-

في أي لهجة نزل القرآن الكريم

في أي لهجة نزل القرآن الكريم
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

القرآن الكريم

يُعرّف القرآن الكريم على أنه كلام الله -تعالى- المنزل على نبيّه محمد -عليه الصلاة والسلام- وحياً بواسطة جبريل عليه السلام، المحفوظ في الصدور، والمكتوب في المصاحف، والمنقول عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالتواتر، ويُعدّ المصدر الأول من مصادر التشريع الإسلامي، وينقسم إلى ثلاثين جزءاً، ويبلغ عدد سوره 114 سورة،[1] وقد بيّن أهل اللغة أن كلمة قرآن مشتقّةٌ من قرأ بمعنى جمع، كما في قول الله تعالى: (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ* فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ)،[2] وقد فسّر ابن عباس -رضي الله عنه- الآية الكريمة قائلاً: "إذا جمعناه وأثبتناه في صدرك فأعمل به"، ومن الجدير بالذكر أن أهمّ خصائص القرآن الكريم نزوله بلغة العرب، مصداقاً لقول الله تعالى: (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).[3][4]

لهجة القرآن الكريم

تُعرّف اللهجة على أنها مجموعةٌ من الصفات اللسانية التي تنتمي إلى بيئةٍ اجتماعيةٍ معيّنةٍ، حيث يشترك في هذه الصفات جميع أفراد تلك البيئة ومحيطها، وقد كان العرب قديماً يُسمّون اللهجة لغةً، ولم تُستعمل كلمة لهجة بمعناها الاصطلاحي إلا مؤخّراً، فقد كان العرب يقولون لغة القبيلة بدلاً من لهجة القبيلة، كقولهم لغة تميم، أو لغة قريش، وفي الحقيقة أن اللغة أشمل من اللهجة، لأن اللغة غالباً ما تشمل عدّة لهجات، ومن الجدير بالذكر أن القرآن الكريم نزل بعدّة لهجات، حيث نزل بعضه بلهجة قريش، وبعضه بلهجة أسد وهذيل، وبعضه بلهجة كنانة، وبلهجة تميم، وقيس عيلان، وبعضه بلهجة أهل اليمن، وقد استدلّ أصحاب هذا الرأي بعدم معرفة بعض الصحابة -رضي الله عنهم- لبعض ألفاظ القرآن الكريم إلا من بعض الأعراب، فقد قيل إن كلمة فاطر التي وردت في قول الله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّـهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)،[5] لم يكن معناها محدّداً إلى أن سُمع أعرابي يقول في بئرٍ مُختلف فيه: "بئري أنا فطرتها"، وكان يقصد أنه من صنعها وحفرها، ومن هذا الكلام عُرف معنى فاطر في الآية الكريمة، أي صانع السماوات والأرض وخالقها.[6]

وثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ القرآن الكريم بلهجات القبائل المختلفة، تسهيلاً على أهل تلك القبائل وتيسراً عليهم في تلاوة القرآن الكريم، حتى إن بعض الصحابة كان يقرأ السورة بلهجةٍ سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، بينما يقرأ غيره نفس السورة بلهجةٍ أخرى، كما رُوي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لمّا سمع هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان في الصلاة بلهجةٍ غير التي حفظها عمر، فانتظر حتى انتهى من صلاته، فأخذه من ردائه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: (يا رسولَ اللَّهِ إني سمعتُ هذا يقرأُ سورةَ الفرقانِ على غيرِ ما أقرأتَنيها، فقالَ لَهُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليه وسلم: اقرأ، فقرأَ القراءةَ الَّتي سمعتُهُ يقرأُ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليه وسلم: هَكذا أُنزِلَت، ثمَّ قالَ لي: اقرأ، فقرأتُ فقالَ: هَكذا أُنزِلَت، ثمَّ قالَ: إنَّ هذا القرآنَ أُنزِلَ على سبعةِ أحرفٍ فاقرءوا ما تيسَّرَ منْهُ).[7][6]

مسألة وجود ألفاظ غير عربية في القرآن

بيّن الزركشي أن أهل العلم أجمعوا على أنه ليس في القرآن الكريم كلامٌ مركّبٌ على غير أساليب العرب، وإنما يحتوي على أسماء أعلام غير عربية؛ كإسرائيل، ونوح، ولوط، وجبرائيل، وقد اختلف أهل العلم في احتواء القرآن الكريم على غير الأعلام المفردة من غير كلام العرب، حيث ذهب فريقٌ من أهل العلم إلى أن القرآن الكريم لا يحتوي على غير الأسماء المفردة من غير لغة العرب، واحتجّوا على رأيهم بقول الله تعالى: (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ)،[8] وأكّد الإمام الشافعي على أنه ليس من القرآن الكريم شيءٌ إلا بلسان العرب، بينما ذهب فريقٌ آخر إلى أن القرآن الكريم يحتوي على بعض الألفاظ غير العربية، واحتجّوا بأن كلمة الإستبرق فارسية، وكلمة مشكاة هندية، ورجّح ابن قدامة إمكانية الجمع بين القولين بأن تكون أصل الكلمات غير عربية وعرّبها العرب واستعملوها.[4]

