وسائل التربية الإسلامية
التربية الإسلامية
تطلق التربية على التنشئة التي يتلقاها الفرد المسلم، والإعداد الكامل الذي يحصل عليه في مختلف أمور الحياة الدنيا والآخرة، ويكون ذلك على المبادئ والقيم التي نصّت عليها الشريعة الإسلامية، وتشمل التربية عدّة جوانبٍ، منها: الإيماني، والخُلقي، والجسمي، والعقلي، والنفسي، والاجتماعي، والجنسي، وغير ذلك من جوانب الحياة المختلفة، وذلك يتحقق في المؤسسات التربويّة المختلفة، سواءً الأسرة، أو المدرسة، أو المسجد، أو وسائل الإعلام المختلفة، إلّا أنّ الإسلام حثّ على تربية الأبناء تربيةً صالحةً، حيث قال الله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّـهُ فِي أَوْلَادِكُمْ)،[1] فالتربية لها الدور الأكبر في صلاح الأبناء، والمحافظة عليهم، فالمولود يولد على الفطرة، والتربية هي التي تؤثّر على الفطرة، إمّا سلباً أو إيجاباً، وقد بيّن ذلك الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: (كلُّ مولودٍ يُولَدُ على الفطرةِ، فأبواه يُهَوِّدانِه، أو يُنَصِّرانِه، أو يُمَجِّسانِه)،[2] فالأبناء أمانةٌ عند والديهم، والواجب على الوالدين المحافظة على الأمانة التي لديهم.[3]
وسائل التربية الإسلامية
بيّنت الشريعة الإسلاميّة عدّة وسائل وأساليب وطرق لتربية الأبناء تربيةً إسلاميةً، وفيما يأتي بيان البعض منها:[4]
- تربية الأبناء بالرفق واللين، حيث قال الرّسول عليه الصّلاة والسّلام: (إن اللهَ يُحِبُّ الرِّفقَ في الأمرِ كُلِّه)،[5] وممّا لا شكّ فيه أنّ الأبناء يفضّلون الرفق بالتعامل معهم، ويحبّون الآباء المهتمين بهم، والمُعينين لهم، من غير غضبٍ أو صراخٍ أو تضجرٍ، وإنمّا بالحِلم والحكمة والصّبر، فكل مرحلةٍ من المراحل العمريّة بحاجةٍ إلى اتباع وسيلةٍ ما، فالأطفال يحتاجون إلى اللعب والترفيه، أمّا التأديب والحزم فهما لمرحلةٍ معيّنةٍ، وليسا لمرحلة الطفولة، واستخدام الأساليب يجب أن يكون باعتدالٍ وتوسّطٍ، دون إسرافٍ أو تقتييرٍ، حتى يسهُل طاعة الأبناء لوالديهم، وعدم مخالفة أوامرهم، وعدم النفور منهم، وإن لم يكن الرفق واللين من أساليب الوالدين فقد يؤدي ذلك إلى العصيان والتمرّد عليهما، أو ربمّا يؤدي إلى زرع الخوف لدى الابن، ممّا يؤدي إلى الوصول به إلى الكذب، والخداع، والغش.
- اللجوء إلى العقوبة عند الحاجة إليها فقط، وبحكمةٍ ورويّةٍ؛ وذلك بعدم اللجوء إلى العقوبة عند كل خطأ يرتكبه الابن، وإنمّا يلجأ الوالدين إلى العقوبة إن لم يجدِ الرّفق واللين أيّ نفعٍ، أو لم يتغيّر سلوك الابن بالنصيحة والأمر والنهي، وإن لجأ الوالدان إلى العقوبة فيُشترط بالعقوبة أن تكون مفيدةً، فإن كان الوقت الذي يقضيه الأولاد على التلفاز طويلاً مثلاً، فتكون العقوبة بتحديد البرامج التي يمكن لهم مشاهدتها، على أن تكون نافعةً، ومفيدةً، وخاليةً من المنكرات والفواحش، ويكون ذلك بتخصيص وقتٍ محددٍ دون تجاوزه، وإن تجاوزوا الوقت المحدّد يمكن اللجوء إلى حرمانهم من مشاهدة التّلفاز يوماً كاملاً مثلاً.
