-

كيف يكون يوم القيامة

كيف يكون يوم القيامة
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

يوم القيامة

يوم القيامة هو اليوم الذي يكون فيه بعث الله -تعالى- لجميع الخلائق للحساب بعد موتهم، وقد سُمّي بهذا الاسم لأنّ النّاس يقومون فيه لربِّ العالمين، وسُمّي أيضاً باليوم الآخر لأنّه يكون بعد نهاية الحياة الدنيا، وله عدّة أسماء أخرى وجميعها تَصِف أهواله وأحواله وتذكّر بضرورة الاستعداد له، فقد جاء في القرآن الكريم وفي السنّة النبويّة أنّ يوم القيامة سيكون يوماً عظيماً، وفيه الكثير من الأحوال غير المألوفة والمظاهر المُخيفة، والإيمان باليوم الآخر هو من أركان الإيمان؛ فالإيمان باليوم الآخر واجب ومن ينكره يكون كافراً، فقد قال الله تعالى: (وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا)،[1] والإيمان باليوم الآخر يتمثّل بالتصديق به، وما يحدث فيه من أحداث عظيمة.[2]

أحداث يوم القيامة

يجتمع جميع النّاس يوم القيامة في أرض المحشر ينتظرون الحساب، ويستمرّ ذلك المشهد وقتاً طويلاً ويكون المشهد مفزعاً ومُخيفاً، ومن التّغيرات التي تحصل يوم القيامة أنّ الأرض تتبدّل والسماوات كذلك، ويكون التبدّل تبدّلاً عجيباً ومُرعباً، ويكون النّاس حُفاةً عُراةً كما أخبر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بذلك، حيث قال: (يُحشرُ الناسُ يومَ القيامةِ حُفاةً عُراةً غُرلاً، قلتُ: يا رسولَ اللهِ؛ النساءُ والرجالُ جميعاً، يَنظرُ بعضُهُمْ إلى بعضٍ؟ قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: يا عائشةُ؛ الأمرُ أشدُّ مِنْ أنْ ينظرَ بعضُهمْ إلى بعضٍ)،[3] ويبلغ التّعب والفزع من النّاس مبلغاً عظيماً وتدنو الشّمس منهم دنوّاً عظيماً، حتى يصيبهم العَرق بحسب أعمالهم، ووصف ذلك النبيّ محمّد صلّى الله عليه وسلّم؛ حيث قال: (تُدْني الشمسُ يومَ القيامةِ مِنَ الخلقِ، حتى تكونَ منهمْ كمقدارِ ميلٍ، قال سليمُ بنُ عامرٍ: فواللهِ ما أدري ما يعني بالميلِ؛ أمسافةُ الأرضِ، أمْ الميلُ الذي تَكتحلُ بهِ العينُ، قال: فيكونُ الناسُ على قدرِ أعمالِهمْ في العرقِ، فمنهمْ مَنْ يكونُ إلى كعبيهِ، ومنهمْ مَنْ يكونُ إلى ركبتيهِ، ومنهمْ مَنْ يكونُ إلى حقويهِ، ومنهمْ مَنْ يُلجمُهُ العرقُ إلجاماً، قال وأشارَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- بيدِهِ إلى فيهِ).[4][5]

ومن أحداث يوم القيامة أنّ السّماء تنّشقّ فتصبح رقيقةً وهشّةً، ويتغيّر لونها إلى الاحمرار، وتطوى كما تطوى السّجلات، قال الله تعالى: (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ)،[6] ويُجمع الشّمس والقمر في آنٍ واحدٍ على خلاف العادة، وفي ذلك أخبر القرآن الكريم: (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ)،[7] ثمّ يذهب ضوء الشّمس ويُخسف القمر، ويلقيان في النّار؛ ليعلم عبّادهما أنّهما مسخّران لله تعالى، وتتناثر الكواكب والنّجوم ويُخفت نورهما كذلك.[8]

أمّا التغيّرات التي تحصل على الأرض فإنّها تتزلزل زلزلةً عظيمة، وتُدكُّ الجبال وتُنسف كأنّها لم تكن، وقد قال الله تعالى: (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ*وَحُمِلَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً*فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ)،[9] فالأرض تصبح كالبِساط، أمّا البحار فتشّتعل فيها النّيران وتتوقّد، فتُخرج الأرض أثقالها من الأموات والكنوز، أمّا الإنسان فيكون مذعوراً وخائفاً من كلّ هذه المظاهر، قال الله تعالى: (يَقُولُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ)،[10] ويُشار إلى أنّ يوم القيامة طويل جداً، لذا فإنّ هذه كلّ الأحداث تحصل على مراحل.[8]

مراحل الحساب يوم القيامة

إنّ حساب المخلوقات يوم القيامة يكون على عدّة مرحل، بيانها على النحو الآتي:[11][12]

