-

مقومات الصناعة

مقومات الصناعة
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

مفهوم الصِّناعة

يُمكِن تعريف الصناعة في النظرية الاقتصادية بأنها مجموعة المنشآت التي تعمل على إنتاج سلع بديلةٍ أو متشابهةٍ، وتُمثّل الصناعة أيضاً العمليات التي يتم عن طريقها تحويل مادّةٍ خام ٍّإلى صورةٍ أو حالةٍ جديدةٍ تتناسب مع احتياجات ومتطلبات الإنسان، ومثال ذلك تحويل مادة القطن الخام إلى منسوجاتٍ قُطنيّةٍ، وتحويل الحديد الخام إلى آلات حديدية ومكائن،[1] فالصناعة تُعبّر عن مجموعة الأعمال التي يتم عن طريقها تقديم خدماتٍ مُتشابهة أو إنتاج منتجات متشابهة. وتُشير كلمة الصناعة إلى كافة الأعمال التجارية مُجتمِعةً، وبذلك فإن الصناعة تزوّد البشر بالطعام، والملابس، والمأوى والعديد من الحاجيات الأساسية، كما أن الصناعة تجعل الحياة أكثر سهولةً وصحةً؛ فهي توفّر أساليب الترويح والأجهزة التي تُسهّل القيام بالأعمال، بالإضافة إلى توفير الأدوية والعقاقير. وعلى الرغم من أهمية الصناعة لحياة الإنسان، إلّا أن بعض الأنشطة الصناعية لها آثار جانبية ضارة، فقد تؤدي المصانع إلى تلوّث الهواء والماء نتيجة إلقاء النفايات وحرقها، كما أن الآلات الصناعية تُحدث الضجيج الذي يؤدي في بعض الأحيان إلى إتلاف أو ضرر حاسة السمع.[2]

مقومات الصِّناعة

تعتمد معظم الدّول على مقوّماتٍ تملكها أو تقوم باستيرادها من أجل تطوير الصناعة وتنميتها، والتي تختلف مُسمّياتُها وفئاتها من دولة لأخرى ومن نظام لآخر، ومن أهم هذه المقومات هي:[2]

  • رأس المال: يُعتبر رأس المال واحداً من أهم مُقوّمات نجاح أي صِناعة، ولرأس المال معنيان في هذا المجال، وهما: المال الذي يجب أن يتوفّر لشراء الإمدادات، وتأجير العمال، ودفع الفواتير، أو أنها تمثّل السلع الرأسمالية التي لها دورٌ مهمٌّ في الإنتاجية خلال فترة زمنية محددة، كالآليات، والمنشآت، والأدوات، فعلى سبيل المثال، يُعتبر الفرن في المخبر أحد السلع الرأسمالية، أما مواد الخميرة والطحين فهي ليست كذلك. وفي بعض الصّناعات قد تفوقُ نفقاتُ رأس المال النّفقات الأُخرى، وتُعرف هذه الصناعات باسم الصناعات الرأسمالية المُكثّفة، ومن أمثلتها الصناعات الكيميائية ومحطات توليد الطاقة الكهربائية. وتسعى العديد من الدول إلى استخدام الموارد لزيادة إنتاج السلع الرأسمالية والاستغناء عن السلع الاستهلاكية، مما يُقلّل من استهلاك الموارد التي تُعتبر محدودةً إلى حدٍّ ما في كثيرٍ من الدول.[2]
  • المواد الخام: وهي مواد أوليّةٌ وطبيعيّةٌ تساهم في العملية الصناعية بشكل كبير عن طريق التحوّل من شكلها الأصلي إلى شكل آخر يَتلائم مع متطلّبات الإنسان وحاجياته، ويؤثر تنوع هذه المواد وأثمانها وكيفية استغلالها في قيام الصناعة. وقد تتمثّل المواد الخام في بعض الصناعات بمواد نصف مصنعة، وهي المواد التي تُنتجها بعض الصناعات بمعالجة المواد الخام، لتصبح المواد الناتجة عبارة عن مواد خام لصناعات أخرى، ومن الأمثلة على هذه المواد الزيوت، وكتل الحديد، والخيوط النسيجية، والمشتقات النفطية. وتنقسم المواد الخام إلى ثلاثة أقسام رئيسية، وهي:[3]
  • الأيدي العاملة أو رأس المال البشري: تُعتبر الأيدي العاملة من أهم مقومات نجاح الصناعة وتطورها؛ فكل الصناعات تحتاج إلى مساعدة الإنسان ومشاركته، لكن تختلف الصناعات في مدى التكاليف اللازمة لتوفير الأيدي العاملة مقارنةً بتكلفة توفير الموارد والآليات؛ فالمُحاماة، والمحاسبة، وغيرها من الصناعات الخدمية ترتكز معظم نفقاتها على الأيدي العاملة وليس على الآليات. وتَعتمد كمية الأيدي العاملة في أي صناعةٍ على حجم السكّان في المنطقة والنسبة العاملة من السكان ونسبة البطالة والباحثين عن العمل، بالإضافة إلى عدد ساعات العمل لكل فرد. كما أن الأيدي العاملة تختلف في النوعية؛ لأن البشر مختلفون فيما بينهم من حيث المهارات المكتسبة والقدرات الموروثة، ونتيجةً لذلك نجد أن العمال في أي صناعةٍ يختلفون في القدرة على الإنتاج وسرعة الأداء ومدى إتقانه؛ لهذا يتم التوجه إلى برامج التدريب لتحسين مهارات وقدرات الأيدي العاملة.[2]
  • الإدارة: من المقومات المهمّة لقيام ونجاح صناعة ما هو توفّر جهاز إداري منظم يُناط به مهمة اتخاذ القرارات الخاصّة بالصناعة، حيث يُحدّد الإداريون المنتج، وكميته، والأسواق المطلوبه فيه، ومستوى أسعار البيع، بالإضافة إلى تحديد كيفية الحصول على رأس المال سواء كان عن طريق القروض البنكية أو عن طريق الأسهم والسندات. ويسعى الإداريون إلى تحقيق أدنى قيمةٍ للتكاليف، وذلك بتحديد مزيج مدخلات الإنتاج من رأس المال، والمواد الخام، والعمل، فإذا تبيّن للإداريين مثلاً أن التّكاليف الخاصة بالعمل مرتفعة، فإنه يتم تقليل عدد العُمّال باستثمار آليات تقوم بالعمل نفسه وبكلفةٍ أقل، أما إذا كانت تكاليف العمل قليلةً فإنّ الإدارة ستقوم بزيادة عدد العمال والاستغناء عن شراء الآليات.[2]
  • الأسواق: الهدف الأساسي من أي صناعةٍ في أي دولة هو توفير المنتجات والحاجيات الاستهلاكية لسكان تلك الدولة، وقد تتوسّع بعض الصناعات الكبيرة لتشمل توفير احتياجات سكان الدول المجاورة أو البعيدة؛ لذلك لا بد من وجود تسويق ناجح للمنتجات والبضائع المُصنعّة، ومراعاة حجم السوق ونوعية المستهلكين، حتى تستمر الصناعة وتتمكّن من توفير الكُلفة اللّازمة لشراء المواد الخام، ودفع أجور العمال، وضمان نسبة جيدة من الأرباح.[3]
  • وسائل النقل والمواصلات: تعتمد العديد من الصناعات وخاصة الصناعات الحديثة على وسائل النقل من أجل توفير المواد الخام والوقود للمصانع، ونقل البضائع والمنتوجات من مكان الصناعة إلى الأسواق الاستهلاكية؛ فالأسواق وأماكن وجود الخامات لا تكون في الغالب قريبةً من مكان التصنيع، وبالتالي فإن تقليل التكاليف اللازمة للنقل يُساهم بشكل كبير في خفض تكاليف الإنتاج؛ لذلك نجد أن العديد من الصناعات تنقل منتجاتها بواسطة وسائل المواصلات الحديثة وذات التكاليف القليلة.[3]
  • مواد خام معدنية: مثل الذهب، والنحاس، والحديد.
  • مواد خام نباتية: مثل المطاط، والقطن، وقصب السكر، والقمح.
  • مواد خام حيوانية: مثل الصوف، والألبان، واللحوم، والجلود.