- الحرص على القدوة الحسنة والصالحة للأبناء، فيجب على الوالدين أن يلتزموا بما يحثّوا عليه أبناءهم، وعدم العمل بما يخالف أوامرهم للأبناء، فمثلاً لا يمكن منع الأبناء من التدخين إن كان الوالد من المدخنين، وفي ذلك قال أحد السلف الصالح: (ليكن أول إصلاحك لبنيك إصلاحك لنفسك، فإنّ عيوبهم معقودةٌ بعيبك، فالحسَن عندهم ما فعلت، والقبيح ما تركت).
- الحرص على تربية الأبناء في بيئةٍ صالحةٍ، والبيئة الصّالحة هي البيئة التي تُثني على الأفعال الصّالحة، وتحترم القائم بها، وفي المقابل فإنّها البيئة التي تذمّ الأفعال القبيحة، وتذمّ القائم بها، ويجب الحرص على إقامة البيئة الصّالحة بمختلف الوسائل الممكنة، وذلك بالجهد المالي والنفسي والبدني، أو بإلحاق الأبناء بالمراكز والمؤسسات التي تدعم اهتماماتهم وهواياتهم، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، قال: وحسبت أن قد قال والرجل راع في مال أبيه ومسؤول عن رعيته، وكلّكم راع ومسؤول عن رعيته).[6]
أخطاء في التربية
قد يقع بعض الآباء والأمهات ببعض الأخطاء في تربية أبنائهم، إلّا أنّ الواجب عليهم تجنّب الوقوع فيها، وفيما يأتي بيان البعض منها:[7]
- عدم التواصل والاتصال بين الوالدين والأبناء، ممّا يؤدي إلى تفكّك وانقطاع العلاقة بين أفراد الأسرة الواحدة، أو انتشار الحقد والبغضاء والكره بينهم، أو انعدام الثقة بينهم، كما أنّ عدم الاستماع للأطفال من قِبَل والديهم قد يؤدي إلى البحث عمّن يستمع لهم خارج المنزل، مثل رفقاء السوء، فيجب على الآباء الحرص على الاتصال الجيّد مع أبنائهم، اتصالاً بوعيٍ وإدراكٍ، ومراعاة اختلاف الأعمار والأجناس، ومراعاة اختلاف الثّقافات والاهتمامات بين الوالدين والأبناء، وفي ذلك قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: (لا تقصروا أولادكم على آدابكم، فإنّهم مخلوقون لزمان غير زمانكم).
- عدم مراعاة الفروق والاختلافات بين الأفراد، فالله تعالى خلق البشر مختلفين في الميول والاتجاهات، حيث قال: (وَلَو شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالونَ مُختَلِفينَ)،[8] كما أنّ الإسلام حثّ على مخاطبة الناس والأفراد بقدرعقولهم، مع مراعاة الاختلاف في ذلك، وذلك ممّا يجب أخذه بعين الاعتبار في تربية الأبناء، فقد يكون بعض الأبناء سريعي الاستجابة والفهم؛ وبعضهم يكون الهدوء من طبعه، وبناءً على ذلك يجب على الوالدين معاملة جميع الأبناء بنفس المعاملة، وتوجيهَهم بنفس الأسلوب والطريقة.
- مقارنة الأبناء بغيرهم، سواءً أكانت المقارنة بغيرهم من أفراد الأسرة، أو من غير أفراد الأسرة، فيجب العلم بأنّ الأفراد يختلفون بالقدرات والمهارات، ومقارنتهم بغيرهم ربمّا يؤدي بهم إلى الشعور بالإحباط واليأس، أو الشعور بالنقص، ممّا يجعل الطفل يلجأ إلى العنف لإثبات ذاته، أو أن يُزرع في عقله انعدام الثقة بنفسه، ممّا يجعله مقلّداً لأفعال الآخرين.
المراجع
- ↑ سورة النساء، آية: 11.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1385، صحيح.
- ↑ "تربية الأولاد على الآداب الشرعية"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-9-2018. بتصرّف.
- ↑ "تربية الأبناء في الإسلام"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-9-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 6395، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1829، صحيح.
- ↑ "أخطاء في تربية الأبناء"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-9-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة هود، آية: 118.