى الله تعالى، وهي فريضةٌ تُشعر المسلم بالخضوع إلى الله تعالى، والافتقار إليه، وتعمل على تحسين أخلاق المسلم، وشعوره بالسعادة في حياته، وابتعاده عن ارتكاب الذنوب والمعاصي، ممّا يؤدّي لقوة الإيمان في قلبه.
  • تلاوة القرآن الكريم: وذلك بأن يتلو المسلم القرآن الكريم حقّ التلاوة، بحيث يستشعر معاني الآيات الكريمة، ويتمهّل في القراءة، حتّى يفهم المراد، ويتعرّف على الله تعالى وأسمائه وصفاته، ويأخذ العبر، والدروس من قصص الأمم السباقة، وأن يتلوه بخشوعٍ وطمأنينةٍ، فتلاوة القرآن الكريم تؤدّي لتقوية الإيمان في قلب المسلم.
  • الإكثار من ذكر الله: وذلك بأن يحرص المسلم على ذكر الله تعالى في كلّ الأحوال والأوقات، فالله تعالى يذكر عباده الذاكرين له عنده، وذكر الله تعالى يُشعر المسلم بالراحة، والأمان، والاستقرار النفسي، والمسلم الذاكر لله تعالى كثيراً، تزداد محبّته لله، ويزيد الشوق للقائه.
  • الحرص على التعلّم: وذلك بأن يحرص المسلم على العلم والتعلّم؛ لأنّ العلم مرتبطٌ ارتباطاً وثيقاً بالعمل، فكلّما كان المسلم على بيّنةٍ أكثر، وكان علمه بما يفعل واضحٌ لا مجال للشكّ فيه، فإنّ عمله سيكون ذا جدوى وأثرٍ واضحٍ على نفسه، وعلى المجتمع، فليحرص المسلم على تعلّم العلم الشرعيّ الصحيح.
  • الحرص على الصحبة الصالحة: على المسلم أن يتّبع ويرافق الأخيار من الرفاق؛ نظراً للأثر العظيم الذي تتركه هذه الرفقة الصالحة، في الدنيا والآخرة، فهم يشجّعون المسلم على فعل الخيرات، والإكثار من الأعمال الصالحة، والإرشاد إلى ترك ما نهى الله تعالى عنه، ويقوّمون المسلم إذا أخطأ، ويبيّنون له الصواب من الأمر.
  • ذكر الموت: إنّ كثرة ذكر الموت، وما يتبعه من الحياة في القبر، والانتقال ليوم الحشر، وأهوال يوم القيامة، والحساب ثمّ الجزاء المعدّ لكلّ إنسان، كلّ ذلك يولّد في نفس الإنسان ما يدفعه للعمل بكلّ ما يملك؛ ليكون مستعدّاً لذلك اليوم العظيم، فيسعى لتقوية إيمانه بالله تعالى، والتقرب إليه، حتّى يكون ممّن يكون جزاؤهم جنّات عدنٍ، التي فيها ما لا أذنٌ سمعت، ولا عينٌ رأت، ولا خطر على قلب بشرٍ.
  • الإلحاح في الدعاء: الدعاء هو صلةٌ عظيمةٌ بين المسلم وربّه، وهو عبادةٌ يثاب المسلم على أدائها، فيحرص المسلم على دعاء الله تعالى، والمداومة على ذلك، والإلحاح في الطلب؛ فإيمان المسلم بالله تعالى يتجدّد، ويتقوّى بدعاء المسلم ربّه، وسؤاله ما يحتاج.

أثر الإيمان بالله في حياة المسلم

الإيمان بالله تعالى له آثارٌ إيجابيّةٌ في حياة المسلم، ومع كثرة هذه الآثار في حياته، إلّا أنّه يستشعرها في أيّامه، ليس بالضرورة مرّةً واحدةً، إنّما في أوقاتٍ متعدّدةٍ مختلفةٍ، ومن هذه الآثار:[2][6]

  • شعور المسلم بالهدوء، والاستقرار النفسيّ، ونزول السكينة عليه، والقناعة بما قسم الله تعالى له في حياته.
  • ازدياد تقرّب المسلم لله تعالى، بالإكثار من أداء الأعمال الصالحة والعبادات؛ لأنّ المسلم المؤمن بالله تعالى تكون محبّته لله تعالى مضاعفةً؛ فيزداد تقرّباً منه.
  • انتشار الأمن في المجتمع، وانتشار المودة والألفة بين الأفراد.

المراجع

  1. ↑ سورة العلق، آية: 1-5.
  2. ^ أ ب ت الشيخ مثنى الزيدي (1-12-2010)، "الإيمان بالله تعالى"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-12-2018.بتصرّف
  3. ↑ سورة الأعراف، آية: 54.
  4. ↑ سورة الشورى، آية: 11.
  5. ↑ حسين الحسنية، "مقوّمات تجديد الإيمان في القلوب"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-12-2018.بتصرّف
  6. ↑ "آثار الإيمان في حياة المسلم"، www.islamweb.net، 15-10-2003، اطّلع عليه بتاريخ 7-12-2018.بتصرّف