بحث عن خلق الرسول مع الأطفال
الرسول صلى الله عليه وسلم
لقد بُعث الرسول صلى الله عليه وسلم ليكمّل مكارم الأخلق ويكون قدوةً للناس كافةً، فهو صلّى الله عليه وسلم صاحب الخلق الرفيع والمنزّه عن كلّ خطأ، وهو من قال فيه الله تعالى:(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) { القلم: 4 }، واتباع هديه صلى الله عليه وسلم وأخلاقه من الأمور الأساسيّة في الإسلام لمن أراد رضا الله تعالى.
كما قال تعالى:(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) { الأحزاب: 21 }، ومن ضمن أخلاقه صلى الله عليه وسلم وما بيّنه للناس هو حسن معاملته للأطفال، فكم من الناس في هذه الأيام يسيء معاملة الأطفال سواءً بقصدٍ أو من دون قصدٍ دون أن يقتدي بهدي الرسول عليه الصلاة والسلام في معاملته الحسنة للأطفال والتي جعل منها قدوةً لمن بعده من المسلمين.
رحمة الرسول بالأطفال
لقد كان منهج الرسول صلى الله عليه وسلم في معاملة الأطفال يتخطى جميع ما نعرفه حاليّاً من حقوق الأطفال وغيرها، إذ إنّه عليه الصلاة والسلام كان يدرك أنّ هذه المرحلة من حياة الطفل هي إحدى المراحل الهامّة في بناء شخصيته وأنّه غير محاسبٍ فيها على أيّ شيءٍ يقوم بفعله.
الأطفال لا يدركون عواقب الأمور أو نتائجها أو الطبيعة التي خلقت فيها الحياة، بل إنّهم يحبون فقط من يكون بسيطاً في تعامله معهم يعاملهم على قدر فهمهم البسيط، ولهذا فلم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يتعامل مع الأطفال كتعامله مع الكبار مطلقاً، بل إنّه كان يستوعبهم بلطفه ويمازحهم ويلاعبهم حتى في أكثر المواقف جديّة وفي أكثر المواقف الّتي قد تثير سخط الناس على الأطفال، فكم من مرّةٍ بال طفلٌ على ثياب الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يحمله أو يلاعبه ولا يتأفأف الرسول مطلقاً بل ينضح الثوب بالماء ولا يغسله، فكان عليه الصلاة والسلام رحيماً بالأطفال، فإن سمع بكاء طفلٍ في الصلاة خفف من صلاته كي يتسنّى لأمّه إسكاته.
تعليم الرسول للأطفال
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم أنّ للأطفال حقوقاً يجب احترامها ونفساً حساسةً لكلّ المواقف التي تتعرّض لها، وأنّ هذه المواقف التي يتعرض لها الأطفال في صغرهم تؤثر عليهم عندما يكبرون وتصقل شخصيتهم، ولهذا كان عليه الصلاة والسلام يحاول تعليم الأطفال بأسلوبٍ بسيطٍ من خلال التعامل الحسن معهم وأن يكون قدوةً حسنةً لهم وأن يحث آباءهم على ذلك.
الأطفال يحبون التقليد وينظرون دائماً إلى من هم أكبر منهم وإلى من يحبونهم كقدوةٍ ينسخون كلّ أفعالها، فمن مواقفه عليه السلام ما يرويه عبد الله بن عامر:(دعتني أمِّي يومًا ورسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قاعدٌ في بيتِنا فقالت ها تعالَ أعطيكَ فقالَ لَها رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ما أردتِ أن تعطيهِ قالت أعطيهِ تمرًا فقالَ لَها رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أما إنَّكِ لو لم تعطِه شيئًا كُتبت عليكِ كَذِبةٌ).
كما كان عليه الصلاة والسلام يهتم اهتماماً كبيراً بحفظ حقوق المواليد والأطفال وكرامتهم عن طريق سنّ القوانين التي تصبّ في صالحهم، فكان أحدها ضمان حقّ الطفل في النسب المعلوم بتحريم العلاقات غير الشرعية وإشهار الزواج، كما أنّه صلى الله عليه وسلم حفظ حقوق الأطفال عن طريق التأكيد على أهميّة اختيار الزوج الصالح الّذي يكون قادراً على تربية الأطفال تربية صالحة.
كما ضمن حقّ الطفل في اختيار اسم لائقٍ له وفي النشأة الحسنة وصونه من كلّ انتهاكٍ لشخصه، أو كرامته جسدياً أو لفظياً، وصون أمواله وحقّه في الميراث، كما حثّ بشكلٍ أكبر على حماية حقوق الأيتام والحفاظ على أموالهم وكرامتهم ومشاعرهم وجلعها واجباً على المجتمع كاملاً، وأكّد الرسول صلى الله عليه وسلم أنّ حقوق الأطفال والأيتام وتربيتهم هي أحد الأمور التي يُسأل عنها الإنسان يوم القيامة ويحاسب عليها حساباً عسيراً.