كيف تلبسين الحجاب
تعريف الحجاب
أنعمَ الله -تعالى- على عباده بالإسلام، وجعل الالتزام به طريقاً للسعادة والهناء، وجعل الإسلام شاملاً لكلّ أمور الحياة، كما اشتملت الشريعة الإسلامية على ثوابتٍ لا تتبدّل ولا تتغيّر، فكان الحجاب من الثوابت التي جاء الحديث عنه واضحاً في القرآن الكريم وفي السنة النبوية، فالحجاب في اللغة هو الستر الذي يحول بين الشيئين، فهو يحول بين المرأة وبين نظر العابثين، كما يأتي الحجاب بمعنى المنع من الرؤية، كما في قول الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّـهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيم)،[1] أمّا في الشريعة الإسلامية فالحجاب هو حجب النساء المسلمات من غير القواعد من النساء، عن أعين الرجال غير المحارم، والهدف العام من الحجاب بعد اجتماع الدلالة اللغوية والشرعية في مفهومه، هو حفظ عفاف وكرامة المرأة المسلمة، حيث إنّ الالتزام بالحجاب بمواصفاته الشرعية طاعةٌ لله تعالى، ولرسوله صلّى الله عليه وسلّم.[2]
شروط ومواصفات الحجاب
حفظ الله -تعالى- للمرأة المسلمة كيانها وصان كرامتها، وصانها عن السوء والأذى، حيث أمرها أن تكون طاهرةً عفيفةً، بجعل الحجاب الشرعي طريقها للطهر والعفاف، فلم يرضَ الله -تعالى- للبشرية أن تكون في حالةٍ من العُري الأولى، حيث قال الله عزّ وجلّ: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ)،[3] حيث حرص إبليس على تعرية بني آدم واستمرّ بإغوائهم، كما قام بإغواء أبويهم من قبل، بدعوته المستمرة لنزع اللباس عنهم وتعريتهم، فكان أولياؤه هم المستجيبون لدعوة الفساد والتعرّي، حتى وصل الحال ببعضهم إلى الطواف بالبيت الحرام عراةً؛ بحجّة عدم صحة الإقبال على الله -تعالى- بثيابٍ مُدنسةٍ بالذنوب والآثام، وهذا ليس إلّا من تبرير أهل الباطل لباطلهم، فجاءت دعوة الإسلام لإخراج الناس من الظلمة الى النور، ودعوةٌ للمؤمنات بالستر والاجتهاد بإخفاء الزينة، كما أُمر المؤمنين مقابل ذلك بغضّ أبصارهم عن المحرّمات، أمّا إن وقع النظر منهم من غير قصدٍ، فعليهم الحرص على صرف أبصارهم، وعدم معاودة النظر ثانيةً؛ لتزكية نفوسهم، وحماية قلوبهم، وحفظهم من الفتن، يقول الله تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ*وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ)،[4] حيث إنّ للحجاب الشرعي شروطٌ عدّةٌ لا بدّ من توفّرها فيه، وهي:[5]
- أن يستر الحجاب جميع البدن، ما عدا الوجه والكفّين، ففي حكم تغطيتهما خلاف، اقتداءً بأمهات المؤمنين اللاتي استجبن لهذا الشرط مع أخذ الاحتياط حتى لا ينكشف سترهنّ.
- ألّا يكون الحجاب زينةً في نفسه، فالحجاب الذي يتصف بالزينة الظاهرة لا يُسمّى حجاباً، والضابط في زينة الحجاب ألّا يُلفت حجاب المسلمة أنظار الرجال الأجانب.
- ألّا يُظهر الحجاب ما تحته، فقد وصف النبي -صلّى الله عليه وسلّم- النساء اللاتي يلبسن الحجاب الذي لا يُخفي ما تحته من الزينة بالكاسيات ولكنّهنّ في الحقيقة عاريات.
