كيف تقوي إيمانك بالله عز وجل
الإيمان بالله
يُعرّف الإيمان بأنّه: التصديق، والاعتقاد الجازم بأنّ الله ربّ كلّ شيءٍ، ومليكه، وخالقه، ومدبّره، وأنّه وحده المستحقّ للعبادة؛ كالصوم، والصلاة، والخوف، والخضوع، والرجاء، والدعاء، وأنّه المنزّه عن كلّ عيبٍ، والمتّصف بصفات الكمال كلّها، والإيمان يقتضي توحيد الله تعالى في ألوهيّته، وربوبيّته، وأسمائه وصفاته، ولا بُدّ من الإشارة إلى أنّ الإيمان؛ قولٌ باللسان، وتصديقٌ بالجَنان، وعملٌ بالجوارح والأركان، كما أنّه يزيد بالطاعة، وينقص بفعل المعاصي والذنوب، فالإيمان بضعٌ وستون شعبةً، أعلاها لا إله إلّا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، كما أنّ الحياء من شعب الإيمان، ومفهوم الإيمان بالغ الأهميّة؛ حيث إنّ انحراف الطوائف المبتدعة جاء من الفهم الخاطىء للإيمان، فمنهم من اعتقد بأنّ الإيمان مجرّد تصديقٍ بالقلب، من غير عملٍ بالجوارح، أو قولٍ باللسان من غير عملٍ، ومنهم من قال أنّ الكبائر تمحق الإيمان، وتُوجب الخلود في النار.[1]
أسباب قوّة الإيمان
كما أنّ للإيمان أسبابٌ تؤدّي لنقصه وضعفه، فثمّة أسبابٌ لزيادته وتقويته، ومنها:[2]
- معرفة الله -عزّ وجلّ- بأسمائه الحسنى، وصفاته العُلا: حيث إنّ معرفة أسماء الله تعالى وصفاته والعلم بها، تُورث في القلب الخشية من الله تعالى، فوجودها دليلٌ على قوة الإيمان، فالعالم الحقّ أكثر الناس خشيةً من الله وأكثرهم إيماناً، مصداقاً لقول الله تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ)،[3] وقد قال ابن رجب: (فالعلم النافع ما عرَّف العبد بربِّه، ودلَّه عليه حتى عرفه ووحَّده، وأنِس به واستحيا من قربه، وعَبده كأنه يراه)، وأعلى مراتب الإيمان الإحسان، ومعناه عبادة الله تعالى كأنّ العبد يراه، والشعور بمراقبته له.
- قراءة القرآن الكريم وتدبّر آياته: فالمداومة على قراءته، وتدبّر ما فيه من الآيات التي تصف الجنّة والنار، والجزاء والعقاب، ومعرفة الأعمال الصالحة، والحرص عليها، واجتناب السيّء منها، يقوّي إيمان العبد بربه عزّ وجلّ، فقد قال الله تعالى: (وَإِذا تُلِيَت عَلَيهِم آياتُهُ زادَتهُم إيمانًا وَعَلى رَبِّهِم يَتَوَكَّلونَ).[4]
- طلب العلم الشرعيّ: فالعلم النافع سببٌ لخشية الله تعالى، وزيادة الإيمان، فقد رُوي أنّ رجلاً وصف الإمام معروف الكرخي، بأنّه قليل العلم في مجلس الإمام أحمد، فنهره الإمام أحمد، وقال له: (أمسك -عافاك الله- وهل يُرادُ من العلم إلّا ما وصل إليه معروف).
- التأمّل في مخلوقات الله تعالى، وآياته الكونية: فكلّما أمعن الإنسان نظره وعقله في خَلق الله تعالى؛ ازداد تعظيماً، وخشيةً للخالق عزّ وجلّ، وبالتالي ازداد رصيده الإيمانيّ، مصداقاً لقول الله تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ).[5]
- الإكثار من ذكر الله تعالى: فذكره يحيي القلب، ويزيد الإيمان واليقين، بينما تُضعف قلّة ذكر الله تعالى الإيمان، وتُميت القلب، وذلك مصداقاً لقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (مثلُ الَّذي يذكر ربَّه والَّذي لا يذكُرُ ربَّه مثل الحي والميِتِ).[6]
- البعدُ عن المعاصي والذنوب: فالبُعد عن المعاصي، والفتن، من أهم الأسباب التي ترسّخ الإيمان في القلب، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (غضُّ البصر يُورِث ثلاث فوائد: حلاوة الإيمان ولذَّته، نور القلب والفراسة، قوة القلب وثباته وشجاعته).
