-

وسائل تقوية الإيمان

وسائل تقوية الإيمان
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

أهمية تجديد الإيمان في القلوب

إنّ الحديث عن تجديد الإيمان وتقويته ينطلق من مجموعة من الأسباب أهمها:[1][2]

  • أمر تجديد الإيمان أمرٌ إلهيّ جاء بالقرآن الكريم والسنة النبوية، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ).[3]
  • غفلة كثيرٍ من الخلق، وبعدهم عن ربّهم، والجفاء مع خالقهم، فغفلوا بسببه عن ذكره، وشكره، وحسن عبادته، فأصبحت الدنيا واللذّة والمال والشهوة مرتعهم، وباتوا في غفلةٍ، لذا وجب تجديد الإيمان.
  • إنّ من أعظم الامور في تجديد الإيمان ترميم القلوب التي قست، والأخلاق التي تدنّست، والفواحش المنتشرة، والآثام التي طغت، والإيمان سبب لين القلوب، وحسن الأخلاق، ورفعة الناس، ورفع الظلم والشر.
  • كثرة الفتن، والابتلاءات التي تكون سبباً في التشاؤم، والقنوط، والضعف، والشرود، فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكثر من دعاء: "يا مقلّب القلوب ثبت قلبي على دينك".
  • البعد عن محاضن الإيمان والابتعاد عن القدوات الصالحة.
  • الجهل بأسماء الله وصفاته، والبعد عن التفكير في آياته الكونية والشرعية، وهذا ممّا يسبب ضعف الإيمان.

وسائل تقوية الإيمان

الإيمان يتجدّد ويزيد ويقوى، وفيما يأتي بيان بعض هذه وسائل تقوية الإيمان:[4]

  • طلب العلم: لا يضعف إيمان الفرد إلا بضعف الخشية، والخشية لا تأتي إلا بالعلم، قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ)،[5] لذا من المفيد حضور مجالس العلم، والاستماعُ للعلماء حتى يراجع الإنسان تصوّراته، وفهمه للدين، لأنّها قضيةٌ مصيريه، وحياته قضيةُ سعادةٍ أبدية، أو شقاءٍ أبدي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سلك طريقاً يلتمسُ فيه علماً، سهَّل الله له طريقاً إلى الجنَّة).[6]
  • تلاوة القرآن الكريم وتدبّره: يعني أن تتلوه بتفهّمٍ لمعانيه فهماً دقيقاً، وأن تعرض نفسك على ما تلوته، وتحكم عليه، وأين هي من الآيات، قال تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا )،[7] والإنسان جسمٌ وعقلٌ وروح، وغذاء الروح بالقرآن، قال تعالى: (فيه شفاءٌ للناس).[8]
  • الإكثار من الأعمال الصالحة: والأعمال الصالحة بابٌ كبيرٌ، فهي ليست امتناعاً عن فعل الحرام فحسب، كأنّ تقول: أنا لا أكذب، وأنا لا أغتاب، وغيرها، بل تشمل الأعمال الصالحة أعمالاً أوسع وأشمل، ومنها؛ الإنفاق من الأموال، وإطعام الجائعين، والسعي في تزويج الشباب، ونشر العلم والخبرة، والتوفيق بين المسلمين، ورعاية الأيتام، وتفقّد الأرامل، وغير ذلك من أبواب الخير.
  • الإكثار من ذكر الله تعالى: فذكر الله فيه رضى الرحمن، وطردٌ للشيطان، ويزيل الهمّ والغمّ والحزن، ويجلب للقلب الفرح والسرور، ويقوّي القلب والبدن، وذكرك لله ينبغي أن يكون كالماء للسمك في كل وقتك، في مشيك، وقعودك، في عملك، وحتى بين أهلك.
  • أن يكون الإنسان مع المؤمنين: قال تعالى: (أَجَعَلتُم سِقايَةَ الحاجِّ وَعِمارَةَ المَسجِدِ الحَرامِ كَمَن آمَنَ بِاللَّـهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَجاهَدَ في سَبيلِ اللَّـهِ لا يَستَوونَ عِندَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ لا يَهدِي القَومَ الظّالِمينَ)،[9] فينبغي للمؤمن أن لا يكون مع المنافقين والفسقة والكفّار في علاقةِ حميمة، أمّا عن علاقة المؤمن القوية فينبغي أن تكون مع المؤمنين، قال تعالى: (لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَـئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَـئِكَ حِزْبُ اللَّـهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّـهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).[10]
  • الزهد في الدنيا وزخارفها: هذه الدنيا لا تعدل عند الله جناح بعوضة، ولا يُطلب من المؤمنين فيها أن يكون هدفهم الأساسيّ في الحياة التنعّم، ففي الحديث: (إيَّاك والتَّنعُّم، فإنَّ عباد اللَّه ليسوا بالمتنعمين)،[11] لأنّ كثرة التنعّم تبعدك عن الله تعالى.
  • ذكر الموت: إنّ الإكثار من ذكر الموت والبلاء ومن ذكر مفرّق الجماعات وهادم اللذّات يقوّي إيمان الإنسان، فتراه ينضبط، ويُحْجِم، ويتهيّأ لما بعد الموت.
  • مخالطة المتفوّقين من المؤمنين: فلا تصاحب إلا من ينهض بك إلى الله، فهو من تستفيد منه في كل أحواله ومقاله وحسن أخلاقه.