- أن يكون الحجاب واسعاً غير ضيقٍ، بحيث لا يصف حجم الجسم وتفاصيله، ولا يكون مجرّد تغطيةٍ للون البشرة؛ حتى يتحقّق الستر وتندرء الفتنة.
- أن يكونَ الحجاب غير مطيَبٍ، فقد نهى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- النساء من التطيّب عند الخروج من المنزل؛ لما في الطيب من إثارةٍ للشهوة.
- ألّا يكون في لباسها ما يدلّ على التشبّه بالرجال، فلا بدّ أن يكون لباس المرأة خاصّاً بها تتميّز به عن الرجال، كما ورد النهي للرجال كذلك عن التشبّه بالنساء.
- عدم تشبّه المرأة المسلمة بلباسها لباس الكافرات، لما فيه من التشبّه للكفّار المنهي عنه.
- ألّا تقصد في لباسها الشهرة المخالفة للمقصود، وألّا تلفت الأنظار إليها، حيث توعّد الله -تعالى- هذا الصنف بالذّل يوم القيامة.
الحكمة من الحجاب
فرض الله تعالى الحجاب على النساء، بحيث تؤجر من تمتثل لأمر الله تعالى بالالتزام به، وتعاقب من تتركه وتخرج بثياب التبرّج، فالتبرّج من الكبائر التي تستوجب الطرد من رحمة الله تعالى، كما ورد عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (أيُّما امرأةٍ وضَعَتْ ثيابَها في غيرِ بَيْتِ زوجِها، فقد هتَكَتْ سِتْرَ ما بَيْنَها وبَيْنَ اللهِ)،[6] حيث يُعدّ التبرّج بمثابة السير على المنهج الإبليسي، الذي يتصف أتباعه بالانحدار والانتكاس عن الفطرة البشرية المُحبّة للستر والعفاف،[7] حيث جاء الأمر بالحجاب لما فيه من الفوائد العظيمة، ومنها:[8]
- الحجاب استجابة لله -تعالى- ولرسوله صلّى الله عليه وسلّم، لذلك فهو يُورث السعادة والطمأنينة في نفس المرأة المسلمة، يقول الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا).[9]
- الالتزام بالحجاب الشرعي دليلٌ على الإيمان؛ لأنّها طائعةٌ لله -تعالى- فيما أمرها.
- تزكية قلب المرأة بالستر، والرجل بإعانته على غضّ البصر وحفظ النفوس عن الرذائل.
- إعفاف المرأة؛ لأنّها بحجابها تحفظ نفسها من الأذى، حيث إنّه علامةٌ على الطهر والعفاف.
- إحياء النفوس بالحياء حيث يُكرم الله -تعالى- به النفوس الطاهرة، فالإسلام حضّ على الحياء، وبيّن أنّه من الفطرة السليمة.
- تكريم المسلم بغرس الغيرة في القلوب، وهي العاطفة المندفعة من الرجل لحماية المرأة عن كلّ ما لا يليق بها، كما أنّها طبيعةٌ في الإنسان السوي.
- الدعوة الصريحة إلى الأخلاق الفاضلة بفرض الحجاب؛ لأنّه يدعو إلى الالتزام بالستر والطهر والعفاف، والابتعاد عن الفساد والرذيلة.
- حماية المؤمنين والمؤمنات من اتباع خطوات الشيطان، فالحجاب وقايةٌ للقلوب من النظر المحرّم، والكلام المحرّم، والفعل المحرّم.
المراجع
- ↑ سورة الشورى، آية: 51.
- ↑ أبو الحسن الفقيه (25-1-2007)، "لا جديد في الحجاب"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2-12-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعراف، آية: 26.
- ↑ سورة النور، آية: 30-31.
- ↑ د. طه فارس (15-11-2015)، "حجاب المرآة المسلمة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2-12-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 3036، صحيح.
- ↑ د. محمد المقدم، "الحجاب لماذا؟"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2-12-2018. بتصرّف.
- ↑ علي الأهدل (19-8-2014)، "فوائد الحجاب"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2-12-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 36.