-

مظاهر التجديد في العصر العباسي

مظاهر التجديد في العصر العباسي
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

العصر العباسي

العصر العباسي هو العصر الذي بدأ بزوال دولة بني أمية وقيام دولة العباسيين على أنقاضها، وذلك عام 132 هجرياً، وانتهت هذه الدولة عام 656 هجرياً، وينقسم العصر العباسي إلى فترتين هما: العصر العباسي الأول والعصر العباسي الثاني، وسنحاول بيان أهم الملامح العامة في هذا العصر من بعضِ النواحي.

وقد قامت الدولة العباسية بالعديد من الفتوحات في العالم،وكانت أهم تلك الفتوحات في بلاد الهند، فكان هذا الفتح على يد أبي جعفر المنصور ففي عهده فتحت كشمير وهُدم معبد بوذا، وكذلك في عهد الخليفة المهدي حيث غزا المسلمون بلاد الهند، تم حصارها وضربوها بالمنجنيق وفتحوها عنوة.

وبعد هذا الفتح العظيم لبلاد الهند، تحول المسلمون إلى بلاد النوبة حيث اتصل العرب اتصالاً وثيقاً بالبجة في القرن الثاني للهجرة عن طريق البحر الأحمر، وكان هذا الفتح في عهد الخليفة المأمون، وقد تجاوزت فتوحات الدولة العباسية إلى بلاد الأندلس، وكان هذا الفتح في عهد أبي جعفر المنصور، وفي بلاد المغرب، إضافة إلى الحملة التي قام بها الخليفة المعتصم بالله انتقاماً من الروم الذين غزوا بلاد المسلمين.

مظاهر التجديد في العصر العباسي

الحياة السياسية

قامت سياسة الأمويين على تمجيدِ الجنس العربي وتفضيله على باقي الأجناس والأعراق، وقد استغلّ العباسيون هذا الجانب وانطلق دعاتهم السرِّيون يروجون لشعاراتٍ هدفها تحقيق العدل والمساواة بين العرب وغيرهم من الموالي، وأدّى ذلك إلى انقسام الدولة االعباسية إلى أحزاب وشيع متناحرة، ومع بداية العصر العباسي الثاني بدأ الضعف ينخر عظامَ الدولة العباسيّة، حيث لم يبقَ للخليفة سوى اللقب الديني، وانتهى الحكم العباسي عام 656 هجرياً، وكان قد استمر قيامها خمسة قرون.

الحياة الاجتماعية

ترك أبناء البلاد المفتوحة آثاراً واضحةً في المجتمع العباسي، حيث أشاعوا في الحواضر التي استوطنوها عاداتهم وتقاليدهم وأنماط معيشتهم، وصور سلوكهم في الملبس والمأكل والمسكن، وقد هيأ العباسيون لأبناء تلك الشعوب قسطاً وافراً من حرية الفكر والتسامح، إلا أن ضعاف الإيمان استغلوا هذا التسامح فبثوا أمراضهم الاجتماعية ، وأشاعوا المجون والفساد الخلقي، وساعدهم على هذا كثرة القيان والجواري.

الحياة العقلية

يعتبر العصر العباسي أزهى العصور الحضارية وأكثرها تألقاً في جميع مجالات الأدب والعلوم والثقافة، فقد أتيحَ للثقافة العربية أنْ تستوعبَ الثقافات الأخرى المجاورة، وكان لهذا الرقي والتقدّم عدةَ عوامل، منها الإقبال على حلقات العلم في المساجد والمدارس، وترجمة الذخائر النفسية من الثقافات الأخرى، واستخدام الورق والتدوين، وتشجيع الخلفاء للعلماء وتحفيزهم على العلم والتعليم.

الحياة الثقافية

كان للشعر في العصر العباسي حظ وافر من التجديد على يد شعراء هذا العصر، فقد اجتمعت عدة عواملٍ كانت سبباً في ازدهار وتجديد الشعر في العصر العباسي، ومن تلك العوامل كثرة الفتن والحروب التي دفعت الأمراء والحكام إلى استعمال الشعر كوسيلة للرد واخماد الثورات، وازدهار حركة الترجمة والتأليف في شتى العلوم والمعارف وانتشار مظاهر الترف ومباهج الحياة، ونبوغ طائفة من الشعراء المولَّدين الذين كانوا سبباً في امتزاج الثقافات مع الثقافة العربية.

تنوعت الأغراض التي نظم فيها الشعراء فإلى جانب الأغراض الشعرية القديمة من مدحٍ وفخرٍ وغزلٍ ورثاءٍ، فقد نظم الشعراء العباسيون في أغراضٍ جديدةٍ، منها الشعر التعليمي؛ وهذا النوع لم يظهرْ سوى في العصر العباسي، وشعر الزهد والتصوف؛ الذي كان ردة فعل لظاهرتيْ المجون والزندقة، ومن الذين نظموا في هذا الغرض وأبدعوا فيه أبو العتاهية، والغرض الآخر الجديد هو الشكوى من الزمن أو ما يسيمه البعض الدهريات، إضافة إلى شعر وصف مظاهر الحضارة والتهكم والهزل.

لا ننسى في هذا السياق الحديث عن التجديد والازدهار في النثر، فهو لا يقل أهمية عن الشعر في هذا العصر، ومما يدلل على ازدهار النثر في هذا العصر هو كتابة الدواوين، والرسائل الإخوانيِّة والديوانية، ناهيك عن ذلك الخوض في المسائل العلمية والدينية، ورواية القصص، والتاريخ، والنحو.

ومن المواضيع النثرية التي راجت في العصر العباسي؛ التوقيعات، والنثر الاجتماعي، والمناظرات والمقامات والحكايات والعهود والروايات القصصية.