- الإكثار من النوافل والطاعات: حيث إنّ للإكثار من النوافل ثمراتٌ عديدةٌ؛ كإجابة الدعاء، ونيل محبّة الله تعالى، وتوفيقه، وحفظ الجوارح عن الرذائل والذنوب، ممّا يؤدي إلى زيادة الإيمان في القلب، مصداقاً لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فيما يرويه عن ربّه عزّ وجلّ: (وما يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنَّوافلِ حتَّى أُحبَّه، فإذا أحببتُه، كنتُ سمعَه الَّذي يسمع به، وبصره الَّذي يُبصر به، ويدَه الَّتي يبطِشُ بها، ورِجلَه الَّتي يمشي بها، وإن سألني لأُعطينَّه، ولئن استعاذني لأُعيذنَّه).[7]
وثمّة الكثير من الأسباب التي تؤدي لتقوية الإيمان؛ كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتعلّم سيرة المصطفى صلّى الله عليه وسلّم، وقراءة قصص السلف الصالح، وزيارة القبور، والولاء والبراء، والاعتناء بأعمال القلوب؛ كالمحبّة، والخوف، والرجاء، والتوكّل، والحرص على الدعوة إلى الله تعالى، والتقليل من مُباحات الحياة الدنيا.[2]
أركان الإيمان
إنّ للإيمان ستة أركانٍ، وهي:[8]
- الإيمان بالله تعالى: ويقتضي الإيمان بالله تعالى الإقرار بألوهيّته، وربوبيّته، إذ إنّه الإله المعبود بحقٍّ، لا شريك له، والإقرار بما أثبت لنفسه من الأسماء الحسنى، والصفات العُلا في القرآن الكريم، أو في السنّة النبويّة، والتصديق بها كما جاءت من غير تشبيهٍ، ولا تعطيلٍ، ولا تحريفٍ، ولا تمثيلٍ.
- الإيمان بالملائكة: وهم من مخلوقات الله تعالى، وهم السفَرة بينه وبين أنبيائه عليهم السّلام، ومن الجدير بالذكر أنّ لكلّ مَلكٍ مهمةٌ كلّفه الله تعالى بها؛ فجبريل -عليه السّلام- مكلّفٌ بتبليغ الوحي إلى الرسل، وإسرافيل -عليه السّلام- مكلّفٌ بالنفخِ في الصور ثلاث مراتٍ، وميكائيل مكلّفٌ بتصريف الأمطار، ومَلك الموت مكلّفٌ بقبض الأرواح.
- الإيمان بالرسل: ويشمل الإقرار بأنّ دعوة أنبياء الله تعالى جميعهم كانت الإسلام، على الرغم من اختلاف شرائعهم، وأنّهم أمروا الناس بتوحيد الله تعالى، وحذّروهم من الشرك به.
- الإيمان باليوم الآخر: ويشمل التصديق بالحساب والجزاء المترتّب على العبد، سواءً الجنّة أو النار.
- الإيمان بالقدر: ويشمل الإقرار بإحاطة علم الله تعالى بكلّ شيءٍ، والإيمان بقدرة الله الشاملة، ومشيئته النافذة، والتصديق بكتاب الله -تعالى- الذي لم يفرّط فيه من شيءٍ، والإيمان بكتابة المقادير الخمسة، وهي: التقدير الأزليّ، وكتابة الميثاق، والتقدير العمريّ، والتقدير الحوليّ، والتقدير اليوميّ.
المراجع
- ↑ "حقيقة الإيمان ومقتضياته"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-10-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب "من أسباب زيادة الإيمان ونقصانه"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-10-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة فاطر، آية: 28.
- ↑ سورة الأنفال، آية: 2.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 190.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 6407، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6502، صحيح.
- ↑ "أركان الإيمان"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-10-2018. بتصرّف.