-

أحب الأعمال إلى الله تعالى

أحب الأعمال إلى الله تعالى
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

فضل العمل الصالح

العمل الصالح هو سفينة النّجاة التي تُنقذ المسلم من بحور الفتن، وتحقّق له الحفظ والأمن، فهو شفيعٌ في الدنيا وفي الآخرة وفي القبر، ففي الدنيا تنزل بسبب العمل الصالح الرحمات، وتُنال البركات، وفي القبر يجد المؤمن العمل الصالح مؤنساً له في ظلمته، ووحشته، بعد أن يتخلّى عنه الأهل، والأحباب، والمال، والبنون، وهو سببٌ لرفع الدرجات، وتثقيل الميزان بالحسنات في الآخرة، والعمل الصالح يرفع صاحبه إذا تعثّر، وثمرته عاجلة في الدنيا، وآجلة في الآخرة، ودليل ذلك قوله تعالى: (مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّـهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ)،[1] وقال ابن عباس في تفسير الآية: إن الكلم الطيب؛ هو ذكر الله سبحانه وتعالى، والعمل الصالح؛ هو أداء الفرائض، وقال الفراء: إن الكلام الطيب يُتَقَبَّل إذا كان معه عمل صالح.[2]

أحب الأعمال عند الله تعالى

إذا صدق المسلم في حبّه لله -سبحانه وتعالى- سعى للبحث عن الأعمال، والأشخاص، والأحوال، والأماكن، والأزمنة التي يحبّها الله -سبحانه وتعالى- ليحرص عليها ويحبّها فيبقى مع محبوبات ربّه عزّ وجلّ، وسيتم بيان أفضل الأعمال التي يحبّها الله فيما يأتي:[3][4]

  • الحنيفية السمحة: إنّ أحب الأديان إلى الله -سبحانه وتعالى- الحنيفية السمحة، والمقصود بالحنيفية: أي ملّة التوحيد، توحيد الله بلا شرك، وتحديد الوجهة إلى الله، بأن تميل عن كل ملّةٍ إلا ملّة الإسلام، والسمحة: هي التي فيها رفع الأذى، وزوال الضرر.
  • الفرائض والنوافل: إنّ من أحب الأعمال التي يمكن أن يتقرّب بها العبد إلى ربّه أداء فرائضه، مثل: الصلاة، والصيام، والزكاة، ومن ثم القيام بالنوافل، ودليل ذلك قوله -تعالى- في الحديث القدسي: (وما تقَرب إلي عبدي بشيءٍ أحبَّ إلي ممَّا افترضتُ عليه، وما يزالُ عبدي يتقربُ إلي بالنَّوافل حتى أُحبهُ).[5]
  • الصلاة في جماعة: فمن أحبّ الأعمال إلى الله -سبحانه وتعالى- صلاة الجماعة، وكلما كثُر عدد المصلين في صلاة الجماعة كان ذلك أحبّ إلى الله تعالى.
  • الصلاة على وقتها، وبر الوالدين، والجهاد في سبيل الله: وقد جاءت أحاديث تفضّل بعض هذه الأعمال على بعض، بحسب حال السائل، فقد كان يجيب الرسول -صلى الله عليه وسلم- السائل بما يراه مناسباً له، أو بما يراه محتاجاً إليه، أو إنّه في ذلك الوقت هو الأفضل له، ومن هذه الأحاديث حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: (سأَلت رسول اللَّه صلَّى الله عليه وسلم قُلت: يا رسول اللَّه، أيُّ العمل أفضل؟ قال: الصلاة على ميقَاتها، قُلت: ثُم أي؟ قال: ثُم برُّ الوالدين، قُلت: ثُم أيٌّ؟ قال: الجِهاد في سبيل اللَّه فسكت عن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي).[6]
  • ذكر الله عز وجل: ودليل ذلك ما رُوي عن الرسول صلى الله عليه وسلم: (قُلت أيُّ الأعمال أحبُّ إلى الله قال: أن تموت ولسانُك رطبٌ من ذكر الله)،[7] ومن أفضل الذكر قول: "سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم"، وقول: "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر"، للأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك.
  • كلمة الحق عند السلطان الظالم: والصدق في الحديث، وصيام وصلاة نبي الله داود عليه السلام، وتكاثر الأيدي على الطعام.
  • نَفْع الناس وإدخال السرور على المسلمين: وذلك من خلال كشف كُرباتهم، وقضاء ديونهم، وإطعام جائعهم، وغير ذلك من الأفعال الحسنة.
  • صلة الرحم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أحبُّ الأعمال إلى الله إيمانٌ بالله، ثم صلةُ الرَّحم، ثم الأمر بالمعروف، و النَّهي عن المنكرِ).[8]
  • الخُلُق الحسن: والتسمية بعبد الله وعبد الرحمن.
  • أركان الإسلام جميعها: فهي من أعظم العبادات عند الله -سبحانه وتعالى- وأحبّها إليه، لأنّ الإسلام بُني عليها، وهي دعائمه التي يقوم عليها، وتتفاوت الأعمال بعد ذلك بحسب الأشخاص، وبحسب الحالة التي يكونون عليها.[9]
  • الحج المبرور، والإيمان بالله سبحانه وتعالى: ويشمل أركان الإيمان جميعها الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والإيمان بالقدر خيره وشره، فالإيمان عمل القلب، واللسان، والجوارح، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.[10]
  • المداومة على العمل الصالح: فإنّ من أحبّ الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ، والمداومة على العمل من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي سببٌ لمحبة الله -تعالى- وسببٌ للاستظلال بظلّه يوم القيامة، وهي سببٌ لطهارة القلب من النفاق؛ لأنّ المنافق تثقل عليه العبادة والطاعة ولا يستطيع أن يستمر بها، وهي نجاةٌ من الشدائد؛ فمن يتعرّف على الله في الرخاء، يتعرّف عليه في الشدّة، والمداومة على العمل فيه دوام اتّصال القلب بالله، وهذا من شأنه أن يزيد القلب قوةً، ونشاطاً، وتعلّقاً بالله، وتركاً للمعاصي، وهي سببٌ في ترويض النفس على الطاعة، ودليلٌ على صدق العبد مع الله سبحانه تعالى.[11]

