-

ليلة الإسراء والمعراج بالتفصيل

ليلة الإسراء والمعراج بالتفصيل
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الإسراء والمعراج

لم يدّخر النبي -صلّى الله عليه وسلّم- طوال عشر سنين أيّ جهدٍ في سبيل نشر الدعوة التي أنزلها الله -تعالى- عليه، وسلك كلّ طريقٍ يظنّ أنّه سبيلٌ لهداية قومه ونقلهم من الشرك إلى التوحيد، وبالرغم من عظم محاولات النبي مع قومه، إلّا أنّهم لم يقابلونه إلّا بكلّ إساءةٍ واستهزاءٍ وتعذيبٍ، وما زاد على النبي -صلّى الله عليه وسلّم- صعوبة أيامه وشدّة كربه وفاة عمّه أبي طالب؛ وهو من كان يذبّ عن النبي الأذى، ويحميه، وإضافة إلى ذلك توفيت زوجته خديجة رضي الله عنها؛ مؤنسته، وداعمته.[1]

خرج النبي ليدعو أهل الطائف، فكان استقبالهم للنبي -صلّى الله عليه وسلّم- أسوء استقبالٍ، فقد استهزءوا بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، وألحقوا به الأذى، حتى سال الدم من قدميه الشريفتين، فعظُم حزن النبي صلّى الله عليه وسلّم، واشتدّ كربه، وفي تلك الأوقات العصيبة جاءت رحلة الإسراء والمعراج؛ لتكون تعويضاً وإيناساً للنبي -صلّى الله عليه وسلّم- عمّا لقيه من أهل الأرض، وتُعرف الإسراء بأنّها الرحلة التي سارها النبي -صلّى الله عليه وسلّم- من المسجد الحرام بمكة المكرمة إلى المسجد الأقصى بالقدس الشريف، وأمّا لفظ المعراج فهو ما أعقب رحلة الإسراء من العروج إلى السماوات العُلا.[1][2]

أحداث ليلة الإسراء والمعراج

بدأت أحداث ليلة الإسراء والمعراج حينما كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- نائماً، فأتاه آتٍ، فشقّ قلبه، وأخرجه وملأه حكمةً وإيماناً، ثمّ جاءت دابةٌ عظيمةٌ تسمّى البراق؛ لتحمل النبي والملك جبريل -عليهما السلام- في رحلتهما، فانطلقت بهما إلى بيت المقدس، ودابة البراق سريعةٌ جداً، حيث كانت تضع خطواتها عند منتهى نظرها، فدخل النبي المسجد الأقصى، فلقي جميع الأنبياء، فأمّهم بركعتين، ثمّ خرج بعد ذلك، فإذا بجبريل -عليه السلام- يخيّره بين كأسين؛ أحدهما الخمر، والآخر فيه لبنٌ، فاختار النبي -صلّى الله عليه وسلّم- اللبن، فأخبره جبريلٌ بأنّه قد اختار الفطرة.[1]

بدأت بعد ذلك رحلة المعراج، فانطلق النبي وجبريل -عليهما السلام- إلى السماء الأولى، فاستفتحا فأُذن لهما، فإذا هو النبي آدم عليه السلام، فسلّم على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ انطلقا إلى السماء الثانية، واستفتحا فأُذن لهما، فكان فيها نبيا الله عيسى ويحيى بن زكريا، فسلّما عليهما، فردّا السلام مرحّبين بهما، ثمّ عرج النبي إلى السماء الثالثة، وكذا كان في الاستقبال نبي الله يوسف، وفي السماء الرابعة كان نبي الله إدريس، ثمّ في السماء الخامسة كان نبي الله هارون عليه السلام، وفي السماء السادسة كان موسى عليه السلام، ثمّ إذا استأذنا في السماء السابعة، فإذا فيها إبراهيم عليه السلام، وكان مُسنداً ظهره إلى البيت المعمور؛ وهو بيتٌ يدخله كلّ يومٍ سبعون ألف ملكٍ، لا يعودون إليه.[1]