  • النّفخ في الصُّور: ويكون ذلك على مرّتين؛ فيُنفخ في الصُّور أوّل مرة ليموت جميع الخلائق إلّا ما شاء الله، ثمّ تكون النّفخة الثّانية التي يقوم منها الأموات ويُبعثون مرّة أخرى للحياة؛ حتى يحاسبهم الله تعالى، قال الله تعالى: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ).[13]
  • المرور على حوض الرّسول: وهو حوض من نهر الكوثر الذي وعد به الله -سبحانه وتعالى- نبيّه محمّد صلّى الله عليه وسلّم، فيبدأ المؤمنون يوم القيامة بالورود على الحوض والشّرب منه، أمّا أصحاب المعاصي فتطردهم الملائكة عن الحوض وتُبعدهم عنه، ثمّ يرفع الله -تعالى- لكلّ نبيّ حوضاً يسقي منه أمّته.
  • الشّفاعة الكبرى: فيقوم النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بالشّفاعة الكبرى للخلائق عند الله -تعالى- ليعجّل حسابهم.
  • إظهار صحائف الأعمال: يتلقّى كلّ إنسان صحيفته بحسب عمله، فمن كان مؤمناً تلقّى صحيفته باليمين، ومن كان كافراً تلقّى صحيفته بالشمال ووراء ظهره، كما قال الله تعالى في القرآن الكريم: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ*فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا*وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا*وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ*فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا*وَيَصْلَى سَعِيرًا).[14]
  • الميزان: فيُنصب الميزان لوَزْن أعمال العباد، قال الله تعالى: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ).[15]
  • الحِساب والعرض: فتُعرض المخلوقات على الله تعالى، قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (ما منكم من أحدٍ إلّا سيُكلِّمُه ربُّه ليس بينه وبينه تَرجُمانٌ، فينظر أيمنَ منه فلا يرى إلّا ما قدَّم من عملِه، وينظر أشْأَمَ منه فلا يرى إلّا ما قدَّم، وينظر بين يدَيه فلا يرى إلّا النّارَ تلقاءَ وجهِه، فاتَّقوا النَّارَ ولو بشِقِّ تمرةٍ).[16]
  • الصّراط: ينصب الله -سبحانه وتعالى- الصّراط ليسير عليه النّاس جميعاً، فأمّا الكفّار والمنافقون لا يُبصرون الصّراط وهم يسيرون عليه، وأمّا المؤمنون فيكون لهم نوراً بقَدر عمله وإيمانه أثناء مسيره على الصّراط.
  • ذبح الموت: يجعل الله -سبحانه وتعالى- المَوْت على هيئة كبش، فيُؤتى به بين الجنّة والنّار ويأمر الله -تعالى- بذبحه، كما قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (يُؤتى بالموتِ كهيئةِ كبشٍ أملحَ، فينادي منادٍ: يا أهلَ الجنَّةِ، فيشرئبون وينظرون، فيقولُ: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، هذا الموتُ، وكلُّهم قد رآه، ثمّ ينادي: يا أهلَ النارِ، فيشرئبون وينظرون، فيقولُ: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، هذا الموتُ، وكلُّهم قد رآه، فيذبحُ، ثمّ يقولُ: يا أهلَ الجنَّةِ خلودٌ فلا موتَ، ويا أهلَ النّارِ خلودٌ فلا موتَ).[17]

ثمرات الإيمان باليوم الآخر

إنّ للإيمان باليوم الآخر عدّة ثمرات على الإنسان، منها ما يأتي:[5]

  • استعداد الإنسان ليوم القيامة؛ بالتّوبة إلى الله تعالى، وإحسان العمل.
  • اطمئنان الإنسان بأنّ الظّالمين والكفّار سيحاسبون على ظلمهم وكفرهم يوم القيامة.
  • استبشار الإنسان بتخفيف الله -تعالى- كُربات يوم القيامة على المؤمنين، بالرغم من شدّته وصعوبته.
  • اجتهاد الإنسان في تحصيل أسباب الاستظلال بظلّ الله -تعالى- يوم القيامة.

المراجع

  1. ↑ سورة النساء، آية: 136.
  2. ↑ الشيخ عبد الله بن صالح القصيِّر (2017-2-15)، "الحكمة من اليوم الآخر"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-2-21. بتصرّف.
  3. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة، الصفحة أو الرقم: 2859، صحيح.
  4. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن المقداد بن الأسود، الصفحة أو الرقم: 2864، صحيح.
  5. ^ أ ب د. أمين بن عبد الله الشقاوي (2013-12-25)، "من أهوال يوم القيامة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-2-21. بتصرّف.
  6. ↑ سورة الأنبياء، آية: 104.
  7. ↑ سورة القيامة، آية: 9.
  8. ^ أ ب "أهوال يوم القيامة"، www.almunajjid.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-2-21. بتصرّف.
  9. ↑ سورة الحاقة، آية: 13-15.
  10. ↑ سورة القيامة، آية: 10.
  11. ↑ "ترتيب أحداث يوم القيامة"، www.islamqa.info، 2014-12-1، اطّلع عليه بتاريخ 2018-2-21. بتصرّف.
  12. ↑ الشيخ صلاح نجيب الدق (2017-10-7)، "مشاهد يوم القيامة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-2-21. بتصرّف.
  13. ↑ سورة الزمر، آية: 68.
  14. ↑ سورة الانشقاق، آية: 7-12.
  15. ↑ سورة الأنبياء، آية: 47.
  16. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عدي بن حاتم الطائي، الصفحة أو الرقم: 7512، صحيح.
  17. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 4730، صحيح.