ضوابط تفضيل عمل على عمل آخَر

إنّ قيام العبد المسلم الحريص على دينه بالجمعُ بين أنواع العمل الصالح باتّزانٍ وتميّزٍ ليس بالأمر السهل الميسّر، لذلك هناك مجموعة ضوابط ينبغي له أن يلتزم بها ليعرف أولويات القيام بأفضل الأعمال بما يناسب حالته، ومن هذه الضوابط ما يأتي:[12]

  • الأعمال الواجبة شرعاً مقدّمة على غيرها بالمطلق.
  • الأعمال المستحبّة مقدَّمة على الأعمال المباحة بالمطلق، ما لم تكن هذه الأعمال وسيلةٌ إلى واجبٍ أو مستحبٍّ آخر.
  • عند التزاحُم بين الأعمال الصالحة، إذا إستطاع المسلم أن يقوم بكل الأعمال الصالحة فهو الأفضل، وإن لم يستطع فعليه أن يوازن بين درجات العمل الصالح مستأنساً بما يأتي:
  • القيام بالأعمال المرتبط فضلها بأوقاتٍ معينةٍ، وتقديمها على غيرها من الأعمال، فمثلاً الاعتكاف في ليالي القدر مُقدَّمٌ على التعليم ونحوه، وكذلك الانشغال بإكرام الضيف عند قُدومه، أو قتال العدو عند هُجومه، مُقدَّمٌ على أعمالٍ أخرى صالحةٍ في نفس الوقت.
  • العمل الذي يكون فيه خيرٌ مُتعدٍّ إلى النّاس أفضلُ من العمل القاصر نفعه على الشخص نفسه، فالعلمُ والتعليم، خيرٌ من العبادة النافلة القاصرة من حيث الأصل.
  • العملُ الذي يكونُ فيه اتّباع للسنة، وحضور للقلب وصلاحه، مقدَّمٌ على غيره، لأنّ الأعمال لا تتفاضلُ بالكثرة.
  • العمل الصالح المستحبُّ الذي يقومُ به المسلم ليتقوّى إيمانياً، ونفسياً، وقلبياً، مقدَّمٌ على غيره من الأعمال، لأن هذه الطريقة من طرق تربية الله -سبحانه وتعالى- لنبيِّه الكريم صلى الله عليه وسلم.

المراجع

  1. ↑ سورة فاطر، آية: 10.
  2. ↑ يسري فنجر، "العمل الصالح"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-4-2019. بتصرّف.
  3. ↑ "محبوبات المحبوب"، www.almunajjid.com، اطّلع عليه بتاريخ 24-4-2019. بتصرّف.
  4. ↑ "أحب الأعمال إلى الله"، www.ar.islamway.net، 22-12-2003، اطّلع عليه بتاريخ 24-4-2019. بتصرّف.
  5. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6502، صحيح.
  6. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 2782، صحيح.
  7. ↑ رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 1492، حسن صحيح.
  8. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن رجل من خثعم، الصفحة أو الرقم: 166، حسن.
  9. ↑ "أحب الأعمال إلى الله"، www.islamweb.net، 26-12-2001، اطّلع عليه بتاريخ 24-4-2019. بتصرّف.
  10. ↑ "كتاب: مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 24-4-2019. بتصرّف.
  11. ↑ زياد العمري، "الإستمرار في الطاعة"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-4-2019. بتصرّف.
  12. ↑ عبد المجيد الدهيشي (20-3-2012)، "أي العمل أفضل؟"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-4-2019. بتصرّف.