نزول القرآن الكريم على سبعة أحرف

نزول القرآن الكريم على سبعة أحرفٍ يعني الاختلاف في النطق ومنحى اللفظ دون الاختلاف في المعنى، وقد دارت آراء العلماء حول هذا المعنى من غير أن يتّفقوا على تفسيرٍ معيّنٍ له، ويمكن تلخيص آرائهم في قولين؛ أوّلهما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يقصد الحصر في العدد سبعة المذكور في الحديث، وإنما قصد التيسير، والتسهيل، والسعة، والقول الثاني وهو رأي أغلب علماء السلف، وهو أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قصد الحصر بسبعة أحرف، ولكن اختلفوا في تعيينها، حيث قال بعضهم أن المقصود سبع لهجاتٍ من لغات العرب، وقال بعضهم الآخر إن المقصود سبعة أنواعٍ من القراءات، حيث اعتبروا اختلاف حركات الإعراب نوعاً، واختلاف النطق بالتفخيم، والترقيق، والإمالة، والإدغام، والفتح، والإظهار نوعاً ثانياً، وإبدال حرفٍ مكان حرفٍ نوعاً ثالثاً، كإبدال السين بالصاد في كلمة السراط.[9]

خصائص القرآن الكريم

هناك العديد من الخصائص التي ميّز الله -تعالى- بها القرآن الكريم، وفيما يأتي بيان بعضها:

  • تكفّل الله -تعالى- بحفظه: حيث إن القرآن الكريم محفوظٌ من الزيادة، والنقصان، والتحريف، والتبديل، فقد تكفّل الله -تعالى- بحفظه حيث قال: (إِنّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظونَ).[10][11]
  • خاتم الكتب السماوية: من خصائص القرآن الكريم أنه آخر الكتب السماوية نزولاً، حيث إنه نزل على محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وهو خاتم الأنبياء والمرسلين، مصداقاً لقول الله تعالى: (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـكِن رَّسُولَ اللَّـهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا).[12][13]
  • الأخبار الغيبية: فقد أخبر القرآن الكريم عن الكثير من الأحداث الغيبية التي لا يستطيع أحدٌ من البشر الإحاطة بها، وهي أحداثٌ وقعت في الماضي، أو الحاضر، أو المستقبل، كالإخبار عن خلق السماوات والأرض، وقصص الأنبياء السابقين عليهم السلام، وقصة آدم وإبليس، وغيرها الكثير من الأخبار، مصداقاً لقول الله تعالى: (تِلكَ مِن أَنباءِ الغَيبِ نوحيها إِلَيكَ ما كُنتَ تَعلَمُها أَنتَ وَلا قَومُكَ مِن قَبلِ هـذا).[14][15]

المراجع

  1. ↑ "تعريف و معنى القرآن الكريم في قاموس المعجم الوسيط"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 10-5-2019. بتصرّف.
  2. ↑ سورة القيامة، آية: 17-18.
  3. ↑ سورة الزخرف، آية: 3.
  4. ^ أ ب " قرآن "، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 10-5-2019. بتصرّف.
  5. ↑ سورة فاطر، آية: 1.
  6. ^ أ ب "القرآن الكريم واللهجات العربية"، www.ar.islamway.net، 2016-8-9، اطّلع عليه بتاريخ 10-5-2019. بتصرّف.
  7. ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 1475، صحيح.
  8. ↑ سورة فصلت، آية: 44.
  9. ↑ د. عبد الجبار زيدان (3-11-2013)، "نزول القرآن على سبعة أحرف"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-5-2019. بتصرّف.
  10. ↑ سورة الحجر، آية: 9.
  11. ↑ علي بن عبدالعزيز الراجحي، "خصائص القرآن الكريم وحقوقه"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-5-2019. بتصرّف.
  12. ↑ سورة الأحزاب، آية: 40.
  13. ↑ " أنه آخر الكتب المنزلة"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-5-2019. بتصرّف.
  14. ↑ سورة هود، آية: 49.
  15. ↑ "الأخبار الغيبية"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-5-2019. بتصرّف.