مشاكل وتحديات الصناعة

  • تلوث البيئة: حيث ينتج عن العمليات الصناعية المختلفة أنواع مختلفة من التلوث، والذي يؤثر سلباً على البيئة، فقد تتضمن عملية إلقاء النفايات في الأنهار والبحار، أو إنتاج الدخان والملوثات المختلفة التي تضر الكائنات الحية، ما يضع أهميةً كبيرة لاستخدام أنظمة تنقية خاصة لتلافي مشاكل التلوث.
  • إمدادات الطاقة: تحتاج الصناعة إلى مصادر طاقة هائلة للتشغيل والاستمرار الأمر الذي يضع الموارد الطبيعية -المصادر الأساسية للطاقة لدى الكثير من الدول- تحت تهديد النضوب.
  • البطالة: في الدول النامية التي ترتفع فيها مُعدّلات البطالة يقل الطلب على الخدمات والسلع مما يقلل من الطلب على منتجات الصناعة وبالتالي تثبيط عملية الصناعة في البلد.
  • الأنظمة الحكومية: تفرض الحكومات عادةً أنظمة عامة تتعلق بقوانين الأجور والعمل، ومعايير الصحة والسلامة العامة. وتحمي الأنظمة المستهلكين وتتابع مصالحهم، حيث تبحث في مشاكل التلوث الناجمة عن الصناعات كما تنظر في أساليب الدعايات التجارية والسلع غير السليمة. ومن ناحية أخرى قد تؤدي الأنظمة الحكومية إلى احتكار بعض السلع، كما في الصناعات المنظّمة التي تُحدّد فيها الحكومة نوع الخدمة وأسعارها وتسمح باحتكارها، مما يؤدي إلى انعدام المنافسة في السوق وعدم تطوير الخدمات المقدمة للمستهلكين.

المراجع

  1. ↑ فتيحة منيعي، النشاط الإنتاجي في المؤسسات الصناعية، صفحة 112. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح دائرة المعارف العالمية، باحثون عرب، الموسوعة العربية العالمية (الطبعة الثانية )، السعودية: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، صفحة 145,146,147، الجزء الخامس عشر. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت حطاب موراد، أثر السياسات الصناعية على هيكل الصناعة، صفحة 56,57. بتصرّف.