بعد اكتمال المعراج في السماوات السبع، انتقل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلى سدرة المنتهى، فبدا شكلها غايةً في الحُسن؛ وذلك ممّا تغشّاها من أمر الله ما تغشّاها، وهناك أوحى الله -تعالى- لعبده فرض خمسين صلاةً في كلّ يومٍ وليلةٍ، فنزل النبي -صلّى الله عليه وسلّم- إلى موسى، فقال له موسى أن ارجع إلى ربّك؛ فيخفّف عنك، فإنّ أمّتك لا تطيق خمسين فرضاً في اليوم والليلة، فعاد النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يسأل ربه أن يخفّف عنه، فوضع الله -تعالى- منها عشراً، وما زال النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يطلب منه مزيداً من التخفيف، حتى بلغ عدد الصلوات خمس فرائض في اليوم والليلة.[1]

دروس مستفادة من رحلة الإسراء والمعراج

أراد الله -تعالى- إيصال العديد من الدروس والعبر من رحلة الإسراء والمعراج ، وفيما يأتي بيان بعضها:[3]

  • الاطلاع على قدرة الله -تعالى- وبديع خلقه، ففي قطع المسافة بين القدس ومكة في ليلةٍ واحدةٍ والمعراج إلى السماوات ثمّ العودة؛ دلالةٌ على قدرة الله تعالى، ولذلك فقد أثار ذلك الكثير من الجدل مع الكفار، وأثار لديهم تساؤلاتٍ كثيرةٍ، وكذلك فإنّ ممّا يدركه المسلم حين يعرف تفاصيل رحلة الإسراء والمعراج، حكمة الله تعالى، ويطمئن المسلم أيضاً بأنّ ربّه -عزّ وجلّ- لن يكله إلّا لخير وصلاح أمره في الدنيا والآخرة إذا اتصل فيه وأطاعه.
  • مكانة المسجد الأقصى عند المسلمين، فقد توثّقت علاقة المسجد الاقصى بالاسلام، وذلك في ليلة الاسراء والمعراج، حيث إنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- كان إماماً الأنبياء في المسجد الأقصى، فكان المسجد الأقصى قبلة الأنبياء قبل مجيء النبي صلّى الله عيله وسلّم، والقبلة التي صلّى إليها النبي صلّى الله عليه وسلّم، قبل أن يتم تغيّرها إلى مكة، والمسجد الاقصى المسجد الثالث الذي تشدّ إليه الرحال، كما ذكر النبي صلّى الله عيله وسلّم.
  • التأكيد على أنّ الرسالات كلّها من عند الله الواحد، ومُبتغاها واحدٌ؛ وهو عبادة الله وتوحيده، حيث قال الله تعالى: (‏وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ).[4]
  • الإسلام دين الفطرة، ففي تخيير جبريل للنبي -عليهما السلام- للنبي بين الخمر واللبن، واختيار النبي -صلّى الله عليه وسلّم- للبن؛ دلالةٌ على أنّ الدين دينٌ يتماشى مع فطرة الإنسان، ويوازن بين المصالح والمفاسد، وبين الروح والجسد، وبين الدنيا والآخرة، وذلك من أهم الأسباب التي تجعل الإسلام ينتشر بسرعةٍ وسهولةٍ بين الناس؛ فيُقبلون عليه.
  • مكانة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- العظيمة، إذ وصل النبي مكاناً في السماوات العلا، لم يصله بشرٌ من قبله؛ وهو سدرة المنتهى، وذلك تشريفٌ ورفعةٌ للنبي صلّى الله عليه وسلّم.

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج "الإسراء والمعراج"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-27. بتصرّف.
  2. ↑ "الإسراء والمعراج تكريم للنبي عليه الصلاة والسلام"، www.fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-27. بتصرّف.
  3. ↑ "الإسراء والمعراج.. دروس وعبر"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-11-5. بتصرّف.
  4. ↑ سورة الأنبياء، آية: 25.