أعراض ضعف الإيمان

إنّ الشكوى من ظاهرة ضعف الإيمان شيءٌ معروفٌ عند الملتزمين بدينهم، العارفين به، فالإيمان حقيقةٌ مركبةٌ من قولٍ وفعلٍ، ظاهراً وباطناً، وعند أهل السنة والجماعة فالإيمان الشرعيّ يدخله الزيادة، ويدخله النقصان، وهما متلازمان، ودليل ذلك قوله تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّـهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)،[12] فبالإيمان يحصل التفاضلُ، وأمّا دليل ذلك بالسنة، ما رود في الحديث عن أبي هريرة مرفوعاً: (لا يزني الزَّاني حين يزني وهو مُؤمنٌ، ولا يسرِقُ السَّارقُ حين يَسرقُ وهو مُؤمنٌ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مُؤمنٌ)،[13] فهذا يدلّ على أنّ مرتكب الكبيرة -غير الشرك- لا يكفر، بل مؤمنٌ ولكنه ناقص الإيمان، ولما كان ضعف الإيمان مرضاً؛ وجب معرفة أعراضه، ومنها:[14][15]

  • التمادي في المعاصي، والإصرار على الذنوب: فالقلب المريض والمصاب بضعف الإيمان يستدرجه الشّيطان لفعل الذنوب، والبعد عن الصراط المستقيم، كأيّ إنسانٍ آخر، لكن الفارق بينه وبين قوي الإيمان؛ أنّ القوي يعود تائباً مستغفراً، لا يتمادى ولا يصرّ، قال تعالى: (إِنَّ الَّذينَ اتَّقَوا إِذا مَسَّهُم طائِفٌ مِنَ الشَّيطانِ تَذَكَّروا فَإِذا هُم مُبصِرونَ).[16]
  • عبادات لا تأثير لها: مع أنّ العبادة لها تأثير على النفس والسلوك، ولها حلاوة في قلب المؤمن، وهي تحضّه نحو التغيير للأحسن في علاقته بالله وبالناس، فإذا ضعف الإيمان؛ تلاشى هذا التأثيرُ، وصارت العبادة عادة، وطقوساً باردة.
  • عدم التأثّر بآيات القرآن الكريم: فعندما يتلو المؤمن القرآن فإنّ الآيات تبعث فيه الرغبة والرهبة، فإن كان ضعيف الإيمان، فقدَ الحسَّ المرهف، فلا يتفاعل مع الذّكر الحكيم؛ لأنّ الغشاوة على قلبه حوّلته إلى قلبٍ قاسٍ كالصخر، لا يؤثّر فيه ذكر الجنة أو النار.
  • عدم التأثّر بالموت والمواعظ: مع أنّ قمة الموعظة في تذكّر رحلة الموت، والاحتضار، والتغسيل، والتكفين، والصلاة على الميت، والدفن، وكلها مواقف جديرة بهزّ القلب والمشاعر، فإذا أصيب الإيمان بالضعف، مرَّ بهذه المشاهدِ باهتاً، كأنه غير معنيّ، وقد قيل: من لم يتّعظ بالموت، فستكفيه جهنّم واعظاً.
  • الغفلة عن الله: إنّ مما يُضعفُ الإيمان الانغماس في الحياة الدنيا، إلى درجة الغفلة عن الله، حتى يصير كأنّه عبدٌ لها، وأمّا المؤمن فيشتغلُ في الدنيا مع توازنٍ لتحقيق أمور معيشته.
  • عدم الاهتمام بأمر المسلمين: فضعيفُ الإيمان غير مبالٍ بأمور المسلمين، ومن وقوع الظلم عليهم، أو معاناتهم، فهو متقوقعٌ على ذاته.
  • الإفراط في المباحات: من أكلٍ، وشربٍ، وكلامٍ، وضحكٍ، ونومٍ، ومتعٍ، وغير ذلك، فكثرة الأكل تبلّد الذهن، وأمّا كثرة الضحك فهي تميت القلب.[17]

المراجع

  1. ↑ حسين الحسنية (7-5-1435هـ)، "مقوّمات تجديد الإيمان في القلوب"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-6-2019. بتصرّف.
  2. ↑ "أسباب ضعف الإيمان"، 12-8-2002، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 7-6-2019. بتصرّف.
  3. ↑ سورة النساء، آية: 136.
  4. ↑ د. محمد النابلسي (5-7-2002)، "الخطبة : 0842 - وسائل تقوية الإيمان ."، www.nabulsi.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-5-2019. بتصرّف.
  5. ↑ سورة فاطر، آية: 28.
  6. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 6298، صحيح.
  7. ↑ سورة محمد، آية: 24.
  8. ↑ سورة النحل، آية: 69.
  9. ↑ سورة التوبة، آية: 19.
  10. ↑ سورة المجادلة، آية: 22.
  11. ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 2877، صحيح.
  12. ↑ سورة آل عمران، آية: 173.
  13. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 57، صحيح.
  14. ↑ عصام المراكشي، شرح منظومة الإيمان (الطبعة الأولى)، المكتبة الشاملة الحديثة: المكتبة الشاملة الحديثة، صفحة 66-71، جزء 1. بتصرّف.
  15. ↑ عبد العزيز كحيل (15-12-2009)، "ضعف الإيمان وعلاجه"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-6-2019. بتصرّف.
  16. ↑ سورة الأعراف، آية: 201.
  17. ↑ "وسائل تقوية الإيمان"، 2004-1-6، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-6-2019. بتصرّف.