-

مظاهر الإعجاز العلمي في القرآن

مظاهر الإعجاز العلمي في القرآن
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

إعجاز القرآن الكريم

المقصود بإعجاز القرآن الكريم ثبوت عجز الناس كلهم عن أن يأتوا بمثله أو بمثل سورة منه، فهو كتاب الله المُعجِز وكلامه؛ فيه أعظم البيان والبلاغة والفصاحة، نزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وكان معجزته العظمى؛ فتحدّى الله سبحانه وتعالى به العرب لما كانوا عليه من الفصاحة وسلامة السليقة وقوة اللغة.

أنواع إعجاز القرآن

لقد بحث العلماء ووجدوا أنّ وجوه الإعجاز في القرآن الكريم كثيرة؛ منها الإعجاز البياني بالنّظم والأسلوب، والإعجاز بالإخبار بالماضي والمستقبل، والإعجاز النفسي والروحي والأخلاقي، والإعجاز التشريعي، والإعجاز العددي والإعجاز العلمي الذي فيه إشاراتٌ إلى أسرار خلق هذا الكون والإنسان والنبات وغيره وظواهر الطبيعة المختلفة التي تمِ اكتشافها حديثًا وجاء بها القرآن منذ قرون، وفي معرفة الإعجاز العلمي حثٌّ للنفس على التأمل والتفكّر والبحث والتدبر وتعظيم الخالق العليم، فيزداد المرء بذلك إيمانًا مع إيمانه.

الإعجاز العلمي في القرآن الكريم

جاء القرآن الكريم دعوةً صريحة للإيمان وللأخلاق الحسنة، وجاء كذلك دعوة للتفكر والعلم؛ فأول ما نزل منه كان أمرًا بالقراءة، قال تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) [العلق: 1] ودعا في مواضع كثيرة إلى التزود من منهل العلم، وتكريم العلماء، وبنى حضارة شامخة تألقت بها الإنسانية حينًا من الزمان، وفسّر حقائق أثبتها البحث العلمي استنادًا لأصول الإسلام، فمستحيل أن تتناقض آياته مع العلم الحديث، لأنه كتابٌ حق من عند الله تعالى.

إنّ غاية العلم هي الوصول إلى الله سبحانه وتعالى ومعرفته والاعتراف بقدرته وفضله، فكل ما يتكشّف للعقل البشري من حقائق وأسرار كونية ودلائل ناطقة على قدرة الله ووحدانيته تدعوه ليهتف من أعماقه: سبحان الله.. الخالق المبدع! وتحمله إلى الإيمان العميق بالفهم والإدراك، وإنّ كل ذلك ما كان ليكون بمحض المصادفة كما يزعم الملحدون. وهناك مظاهر كثيرة في التفسير العلمي للقرآن الكريم منها:

  • خلق الإنسان بأطواره المختلفة، وتركيب جسمه المعقد بأدق التفاصيل المبهرة.
  • تكوين المطر وهيئة حدوثه.
  • علم الفلك بما فيه من الأرض والسماء والشمس والقمر وغيرهما، والإعجاز فيها في أزمان وهيئات دورانها وما ينتج عنها من الأحوال والفصول.
  • بداية الحياة ونمائها، والخلايا الأولية التي نشأت منها الكائنات.
  • الغازات التي نتنسّمها بتوزيعها الدقيق، والتي هي الأساس الذي تقوم عليه الحياة.
  • تنوع خلق الحيوانات، وإنبات النبات والزرع وغيرها.

قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ) [النور: 43] لقد أثبت العلم الحديث أن لحصول المطر عوامل لا بدّ وأن تتوافر لنزوله وهي:

  • عملية التبخر التي من خلالها يتكوّن السحاب.
  • تشبّع الهواء بالبخار أي وصوله إلى درجة الإشباع.
  • حدوث عملية التكاثف.

فنجد أن الآية الكريمة عبّرت عن التبخر ب (يُزْجِي سَحَابًا)، ثم عبرت عن تبادل الجزيئات بين الماء والهواء ووصول الأخير إلى درجة إشباعه ب (ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ)، ثم جاء قول (ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا) تعبيرًا عن التكاثف؛ لأن الركام يعني السحاب الكثيف -البخار-، وبعد كل ذلك ومع توافر العوامل الثلاثة جاء قوله: (فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ) والودق المطر، فسبحان الله الخالق الصانع البديع الذي أحسن كل شيء خلقه.

قال تعالى: (يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ) [الزمر: 6] لقد أثبت العلم المختصّ بالأجنّة والتشريح أنّ هناك أغشية ثلاثة تحيط بالجنين في بطن أمّه، وهي لا تُرى بالعين المجرّدة، وأنّ الظلمات إنما هي ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة، وتحيط به خلال مراحل تخلِقه ونموّه، وتنقل الغذاء بينه وبين الأم، وهذا لم يتعارض مع ما جاء في الآية الكريمة، بل على العكس بيّن أنّ القرآن الكريم بإعجازه العلمي لم ولن يتصادم مع الحقائق التي يتم اكتشافها حديثًا.

وقال تعالى: (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا) [مريم: 25]لقد خصّ الله سبحانه وتعالى الرطب عن غيرها لما فيها من فوائد تعين على الولادة، فقد أثبت العلم أنها سهلة الهضم ويمتصها الجسم بشكل سريع فيتحوّل إلى طاقة تحتاجها العضلات عند الولادة، وفيها كذلك مادة تعين على انقباض الرحم ومنع حدوث النزيف بعد الولادة.